منتدى غارداية شبكة للتعليم نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


, لديك: 378 مساهمة .
آخر زيارة لك كانت في : الخميس يناير 01, 1970 .
 
الرئيسيةصـــفحة قرأنيةالمنشوراتأحدث الصوردخولالتسجيل
الاربعون النووية3 Fb110

 

 الاربعون النووية3

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
djamele7892
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
djamele7892


الجنس : ذكر السٌّمعَة السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ النقاط/ : 10349 العـمــر العـمــر : 34 الدولة : الاربعون النووية3 Jazaer10 المتصفح : الاربعون النووية3 Fmfire10

الاربعون النووية3 Empty
مُساهمةموضوع: الاربعون النووية3   الاربعون النووية3 Emptyالسبت أبريل 02, 2011 2:01 am




الحديث
الثالث والعشرون:


كُلُّ
خَيرٍ صَدَقة



عن
أبي مالكٍ الحارِثِ بنِ عاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ رضي اللهُ عنهُ قال : قال رسولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيَمانِ، والحمدُ لِلهِ تَمْلأُ
الْمِيزَانَ، وسُبْحانَ اللهِ والحمدُ لِلهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ - ما بَيْنَ
السَّماواتِ والأرضِ، والصَّلاةُ نورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِيَاءٌ،
والْقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ،
فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها". رواه مسلم.

مفردات
الحديث:



الطُّهور:
فعلٌ يترتب عليه رفع حَدَث - كالوضوء والغسل-، أو إزالة نجس، كتطهير الثوب والبدن
والمكان، أو المراد الوضوء فقط.


"شطر":
نصف.


"الحمد
لله": الثناء الحسن على الله تعالى لما أعطى من نِعَم، والمراد هنا : ثواب لفظ
الحمد لله.


"الميزان":
كِفَّة الحسنات من الميزان الذي توزن به أعمال العباد يوم
القيامة.


"سبحان
الله": تعظيم الله تعالى وتنزيهه عن النقائص، والمراد هنا ثواب لفظ سبحان
الله.


"الصلاة
نور": أي تهدي إلى فعل الخير كم يهدي النور إلى الطريق
السليم.


"برهان":
دليل على صدق الإيمان.


"الصبر":
حبس النفس عما تتمنى، وتحملها ما يشق عليها، وثباتها على الحق رغم
المصائب.


"ضياء":
هو شدة النور، أي بالصبر تنكشف الكُرُبات.


"حجة":
برهان ودليل ومرشد ومدافع عنك.


"يغدو":
يذهب باكراً يسعى لنفسه.


"بائع
نفسه": لله تعالى بطاعته، أو لشيطانه وهواه بمعصية اللهتعالى
وسخطه.


"مُعتقها":
مخلِّصها من الخِزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.


"موبقها":
مهلكها بارتكاب المعاصي وما يترتب عليها من الخزي والعذاب.

المعنى
العام :



الطهارة
وثوابها:
الطهارة
شرط لصحة العبادة، وعنوان محبة الله تعالى. فلقد بين صلى الله عليه وسلم،
مُطَمْئِناً المسلمين الخاشعين، أن ما يقوم به المؤمن من طهارة لبدنه وثوبه -
استعداداً لمناجاة ربه - أثر هام وبارز من آثار إيمانه، إذ يعبر به عن إذعانه
لأمره، واستجابته لندائه.{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: 6].وقال: {وثيابَكَ فَطَهِّر}[المدثر: 4]. فيقوم
ويحتمل المكاره، ليقف بين يدي الله تعالى نقياً تقياً، حسن الرائحة والسمت كما أحسن
الله خلقه، وقد وجبت له محبة الله عز وجل: {إن الله يُحب التوَّابين ويحبُّ
المتطهرين
}[البقرة: 222].


