نوال عضو فعال
الجنس : السٌّمعَة : 0 الْمَشِارَكِات : 184 النقاط/ : 405 العـمــر : 27 الدولة :
| موضوع: مقالات حول الحقيقة لشعبة آف لمن يحتاج الإثنين مارس 07, 2011 1:58 pm | |
| [center]الحقيقةالعلمية و الحقيقة الفلسفية
الحقيقة تعريفها أصنافها ومقاييسها. أولا: تعريفها :ليس من السهل تعريف الحقيقة و ذلك لاختلا معناها من تصور فلسفي إلى تصور فلسفيآخر،و من مجال إلى مجال،و من ثقافة إلى ثقافة أخرى ،و هذا يؤدي إلى تنوع المعارفوتعددها نقتصر فيها على ما يلي : 1-عند اللغويين:تطلق على الماهية أو الذات ،نحققه الشيء ماهية أي ما بهالشيء هو هو, 2الواقعيين :مطابقة التصور (الحكم) للواقع ,كما نقول بأن الحقيقة مطابقة التصور لعالمالأشياء. 3)عند المناطقةوالرياضيين :هو الأمر الممكن في العقل الذي لا يتخلله تناقض،و بتعبير آخر هي مطابقةالنتائج للمنطلقات كما يمكن أن تكون المنطلقات ذاتها التي تجبر العقل على الالتزامبها قال"لايبنتز":{{ متى كانت الحقيقة مسرورة ،أمكنك أن تعرف أسبابها بإرجاعها إلىمعان وحقائق أبسط منها حتى تصل إلى الحقائق الأولى.}}و الحقائق الأولى هي الأولياتو المبادىء العقلية . 4)فيإصطلاح الفلاسفة:هي الكائن الموصوف بالثبات والمطلقية(كالله و الخير)مع قطع النظرعمن سواه . ثانيا:أصنافها: تقسم الحقيقة إلى ثلاثة أصناف. الحقيقة المطلقة:هي أقصى ما يطمح إليه الفيلسوف أو الحكيم ،و ابعد ما يستطيعبلوغه عن طريق العقل أو الحدس .فعند أفلاطون يعتبران الحقيقة تتمثل في عالم المثلالذي يمثل عالم الخلود و عالم الحق .و الفضيلة الأخلاقية تستوجب التخلص من عالمالفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالم الفوقي. أما عند أرسطو فالحقيقة المطلقة تتمثل في "المحرك"الذي لايتحرك ،الذي يمثل "الله". 2)حقائق نسبيةهنا تقتصر على الحقائق العلمية ،لأن هذه الأخيرة تعبر عن علاقات ثابتةبين الظواهر تصاغ صياغات قانونية ،و هذه الأخيرة قابلة للرفض و التغير مما يطغيعليها طابع النسبية. والنسبي لغة "هو المتعلق بغيره، أي أن النسبي ما يتوقف وجوده على غيره،ومما جعلالحقائق العلمية هو كون الاستقراء للموضوعيات العلمية مزال مفتوحا ،ثبت أن العلماءيسعون وراء الحقيقة النسبية ،و لهذا قال "كلود برنا رد"يجب أن نكون مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بينالأشياء إلا بوجود تقريبي كثيرا أو قليلا ، وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد منأن تمثل حقائق ثابتة ). 3) حقائق ذوقية : وهي الشعور الذي يستولى على المتصوف عندبلوغه الحقيقة الربانية المطلقة ،فهو يستقي علمه من الله رأسا ويتم ذلك عن طريقالفناء .أو عن طريق التقاء وجود الخالق،و يتم بواسطة الكشف أو"الذوق" كما يعرفبالحدس ،من أجل بلوغ السعادة القسوة . 4الحقائق بين المطلق والنسبي :وهي حقائق فلسفية ،إلى أنهاتنهل مصداقيتها من الواقع الاجتماعي.و النفسي و ألتأملي ثالثا مقياسها:" نقدتمقاييس الحقيقة على حسب مجالاتها وفلسفة أصحابها ،فكان تارة مطابقة العقل للتجربة،وكما اعتبروا الوضوح والبداهة ، و هناك من أعتبرها هو الكائن المطلق ،لذلك فإنمقياس الحقيقة لدى البراغماتيين هو النفع ولدى الوجوديون هو الذات البشرية، والوضوحلدى العقلانيين . أ)مقياسالوضوحالحقيقة المخلقة) ذهب بعض الفلاسفة أمثال 'ديكارت.سبينوزا' إلي أن الحكمالصادق يعمل في حياته معيار صدقه ،و الوضوح .فاعتبر'ديكارت' أن البداهة هيمعيارالمطلقية والتي لا يكتنفها الشك .وأنتهي إلى قضيته المشهورة :"أنا أفكرإذن،أنا موجود."