تمهيـد:
إن ما يدفعني إلى التعريف بهذه الشخصيات الأدبية الجزائرية
، ليس كونها غير معروفة ، فهي غنية عن كل تعريف ولا تحتاج العبد الفقير
مثلي كي يعرف بها أو يقدمها إلى الناس وقراء منتديات المعلم . ولكنه
العرفان والتقدير يدفعني إلى مثل هذه الكتابة على أمل أن تكون مختصرة
وموجزة .. أعرض فيها أهم ما يميز هذه الشخصيات التي صنعت التاريخ الأدبي
الجزائري في العصر الحديث .. وسيكون عرض هذه الشخصيات اعتباطا لا على أساس
معين ، وإنما هكذا كيفما اتفق ، وحسب تقديراتي الخاصة ..
وإنه من
المفيد أن نقدم الشكر الجزيل للأخ مصطفى الذي أشار بفتح هذه الصفحة وندعوه
كل الأعضاء للمشاركة في هذه المساحة ، والمساهمة في تقديم أدباء الجزائر
وشعرائها على أن يلتزم الأعضاء بما يلي :
1_ أن تكون الشخصية الأدبية جزائرية.
2_
أن يقدم موجزا مختصرا عن حياتها بأسلوب بسيط يعتمد على النقاط التالية : (
تارخ ومكان الولادة، ظروف التعلم والنشأة ، أهم الشهادات المتحصل عليها،
أهم الأعمال التي قام بها والمناصب التي شغلها ، ظروف الوفاة. وأخيرا أهم
الآثار التي تركها . مع تقديم نموذج من هذه الآثار .
هو واحد من أعلام الفكر و الأدب في الجزائر.
ولد
عام 1889م في قرية (سيدي عبد الله) بولاية سطيف.وهناك تلقى مبادئ علومه
على والده وعمه فحفظ القرآن ودرس بعض المتون في الفقه واللغة. رحل سنة
1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز ، وتابع تعليمه في
المدينة المنورة ، وتعرف على الشيخ ابن باديس هناك غادر الحجاز عام 1916
قــاصــداً دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع العلمي
.وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها.
وفى سنة 1920 غادر الإبراهيمي
دمشق إلى الجزائر ، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة (سطيف)
مسقط رأسه.وفي سنة 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فــكــرة إقامة جمعية
للعلماء المسلمين الجزائريين ، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي
نائباً لرئيسها ، وانــتــدب مـــن قِـبـل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر
الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية و
الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة ، وكان يحاضر في كل
مكان يصل إليه، وهــو الأديـــب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه
إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقـامــت قيامة
الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي
يلتمسون فـيـها إبعاد الشيخ الإبراهيمي ، ولكن الشيخ استمر في نشاطه ،
وبرزت المدارس العربية في وهران.
وفي عام 1939 نفته السلطات
الفرنسية إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن باديس سنة 1940انتخب
رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943،
ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة. وفى عام 1947 عادت مجلة
(البصائر) للصدور . وكان لهذه الجلةاهتمامات كبيرة منها ( قضية اللغة
العربية في الجزائر) و ( قضية التواجد الإستعماري ) و ( الدفاع عن قضية
فلسطين) .. وقد كان للإبراهيمي في ذلك كتابات حية وبصمات لا تموت.
عاش
الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر ، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان
قد حُوّل إلى كنيسة ، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه
الدولة بعد الاستقلال ؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: "إن الأسس النظرية
التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية
لا من مذاهب أجنبية".
تُوفي - رحمه الله - يوم الخميس في العشرين
من أيار (مايو) عام 1965. بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى
دينهم .[/justify][/color]
نموذج من نثره
خواطر عن الشباب الجزائري.
أتمثله
متساميا إلى معالي الحياة، عربيد الشباب في طلبها، طاغيا عن القيود
العائقة دونها، جامحا عن الأعنة الكابحة في ميدانها ، متقد العزمات ، تكاد
تحتدم جوانبه من ذكاء القلب ، وشهامة الفؤاد ، ونشاط الجوارح. أتمثله
مقداما على العظائم في غير تهور ، محجاما عن الصغائر في غير جبن، مقدرا
موضع الرجل قبل الخطو، جاعلا أول الفكر آخر العمل.
أتمثله واسع
الوجود ، لا تقف أمامه الحدود، يرى كل عربي أخا له أخوة الدم، وكل مسلم
أخا له أخوة الدين، وكل بشر أخا له أخوة الإنسانية، ثم يعطي لكل أخوة حقها
فضلا وعدلا.
أتمثله حلف عمل لا حليف بطالة، وحلس معمل لا حلس مقهى،
وبطل أعمال لا ماضغ أقوال، ومرتاد حقيقة لا رائد خيال . أتمثله مقبلا على
العلم والمعرفة والنفع ، إقبال النحل على الأزهار والثمار ، لتصنع الشهد
والشمع، مقبلا على الارتزاق إقبال النمل ، تجدُِّ لتجد، وتدخر لتفتخر، ولا
تبالي ، مادامت دائبة ، أن ترجع مرة منجحة ، ومرة خائبة.
