لمحة عن تاريخ العرب قبل البعثة النبوية الشريفة

تعتبر الفترة التي سبقت فترة البعثة
النبوية الشريفة من أهم المراحل التاريخية وذلك لكونها فترة تمهيدية
لمرحلة أخرى حاسمة غيرت بدورها حياة العرب جذريا من
ناحية الدين والأخلاق والعادات والتقاليد و السلوكات المتبعة في أيام
الجاهيلية وحتى نغوص أكثر في هذه الحقبة التاريخية من الزمن الغابر ومعرفة
حقيقتها توجب علينا التطرق إلى النقاط التالية :
ـ ماذا تعني كلمة العرب
ـ موقع العرب وأهميته
ـ أقوام العرب
ـ الحكم والإمارة عند العرب
ـ ديانات العرب الجاهلية
ـ الحالة الإجتماعية للمجتمع العربي الجاهلي
ـ الحالة الإقتصادية للمجتمع العربي الجاهلي
ـ الأخلاق
1ـ العرب لغة :
تعني الصحاري والقفار والأرض المجدبة التي لا ماء فيها و لا نبات وقد أطلق
هذا اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب ، كما أطلق على قوم قطنوا تلك
الأرض و إتخذوها موطنا لهم .
2ـ موقع العرب وأهميته
: تقع شبه جزيرة العرب وسط ثلاث قارات حيث يحدها غربا البحر الأحمر وشبه
جزيرة سيناء وشرقا الخليج العربي وجزء كبير من بلاد العراق الجنوبية
وجنوبا بحر العرب الذي هو إمتداد لبحر الهند وشمالا بلاد الشام وجزء من
بلاد العراق على إختلاف في بعض هذه الحدود وتقدر مساحتها مابين مليون ميل
مربع إلى مليون وثلاثمائة ألف ميل مربع .
وعن
أهمية موقع العرب فهو ذو أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والجغرافي فعن
الصعيد الداخلي هي محاطة بالصحاري والرمال من كل جانب وهذا ما جعل منها
حصن منيع لا يسمح للأجانب أن يحتلوها ويبسطوا عليها سيطرتهم ونفوذهم ولذلك
نرى سكان الجزيرة أحرارا في جميع الشؤون منذ أقدم العصور رغم أنهم كانوا
مجاورين لإمبراطوريتين عظيمتين ( الفارسية و البيزنطية ) لم يكونوا
يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع.
أما
على مستوى الصعيد الخارجي فإنها تقع بين القارات المعروفة في العالم
القديم وتلتقي بها برا وبحرا فإن ناحيتها الشمالية الغربية باب للدخول في
القارة الإفريقية وناحيتها الشمالية الشرقية مفتاح لقارة أوروبا ومن
الناحية الشرقية تفتح أبواب العجم والشرق الأوسط والأدنى وتفضي إلى الهند
والصين وكذلك تلتقي كل قارة بالجزيرة بحرا وترسي سفنها وبواخرها على ميناء
الجزيرة رأسا .
ولأجل هذا الوضع الجغرافي كان شمال الجزيرة وجنوبها مهبطا للأمم ومركزا لتبادل التجارة والثقافة والديانة والفنون .
3 ـ أقوام العرب :قسم المؤرخون أقوام العرب حسب السلالات التي ينحدرون منها إلى ثلاث أقسام وهي :
•العرب
البائدة : وهم العرب القدامى الذين لم يتمكن المؤرخون من الحصول على
تفاصيل كافية عن تاريخهم مثل عاد وثمود وطسم وجديس وعملاق وغيرها ومنهم من
ورد ذكرهم في القرءان الكريم مثل عاد وثمود الذين سلط الله عليهم عذاب
شديد أزالهم من الوجود نهائيا أي أن الله أبادهم .
•العرب الباقية : وهم بدورهم ينقسمون إلى قسمين
أ ـ العرب العاربة : وهم العرب المنحدرة من صلب يعرب بن يشجب بن قحطان وتسمى بالعرب القحطانية .
ب ـ العرب المستعربة : وهي العرب المنحدرة من صلب إسماعيل وتسمى بالعرب العدنانية .
وعن العرب العاربة فهي شعب قحطان فمهدها بلاد اليمن وقد تشعبت قبائلها وبطونها فإشتهرت منها قبيلتان :
أ ـ حمير وأشهر بطونها زيد الجمهور وقضاعة و السكاسك .