كما أعتبر أن الأشياء التي نتصورها تصورًا بالغًا الوضوح و التميزهي الصحيحة حيث يقول :"إني أشك،ولكن لا أستطيع الشك فيه هو أنني أشك وأن الشكالتفكير "،وفي هذا المعني يضيف"سبينوزا"أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج الحقيقة،بحيث لايمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوح ويقينا من الفكرة الصادقة ،يصلح أن يكونمعيار الفكرة الصادق . ب)- مقياس النفع :ذهب بعض البرغماتين أمثال :"بيرس ،جيمس،ديوي" بحيث أعتبروا أن الحكميكون صادقا إلا إذا أدى إلي منفعة عملية ،لذلك فالمنفعة هي المقياس الوحيد للصدق،بحيث يقول "بيرس":"أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج،أي أن الفكرة خطة للعمل أومشروع له وليست حقيقة في حد ذاتها"،كما اعتبروا أنه لمعرفة الحقيقة من غير الحقيقةيجب ملاحظة النتائج ،لأنه ما يؤدى إلى النجاح فهوحقيقي. ج)-مقياس الوجودلذاته: ترى الوجودية مع "ساتر" أن مجال الحقيقة هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي،وحقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته ،وتحديد مصيره ،و الحقيقة هي ممارسة التجربة،التي تجمع بين الحياة و الموت وما ينتج عنها من قلق ، وآلم . تعقيب: إن إرجاع الحقيقةللوضوح يجعلها تلجأ إلي معيار ذاتي ،لأنها تصبح خاضعة في وضوحها إلي تربية الإنسانوميوله وإتجاهاته الفكرية , -أما إذا أرجعناها إلى مقياس النفع فإنه يؤدي إلى عدم وضوح الحقيقة بل إلىتضاربها و تناقضها ،و تسخر الحقيقة لمصالح الفرد. - كما أن الحقيقة أوسع مما ذهب إليه الوجوديون لأنه يجبمراعاة البعد الاجتماعي للإنسان بوصفه كائن إجتماعي ,يعيش مع ذوات أخرى يجبمراعاتها. 2) :إذا كانتالنسبية تلاحق الحقيقة المطلقة فهل الحقيقة المطلقة "نسبية " هي الأخرى؟: ماهي الحقيقة المطلقةبالنظر إلي ذاتها ؟وهل طبيعتها تتغير إذا قبلناها بحقائق نسبية ؟ وهل تحافظ علىخصوصياتها الأصلية إذا ما توصل إدراكنا إلى حملها ؟ أولا :خصائص الحقيقة المطلقة :المطلق لغة ’هو المعتري عنكل قيد،وهو ،التام والكامل كذا ما يراد ف القبلي ،ويقابل النسبي , أما إصطلاحا :علم ما بعدالطبيعة ،وهو إسم للشيء الذي لا يتوقف تصوره ووجوده على شيء آخر لأنه علة وجود نفسه،ومن أهم خصائصه :أي من أهم خصائص التي تمتاز بها الحقيقة المطلقة هي أنها : مجردة من كل قيد وعلائق،أنها مستقلة لا تحتاج إلى علل من أجل وجودها ولا إلي أي حدود زمانية ومكانية ،كماأنها لا ترتبط بأحكام الإنسان وتصوراته ،وموقعها الحقيقي ما وراء عالم الشهادة ،كماأنها تعتبر المبدأ والغاية في آن واحد ،كما تعتبر الخير الأسمى الذي يتوق إليهالحكماء وأهل الفضول والذوق،كما أنها الموجود بما هو موجود ،أي أنها الحقيقةالمطلقة التي تقوم مستقلة عن الذات. ثانيا :النسبية وملاحقتها للمطلق:إذا كان المطلق يشير إليالموجود في ذاته،ولذاته ، وبذاته ،فإن النسبي يشير إلي ما يتوقف وجوده علي غيره ،إلا أن التحديد المبدأى للمطلق يتم بالتجريد ،لأن إدراكه من طرف الإنسان هو إدراكمن طرف كائن مقيد بحدود زمانية مكانية ومفاهيم ثقافية ،والمعرفة الإنسانية بينالذات العارفة والموضوع المعروف كما أن محاولة العقل الإنساني لإدراك المطلق يجعلنانضع احتمالين إما أن تكون الحقيقة مطلقة ولا أمل في إدراكها من طرف المدرك ،وإما أنيدركها المدرك فتنتقل من المطلقية إلي النسبية . كما أن الحقيقة التي يتكلم عنهاالفلاسفة تندرج تحت أنساق فلسفية معينة ، وهذا ما يجعلها حقائق تتماشي مع مذهبهموما تقتضيه الضرورة المنطقية مما يجعلها تتغير من نسق فلسفي إلى نسق آخر،ومنهافالحقيقة لا يدركها عقل ولا علم ولا حدس ولاذ وق لأنها أمور ذاتية ،ونسبية و النسبيلا يمكنه أن يدرك المطلق . 3)-في هذه الحالة ،ألا تلتبس الحقيقة مع الواقع ؟ وأي واقع هذا؟: ما هو الواقع وما مجالتهالمتنوعة ؟ وهل يقابل الحقيقة أم يلتبس بها ؟ وما دور الإنسان في تحديد طبيعة كلواحد من الطرفين ؟ أولا : تعريف الواقع القصد منه إبراز التنوع في الطبيعة والمجال:تتنوع كلمة الواقع علي حسبالتأويلات التي نأخذها إما في المعني العام أو في المعني الفلسفي : في المعني العام -:يقرن بوجود الإنسان فنقول أن هذا الشيء واقعي لأنه موجود . - :وقد يقرن الواقع بنالا يختلف في حقيقته إثنان ،وهو ما يمكن أن يثبت وجوده حسيا أو تجريبيا. في المعني الفلسفي :وهوالعالم الخارجي كما يتقدم لعقولنا وحواسنا ،ويتصف إدراكنا له بأنه حقيقي إذا ما تمفعلا . ويستنتج من هذا ،أنالواقع هو مصدر تقدير أحكامنا ،أي أن تكون الصور المدركة تعكس تماما ما في الواقع أن الواقع هو وجودالأشياء العيني وجودا مستقلا عن الذات العارفة أي لا دخل للذات في تصوره ،ويمتازبخصائص وموصفات منها : -أنه مجال مستقل عن الذات المدركة ويمكنها من بلوغ الموضوعية -أنه يعتبر المصدر الأولوالأخير لإختيبار الفروض وتبرير أحكامنا العقلية -أنه المنبه والدافع إلى إكتشاف الحقيقة ،وهي انطباقالفكر مع العالم الحسي والتجريبي . ثانيا:إرتباط الحقيقة بالواقع :ويظهر هذا الإرتباط علىشكلين: 1) التقابل :إنفكرة الحقيقة مرتبطة بالواقع بفكرة الواقع وذلك يظهر من خلال اتجاهين :- الإتجاهالتجريبي الذي يجعل الحقيقة عاكسة للواقع -الإتجاه المثالي الذي يجعل مقرها الواقع المثالي الثابت 2) الإلتباس:ولذلك وجبالتميز بين الواقع في ذاته والواقع في ذواتنا ،و الواقع في ذواتنا يظهر في حالتين :-حالة تعبر عن الواقع الموضوعي كما نراه أو كما ندركه ، - وحالة تعبر عن" الواقع ",الحقيقة الذي نعيشه داخليا ، أي أن الإلتباس يحدث بين ما هو موجود في ذاتنا وماهو موجود في العالم المثالي : ومن هنا , ♪ حسب الحسيان تصبح الحقيقة تعكس الواقع الموضوعي ( الحسي ) عكسًا تمامًا بحيث أن إنطباق الواقع غير الواقع ،أي بمثابة الصورة الجامدة التيتستقر فيها الأشكال و الثاني يستمر في حركاته الحية . فيصبح ما يراه الشخص أنهحقيقي يكون هو الحقيقة . ♪ أما المثاليون أمثال "أفلاطون ،ديكارت" تكمن الحقيقة في إتفاق معارفنا مع الوقائعالمثالية الذي تشخص إليه عقول الحكماء ثالثا-الإنسان بين الواقع والحقيقة : إن الواقع هو واقعالأشياء ،و الحقيقة هي حقيقة الأفراد ، والقبض عن الحقيقة تتمثل في الحرية على حسب "هيدغر", أما السعي وراء الحقيقة المطلقة فيبقي أمرًا نسبيا بين الأفراد فكل ينظرإليها حسب نزعته الفلسفية ،بل حتى الحقيقة المطلقة التي تتمثل في "الله" وقع حولهاأختلاف بين المجسمة والمنزه حل المشكلة :أن مشكلة الحقائق تبقي الحقائق التي يسعى إليها الإنسان حقائقنسبية كما تبقي النسبية تلاحق المطلق في شتى المحالات . هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيامحقيقة نهائية؟الجواب المقترح: يعتبر الفيلسوف إنسانا عاشقا للحقيقة وباحثا عنها بشكل دائم ومستمر. ويبين تاريخ الفلسفة أن هناك عدة نظريات وتصورات حول الحقيقة، تختلف بحسب المنطلقات العقلية والمشارب المذهبية، ولذلك نجد فريقا من الفلاسفة يقول بوجود حقيقة مطلقة وثابتة، وفريقا آخرا يقول بحقائق نسبية ومتغيرة. وإذا تموقعنا في مجال تاريخ المعرفة العلمية، فإننا نلحظ أن التطورات الهائلة والقفزات النوعية التي عرفها العلم ابتداء من العصر الحديث بينت صعوبة التمسك بحقيقة واحدة ونهائية، وكشفت عن التعديلات والمراجعات التي طالت مختلف المفاهيم والتصورات التقليدية حول الحقيقة. هنا يمكننا التساؤل هل الحقيقة مطلقة أم نسبية؟ وهل التطورات التي عرفها العلم تؤدي إلى التخلي نهائيا عن أية حقائق مطلقة؟ إذا تأملنا بدقة في السؤال المطروح سنجد أنه يقيم علاقة وثيقة بين تطور العلوم من جهة، وإنكار قيام حقيقة نهائية من جهة أخرى، وهو يدعونا إلى إثبات هذه القضية أو نفيها. لكن الحديث عن مفهوم الحقيقة هو حديث يتجاوز تاريخ العلوم، ويطال تاريخ المعرفة البشرية عموما والفلسفية منها على وجه الخصوص. لذلك نجد أنفسنا نتواجد في مجال المعرفة، سواء الفلسفية أو العلمية، لنعالج إلى أي حد يمكن القول بحقيقة مطلقة ونهائية أو القول بخلاف ذلك. إذا نظرنا في البدايات الأولى لتاريخ الفلسفة، وجدنا الفيلسوف اليوناني أفلاطون يقول بوجود حقائق يقينية ومطلقة مكانها هو عالم عقلي مفارق سماه بعالم المثل، وهي حقائق يتوصل إليها عن طريق التأمل العقلي الخالص. هكذا اعتبر أفلاطون أن ما يوجد في العالم المحسوس هو مجرد ظلال وأوهام تمدنا بها الحواس، في حين يمدنا التأمل الفلسفي بالحقيقة الموضوعية، الثابتة