ابــن الاسلام إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 101 الْمَشِارَكِات : 12744 النقاط/ : 22644 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: بحث حول نشأة و نهاية الدساتير الثلاثاء مارس 08, 2011 1:59 am | |
| مقدمــــــة المبحث الأول: ظهور الدساتير . المطلب الأول:تاريخ ومكان ظهور أول دستور . المطلب الثاني:أسباب ودوافع وضع الدساتير . المبحث الثاني: الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير . المطلب الأول:أسلوب المنحة . المطلب الثاني:أسلوب العقد أو الاتفاق . المبحث الثالث: الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير . المطلب الأول:أسلوب الجمعية التأسيسية . المطلب الثاني:أسلوب الاستفتاء الشعبي أو الإستفتاء الدستوري . المبحث الرابع: طرق وضع الدساتير الجزائرية . المطلب الأول:دستـور 10 سبتمبر 1963 . المطلب الثاني:دستـور 22 نوفمبر 1976 . المطلب الثالث:دستـور 23 فيفري 1989 . المطلب الرابع:دستـور 28 نوفمبر 1996 . المبحث الخامس: تعديل الدساتير . المطلب الأول: الإقتراح بالتعديل . المطلب الثاني: الموافقة على مبدأ التعديل ( تقرير مبدأ الاقتراح بالتعديل ) . المطلب الثالث : إعداد التعديل . المطلب الرابع : إقرار التعديل . المبحث السادس: إنهاء الدساتير وأثار إلغائها . المطلب الأول: الطرق القانونية . المطلب الثاني: الطرق الغير قانونية . المطلب الثالث : آثار إلغاء الدساتير . الخاتمـــــة. قائمــة المراجــع . مقدمــــــة تتنوع الأساليب التي تنشأ بها الدساتير بتنوع أنظمة الحكم في العالم. وذلك لأن كل دستور هو نتاج للأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة به، وعلى وجه الخصوص مستوى التطور الذي بلغه النظام السياسي وتبعا لدرجة التطور الديمقراطي في كل دولة من هذه الدول، وكذا لتقاليدها وخبراتها السياسية ، وهى تتطور بتطور أنظمة الحكم في كل دولة من الدول، ففي ظل الأنظمة السياسية القديمة القائمة على الحكم المطلق حيث لا حدود ولا قيود على سلطات الحكام لم تنشأ الدساتير المكتوبة، لأن هذه الدساتير ما نشأت إلا لتقييد سلطات الحكام والحد منها، ولكن مع انتشار الأفكار الديمقراطية، والرغبة في الحد من الحكم المطلق، ظهرت الحاجة إلى تدوين الدساتير، من أجل تحديد الواجبات والحقوق لكل من الحكام والمحكومين. بإتباع طرق تختلف باختلاف الدولة ودرجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيها. وقد يلعب الأسلوب الذي يتبع في وضع الدستور دوراً هاما في كشف المذهب السياسي الذي ينطوي عليه. فما هي هذه الأساليب المتبعة التي تنشأ بواسطتها الدساتير؟ والحديث عن النشاة يجرنا الى طرح اسئلة فرعية متمثلة في كيفية تعديل الدساتير وكيفية انهاءها ؟ .. هذه الاسئلة تطرح مباحث مهمة للغاية، للإجابة عليها يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة وبسيطة، استنادا بالدرجة الأولى الى بعض المراجع العربية المتوفرة عن هذا الموضوع ومن خلال بعض المقالات القانونية المنشورة عبر شبكة الانترنت. وقد اتبعنا المنهجين التحليلي والوصفي في بحثنا هذا والمقسم إلى ستة مباحث موضحة في خطة البحث.. المبحث الأول : ظهور الدساتير . تنشأ الدساتير بأساليب مختلفة ومتعددة، وقبل التعرض لأساليب نشأتها يتوجب علينا بحث تاريخ، مكان وأسباب ظهورها والتطور الذي عرفته بفعل تزايد مهام الدولة. المطلب الأول :تاريخ ومكان ظهور أول دستور . إذا رجعنا لتاريخ العالم الإسلامي نجد أن أول دستور عرف بالمفهوم الفني الحديث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرف "بالصحيفة"، تلك الوثيقة التي أعدها رسول الإسلام لتنظيم أحوال دولة المدينة بعد أن انتقل إليها من مكة. البعض يرى بأن الحركة الدستورية أو أول بداية لظهور الدستور تعود إلى القرن الثالث عشر وبالتحديد سنة 1215 عندما منح الملك جان ستير الميثاق الأعظم للنبلاء الانجليز الثائرين عليه. والبعض الآخر يؤكدون بأن تاريخ ظهور الحركة الدستورية الأولى بدأت تظهر معالمها في القرن السابع عشر عندما وضع الجناح المؤيد لكرومويل في المجلس العسكري دستورا، وان كان البرلمان وكرومويل ذاته لم يساندا ذلك المشروع فبقي كذلك بحيث لم يعرض على الشعب، وان كانت بعض نصوصه اعتمدت فيما بعد لتنظيم السلطة وعادت فيما بعد مصدرا لتنظيم السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية . " أما أول الدساتيرالمكتوبة ظهرت في المستعمرات البريطانية بأمريكا الشمالية كرد فعل للانفصال عنإنكلترا، فأول دستور عرفه العالم الغربي في ولاية فرجينيا دستور جوان 1776، وقدسابقه الإعلان للحقوق الذي يعتبر القاعدة الأساسية لأي حكومة في فرجينيا، ثم تلىذلك في عام 1781 صدوردستور الاتحاد التعاهدي، وفي عام 1787 صدرالدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية. فالمثل الأمريكي كان سببا لاقتداءالعديد من الدول به كفرنسا مثلا، عرفت أول دستور مكتوب عام 1791، وقدسبقها قبل ذلك إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي صدقت عليه الجمعية الوطنية في أوت 1789. فقدأصبحت الدساتير المكتوبة من خصائص الدول الحديثة، نتيجة لرواج الأفكار الديمقراطيةوالحركات السياسية التي نادت بمبدأ السيادة الشعبية، وبلورة فكرة العقد الاجتماعي،ومبدأ الفصل بين السلطات...أمام هذه المزايا العديدة انتقات فكرة الدساتير المكتوبةالى العديد من الدول الأوروبية، فصدر دستور السويد سنة 1809، والنرويجوبلجيكا سنة 1831، وعلى إثرالحرب العالمية الأولى، زاد انتشار الدساتير المكتوبة كنتيجة منطقية للحد من التعسففي استعمال السلطة فصدر دستور روسيا يوم 10 يوليو 1918، فدستورتركيا 1924ودستورالنمسا 1 أكتوبر 1920" (1) . 1- د/ فوزي أوصديق : الوافي في شرح القانونالدستوري. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، 1994، ص40 . المطلب الثاني : أسباب ودوافع وضع الدساتير " إن انهيار الحكم الملكي المطلق بعد الثورات الأوربية وسيطرة البرجوازية على السلطة إلى جانب ظهور فكرة القومية وانحسار الاستعمار كانت من الأسباب والدوافع الرئيسية في دسترة أنظمة الحكم، وكان غرض شعوب تلك الأنظمة إثبات سيادتها الداخلية واستقلاليتها، وذلك بواسطة تنظيم الحياة السياسية بوضع دستور يبين السلطات وعلاقاتها في الدولة الجديدة وعلاقاتها بالمحكومين والدول الأخرى. وأن هذه الدول بوضع الدستور تؤهل نفسها لإقامة حوار بين السلطة والحرية فكأنها تعلن للغير بأنها وصلت إلى مرحلة النضج السياسي، ولها الحق في الانضمام للمجتمع الدولي "(1). وكما أشرنا سابقا على إثر الحرب العالمية الأولى، زاد انتشار الدساتير المكتوبة كنتيجة منطقية، بحيث حددت اختصاصات الحكام ومدى السلطات التي تحت أيديهم والواجبات المفروضة عليهم حتى لا تتكرر نفس التجربة (التعسف في استعمال السلطة)، كما أن حركة التحرر، ساهمت بشكل فعال في انتشار هذه الظاهرة، بالأخص إذا علمنا أن أغلب هذه الدول تفتقر إلى رصيد دستوري، كانعدام حياة دستورية سابقة..