أحب منه ما يحب القائل:
أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه كأن به عن كل فاحشة وقرا
وأهوى منه ما يهوى المتنبي:
وأهوى من الفتيان كل سميدعٍ أريب كصدر السمهري المقوَّمِ
خطت تحته العيس الفلاة وخالطت به الخيل كبّات الخميس العرمرم
يا شباب الجزائر: هكذا كونوا ... أو لا تكونوا
_مفدي زكريا
هو
الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى. الملقب
بمفدي زكريا. ولد يوم الجمعة 12 جمادى الأولى 1326هـ، الموافق لـ: 12
يونيو 1908م، ببني يزقن ، بغرداية ,في جنوب البلاد.وفي بلدته تلقّى دروسه
الأولى حيث حفظ القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربيّة. ثم رحل إلى تونس
والتحق ( بالمدرسة الخلدونية) ثم ( بجامع الزيتونة) وهناك تفتقت شاعريته.
ونال شهادتها. وبعد عودته إلى أرض الوطن . انضم إلى صفوف العمل السياسي
والوطني منذ أوائل الثلاثينات. فكان مناضلاً نشيطاً في صفوف جمعية طلبة
شمال إفريقيا المسلمين.و كان عضواً نشيطاً في حزب نجمة إفريقيا الشمالية.
وكان عضواً نشيطاً في حزب الشعب. ثم انضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطني
الجزائري. وشارك في النضا بقلمه فسجنته فرنسا بسبب ذلك خمس مرات، ابتداء
من عام 1937م، وفر من السجن عام 1959م.والتحق بصفوف جبهة التحرير في
الخارج و ساهم مساهمة فعالة في النشاط الأدبي والسياسي في كامل أوطان
المغرب العربي. و ألهب الحماس بقصائده الوطنية التي تحث على الثورة
والجهاد حتى لقب: بشاعر الثورة الجزائرية. فهو صاحب نشيد الثورة الجزائرية
و النشيد الوطني الجزائري المعروف "قسما". انتقل إلى رحمة الله تعالى في
أول رمضان عام 1397هـ الموافق 1977م بمدينة تونس.ونقلت جثمانه إلى أرض
الوطن ودفن بمسقط رأسه.
من إنتاجه الأدبي تحت ظلال الزيتون (ديوان شعر)
صدرت طبعته الأولى عام 1965م. واللهب المقدس (ديوان شعر) صدر في الجزائر
عام 1983م صدرت طبعته الأولى في عام 1973م. و من وحي الأطلس (ديوان شعر).
وإلياذة الجزائر (ديوان شعر).
وله عدد من دواوين الشعر لازالت مخطوطة
تنتظر من يقوم بإحيائها. بالإضافة إلى عدد ما الكتب النثرية أشهرها:
(الأدب العربي في الجزائر عبر التاريخ) في أربعة أجزاء . وكتــاب ( تاريخ
الصحافة العربية في الجزائر).
وتعتبر الإلياذة أشهر ما أبدع الشاعر
قدم من خلالها وصفا لحقائق التاريخ وتسجيلا لوقائع الأحداث، وتحذيرا من
كثير من المغبات.. وقد بلغ عدد أبياتها ألفا نظمها في مائة مقطوعة ، وفي
كل منها عشرة أبيات تنتهي بلازمة جميلة.
نموذج من شعره
القطع الأول من الإلياذة:
جزائر يا مطلع المعجــزات ** و با حجة الله في الكائنــــات
و يابسمة الرب في أرضـــه ** و يا وجهه الضاحك القسمات
و يا لوحة في سجل الخلـو د ** تموج بها الصور الحالمــات
و يا قصة بث فيها الوجـــود ** معاني السمو بروع الحيــــاة
و يا صفحة خط فيها البقـــآء ** بنار و نور جهاد الأبــــــــاة
و يا للبطولات تغزو الدنــــا ** و تلهمها القيم الخـــــــالدات
و أسطورة رددتها القــــرون ** فهاجت بأعماقنا الذكريـــات
و يا تربة تاه فيها الجـــــلال ** فتاهت بها القمم الشامخـــات
و أهوى على قدميها الزمان ** فأهوى على قدميها الطفـــــاة
شغلنا الورَى ، و ملأنا الدنا
بشعر نرتله كالصٌلاة
تسَابيحه من حَنايَا الجزائر
_مالك بن نبي( أستاذ الجيل)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ولد
في مدينة قسنطينة في الشرق الجزائري سنة 1905 م ، في أسرة فقيرة بين مجتمع
جزائري محافظ تخرج بعد سنوات الدراسة الأربع، في مدرسته التي اعتبرها
"سجناً يعلّم فيه كتابة "صك زواج أو طلاق" وتخرج سنة 1925م.
سافر
بعدها مع أحد أصدقائه إلى فرنسا حيث كانت له تجربة فاشلة فعاد مجددا إلى
مسقط رأسه. وبعد العودة تبدأ تجارب جديدة في الاهتداء إلى عمل، كان أهمها،
عمله في محكمة (آفلو) حيث وصل في (مارس 1927م)، احتك أثناء هذه الفترة
بالفئات البسيطة من الشعب فبدأ عقله يتفتح على حالة بلاده.