والخالدة. وقد بين باسكال فيما بعد أن للقلب حقائقه التي لا يمكن للعقل أن يستدل عليها، وهي حقائق حدسية تدرك على نحو مباشر، يعتقد صاحبها في ثباتها وصحتها المطلقة. ولعل الكثير من الحقائق الدينية هي من مثل هذا القبيل. وفي نفس السياق اعتبر أبو الفلسفة الحديثة ديكارت بأن العقل يحتوي على مبادئ وأفكار فطرية، لا يمكن الشك في صحتها نظرا لبداهتها ووضوحها وتميزها في الذهن. ومن ثمة فهي تدرك بشكل حدسي مباشر، ومنها تستنبط باقي الحقائق الأخرى. وبالرغم من أن كانط قدم فلسفة نقدية حاول منة خلالها تجاوز النزعتين العقلانية والتجريبية معا، إلا أن هو الآخر، وفي مجال المعرفة الأخلاقية على وجه التحديد، يتحدث عن مبادئ وقوانين أخلاقية ذات طابع صوري، مجرد ومطلق. وفي مقابل هذا التصور المثالي المطلق للحقيقة، نجد تصورات فلسفية أخرى تقول بنسبية الحقيقة وتطورها. ويمكن أن نورد في هذا الإطار موقف جون لوك، كأحد ممثلي النزعة التجريبية، والذي يرفض وجود أفكار أولية وفطرية كتلك التي ادعاها ديكارت، واعتبر على العكس من ذلك بأن العقل صفحة بيضاء والتجربة هي التي تمده بالمعارف والحقائق. وإذا كانت تجارب الناس مختلفة، فمعنى ذلك أن الحقائق التي تحملها عقولهم ليست على نفس الشاكلة والمنوال. أما إذا انتقلنا إلى الفلسفة المعاصرة، فيمكن أن نقدم التصور البرغماتي كتصور يقول بنسبية الحقيقة وتعددها. ومن بين ممثلي النزعة البرغماتية نجد وليام جيمس الذي يرى أن الحقيقة ليست غاية في ذاتها، وأنها لا تمتلك أية قيمة مطلقة، بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجات حيوية أخرى. هكذا يقدم لنا جيمس تصورا أداتيا ونسبيا للحقيقة؛ بحيث يقول بارتباطها بالمنافع والوقائع وبمدى قدرتنا على استعمالها في وضعيات مختلفة. وإذا انتقلنا الآن إلى حقل المعرفة العلمية الخالصة، وإلى مجال تاريخ العلوم الدقيقة، فإننا نرى أن ما عرفه العلم من تطور في الأدوات والمناهج المعتمدة، وما رافق ذلك من ظهور عدة نظريات علمية تتجاوز النظريات السابقة، كان له انعكاس على تصور العلماء و الفلاسفة لمفهوم الحقيقة ومراجعتهم للعديد من المفاهيم والتصورات الكلاسيكية. هكذا نجد الإبيستملوجي الفرنسي غاستون باشلار يؤكد على الطابع النسبي للحقيقة العلمية، ويعتبرها خطأ تم تصحيحه. فتاريخ العلوم في نظره هو تاريخ أخطاء؛ ذلك أن الكثير من الحقائق العلمية تم تجاوزها واستبدلت بحقائق ونظريات أخرى جديدة. من هنا نرى أن الحقائق في مجال العلوم الحقة تختلف من حقل علمي إلى آخر من جهة، وتتطور بتطور الأدوات والمناهج العلمية المستخدمة من جهة أخرى. وقد أكد باشلار على أهمية الحوار بين العقل والتجربة في بناء الحقيقة العلمية؛ ولذلك رفض المبادئ والحقائق البديهية كتلك التي تحدث عنها ديكارت، كما رفض اعتبار العقل صفحة بيضاء تتلقى المعرفة جاهزة من الواقع كما ذهبت إلى ذلك النزعة التجريبية الساذجة، وذهب بخلاف ذلك إلى التأكيد على الطابع البنائي والمتجدد للمعرفة العلمية، خصوصا أن بناءات العقل وبراهينه لا تتم في نظره بمعزل عن الاختبارات والتجارب العلمية. هكذا فحقائق العقل العلمي المعاصر مشروطة بطبيعة الموضوعات التي يريد معرفتها، فهي ليست حقائق منغلقة ثابتة بل منفتحة على الواقع العلمي الجديد. وإذا كانت النزعة الوضعية التجريبية تؤكد على التجربة كمعيار لصحة النظرية العلمية، وتبين الدور الحاسم الذي تلعبه هذه التجربة في التمييز بين النظريات العلمية وغير العلمية، فإننا نجد بيير تويليي يجسد موقفا يقر من خلاله بعدم وجود تجربة حاسمة، إذ تظل نتائج التحقق التجريبي جزئية وقابلة للمراجعة، كما يدعو إلى ضرورة خروج النظرية من عزلتها التجريبية وانفتاحها على نظريات أخرى تختبر نفسها من خلال مقارنة نفسها بها. وفي نفس السياق استبدل كارل بوبر معيار التحقق التجريبي بمعيار القابلية للتكذيب؛ بحيث تكون النظرية علمية إذا كانت قابلة للتكذيب في المستقبل، أي قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها. وهذا