ابــن الاسلام إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 101 الْمَشِارَكِات : 12744 النقاط/ : 22644 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: على أي أساس تقوم الأخلاق ؟ الأربعاء مارس 23, 2011 4:30 pm | |
| - اقتباس :
- على أي أساس تقوم الأخلاق ؟
و هل القيمة الخلقية نسبية أم مطلقة؟
مقدمة / إذا تأملنا تصرفات الناس ، نجد أن كل واحد من أفراد المجتمع يتصورالخير و الشر من زاوية مختلفة ، فما يراه العض خير و فضيلة ، يراه آخرون شر و رذيلة، فندرك أن هناك مشكل في الأخلاق يستدعي منا البحث و التأمل ، و لا يمكن أن نكونتصور واضح عن هذا المشكل الا بالنظر الى مواقف الفلاسفة : فهل القيمة الخلقية نسبيةمتغيرة أم مطلقة ثابتة ؟
طرح القضية الاولى / القيمة الخلقية نسبية و متغيرةلأن أساسها المنفعة و المجتمع و كلاهما متغير و نسبي الأساس النفعي ( مذهباللذة) / مصدر القيمة الخلقية (المنفعة) بمعنى أن الخير هو اللذة و الشر هو الالم والعبرة بالنتائج و ليس بالمبادئ ، و الدليل على ذلك واقعي حيث أن الناس يميلون الىاللذة و ينفرون من الألم بحكم طبيعتهم ..يقول أرستيب القورينائي Aristippe (435-355) مؤسس مذهب اللذة ، (اللذة صوت الطبيعة )، و يجب الحصول عليها بكل الطرق ،و أن إشباع الغرائز ضروري لأنها المحرك الأساسي للأفعال الإنسانية أبيقــــورEpicure يرى أن الخير في سكينة النفس ، فهي أفضل و أولى لأنها دائمةيمكن إحياؤها في الذاكرة كل مرة و هكذا نكون سعداء رغم ناء أجسامنا ، مثل لذةالمعرفة ، و المطالعة ، و المحبة و الصداقة ، و يدعو الى اجتناب اللذات التي تنتهيبألم ، مع قبول الألم الذي يؤدي إلى لذة بنتــــام Benthame حول اللذة إلىالمنفعة العامة ، فوضع بذلك مسلمتين للفعل الأخلاقي ، مسلمة فردية تقول بأن لكل فردالحق في الحكم على لذته ، و مسلمة جماعية تقول أن اللذة اذا اتحدت شروطها أصبحتواحدة بالنسبة للمجتمع ، فربط بنتام بين خير الفرد و خير الجماعة .و وضع سبعة أبعادلقياس اللذة و هي الشدة المدة النقاء الخصب القرب اليقين الامتداد أي شمول اللذةلأكبر عدد من الناس نفس المبدأ يدافع عنه ج س ميل J.S.Mill فالمنفعة هي المبدأالاخلاقي الذي يفضي الى تحقيق أكبر سعادة ممكنة ، فالخير ما هو نافع لنا و لغيرنا (المنفعة المتبادلة). كما اهتم ميل Mill بنوعية اللذات لا كميتها يقول " من الأفضلأن أكون إنسانا شقيا من ان أكون خنزيرا متلذذا" و ما دانت المنفعة متغيرة و مختلفةمن شخص لآخر كانت القيمة الخلقية نسبية الأساس الاجتماعي / إن أساس القيمالخلقية هو (المجتمع) ، فالخير ما يتماش مع العرف الاجتماعي ، و الشر ما يتنافى معه، هذا ما تراه المدرسة الوضعية مع اميل دوركايم ،E.Durckeime و ما يدعم هذا الموقفهو أن الفرد كائن اجتماعي بالطبيعة ، لا يستطيع العيش خارج الجماعة فهو بمثابةالجزأ من الكل ، انه مدين للمجتمع بكل مقوماته النفسية و العقلية و السلوكية ،يتأثر ببيئته ، و يتصرف حسب الجماعة التي ينتمي اليها فلولا الغير لما كان بحاجةالى أخلاق . إن الطفل يكون فكرته عن الخير و الشر بالتدريج اعتمادا على أوامر ونواهيأفراد مجتمعه ، سواء في الاسرة او المدرسة يقول دوركايم " عندما يتكلم ضميرنافان المجتمع هو الذي يتكلم فينا " بمعنى أن الضمير الفردي ما هو الا صدى للضميرالجمعي . و على هذا الأساس لا يمكن للفرد ان يبتكر لنفسه قيما و أخلاقيات بل يأخذهاجاهزة من المتجر الاجتماعي كما يأخذ ملابسه من النحل التجاري ، و يرى ليفي برول L.Bruhl أن الأخلاق ظاهرة اجتماعية ، تنضم العلاقة مع الغير و تمنح قوانينها للفردبواسطة التربية ، و الخير و الشر يتحددان بمدى اندماج الفرد في الجماعة أو عدماندماجه فيها . فالاندماج هو مقياس الخير ، وعدم الاندماج هو مقياس الشر . و بما أنلكل مجتمع عادات و تقاليد و نظم خاصة كانت القيمة الخلقية أيضا نسبية و متغيرة النقـــــــد/ رغم أن الناس تدفعهم طبيعتهم النفعية الى وضع المصلحة فوق كلاعتبار غير أن هذا ليس مبررا كافيا يجعل المنفعة مقياسا للسلوك الأخلاقي ، كونهاخاصية ذاتية تختلف باختلاف الميول و الرغبات ، فاذا خضع الناس لها اصطدمت مصالحهمبعضها البعض ، و عمت الفوضى في المجتمع فما ينفع البعض قد يضر بالبعض الآخر ، و ليسكل شيئ فيه لذة خير بالضرورة
للمجتمع تأثير في الفرد ، لكن هذا لا يعني أنكل ما يقوله المجتمع أخلاقي بالضرورة ، و الا كيف نفسر لجوء المصلحين إلى تغيير مافي مجتمعاتهم من عادات بالية و قوانين جائرة ، و كيف نفسر اختلاف أفراد المجتمعالواحد في أخلاقهـــــــــــــــــم.
طرح القضية الثانية / القيمة الخلقيةمطلقة و ثابتة لأن أساسها العقل و الشرع *الأساس العقلي / ان أساس القيمةالخلقية هو العقل ، فالخير ما يتطابق مع أحكام العقل ، و الشر ما يخضع لحكم الغرائزو الشهوات العمياء ، و يتعارض مع الواجب . قال أفلاطون " Platon ( الفضائل ثلاث: الحكمة فضيلة العقل ، و العفة فضيلة القوة الشهوانية ، و الشجاعة فضيلة القوةالغضبية ) و الحكمة رأس الفضائل كلها لأنها تحد من طغيان الشهوة و تلطف الغضبية ، واذا خضعت الالقوة الشهوانية للغضبية ، و الغضبية للعقل تحقق في النفس الانتظام والتناسب و يسمي أفلاطون حالة التناسب هذه بالعدالــــة. و ذهب الفيلسوفالالماني كانط Kant الى تقدير الفعل من خلال مبادئه و نيّة فاعله ، فالخير ما يسيربمقتضى الواجب الذي يمليه الضمير ، و يكون نابعا من الارادة الخيرة و الشر مايتعارض مع الواجب يقول ( أن القيمة الخلقية للفعل تكمن في مبدأ الارادة الخيرة ،بغض النظر عن ما ينتج عن الفعل من كسب أو خسارة ) : ، لذلك ميز كانط بين نوعين منالأوامر : الأمر الشرطي ، المرتبط بالمنافع ، فيفقد بذالك قيمته الخلقية كأن نقولقل الصدق حتى يثق فيك الناس ،. و الأمر المطلق (القطعي) المنزه من كل مبدأ نفعي ، والمستجيب لصوت الضمير يحمل الخير في ذاته كأن نقول كن صادقا . أو كن أمينا ، هوالواجب من اجل الواجب و لا يتغير مع النتائج ، إذ لا يعقل أن يصبح ذات يوم الصدق شر، و الكذب خير ، أو تصبح الأمانة رذيلة و الخيانة فضيلة ، فالأخلاق مبادئ ثابتة ومطلقة و عليه وضع كانط ثلاثة قواعد للسلوك الأخلاقي : ا- قاعدة التعميم : إعملكما لو كان عملك قانونا عاما فالبعض مثلا يرى في الكذب منفعة ، لكنه لن يكون أبداسلوكا أخلاقيا ، كونه لا يصلح للتعميم ، فاذا كنا نرفض الكذب علينا ، فمعنى ذلكلأنه لا ينبغي علينا أن نكذب حتى و لو كان الكذب في صالحنا . نفس الشيئ بالنسبةلجميع الأفعال ب- قاعدة الغائية / اعمل و كأنك تعامل الإنسانية في نفسك و غيرككغاية لا مجرد وسيلة ، فالواجب يأمرنا أن لا نجعل الانسان مهما كانت صفاته مجردأداة لتحقيق مصلحة ، فالشخص الذي يعطي وعودا كاذبة يتخذ الآخرين مجرد وسائل من أجلتحقيق رغبات و منافع معينة من غير أن يلتفت الى أن لهم حقوقا بصفتهم كائنات عاقلةيقول كانط( لو كانت سعادة البشرية متوقفة على قتل طفل بريئ لكان قتله سلوكا لاأخلاقيا ) ج- قاعدة التشريع / اعمل بحيث تكون إرادتك الحرة المشرعة للقانونالأخلاقي في جمهورية العقلاء ، و هذا يعني أن الواجب يقتضي منا أن نجعل من أفعالنامثالا يقتدى به ، و قانونا نؤسسه بإرادتنا لأنفسنا و لغيرنا باعتبارنا كائنات حرة وعاقلة ، اننا ندرك بعقلنا و نور ضميرنا لا بحكم اللذة و المصلحة أن الصدق و الإخلاصو الوفاء واجبات كونها أفعال خيرة في ذاتها و عند الالتزام بها نكون قد جعلناهاقانونا أخلاقيا .