أو عدم وجود أعراف سابقة..كل هذا كان سببا مباشرا لوضع دستور مكتوب إلى جانب ضرورة اقتناء وتدوين وثيقة دستورية للإنضمام في المجتمع الدولي مثل غينيا قد أعلن عن استقلالها يوم 02 أكتوبر 1958 ، " وفي ذلك الوقت كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة منعقدة، ولكي يضمن الرئيس سيكوتوري الحصول على الموافقة، أصدر دستور في 10 نوفمبر 1958، وأعلنت الأمم المتحدة عن قبولها كعضو في 12 نوفمبر 1958. وفي الكويت دستور 1962 إذ كانت قد قبلت في جامعة الدول العربية في 30 يوليو 1961 بمجرد إعلان استقلالها في 19 يونيو 1961، فإنها لم تقبل في المم المتحدة ولم تنظم إلى المجتمع الدولي إلا في 14 مايو 1963 أي بعد صدور دستورها في 11 نوفمبر 1962، وإذا كانت حركة الدساتير المكتوبة قد سادت الدول العربية، إلا أن بعض دول الخليج تفتقر إلى دستور مكتوب ولا يوجد فيها دستور مدون على نسق الدساتير المعاصرة "(2) . 1- د/ فوزي أوصديق: المرجع السابق ، ص40. 2- د/ سعيد بو الشعير :القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ،النظرية العامة للدولة والدستور ،طرق ممارسة السلطة ،الجزء الأول ،الطبعة الثالثة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1986 ،ص 139 . المبحث الثاني : الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير . " يمكن تعريف الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير بأنها الأساليب التي لا يستأثر الشعب وحده في وضعها، وإنما الذي يضعها هو الحاكم وحده (منحة) أو بالاشتراك مع الأمة أو الشعب (عقد). وهما أسلوبان تزامنا مع تطور الملكية من ملكية مطلقة إلى ملكية مقيدة "(1) . المطلب الأول : أسلوب المنحة . " يصدر الدستور في شكل منحة إذا تنازل الحاكم بإرادته المنفردة عن بعض سلطاته للشعب، أو أن يحددها ببعض القيود، بواسطة قواعد قانونية يمن بها على شعبه في صورة دستور. والأصل في هذه الدساتير أن الحاكم هو مصدر السلطات، ومنبع الحقوق والحريات، يجمع بين يديه الوظائف والاختصاصات، ومن بينها الاختصاص التأسيسي. غير أن انتشار الأفكار الديمقراطية، ونضج وعي الشعوب بحقوقها، والدعوة إلى الحد من من السلطان المطلق، دفع الحكام إلى منح شعوبهم دساتير، تنازلوا بموجبها عن جزء من سيادتهم، ليظهروا بمظهر المتفضلين على شعوبهم، قبل أن تجبرهم الأوضاع على التنازل عن جٌل سيادتهم، وبالتالي يفقدون هيبتهم وكرامتهم. وهكذا؛ وعلى الرغم من أن الشكل الخارجي للدستور الصادر بطريق المنحة يظهر على أنه عمل قانوني صادر بالإرادة المنفردة للحاكم، فإن الدستور لم يكن ليصدر إلا نتيجة لضغط الشعوب على حكامها، ووعيها بحقوقها، وخوف الحاكم من ثورتها وتمردها. ويسجل لنا التاريخ أمثلة كثيرة لدساتير صدرت بطريق المنحة، ومنها الدستور الفرنسي لعام 1814 الذي أصدره لويس الثامن عشر للأمة الفرنسية ، وجدير بالذكر إن معظم دساتير الولايات الألمانية في القرن التاسع عشر صدرت بهذه الطريقة. ومن أمثلة الدساتير الممنوحة كذلك: الدستور الإيطالي لعام 1848 والدستور الياباني لعام 1889، ودستور روسيا لسنة 1906، وإمارة موناكو لعام 1911، وكذلك الدستور المصري لعام 1923، ودستور إثيوبيا لعام 1931، والقانون الأساسي لشرقي الأردن لعام 1926، ودستور الإمارات العربية المتحدة لسنة 1971 وكذلك الدستور القطري لسنة1971"(2) ونتيجة لصدور الدستور بطريقة المنحة يثور تساؤل هام، حول قدرة الحاكم الذي منح الدستور هل له الحق في سحبه أو إلغائه ؟ وللإجابة على هذا السؤال انقسم الفقه إلى اتجاهين : 1- د/ نعمان أحمد الخطيب : الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، الطبعة الأولى،الإصدار الأول، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1999،الأردن ، ص482. 2- د/ فاطمة سعيد. ”أساليب نشأةالدساتير“.البحرين: منتديات البحرين،[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]،2002م. * يذهب أولهما إلى قدرة الحاكم على استرداد دستوره طالما كان هذاالدستور قد صدر بإرادته المنفردة، عل شكل منحة، لأن من يملك المنح يملك الاسترداد. يساند هذا الرأي أمثلة حدثت فعلاً، حيث أصدر شارلالعاشر . ملك فرنسا قراراً ملكياً عام 1830 بإلغاء دستور عام 1814، تحت حجة أن المنحة أو الهبة في الحقوق العامة تشبه الهبة في الحقوق الخاصة، وكما يحق للواهب الرجوع عن الهبة. يحق للملك الرجوع عن دستوره، إذا صدر عن الشعب جحود للمنحة ونكران للجميل. " ويذكر ثانيهما على الحاكم حق استرداد دستوره، ما دام هذا الدستور قد صدر، حيث تترتب عليه حقوق للأمة، فلا يحق للحاكم - عندها - المساس به إلا بالاستناد إلى الطرق القانونية المقررة بالدستور نفسه، حتى التسليم بأن صدور الدستور كان وليداً للإرادة المنفرد للحاكم، لأن هذه الإرادة تصلح أن تكون مصدراً للالتزامات، متى ما صادفت قبولاً من ذوي الشأن. وجدير بالإشارة أن الدستور الصادر بطريقة المنحة يدرس على اعتبار أنه مرحلة تاريخية، تمثلت بالانتقال من الملكيات المطلقة إلى الملكيات المقيدة، وقد انقضت وانتهت هذه المرحلة منذ زمن، نتيجة لزوال الحكم الفردي، واستعادة معظم الشعوب لكامل حقوقها في السيادة والسلطة. ومع ذلك، فما زالت بعض الدساتير تعتمد على الإرادة المنفردة للحاكم، في نشأتها وفي إصدارها، منذ تسلمه للسلطة وحتى مماته، وإن أمكن استبداله بغيره...وقائمة الدساتير التي صدرت بهذه الطريقة كبيرة. ولنا بعالمنا العربي أمثلة متعددة، حتى أن بعضها لا يزال نافذاً إلى يومنا هذا" (1) . [ 1م. المطلب الثاني: أسلوب العقد أو الإتفاق . ينشأ الدستور وفقطريقة العقد بناء على اتفاق بين الحاكم من جهة والشعب من جهة أخرى. أي لا تنفردإرادة الحاكم بوضع الدستور كما هو الحال في صدور الدستور على شكل منحة، وإنما يصدرالدستور تبعاً لهذه الطريقة بتوافق إرادتي كل من الحاكم والشعب. ويترتب على ذلك ألايكون بمقدور أي من طرفي العقد الانفراد بإلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله. وعلى هذاالنحو تٌمثل طريقة العقد أسلوباً متقدماً على طريقة المنحة، لأن الشعب يشترك معالحاكم في وضع الدستور في طريقة العقد، بينما ينفرد الحاكم بوضع الدستور في طريقةالمنحة. وبناء على ذلك؛ يعد أسلوب العقد مرحلة انتقال باتجاه الأساليب الديمقراطية. خاصة وأن ظهور هذا الأسلوب - لأول مرة - كان نتيجة لنشوب ثورات، في كل من انجلتراوفرنسا. ففي إنجلترا ثار الأشراف ضد الملك جون، فأجبروه على توقيع العهد الأعظم فيعام 1215، الذييعتبر مصدراً أساسياُ للحقوق والحريات. وبنفس الطريقة؛ تم وضع وثيقة الحقوقلعام1689 بعداندلاع ثورة ضد الملك جيمس الثاني، حيث اجتمع ممثلون عن الشعب، ووضعوا هذه الوثيقة،التي