يدل على الطابع النسبي والمنفتح للحقائق العلمية. وعلى العموم، فهناك الكثير من الوقائع التي عرفها العلم المعاصر أدت إلى خلخلة المفاهيم والأسس التي كانت ترتكز عليها التصورات الكلاسيكية للحقيقة، سواء في مجال العلم أو الفلسفة الكلاسيكيين؛ فظهر تصور جديد لمفهومي المكان والزمان مع الهندسات اللاأقليدية ونسبية إنشتاين، كما تمت زحزحة مبدأي الهوية وعدم التناقض الأرسطيين باكتشاف الطبيعة المزدوجة للضوء وظهور الفيزياء الذرية، وغيرها من الوقائع التي جعلت، كما أكد باشلار، العقل الكلاسيكي يعيد النظر في مبادئه والحقائق التي يؤمن بها. هكذا يمكن أن نستنتج في الأخير أنه كان للتطورات التي عرفها العلم المعاصر انعكاسات كبيرة على تصور الفلاسفة لمفهوم الحقيقة والنظرية العلمية؛ فظهرت فلسفات تقول بنسبية الحقيقة وخضوعها للمراجعة والتعديل المستمر، غير أن هذا لا يجب أن يحجب عنا وجود بعض الفلسفات والمذاهب، سواء في الماضي أو الآن، تتشبث ببعض الحقائق وتعتبرها مطلقة ونهائية، خصوصا إذا تعلق الأمر بمجالات الأخلاق والدين والسياسة، فنحن نعلم أن للحقيقة مستويات وأوجه عدة، وما العلم سوى أحد هذه الأوجه._ آدا كنت أمام موقفين متعارضين:يقولاولهما:" أن معير الحقيقة هو الوضوح" ويقول ثانيهما:" أن معيار الحقيقة هوالنفع "_ المقدمة: إن موضوع الحقيقة اتخذ وجهات نظر متعددة من طرف الفلاسفة و المفكرين و العلماء فهناك من يري أن الحقيقة مطلقة دون إدخال الدات وهناك من يري أن الحقيقة نسبية متغيرة حسب معرفة الدوات لها دون وجود طابع موضوعي أو خارجي و لإشكال المطروح هنا:إلي أي مدي يمكن اعتبار الحقيقة مطلقة دون وجود النسبية في دلك؟؟_الراي1: إن مقياس الوضوح و البداهة و الصدق و اليقين هو أساس الحقيقة المطلقة للفلسفة ومن أنصار هدا الرأي 'رنيه ديكارت' الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة وقد فجر العصر الحديث بمقولته الشهيرة"أنا أفكر أنا موجود" ومثلا كقولنا في البديهيات الرياضية أن الكل اكبر من الجزء أو أن اثنان ضعف الواحد وان 1+1=2 وفكرة البداهة و الوضوح لدي ديكارت لم تظهر لهدا الوجود إلا آدا تبين أن دلك الشئ البديهي حق و عدم التقيد بالأفكار السابقة و فكرة الوضوح لن تتأتى إلا بالشك المنهجي المنظم الذي يحقق النتائج الصحيحة الواضحة دون شك هدام وكما يري "باروخ سبينوزا"أن فكرة الصدق حيث أنالنور يكشف عن نفسه وعن الجهل,وكدا العدل يكشف عن نفسه و معيار الكذب و كدا الخير يكشف عن نفسه وعن الشر" _الراي2:حقيقة إن الحقيقة المطلقة تتجلي في الوضوح و البداهة و الثبات و ماهو دائم سرمدي ولكن هناك من عارض معارضة شديدة هدا الطرح للحقيقة وأعطي بديلا فلسفيا يتجلى في الحقيقة النسبية ومن هؤلاء الفلاسفة نجد"بيرس شال" الذي يري أن الحقيقة نسبية ودلك من خلال فكرة النفع أي المصلحة من خلال أي فعل أو سلوك من أي إنسان وجب أن يترجمه العمل و التطبيق وفي هدا الصدد يقول بيرس"أن تصورنا لما قد ينتج عن هدا الموضوع من أثار عملية لا أكثر" ومعني هدا القول إن المعارف الصحيحة إنما تقاس بالنتائج التي تترتب عن طبيعتها في الواقع وان حققت نتائج ايجابية ملموسة كانت صحيحة, وأدا لم تحقق دلك كانت خاطئة و أيضا هناك "وليام جيمس" الذي يقول(إن كل ما يؤدي إلي النجاح فهو حقيقي) وأيضا يقول(الحق ليس التفكير الملائم لغاية) ومعني هدا القول عند جيمس هو أن الحق حينما يكون حقا إلا آدا كانت مصلحة م دون وجود غايات لان لو كانت هناك غاية لأصبحت الحقيقة مطلقة, وهدا غير موجود في 'البرغماتية' ويضيف 'جيمس' مبينا أن العدد(27) بامكان احتمال وجود هدا العدد بهده الصورة باحتمالات عدة كان يكون مكعب العدد(3) أو حاصل ضرب (3×9) أو حاصل جمع (26 +1) أو باقي طرح (73) من( 100)أو بطرق لا نهائية لها وهكذا فالحقيقة نسبية حسب ما نضيفه نحن للعالم –حقيقة إن معيار الحقيقة هو النفع كما أكده هؤلاء و لكن الحقيقة وجب أن تكون ثابتة أو مطلقة._التركيب: إن الحقيقة ليست واحدة بل هناك حقائق تتجلي في الحقيقة المطلقة حسب ما هي موجودة في فكرة الوضوح و البداهة عند العقلانيين و الحقيقة النسبية التي تؤسسها المنفعة و المصلحة عند البرغماتين ولكن كلا من الوضوح و النفع يحكمها معيار نسبي غير مطلق._ الخاتمة:إن معيار الحقيقة في الفلسفة من جهة الوضوح و النفع ليس بالإطلاق بل بنوع من النسبية و التغير لان الحقيقة المطلقة تتواجد في الحقيقة الرياضية و العلمية و الفيزيائية غير شان الحقيقة في الفلسفة.