لقد
بَيَّن صلى الله عليه وسلم أن أجر الطهارة، من وضوء وغيره، يتضاعف عند الله تعالى
حتى يبلغ نصف أجر الإيمان، وذلك لأن الإيمان يمحو ما سبقه من الخطايا الكبيرة
والصغيرة، والطهارة - وخاصة الوضوء - تمحو ما سبقها من خطايا صغيرة، فكانت كنصف
الإيمان.


روى
مسلم، عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأحسنَ
الوضوءَ خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره".


والإيمان
تنظيف للباطن من الأدران المعنوية، كالشرك بالله تعالى والنفاق وما أشبه ذلك،
والطُّهور تنظيف للظاهر من الأدران الحسية.


من
خصال الإيمان:

الوضوء من خصال الإيمان الخفية، التي لا يُحافظ عليها إلا المؤمن، قال عليه الصلاة
والسلام: "لن يُحافظَ على الوضوء إلا مؤمن" رواه ابن ماجه والحاكم. لأنه أمر غير
ظاهر، إلى جانب ما فيه من المكاره، ولذا كان المحافظ عليه أسبق إلى دخول
الجنة.


روى
ابن خزيمة في صحيحه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبحَ يوماً فدعا بلالاً
فقال: "يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة ؟ إني دخلت البارحة الجنة، فسمعت خشخشتك
أمامي" فقال بلال : يا رسول الله، ما أذَّنْتُ قط إلا صَلَّيْتُ ركعتين، ولا أصابني
حدث قط إلا توضأت عنده. فقال صلى الله عليه وسلم: "لهذا".


ذِكْرُ
الله تعالى وشكره:

إن التعبير عن شكر الله عز وجل بالإكثار من ذكره، ولا سيما بما ورد عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم من صيغ وألفاظ، يملأ ثوابه كفة ميزان الأعمال الصالحة يوم
القيامة، ففي مسند أحمد رحمه الله تعالى، عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله اصطفى من الكلام أربعاً : سبحان الله،
والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كُتبت له عشرون
حسنة وحُطَّتْ عنه عشرون سيئة، ومن قال : الله أكبر مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا
الله مثل ذلك، ومن قال : الحمد لله مثل ذلك، ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل
نفسه كُتبت له ثلاثون حسنة، وحُطَّت عنه ثلاثون سيئة".


فمن
عبر عما سبق بلسانه، معتقداً بما تلفظ بملء قلبه ونفسه، مستحضراً لمعانيها بفكره
وعقله، فإنه ينال جزاءً عظيماً، لو كان يقاس بالمساحات ويقدر بالأحجام لَسَدَّ ما
بين السماوات والأرض، وكان له سُلَّماً يصعد عليه إلى درجات
العلى.


اطمئنان
القلب:

لا بد حال الذكر من استحضار القلب وفهم المعاني ما أمكن، حتى يكون لذلك أثر في نفس
المسلم، فيطمئن قلبه ويستقيم سلوكه : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ
قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ
}[الرعد: 28].


الإكثار
من الذكر:
المؤمن
في حاجة ماسة إلى اطمئنان قلبه واستقرار نفسه، ولذا لابد له أن يكثر من ذكر الله عز
وجل، حتى يكون دائماً على صلة به، معتمداً عليه، مستمداً لعونه ونصرته، طالباً
لعفوه ومغفرته، حتى يذكره الله تعالى في ملكوته، فيشمله بفضله ورحمته، ويُسَلِّكه
مسالك الهدى والحق:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا
كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ
وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
}[الأحزاب:41-43].


بكرة
وأصيلاً: عند طلوع الشمس وعند ميلانها للغروب والمراد : جميع
الأوقات.


الصلاة
نور:
الصلاة
فريضة محكمة وركن أساسي من أركان الإسلام، وهي - كما بين صلى الله عليه وسلم - نور
مطلق تدل صاحبها على طريق الخير، وتمنعه من المعاصي، وتهديه سبيل الاستقامة، قال
تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: 45] فهي نور معنوي يستضاء به في طرق الهداية والحق، كما يُستضاء
بالضياء المادي إلى الطريق القويم والسلوك السليم، وهي تكسب المسلم الهيبة والبهاء
في الدنيا، كما تشع النور على وجهه يوم القيامة: {نُورُهُمْ يَسْعَى
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
} [التحريم: 8]. وقال تعالى:
{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}[الفتح:
29].


