* القصر بني على أرض مسروقة من طبيب شرعي
دخلت "الشروق" المخبأ النووى الذي أقامه القذافي أسفل أحد قصوره بمدينة البيضا على عمق 20 متراً تحت الأرض، لكن التجول داخل المخبأ واللقاء بالعديد من الثوار الذين يحرسون المكان سمح بالكشف عن أن قطعة الأرض التي أقيم عليها المخبأ اغتصبها القذافي من مدير الطب الشرعي بالجبل الأخضر، الدكتور عبد الباسط مفتاح، الذي يملك عقدا يفيد بملكيته للمكان.
ويقع هذا القصر في ضاحية الوسيطة شمال البيضا بـ 4 كيلومترات، على مدخل الضيعة التي تتكون من عدة مبان فاخرة، ومنها قصر العقيد القذافى المحاط بـ مبان خاصة للحرس والخدم، وتبلغ مساحته حوالي 750 متر مربع.
الليالي الحمراء
وعلى مسافة كيلومتر من قصر القذافي، تقع فيلا ابنه سيف الإسلام والشهيرة بـ "فيلا الزجاج"، وكان الليبيون ينسجون الحكايات والروايات حول الليالي الساخنة التي قضاها سيف الإسلام فيها، وما يؤكد ذلك الكميات الهائلة من الملابس النسائية الساخنة التي وجدت بها.
ويقول أحمد مصطفى، أحد سكان المنطقة والذي كان من أوائل الداخلين إلى ضيعة، حرم الليبيون من المرور بالقرب منها لسنوات طويلة: منعنا حتى من الاقتراب أو المرور بجوارها، لذلك كانت أول هدف، حاول أبناء مدينة البيضا الوصول إليه ودخوله ليعرفوا ما فيه، وكانت المفاجآت مذهلة لنا فلم نكن نتخيل أن كل هذه الفخامة موجودة في بلادنا، كانوا يوهموننا أن القذافى يعيش في خيمة.
وعلى عمق أكثر من 20 مترا تحت الأرض يوجد المخبأ السري للقذافى وهو مصمم للهروب والاختباء في حالة الهجوم النووى أو الهجوم بالأسلحة البيولوجية أو الكيماوية والغازات السامة ومصمم للبقاء به لمدد طويلة، وبالرغم من أن أحدا لا يعرف بالضبط متى بني هذا الملجأ، لكن بعض الأقاويل تشير إلى أن شركة مجرية هي التي أنجزته وتتولى صيانته الآن شركات أمريكية وسويسرية.
دهاليز المخبأ
كانت جداول المياه المرتبطة بنافورة وشلال كبير أمام غرفة المعيشة المطلة على حديقة قصر القذافى متوقفة بعد ما أحرق القصر بالكامل ونهب كل ما فيه، وبجوار جداول المياه الفارغ، إلا من بعض أوراق جافة سقطت من الأشجار، وعلى أقصى اليمين هناك باب صغير يؤدي إلى سلم عرضه لا يتجاوز المتر الواحد، وعلى بعد عشر درجات، هناك باب آخر من الفولاذ سمكه حوالى 30 سم، ومنه بدأت رحلتنا إلى مخبأ القذافى الذي انقطعت عنه الكهرباء تماما بعد ما نهب وحرق أغلب أجزائه، كانت الرائحة نفاذة تملأ المكان، وهو ما برره لنا المهندس منصور البيرة بأنها نتيجة احتراق بعض الأجهزة الإلكترونية والكهربائية الموجودة بالمخبأ.