الحقيقة بمفهومها النسبي :يرتبط مفهوم الحقيقة بمعنيين : الحقيقة بمعنى الصدق الذي يرتبط بصفة الحق من جهة ، و من جهة أخرى يكون الحقيقي هو الواقعي أي أن يتطابق الواقع مع أداة التعبير . و إذا تأملنا هذه المعاني فإننا سنجدها متناقضة لأن الخطأ والكذب لا يمثلان الحقيقة و بالتالي ليسا واقعيين، و هذا غير ممكن لأن الكذب يتمتع بوجود واقعي لأنه يترك آثارا ملموسة على العلاقات الإنسانية كما أن المظاهر المزيفة التي نعتقد أنها تمثل الحقيقة هي في حد ذاتها تخفي الحقيقة كجوهر . و في السياق اللغوي يحيل مفهوم الحقيقة على كل ما هو يقيني، فالكلمة الثابتة عند اللغويين تكون حقيقة ،وإذا ما تغيرت أصبحت مجازا، لا يحيل على الحقيقة إلا إذا تجاوزنا ظاهر الكلمة و بحثنا عن باطنها . وفي مجال الفلسفة كان التركيز منصبا على البحث عن علاقة الحقيقة بالواقع . لذلك كان معناها محكوما بهذه العلاقة ، غير أن الحقيقة في الفلسفة المعاصرة ارتبطت بالفكر واللغة . فالحقيقة تكون كذلك إذا ما تطابق الفكر مع ذاته، أو إذا ما تساوقت الكلمة الدالة في سياقها مع باقي الكلمات المرتبطة بها فحيث لا يوجد فكر يحكم على الواقع و لغة تعبر عنه لا يكون هناك معنى للحقيقة. هل الإشكال في مفهوم الحقيقة مرتبط بموقعها بين الفكر و اللغة أم في الواقع خارج الفكر و اللغة على السواء ؟ ما علاقة الحقيقة بالواقع ؟ هل هي صورة الواقع منعكسة في الفكر و معبر عنها باللغة أم هل هناك حقيقة خارج الفكر واللغة أم انها نتاج لهما ؟ ويتفرغ عن هذا الإشكال الاول إشكال التداخل بين مفهوم الحقيقة ومفهوم الواقع .هل الحقيقة هي الواقع ذاته ، أم مطابقة الفكر للواقع ؟ وفي كلتا الحالتين تطرح إشكالات أخرى متصلة و مرتبطة بهذا الإشكال . هل الحقيقة ذاتية أم موضوعية ؟ و في كلتا الحالتين هل هي واحدة أم متعددة ؟ ثم هل هي مطلقة أم نسبية ؟ ثم هل يمكن الحديث عن الحقيقة بمعزل عن أضدادها و مقابلاتها ، الكذب ،الخطأ، الوهم.... أم هي متلازمة معها ؟ هل الحقيقة من شأن العقل وحده أم تتدخل فيها الأهواء و الرغبات و الغرائز ؟ ثم كيف تفرض الحقيقة نفسها ؟ فهل للحقيقة قيمة معرفية أم أخلاقية أم نفعية بالنسبة للإنسان ؟ يتعلق هذا المحور بالبحث عن طبيعة العلاقة بين الحقيقة كفكر والواقع كمجموعة من البنيات المادية، فإذا كانت الحقيقة تتضمن معاني الثبات والاستقرار وهي في دلالتها الكلاسيكية مرادف للواقع ، و الواقع كل ما هو حاصل وثابت أو ما يوجد موضوعيا خارج الفكر والادراك أي يتصف بالتغير والصيرورة، فكيف يمكن للحقيقة أن تطابق واقعا متحركا ؟ أو بصيغة أخرى أين توجد الحقيقة هل في الفكر أم في الواقع؟ باعتبار التحديدات السابقة يرى أفلاطون أن الحقيقة بما هي ثابتة فإنها تستلزم تطابق واقعا هو الآخر ثابتا. و الواقع المقصود هنا ليس هو الواقع المادي المحسوس و العيني لأنه في نظره ليس حقيقيا، و إنما هو مجرد ظل أو شبح أو نسخة لواقع مفارق هو عالم المثل : الذي هو عالم الحقائق الخالدة و المطلقة، و يتميز عالم المثل باللامادية و بالتالي الثبات والكمال، بينما يتميز عالم الظلال بالمادية، و بالتالي النقص و التغير ، الأول حقيقي يدرك بالعقل، والثاني وهمي يدرك بالحواس . وتتجلى ثنائية أفلاطون لحقيقة الانسان حيث يميز فيه بين جسد وضيع وفان وروح من طبيعة إلهية، و تصنيفه للناس إلى صنفين عامة الناس وهم مقيدون بحواسهم وخاصتهم وهم الفلاسفة الذين يستطيعون تكسير قيود الحواس و تجاوز عالم التجربة وذلك باستعمال العقل وممارسة التأمل وثنائية أفلاطون تتجلى كذلك في تصوره للمعرفة حيث يميز بين المعرفة الظنية المرتبطة بالحواس والمعرفة اليقينية المرتبطة بالعقل و بناء على تصور الثنائي للكون والانسان والمعرفة فإنه يقول بمرحلتين في منهجه الجدلي : جدل صاعد ( البحث عن الحقيقة ) و جدل نازل (تبليغ الحقيقة) و بذلك إن إدراك الحقيقة يقتضي التخلي نهائيا عن العالم المادي المحسوس وعدم الاهتمام بمشكلاته الجزئية وإعمال العقل (التأمل) لبلوغ الحقيقة التي توجد في عالم المثل و تتصف بمواصفاته.