الأساس الشرعي . ان أساس القيمة الخلقية هو الشرع . قالتعالى في سورة النحل ( و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيئ و هدى و رحمة و بشرىللمسلمين) فالخير إذن ما يستجيب لأوامر الشرع ، و الشرع ما يخالفها يقول الاشاعرة وهم أتباع ابي حسن الأشعري :الحسن ما حث الله عليه و رغب فيه ، و القبح ما نهى اللهعنه و رهب منه . إذن الخير و الشر يوجبهما الشرع لا العقل كما ادعت المعتزلة ،فالعقل بحكم قصوره و ضيق معرفته ، لا يستطيع الاهتداء الى الحق لوحده فكان لا بد أنيعتمد على الشرع قال تعالى في سورة الحشر ( و ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنهفانتهوا) و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تركت فيكم امرين ما ان تمسكتم بهمالن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و سنتي ) و ما دامت ارادة الله مطلقة ، و الرسولالكريم بعث للناس كافة ، و الاسلام دين يصلح لكل زمان و مكان كانت القيمة الخلقيةمطلقة و ثابتة و لا اختيار لإرادة الإنسان أمام الإرادة الإلهية
النقد / لاينكر أحد دور العقل في توجيه السلوك نحو الخير ، و اجتناب الشر ، لكن تجريد الفعلمن كل غاية أو منفعة قد يجعله جافا , غير مرغوب فيه ، فأخلاق الواجب مثالية للغاية، و صورية ، تهتم بالمبادئ المطلقة دون المعالات الخاصة ، لذلك لا يمكن للانسانالعادي الذي يتفاعل مع واقعه ، و تحركه الدوافع و الغايات أن يعمل بها ، و يرىالفيلسوف الالماني شوبنهاور و هو أحد تلامذة كانط( ان الواجب الكانطي قانون سلبي ،يصلح لعالم الملائكة لا لعالم البشر) النقد/ ان الشرع لم يلغ أبدا دور العقل فياستنباط الاحكام ، فهناك كثير من المسائل تظهر مع تطور الحياة الاجتماعية و العلميةتحتاج الى اجتهاد الرأي ، ووجود علم الفقه أحسن دليل على ذلك ، و في الاجتهاداختلاف و صدق نسبي .
التركيب / رغم اختلاف الفلاسفة في تحديد المعايير التيندرك بها الخير ، نرى أن هناك تكامل بنها ، فكلما وفق المرء بين مطالبه النفعية ، واحكامه العقلية و ما يقرره المجتمع من قوانين و قواعد سلوكية ، و ما أمر به الشرع وما نهى عنه ، كان صاحب هذا الفعل أكثر خلقا من غيره
الخاتمة/ و حل المشكلة : إنطلاقا من هذا التكامل في الأسس التي تبنى عليها القيمة الخلقية يمكن القول أنالأخلاق في مبادئها مطلقة وة ثابتة ، و في المعاملات تكون نسبية و متغيرة حسبالمقتضيات .و أن تبق ارادة الخير هي المسيطرة على جميع أفعالنا
أتمنىأن تفيدكم - بالتوفيق إن شاء الل | |
|
djamele7892 إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ : 10349 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: رد: على أي أساس تقوم الأخلاق ؟ الأربعاء مارس 23, 2011 4:38 pm | |
| | |
|