قيدت سلطات الملك، وكفلت الحقوق والحريات الأساسية للأفراد. وتمت دعوة الأميروليم الأورنجـي لتولي العرش، على أساس الالتزام بالقيود الواردة بالوثيقة. وتشكل هاتان الوثيقتان جزءاً هاماً من الدستور الإنجليزي الذي يتكون معظمه من القواعد العرفية. أما في فرنسا فقدر صدر أول دستور فيها بطريقة العقد إثر ثورة سنة 1830 ضد الملك شـارل العاشر، ووضع مشروع دستور جديد من قبل جمعية منتخبة من قبل الشعب، ومن ثم دعوة الأمير لويس فيليب لتولي العرش، إذا قبل بالشروط الواردة بالدستور الجديد. وبعد قبول الأمير بهـذه الشروط نودي به ملكاً على فرنسا. ويشار كذلك؛ إلى أن جميع الدساتير التي صدرت بطريقة العقد كانت من عمل جمعيات منتخبة، والأمثلة على هذا النوع من الدساتير عديدة نذكر منها الميثاق الأعظم في انجلتلرا سـنة 1215 الذي هو جزء من دستور انجلترا، وكذلك قانون الحقوق الصادر سنة 1688 في نفس البلــد، ودساتير كل من اليونان لسنة1844، ورومانيا لسنة 1864، وبلغاريا لسنة 1979، والقانـون الأساسي العراقي لعام 1925، والدستورين الكويتي لسنة 1962 والبحريني لسنة 1973. حيث وضعت المجالس التشريعية في هذه الدول الدساتير المذكورة، ثم دعت أمراء أجانب لـتولي العرش على أساس الالتزام بأحكامها. وعلى الرغم من أن أسلوب العقد يعد أسلوبا تقدمياً أكثر من أسلوب المنحة، فإنه لا يعد أسلوبا ديمقراطيا خالصاً، لأنه يضع إرادة الحاكم على قدم المساواة مع إرادة الشعب، بينما تفترض الديمقراطية أن يكون الشعب هو صاحب السيادة، لا يشـاركه فيها ملك ولا أمير. المبحث الثالث : الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير . " يمكن تعريف الأساليب الديمقراطية في وضع الدساتير، بأنها الأساليب التي تستأثر الأمة وحدها في وضعها دون مشاركة الحاكم ملكا كان أو أميرا أو رئيسا للجمهورية. وبغض النظر عن التفصيلات والإجراءات المتبعة في وضع الدساتير داخل إطار هذا المفهوم الديمقراطي في وضع الدساتير، يمكن جمع هذه الأساليب في أسلوبين رئيسيين هما الجمعية التأسيسية وأسلوب الاستفتاء الشعبي " (1) . المطلب الأول : أسلوب الجمعية التأسيسية . تعد نشأة الدساتير وفقاً لهذا الأسلوب منطلقة من مبدأ السيادة الشعبية، كما ينظر إليه أيضاً على أنه من الأساليب الديمقراطية لخلق الدساتير حيث يمثل مرحلة أكثر تقدماً في نضال الشعوب ضد الحاكم المطلق. ويصدر الدستور وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية من مجلس أو جمعية تنتخب بصفة خاصة من الشعب ونيابة عنه، يعهد إليها بمهام وضع وإصدار دستور جديد يصبح واجب النفاذ. ولذا فإن هذه الجمعية التأسيسية أو كما يطلق عليها البعض اسم الجمعية النيابية التأسيسية هي في الواقع تجمع كل السلطات في الدولة فهي سلطة تأسيسية تشريعية وتنفيذية. وهذا الأسلوب في وضع الدساتير هو الذي تم إتباعه في وضع معظم الدساتير التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. وكأمثلة تاريخية على أسلوب الجمعية التأسيسية نذكر دساتير الولايات المتحدة الأمريكية عقب استقلالها من إنجلترا عام 1776م كما اتخذته أمريكا أسلوباً في وضع وإقرار دستورها الاتحادي لعام 1787م وقد انتشرت هذه الطريقة فيما بعد فاعتمد رجال الثورة الفرنسية هذا الأسلوب من ذلك دستور فرنسا لعام 1791م، وعام 1848م، وعام 1875م، وقد انتهج هذه الطريقة كل من اليابان عام 1947م، والدستور الإيطالي عام 1947م، والدستور التشيكوسلوفاكي عام 1948م، والدستور الروماني عام 1948م، والدستور الهندي 1949م، والدستور السوري عام 1950 وتعد هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من الطريقتين السابقتين، إذ أن الدستور يقوم بوضعه في هذه الحالة جمعية منتخبة من الشعب. كما أن هذه الطريقة تحتوي على العديد من المخاطر يمكن تلخيصها كالآتي: 1- د/ نعمان أحمد الخطيب : المرجع السابق ،ص486. 