إن هذه الثنائية : عالم المثل / عالم محسوس تؤدي في نظر أرسطو إلى استحالات :استحالة صدور عالم محسوس عن عالم مثالي مجرد ، روحي ، ثم استحالة صدور المتغير عن الثابت والزائل عن الخالد ثم كذلك مفارقة الحقيقة لموضوعها إذ كيف يكون الشيء هنا وحقيقته هناك هذه الهوة الوجودية بين الشيء وظله هي ما حاول ارسطو ردمه. نقض أرسطو نهائيا فكرة عالم مثالي مفارق وقال أن العالم المادي المحسوس هو العالم الوحيد الموجود والحقيقة لا توجد خارجه وحل مسألة علاقة الحقيقة بالواقع تقتضي النظر إلى الثابت و المتحول باعتبارهما متداخلين و متلازمين و مترابطين و يشكلان وحدة يكون فيها الثابت هو الحامل و السند للمتغير فالواقع الحقيقي الثابت محايث للواقع الحسي المتغير إنه الموجود بما هو موجود : الجوهر والماهية الثاوية خلف الأعراض هكذا تنسحب المثل لحساب الجواهر و تستحيل الظلال أعراضا (واقع حسي مباشر) غير أن الاعراض عند أرسطو ليست كما هو الشأن عند أفلاطون يجب طرحها و تجاوزها بل واقع فعلي يمثل الوسيط الضروري الذي لا غنى عنه للعقل للوصول إلى الحقائق جواهر الأشياء بواسطة التجريد العقلي.
لا يؤمن الغزالي بفكرة تأسيس الحقيقة على الحواس لأن الحواس في نظره تخدعنا و تقدم لنا حقائق ظنية ينبغي تلافيها رغم أنه لا ينكر وجود العالم الحسي إلا أنه لا يعتبره منطلقا مضمونا لاكتشاف الحقيقة لأن الحقيقة في نظره من شأن العقل وحده الذي قام بتخطئة الحواس والخقيقة هي ما يقبله العقل تلقائيا دونما حاجة إلى برهان .إن الحقيقة في الأصل ليست واقعا بل أفكارا في العقل سابقة ، ولأمخا سابقة فهي علو ية أو هابطة إنها الحقيقة اللدنية ، ولما كانت الحدود بين الصادق والكاذب من الأفكار ليست بينة منذ البداية فإن الطريق إلى الحقيقة في نظر الغزالي هو اليقين المنهجي ، وهذا اليقين لا يتطلب خروج العقل من ذاته إلى العالم الخارجي بل يشترط فقط العودة إلى الذات لإعادة النظر في كل ما لديه من أفكار بواسطة اليقين ، واليقين عادة ما ينتهي إلى أفكار لا تقبل الشك في العقل ( البديهيات الهوية عدم التناقض الثالث المرفوع والتي هي قوانين العقل ..) وهي أساس اليقين فليس ثمة حقيقة إلا إذا قامت على هذه المبادئ والتي تدرك بواسطة الحدس العقلي ، وانطلاقا منها يستنبط العقل بواسطة الاستدلال كل الحقائق المركبة والممكنة يظهر أن العقل هو مبدأ ومنتهى الحقيقة . لكن ما علاقة الحقائق المدركة بالعقل بالواقع الموضوعي ؟ أمام معقولية الحقيقة (الخاصية الفكرية و المتمثلة في البداهة و الوضوح العقليين ) فإن مطابقتها للواقع يدفع إلى طرح السؤال التالي : أي واقع تكون الحقيقة مطابقة له ؟ أهو المشكوك فيه المادي أم الخفي و كيف يطابق الفكر واقعا خفيا ؟ وكيف يمكن التحقق من هذه المطابقة ؟ يرى الغزالي انطلاقا من فكرة الضمان الإلهي أنها علاقة تطابق فما دام العقل بفطريته والواقع بخصائصه وقوانينه الموضوعية يصدران معا عن أصل واحد هو الله فإن وحدة مصدرهما هي ضامن تطابقهما وبذلك اعتقد الغزالي أنه قد حصن الحقيقة داخل قلعة اليقين التام (المعرفة الهابطة ) و لم يعد هناك مجال للشك ما دام قد قطع الطريق نهائيا عن الحواس والعقل .