يبدأ النفق الذي يؤدى إلى مخبأ القذافى أسفل القصر على عمق حوالي 20 مترا تقريبا بالباب الفولاذي والمصمم بحيث يحكم إغلاقه ولا يفتح أبداً من الخارج ولا يسمح بمرور أي هواء أو غازات سامة أو غيرهما، هو واحد من خمسة أبواب على طول الدرج الهابط إلى المخبأ المزود بنظام تهوية ذاتي يعمل أوتوماتيكيا، ومزود بوحدة تكييف مركزي ووحدة خاصة بمعالجة الهواء وتنقيته من السموم أو الكيماويات، وهي مصممة خصيصا في سويسرا، إلى جانب وحدة أخرى مكونة من أجهزة خاصة بقياس ضغط الهواء وضبطه مصممة من طرف شركة أمريكية.
وكما كشف لنا خبير أمنى ليبي من سكان البيضا عن أن المخبأ محصن ضد أي ضربة نووية أو كيماوية ومجهز تماما للبقاء والحياة فيه لمدة طويلة وهو مقاوم للحرائق.
ويشير مرافقنا المهندس منصور البيرة إلى أن المخبأ مبني بالكامل من الخرسانة المسلحة ومكون من ثلاث طبقات منها، والمسافة بين كل طبقة والأخرى حوالى 2.5 متر وسمك كل طبقة خرسانية حوالي 3 أمتار وهو ما يجعل منه مخبأً حصيناً ومقاوم لكل أنواع الضربات.
"تناسخ الأرواح والحاسة السادسة"
ويقول أحد الثوار المرابطين حول القصر: "فوجئنا بوجود عدد من الكتب الغريبة في غرفة القذافى، حول الديانة اليهودية وأخرى لتعليم السحر والشعوذة مثل كتاب "تناسخ الأرواح والحاسة السادسة"، و"القبالة السحر اليهودى"، وكتاب آخر بعنوان "أرواح وأشباح.. حقائق وأباطيل"، وكتاب "الأسرار الـ72 في الباطنية اليهودية" و"التلمود".. وكتاب آخر بعنوان "تحالف الشيطان.. مافيا السياسة ومافيا الدين".
ويضم المخبأ أيضا مطبخا كبيرا وثلاثة حمامات وحجرة أخرى تبدو أنها إما للحراسة أو الخدم، وفى نهاية حجرة الاستقبال يوجد باب يصل إلى حجرة صغيرة من الفولاذ تصل من خلال فتحة عرضها مترا وطولها مترا وتصل إلى ممر للهروب والطوارئ يصل الممر البالغ طوله حوالي 30 مترا وبه 3 فتحات صغيرة، ويصل القصر بمنطقة غابات بها مكان لهبوط طائرة صغيرة.
"الشروق" تلتقي صاحب الأرض الحقيقي
التقينا بصاحب الأرض الحقيقي، الدكتور عبد الباسط مفتاح، مدير الطب الشرعي بالجبل الاخضر، الذي قال: "هذه الأرض أرضي اغتصبها مني القذافي وبنى عليها هو وعائلته سلسلة من القصور والفيلات، وكنت ممنوعا حتى من المرور أمامها".
وأضاف مفتاح، وهو يحاول حبس دموعه: "عندما لمست قدماي أرضي ارتجفت وكنت كمن هتك أحد عرضه وانتصر عليه، وأخيرا استرد شرفه.. هذه الأرض عبارة عن هضبتين بينهما طريق يصل إلى البحر بحي الوسيطة، مساحة كل هضبة أو تل منهما حوالي 50 هكتارا ومساحة الأرض كلها حوالي مائة هكتار، كانت ملك جدي ويؤجرها إلى عدد من صغار المزارعين، وفجأة قبل 26 عاما استولت أسرة فرقاش الحداد، أصهار القذافي، على الأرض ووضعوا أيديهم عليها وأعلنوا أنها ستؤول للعقيد، ومن يومها ومع كل المناشدات والشكاوى لم نر الأرض مرة أخرى.. وضعوا حولها سورا وجاءوا بشركات أجنبية تحفر بها وتبني ومنعنا حتى من المرور بجوارها حتى اكتشفنا أنه حفر فيها ملجأ وشبكة أنفاق يهرب منها".