ب ـ كهلان وأشهر بطونها همدان ، وأنمار ، وطيء ، مذحج ، كندة ، لخم ، الأزد ، الأوس ، الخزرج وأولاد جفنة ملوك الشام .
وهاجرت
بطون كهلان عن اليمن إنتشرت في أنحاء الجزيرة وكانت هجرة معظمهم قبيل
السيل العرم حين فشلت تجارتهم لضغط الرومان وسيطرتهم على طريق التجارة
البحرية وإفسادهم طريق البر بعد إحتلالهم بلاد مصر والشام .
ويمكن تقسيم المهاجرين من بطون كهلان إلى أربعة أقسام :
ـ
الأزد : توجه هؤلاء حسب رأي سيدهم وكبيرهم عمران بن عمرو مزيقباء من بلاد
اليمن إلى الشمال وإستقر بهم الحال في الحجاز رفقة سيدهم ثعلبة بن عمرو
فأقاموا بين الثعلبية وذي فار ولما كبر إبن ثعلبة توجه نحو المدينة
وإستوطنها وكان من أبناء ثعلبة هذا الأوس والخزرج الذين حملوا لواء نصرة
الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أصبحوا يسمون بالأنصار والتاريخ يشهد لهم
بذلك فهنيأ لكم أهل يثرب .
وإنتقل
أيضا من الأزد حارثة بن عمرو وهو خزاعة وبنوه في ربوع الحجاز حتى نزلوا
بمر الظهران ثم إفتتحوا الحرم فقطنوا مكة وأجلوا سكانها الجراهمة ، ونزل
عمران بن عمرو في عمان وإستوطنها هو وبنوه وهم أزد عمان وأقامت قبائل نصر
بن الأزد بتهامة وهم أزد شنوءة وسار جفنة بن عمرو إلى الشام فأقام بها هو
بنوه وهو أبو الملوك الغساسنة نسبة إلى منبع ماء في الحجاز يعرف بغسان
كانوا قد نزلوا بها أولا قبل تنقلهم إلى الشام .
ـ لخم وجذام : وكان في اللخميين نصر بن ربيعة أبو الملوك المناذرة بالحيرة .
ـ بنو طيء : ساروا بعد مسير الأزد نحو الشمال حتى نزلوا بالجبلين ( أجا ) و ( سلمى ) وأقاموا هناك حتى عرف الجبلان بجبلي طيء.
ـ
كندة : نزلوا بالبحرين ثم إضطروا إلى مغادرتها فنزلوا بحضرموت ولاقوا هناك
ما لاقوا بالبحرين ثم نزلوا نجد وكونوا هناك حكومة كبيرة الشأن ولكنها
سرعان ما فنيت وذهبت آثارها .
وهناك قبيلة من حمير مع إختلاف في نسبتها إليه وهي قضاعة هجرت اليمن وإستوطنت بادية السماوة من مشارف العراق .
وأما العرب المستعربة فأصل جدهم الأعلى ـ وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام ـ
من بلاد العراق من بلدة يقال لها «آر»على
الشاطىء الغربي من نهر الفرات بالقرب من الكوفة وقد جاءت الحفريات
والتنقيبات بتفاصيل واسعة عن هذه البلدة وعن أسرة إبراهيم عليه السلام وعن
الأحوال الدينية والإجتماعية في تلك البلاد .
ومن
بلدة آر إتجه سيدنا إبراهيم( عليه السلام ) إلى حاران أو حران ومنها إلى
فلسطين التي إتخذها مكان لدعوته وكانت له جولات في أرجاء هذه البلاد
وغيرها فقدم مرة إلى مصر فحاول فرعونها الكيد من زوجته سارة ولكن الله رد
كيده في نحره فعرف فرعون ما لسارة من صلة قوية بالله ومن حينها قدم إبنته
هاجر كخادم لسارة وهذا إعترافا بفضلها ، وبعدها قامت سارة بتزويجها
إبراهيم
ثم رجع سيدنا إبراهيم
إلى فلسطين ورزقه الله من هاجر إسماعيل ـ عليه السلام ـ فغارت سارة حتى
لجأت إلى نفي هاجر مع ولدها الصغير إسماعيل.


[/center]