و لكن هل تكون الحقيقة لدنية بحتة و كيف يمكن للعقل أن يدرك حقيقة الواقع دون الاتصال به مباشرة ، إنه جانب غير معقول في عقلانية الغزالي سيحاول ابن رشد معالجته. يمكن القول على أن الحلول السابقة رغم اختلافها بصدد مسألة الحقيقة فهي تلتقي في خاصيتين على الاقل ,إنها تنظر إلى الحقيقة من زاوية واحدة إما موضوعية محضة مثل افلاطون و ماهيات ارسطو أو ذاتية محضة الافكار الفطرية الغزالية وأنها تنظر إلى الحقيقة كموضوع جاهز (واقعيا أم عقليا) مكتمل ومنته . وسواء كانت مثالا أم ماهية أو بديهية فإنها في كل هذه الحالات المستبطنة للاكتشاف إما بواسطة الجدل او التجربة او الحدس إلا أن ابن رشد المتاثر بمنهج البحث السائد في عصره : سيقلب النظرة إلى الحقيقة، فالحقيقة عند ابن رشد ليست لاذاتية ولا موضوعية وليست معطاة أو جاهزة خارج الفكر والواقع ولا داخله بل إنها منتوج بناء إنها حاصل تفاعل الفكر والواقع ، يبنيهما العقل انطلاقا من معطيات التجربة الحسية (مادة المعرفة ) التي يضفي عليها الفهم الصور والاشكال لا صورة المعرفة فالحقيقة تستلزم الـــمادة والصورة ، الواقع والفكر معا . هكذا مع كانت اصبحت الحقيقة متعددة ونسبية وغير معطاة فلم تعد مطابقة الفكر للواقع بل انتظام معطيات الواقع في أطر أو مقولات الفكر , وهي نظرة ستتغير بدورها بموازاة مع التطورات التي ستطرأ على الفكر العلمي و الفلسفي خلال القرن 19 و ما بعده وأقصد هنا الفكر في صورته الغربية . لقد ساهم التقدم العلمي في تغيير فكرة الحقيقة التي أصبحت تخضع لمفهوم النسبية والموضوعية، أما النسبية فتتمثل في ارتباط المعرفة بموضوعها وبأدوات البحث المستعملة فيها ومستوى تطور النظريات العلمية التي تبقى بدورها نسبية و قابلة للتصحيح بشكل مستمر. أما موضوعية الحقيقة العلمية فتقوم على نوعين من الضرورة العقلية : ضرورة صورية الصياغة المنطقية والرياضية للنظريات العلمية وأخرى تجريبية. الحقيقة في نظر هايدجر على سبيل المثال تتخذ مفهوما جديدا إنها تحديدة توجد في الوجود، ما دام هذا الوجود لا يتمكن من التعبير عن ذاته و الكشف عن حقيقته فإنه يحتاج إلى من يقوم بذلك ، والانسان هو الكائن الوحيد الذي تتجلى فيه حقيقة الوجود ، لا لأنه يفكر وإنما لأنه ينطق و يتكلم . فالانسان في نظر هايدجر نور الحقيقة في ظلمات الكينونة ، فالحقيقة ليست فكرا يضاف إلى الوجود من الخارج و إنما هي توجد في صميم الوجود نفسه، و ليس الانسان سوى لسان حال الوجود أو كلمة الوجود المنطوقة ، الأمر الذي يدل على أن الحقيقة هي فكريطابق لغة معينة ،تعبر عن وجود معين، أي كشف للكائن وحريته، أي استعداد الفكر للانفتاح على الكائن المنكشف له ، و استقباله إذا ما تحقق التوافق و الانسجام. يتعلق هذا المحور بالمجال الذي تستمد منه الحقيقة قوتها في الاقناع : وفي هذا الاطار نجد نوعين من وسائل الاقناع : وسائل ذاتية تنتمي إلى الحقيقة ذاتها كالبرهان والخطاب ووسائل توجد خارج الحقيقة و تتعلق بالسلطة كمنتجة للحقيقة و مدافعة عنها ، النوع الأول يتخذ أشكالا متعددة فكل حقيقة تحتاج إلى برهان يختلف باختلاف مراتب الناس في التصديق والاعتقاد فهناك برهان عقلي و جدلي و خطابي وسوفسطائي. يهدف كل خطاب الى التأثير في المخاطب وحمله على الاقتناع و بالتالي استمالته لصالح محموله أو دعواه (حقيقته) وهذا يتضمن أن كل خطاب ينطوي على شكل من أشكال البرهنة، وعلى هذا المستوى نجد أنواعا عديدة من الخطاب : الديني و الفلسفي و العلمي و الفني الأدبي ...بل إنها متعددة حتى داخل الخطاب الواحد (المادية و المثالية في الفلسفة ...)فهل الحقيقة واحدة رغم هذا العجاج الثائر من الخطابات أم أنها تتعدد بتعدد الخطابات ؟ الجواب على هذا السؤال يختلف باختلاف أنماط الخطاب السائدة وحسب العصور . - ففي العصور الوسطى حيث سيطرة الفكر الديني مال الفلاسفة إلى فكرة الوحدة رغم تعدد أنماط القول البرهاني .أما في العصر الحديث حيث سيادة الف | |
|
djamele7892 إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ : 10349 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: رد: مقالات حول الحقيقة لشعبة آف لمن يحتاج الإثنين مارس 07, 2011 2:39 pm | |
| | |
|