ثم أعاد
الكرة سنة 1930م و لكن هذه كانت رحلة علمية. حاول أولا الإلتحاق بمعهد
الدراسات الشرقية، إلا أنه لم يكن يسمح للجزائريين أمثاله بمزاولة مثل هذه
الدراسات. تركت هذه الممارسات تأثيرا في نفسه. فاضطّر للتعديل في أهدافه
وغاياته، فالتحق بمدرسة (اللاسلكي) للتخرج كمساعد مهندس، ممّا يجعل موضوعه
تقنياً خالصاً، بطابعه العلمي الصرف، على العكس من المجال القضائي
والسياسي.
ثم انغمس في الدراسة، وفي الحياة الفكرية، كما تزوج
فرنسية واختار الإقامة في فرنسا وشرع يؤلف، في قضايا العالم الإسلامي كله،
فكان سنة 1946 كتابه "الظاهرة القرآنية" ثم "شروط النهضة" 1948 الذي طرح
فيه مفهوم القابلية للاستعمار و"وجهة العالم الإسلامي" 1954م.
انتقل
إلى القاهرة بعد إعلان الثورة المسلحة في الجزائر سنة 1954م وهناك حظي
باحترام، فكتب "فكرة الإفريقية الآسيوية" 1956. وتشرع أعماله الجادة
تتوالى، وبعد استقلال (الجزائر) عاد إلى الوطن، فعين مديراً للتعليم
العالي الذي كان محصوراً في (جامعة الجزائر) المركزية، حتى استقال سنة
1967 متفرغاً للكتابة، بادئاً هذه المرحلة بكتابة مذكراته، بعنوان
عام"مذكرات شاهد القرن". قضى نحبه يوم 31 أكتوبر 1973م، في صمت معدماً،
محاصراً منسياً. رحمك الله يا مالك بن نبي
وتعتبر (مذكرات شاهد
القرن)، صورة عن نضال (مالك بن نبي) الشخصي في طلب العلم والمعرفة أولاً،
والبحث في أسباب الهيمنة الأوروبية ونتائجها السلبية المختلفة وسياسة
الاحتلال الفرنسي في الجزائر وآثاره، ممّا عكس صورة حية لسلوك المحتلين
الفرنسيين أنفسهم في (الجزائر) ونتائج سياستهم، ووجوهها وآثارها المختلفة:
الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.
أما آثاره الفكرية، فيمكن
القول أنه لم يكف عن التأليف منذ سنة 1946 حيث ألَّف أول كتاب له وهو
(الظاهرة القرآنية)، وتلاه برواية (لبَّيك) 1947 وهي رواية فلسفية، ثم
(شروط النهضة) 1948 ؛ (وجهة العالم الإسلامي) ؛ (الفكرة الأفروآسيوية)
1956 ؛ (مشكلة الثقافة) 1959 ؛ (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة) 1960
وهو أول كتاب كتبه مالك بن نبي بالعربية مباشرة بخلاف معظم كتبه التي
ألّفها بالفرنسية.
وفي عام 1960 كتب أيضاً كتابه (فكرة كومنولث
إسلامي) ؛ (ميلاد مجتمع) 1962 ؛ (إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر
الإسلامي) 1969؛ (مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي) ؛ (مذكرات شاهد
القرن) 1970؛ (المسلم في عالم الاقتصاد)، ونشر له بعد وفاته كتب (دور
المسلم ورسالته في القرن العشرين) 1977؛ (بين الرشاد والتيه) 1978، ولمالك
بن نبي آثار فكرية لم تطبع وهي في صورة مخطوطات مثل: (دولة مجتمع إسلامي)؛
(العلاقات الاجتماعية وأثر الدين فيها)؛ (مجالس تفكير) وغيرها.[/color]
نموذج من كتاباته
ما الحضارة؟
(أهي
من نور الكهرباء وصوت المذياع وما إلى هنالك من المنتجات الحضارية ؟ إنها
ليست في شيء من ذلك وحده. ليست في أن أحل مشكلة هنا ببناء مدرسة ومشكلة
أخرى ببناء مستشفى من غير أن يكون ذلك كله متوائماً مع توجيه لإمكاناتنا
نحو البناء في كل مكان وفي أهم مكان، أعني نحو البناء من داخل النفس بأن
تغير تلك النفس الساكنة المستكينة التي انفصلت عن المجتمع وأسلمته وأسلمت
نفسها إلى الجهل الذي نراه اليوم بيننا متفشياً ونرى أنه ينفع في علاجه
بناء مدرسة. والمرض الذي يتراءى لنا علاجه في بناء مستشفى الخ. فإن هذه
المشاكل الأخيرة والملحّة كلها سوف لا تجد حلها ببناء مدرسة للأولى
ومستشفى للثانية. إن حلّها بإصلاح الفساد في الرأس، ذلك المنبع الذي ما
زال يشيع الجهل والمرض وهي النفس الإنسانية. وحينئذ سوف يؤدي المستشفى
عمله على أتمه والمدرسة أيضاً