القلعة بيد صلاح الدين
صلاح الدين يحرر القلعة في 26-29 تموز عام 1188م.بدأ صلاح الدين حملته
الكبرى ضد الصليبيين عام 1187م. وتغلغل في سوريا ووصل طرطوس علي الساحل
السورى في تموز ثم اتجه شمالاً مغادراً جبلة في 20 تموز، ودامت معركته
يومين للاستيلاء على اللاذقية ثم اتجه السلطان صلاح الدين على رأس جيشه
باتجاه القلعة يرافقه في تلك الحملة ابنه -الظاهر غازي- وجيشه كتب عنها
المؤرخين الذين صحبوه فقالوا: ’’وأخذنا على سمت صهيون وهو حصن يفوق الحصون
وطلبناه كما يطلب الدائن المديون، وكان الطريق إليه في أودية وشعاب ومنافذ
صعاب ومضائق غير رحاب وأوعاث وأوغار وأنجار وأغوار ، وقطعنا تلك الطريق في
يومين ووصلنا ليلة الثلاثاء بليلة الاثنين وخيمنا على صهيون ليلة
الثلاثاء..‘‘. وعلى الأغلب وصل الجيشان إلى الهضبة الشرقية المعروفة بجبل
التون، وقامت عناصر استطلاعية باطلاعها على الواجهة الجنوبية فاستحسن
القائد وابنه دخول القلعة من الواجهة الشمالية للقسم الغربي فالوادي هناك
قليل الإنحدار والصعود منه أسهل من أي مكان آخر والسور لم يكن من الضخامة
بحيث لا يمكن اختراقه وهو بالإضافة لذلك خالي من الأبراج الدفاعية في جزءه
الأكبر فكان أن قاد الملك الظاهر الهجوم من هذه الجهة ولإشغال أكبر عدد من
رجال الحامية الصليبية نصب السلطان منجنيقاته على الهضبة الشرقية في حين
نصب الملك الظاهر منجنيقان فقط على الواجهة الشمالية للقسم الغربي حيث نزل
إلى المكان الضيق من الوادي ونصب عليه المنجنيقات فرمى الحصن منه،
والمنجنيق آلة حربية سادت في القرون الوسطى واستعملت لرمي الحجارة عن بعد
إلى مسافة تزيد عن الألف متر، ويصل وزن بعض الحجارة إلى (300)كغ. مما سبب
أضراراً كبيرة بالسور في ذلك الموضع، ودامت المعركة يومي الأربعاء والخميس
وكان الهجوم العام للمسلمين يوم الجمعة حيث حررت القلعة وسلم حصن صهيون
بجميع أعماله وسائر ما حواه من ذخائر وأموال إلى الأمير’’ناصر الدين
منكورس‘‘ -أسد العرين- وأمير المجاهدين كما وصفه عماد الدين الذي حصّن
صهيون وجعله من أحسن الحصون، وبعد وفاة صلاح الدين أعلن ولاءه لإبن صلاح
الدين على أن تبقى صهيون له، وكان له علاقاته مع الدول الخارجية... وتتالت
خلافة أولاد منكورس بعد موته على الحكم في القلعة إلى أن سلمت للمماليك بعد
تصديهم للمغول في معركة عين جالوت.