1 - احتمال انحراف الجمعية التأسيسية عن غرضها المنشود، بتفوق السلطة التشريعية على باقي السلطات الأخرى، لكون أغلب الأعضاء فيها تراودهم فكرة الترشح للمرة الثانية. 2 - الاعتماد على فكرة الجمعية التأسيسية يحتمل فيها استحواذ هذه الأخيرة على جميع الاختصاصات، مما قد يخلق عجزا وانسدادا أثناء معالجة المشاكل الشائكة وقت الأزمات. 3 –" احتمال رفض الشعب للجمعية التأسيسية بعد إقرارها للدستور، وهذا فعلا ما حدث في دستور الجمعية الفرنسية الرابعة سنة 1946م، مما بدد الطاقات والمجهودات "(1) . المطلب الثاني : أسلوب الاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء الدستوري . ينشأ الدستور وفقاً لهذا الأسلوب من خلال الإرادة الشعبية الحرة، إذ يفترض أن يقوم الشعب أو يشترك بنفسه في مباشرة السلطة التأسيسية، في هذه الحالة يصدر الدستور مباشرة من الشعب الذي يوكل الأمر إلى جمعية منتخبة تكون مهمتها وضع مشروع الدستور أو إلى لجنة معينة من قبل الحكومة أو البرلمان إن وجد، ومن أجل أن يكون استفتاء دستوري يجب أن تكوّن أولا هيئة أو لجنة تقوم بتحضير مشروع الدستور وعرضه على الشعب لاستفتائه فيه، لأخذ رأي الشعب في مشروع الدستور ، ولكن هذا المشروع لا تصبح له قيمة قانونية إلا بعد عرضه على الشعب واستفتائه فيه وموافقته عليه. علماً بأنه ليس بلازم أن تقوم بوضع الدستور -المراد الاستفتاء عليه- جميعة تأسيسية نيابية، وإنما يفترض أن تكون هناك هيئة أو جمعية أو لجنة أو شخصية، قد أسند إليها وقامت بالفعل بإعداد مشروع الدستور، كما حدث بالنسبة لبعض دساتير العالم. ولا يختلف الأمر إذا كانت هذه الجمعية أو اللجنة التحضيرية للدستور منتخبة أو معينة، إذ تقتصر مهمتها على مجرد تحضير الدستور فحسب تمهيداً لعرضه على الشعب للاستفتاء عليه بالموافقة أو بالرفض، ويعتبر تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء هو الفصل في بدء سريان الدستور والعمل بأحكامه. وإذا كان بعض الفقهاء قد ذهب إلى عدم اعتبار أسلوب الاستفتاء الشعبي أسلوبا متميزا عن أسلوب الجمعية التأسيسية أي عدم التفرقة بين الجمعية التأسيسية والاستفتاء السياسي على أساس طريقة واحدة، بل يعتبرون الاستفتاء مكملا للجمعية التأسيسية، فهو حلقة له ويستدلون بالعديد من القرائن التاريخية، فقد يوضع المشروع الدستوري بواسطة جمعية تأسيسية، مثال ذلك دستور 1946، وقد يوضع عن طريق لجنة حكومية، ومثال ذلك الدستور المصري الصادر سنة 1956، أو دستور الجمهورية الخامسة 1958. 