الصلاة
صلة العبد بربه، ومناجاته لخالقه، ولهذا كانت قرة عين المتقين، يجدون فيها الراحة
والسكينة والأمن، وكان صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه -أمر أي: أصابه- قال: "يا
بلال أقم الصلاة، وأرحنا بها" رواه أبو داود.


الصدقة
برهان:

البرهان هو الشعاع الذي يلي وجه الشمس، ومنه سميت الحجة القاطعة برهاناً لوضوح
دلالتها على ما دلت عليه.


فكذلك
الصدقة برهان على صحة الإيمان، وطيب النفس بها علامة على وجود الإيمان
وطعمه.


طهارة
وصدق:
المسلم
الطاهر النظيف من الأوساخ المادية، المعبر عن شكره لله بقوله، مؤدياً حق الله في
عبادته، طاهر نظيف من الأوساخ المعنوية، ومن أبرزها الشح والبخل، فالمسلم أبداً سخي
كريم، سَمْحٌ جَوَادٌ، فلا يجتمع بخل وإيمان في قلب امرئ واحد، قال تعالى:
{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: 9].


الصبر
ضياء:

الضياء هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق، كضياء الشمس، بخلاف القمر فإنه
نور محض فيه إشراق بغير إحراق، وكان الصبر ضياء لأنه شاق على النفوس، يحتاج إلى
مجاهدة النفس وحبسها وكفها عما تهواه.


الصبر
طريق النصر:

لا يزال المسلم على صواب ما استمر في صبره، وذلك أن الإنسان يعيش في الدنيا تحوفه
الشدائد، وتحيط به المصائب، وكل ذلك يحتاج إلى ثبات وقوة، وإلا تلاشى الإنسان وضاع،
وما أكثر ما يحتاج المسلم في حياته إلى الصبر، فالطاعة تحتاج إلى صبر، وترك المعصية
يحتاج إلى صبر، وتحمل المكاره والمصائب يحتاج إلى صبر، ولذلك كان التخلق بالصبر قوة
لا تساويها قوة، ونوراً عظيماً لا يزال صاحبه مستضيئاً به، مهتدياً إلى الحق
مستمراً على الصواب.


القرآن
حجة:
المسلم
منهاجه القرآن، وإمامه كتاب الله تعالى: يهتدي بهديه، ويأتمر بأمره، وينتهي بنهيه،
ويتخلق بأخلاقه، فمن فعل ذلك انتفع بالقرآن إذا تلاه، وكان دليلاً له يدله على
النجاة في الدنيا وبرهاناً يدافع عنه يوم القيامة، ومن تنكب الطريق وانحرف عن
تعاليم القرآن، كان القرآن خصمه يوم القيامة.


شفاء
المؤمن وداء الكافر والمنافق:

والمؤمن يجد في كتاب الله تعالى شفاء له من الأدواء المادية والمعنوية، كلما قرأه
وتدبره أشرقت روحه، وانشرح صدره، وسرى سر الحياة في عروقه. وغير المؤمن إذا سمع
القرآن اضطرب وغمت نفسه، وظن أن الهلاك نازل به. قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ
الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا
} [الإسراء: 82].

طريق
الجنة:

