بين الله غالب ولا غالب إلا الله

الفرق
بين عبارتي الله غالب ولا غالب إلا الله يعبر عن الفرق بين حالنا في هذه
الأيام وحال أسلافنا في القرون الخوالي، اليوم من المواطن البسيط إلى
المسؤول الكبير الكل يجد في عبارة “الله غالب” الملجأ والملاذ لتبرير الضعف
والفشل، ولم يبق أمامنا سوى رفع هذه العبارة كشعار رسمي لنا، فعلا الله
غالب على أمره لكن لم يقدر علينا أن نبقى مغلوبين على أمرنا من قبل غيرنا.

عبارة
“لا غالب إلا الله” كانت شعارا يزين أعلام الدولة الموحدية في آخر أيام
العصر الذهبي ويعبر عن روح التحدي وعدم الاعتراف بالمستحيل، فالله غالب على
أمره دوما لكن أسلافنا لم يكونوا مغلوبين على أمورهم من قبل غيرهم كما هو
حالنا اليوم.

الفرق
بين الحالين نفسي بالدرجة الأولى، فالمغلوب على أمره من قبل غيره تغيب عنه
إرادة التغيير والنهوض كونه يستكين ويستسلم لمشيئة غيره مبررا ذلك دائما
بالمشيئة الإلهية، فالتغيير نفسي بالدرجة الأولى والمجتمعات التي تعدم هذه
الإرادة يكتب عليها اجترار الخيبات والنكسات والفشل.

التغيير
يقوم على عامل نفسي يتمثل في “الإرادة” وهو ما يعوزنا، فنحن نعيش في زمن
التيه والتفكك بعد انسحاب وانعدام من ينير طريقنا، فأمام حالة الإفلاس
المعنوي التي قضت على النخب والسلوك النقدي لدى المثقفين لا نجد اليوم من
يرسم أمامنا طريق التغيير البنّاء وسنظل تائهين في تغيير خراب بخراب آخر،
وسنبقى تجتر مع كل نكسة شعارنا الدائم “الله غالب”.

حالة
الاستكانة والاستسلام نتوارثها جيلا عن جيل، ونزرعها في نفوس أبنائنا
الذين هم بالضرورة صور مطابقة بل ورديئة عنا، أصبحنا نترقب الفشل قبل وقوعه
ونعد له الحجج والتبريرات مسبقا، عوض أن نحضر الأسباب لتفاديه، فمن كرة
القدم إلى المشاريع الكبرى الحجج دوما جاهزة.

أبناءنا
اليوم يتفوقون علينا ليس في تفادي الفشل بل في اختلاق مبرراته، فالفشل
اليوم علامة مسجلة باسمنا ونحن نتبارى في من يزين فشله بالحجج والتبريرات
المبتكرة، لم نعد نخاف الفشل بل نحن نخاف ألا نجد ما نبرر به هذا الفشل
لأننا نرى فيه مصيرنا المحتوم.

على
سبيل المثال ومع انتهاء السنة الدراسية واقتراب موعد إجراء امتحان
البكالوريا، البرامج التعليمية وقبل انتصاف السنة الدراسية تقرر رسميا عدم
إتمامها مع نهاية السنة وجرى الحديث عن تحديد العتبة، فإذا كانت حجة السنة
المنصرمة إضراب الأساتذة فالأساتذة لم يضربوا هذه السنة، لكن لا تهم الحجة
أو المبرر فالفشل في إتمامها مقرر من البداية، وسيتم الحديث عن كثافتها وعن
تكوين لجان لتخفيفها ككل سنة وستفشل هذه اللجان وستخلفها لجان أخرى، لكن
لا حديث عن الإجراءات الفعالة والكفيلة التي تحول دون الفشل في إتمامها
لأننا ببساطة نرفع شعار “الله غالب”.

فارس بوحجيلة

بارك الهل فيك

يطيك الصحة اخي جمال
طرح وموضوع في المستوي

تنورت الصفحة بروعة المرور
شكرااااااااااااااا

شكرا