1-د/ فوزي أوصديق : المرجع السابق ، ص52. وأخيرا ما يمكن قولهفي هذه المسألة هو وجود اختلاف بين الجمعية التأسيسية والاستفتاء الدستوري، فالأوليتخذ قوته الإلزامية بمجرد صدوره عن الجمعية، فلا يشترط فيه عرضه على الشعب، وهذافعلا ما حدث سنة1946في فرنسا،بحيث الجمعية التأسيسية أقرها الدستور في مايو1946، وعرضهعلى الشعب، فرفض الموافقة " عليه مما أدى إلى إنشاء جمعية تأسيسية أخرى لصياغة المشروع من جديد وعرضه على الشعب في أكتوبر 1946 الذي وافق عليه. كما يجب التفرقة بين الاستفتاء الدستوري والاستفتاء السياسي، فقد تنتهج هذه الطريقة لترويض الشعب لقبول الأوضاع السائدة، فهو إقراري (بمعنى إقرار مشروع دستوري تضعه جمعية تأسيسية رغم اختلاف في تكوينها، كما حدث للدساتير الفرنسية (1793-1795-1946)، أو دستور ايرلندا الحرة سنة 1973. وليس كاشفا للإرادة الشعبية، فالشعب في هذا الموطن له دور سلبي، بحيث يستشار شكليا لتبييض وجه النظام الحاكم، كالاستفتاء بشأن إبقاء نابليون قنصلا عاما مدى الحياة و أول إستفتاء سنة 1804 بشأن توارث الإمبراطورية في سلالة نابليون "(1) " وقد أتبع هذا الدستور في وضع دستورنا لسنة 1976 ودستور ايطاليا لسنة 1948 والعديد من الدساتير الحديثة.كما تعتبر هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من غيرها، إلا أنها لكي تحقق تلك الميزة أهدافها يجب أن يكون الشعب واعيا ومدركا للعمل العظيم الذي يقوم به، ونظرا لصعوبة تحقيق هذه الأمنية فان على السلطة التي تريد مشاركة الشعب فعلا في اتخاذ القرارات الحاسمة أن تتجنب تقديم النصوص المعقدة له بل تقدمها فقط للبرلمان بشرط أن يكون برلمانا وليس هيئة فنية استشارية وتقتصر على تقديم المسائل البسيطة الواضحة على أن تسبقها حملة إعلامية وتنظم مناقشات حول الموضوع حتى يشعر الشعب بأنه شارك فعلا في وضع النص ولم يقتصر على تقديم استشارة " (2) . طريقة المعاهدات الدولية : بعض الدساتير يمكن أن ترجع في نشأتها إلى معاهدات دولية مثل الدستور البولندي لعام 1815 والدستور الألماني لعام 1871، حيث يكون الدستور مستمدا من معاهدة دولية. 1-د/ فوزي أوصديق : المرجع السابق ، ص 53. 2- د/ سعيد بو الشعير : نفس المرجع السابق ،ص 152 . المبحث الرابع : طرق وضع الدساتير الجزائرية . بعد أن تناولنا في هذه الدراسة أساليب نشأة الدساتير بصفة عامة، يصبح لزاماً أن نقدم نبذة موجزة عن تطور الدساتير الجزائرية ونشأته التي بدأت مراحلها عقب انتهاء الاستعمار الفرنسي الغاشم للجزائر، وجلاء قواته عن أراضيها. خلال ثلاثين سنة من الاستقلال عرفت الجزائر حياة دستورية مضطربة بين المشروعية والشرعية ازدادت تأزما بعد الثمانينات، ففكرة إنشاء المجلس الدستوري الجزائري تعود إلى ما بعد الاستقلال مباشرة، حيث تبناها المؤسس الدستوري في أول دستور للجمهورية الجزائرية، وهو الدستور الصادر في 08 سبتمبر 1963 وذلك تأثرا بالنظام القانوني الفرنسي، الذي يتبنى نظام الرقابة على دستورية القوانين عن طريق المجلس الدستوري. أما في الجزائر فقد عرفت دستورين برامج مشحونين بالإيديولوجية الاشتراكية سنة (1963 – 1976) ودستور قانون سنة (1989) وتعديل لهذا الأخير سنة (1996)، ويرجع ذلك إلى تباين الأوضاع السياسية والاقتصادية والقانونية لكل مرحلة من مراحل التجربة الدستورية الجزائرية، وخاصة في الفترة الممتدة بعد أحداث أكتوبر 1989. سنحاول التعرض لكل مرحلة. [/center] | |
|
ابــن الاسلام إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 101 الْمَشِارَكِات : 12744 النقاط/ : 22644 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| |
djamele7892 إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ : 10349 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: رد: بحث حول نشأة و نهاية الدساتير الثلاثاء مارس 08, 2011 2:09 am | |
| | |
|