يختم صلى الله عليه وسلم توجيهاته الرائعة وعظاته الباهرة ببيان أصناف الناس، إذ
الناس جميعاً يصبحون كل يوم ويمسون، ولكنهم ليسوا على حالة واحدة، فهناك من قضى
ليله أو نهاره في طاعة الله سبحانه وتعالى ومرضاته، يلتزم الصدق في معاملته مع الله
عز وجل ومع الناس، فأنقذ نفسه من الهلاك وخلصها من العذاب، فهو حر النفس، حر الفكر
والعقل، حر الإرادة، لم يقبل قيمة لنفسه إلا الجنة الخالدة والنعيم الأبدي المقيم.
وهناك من قضى ليله أو نهاره في معصية الله تعالى، ومخالفة أوامره في شؤونه العامة
والخاصة، مع الله تعالى ومع الخلق، فأهلك نفسه وأوردها المخاطر، وباعها بثمن بخس:
شقاء في الدنيا وسجن في جحيم أبدي في العقبى، إذ كان أسير شهوته وهواه، وطوع شيطانه
ونفسه: "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها". كل إنسان : إما ساع في هلاك
نفسه أو في فكاكها، فمن سعى في طاعة الله فقد باع نفسه لله وأعتقها من عذابه، ومن
سعى في معصية الله تعالى فقد باع نفسه بالهوان وأوقعها بالآثام الموجبة لغضب الله
عز وجل وعقابه. قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا
فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ
دَسَّاهَا
} [الشمس: 7 - 10]. والمعنى: قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله، وخاب من
زجها في المعاصي.


شهادة
مقبولة منجية:
ويستعين
المؤمن على عتق نفسه من النار بصقل إيمانه وتمتين يقينه بذكر الله تعالى. قال صلى
الله عليه وسلم: "من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك
وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك
ورسولك. أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار، ومن
قالها ثلاثاً أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار، فإن قالها أربعاً أعتقه الله من
النار". رواه أبو داود. وذلك أن هذه الشهادة تبعث في نفسه خشية الله عز وجل،
والرغبة في طاعته والرهبة من معصيته، فتكون سبباً في بعده عن النار وقربه من رضوان
الله عز وجل.

ومما
يرشد إليه الحديث:



أن
الأعمال توزن، ولها خفة وثقل، دل على ذلك نصوص الكتاب والسنة، وعليه إجماع
الأمة.


المحافظة
على الصلوات بأوقاتها، وأدائها كاملة بأركانها وواجباتها وسننها وآدابها، بعد تحقق
شروطها كاملة.


الإكثار
من الإنفاق في وجوه الخير، والمسارعة إلى سد حاجة الفقراء والمعوزين، والبحث عن
الأرامل واليتامى والفقراء المعففين والإنفاق عليهم، لتكون الصدقة خالصة لوجهه
تعالى.


الصبر
على الشدائد، وخاصة على ما ينال المسلم نتيجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والدعوة إلى الله تعالى.


القرآن
دستور المسلم، فعليه الإقبال على تلاوته مع تفهم معناه والعمل
بمقتضاه.


المسلم
يسعى لأن يستفيد من وقته وعمره في طاعة الله عز وجل، ولا يشغل نفسه إلا بمولاه
سبحانه، وما يعود عليه بالنفع في معاشه ومعاده.



الحديث
الرابع والعشرون:


تَحْرِيمُ
الظُّلْمِ

عن
أبي ذَرٍّ الْغِفاريِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يَرْويهِ
عن رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ أَنَّهُ قال: " يا عِبادي إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ على
نَفْسِي وَ جعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فلا
تَظَالَمُوا.

يا
عِبادي كُلُّكُمْ ضالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فاسْتَهدُوني
أهْدِكُمْ.

يا
عِبادِي كُلُّكُمْ جائعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ، فاسْتَطْعِمُوني
أُطْعِمْكُم.

يا
عِبادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فاسْتكْسوني
أَكسُكُم.

يا
عِبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بالليْلِ والنَّهارِ، وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَميعاً، فاسْتَغْفِرُوني أُغْفِر لكُمْ.

يا
عِبادِي إِنَّكُمْ لنْ تبْلغُوا ضَرِّي فتَضُرُّوني، ولن تبْلُغُوا نفْعي
فَتَنْفعُوني.

يا
عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانُوا عَلَى
أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ واحدٍ مِنْكُمْ ما زادَ ذلك في مُلْكي
شَيئاً.

يا
عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانُوا عَلَى
أَفْجرِ قَلْبِ وَاحدٍ مِنْكُمْ ما نَقَصَ مِنْ مُلْكي
شَيئاً.

يا
عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجنَّكُمْ قاموا في صَعِيدٍ،
فَسَأَلُوني، فأَعْطَيْتُ كلَّ واحدٍ مَسْأَلَتَهُ ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِنْدِي
إلا كما يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ الْبَحْرَ.

يا
عِبادِي إنَّما هي أعمَالكُمْ أُحْصِيها لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاها، فَمَنْ
وَجَدَ خيْراً فَلْيَحْمَدِ اللهَ، ومَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلك فَلا يَلومَنَّ إلا
نَفْسَهُ" رواه مسلم.

مفردات
الحديث:



"حرمت
الظلم": الظلم لغة: وضع الشيء في غير محله. وهو مجاوزة الحد أو التصرف فيحق الناس
بغير حق. وهو مستحيل على الله تعالى. ومعنى حرمت الظلم على نفسي : أي لا يقع مني،
بل تعاليت عنه وتقدست.


"ضال":
غافل عن الشرائع قبل إرسال الرسل.


"إلا
من هديته": أرشدته إلى ما جاء به الرسل ووفقته إليه.


"فاستهدوني":
اطلبوا مني الهداية.


"صعيد
واحد": أرض واحدة ومقام واحد.


"المِخْيط":
بكسر الميم وسكون الخاء، الإبرة.


"أُحصيها
لكم": أضبطها لكم بعلمي وملائكتي الحفظة.


"أوفيكم
إياها": أوفيكم جزاءها في الآخرة.

المعنى
العام:



تحريم
الظلم على الله:
ولفظ
الحديث صريح في أن الله عز وجل منع نفسه من الظلم لعباده: "إني حرمت الظلم على
نفسي"، وهو صريح في القرآن الكريم أيضاً، قال تعالى: {وما أنا بظلامٍ
للعبيد
}.


تحريم
الظلم على العباد:

حرم الله عز وجل الظلم على عباده، ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم، فحرم على كل
إنسان أن يظلم غيره، مع أن الظلم في نفسه محرم مطلقاً. و الظلم
نوعان:


الأول:
ظلم
النفس، وأعظمه الإشراك بالله، قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم}، لأن المشرك
جعل المخلوق في منزلة الخالق وعبده مع الله تعالى المنزه عن
الشريك.


ويلي
ظلم الإشراك بالله المعاصي والآثام الصغيرة والكبيرة، فإن فيها ظلماً للنفس
بإيرادها موارد العذاب والهلاك في الدنيا والآخرة.


الثاني
:

ظلم الإنسان لغيره، وقد تكرر تحريمه والتحذير منه في أحاديث النبي صلى الله عليه
وسلم، ففي الصحيحين، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : "إن الظلم ظلمات يوم القيامة".


الافتقار
إلى الله:
والخلق
كلهم مفتقرون إلى الله في جلب المصالح ودفع المضار في الدنيا والآخرة، فهم في حاجة
ماسة إلى هداية الله ورزقه في الدنيا وهم بحاجة إلى رحمة الله ومغفرته في الآخرة،
والمسلم يتقرب إلى الله عز وجل بإظهار الحاجة والافتقار، وتتجلى عبوديته الحقة لله
رب العالمين في إحدى الصور الثلاث التالية:


أولاً:
بالسؤال، والله سبحانه وتعالى يحب أن يُظْهِرَ الناسُ حاجتهم لله وأن يسألوه جميع
مصالحهم الدينية والدنيوية: من الطعام والشراب والكسوة، كما يسألونه الهداية
والمغفرة.


ثانياً:
بطلب الهداية.


ثالثاً:
بالامتثال الكامل، وذلك باجتناب كل ما نهى الله تعالى عنه، وفعل كل ما أمر الله
تعالى به.



الحديث
الخامس والعشرون:


فضلُ
اللهِ تعَالى وَسَعَةُ رحْمَتِه



عن
أبي ذَرٍّ رضي اللهُ عنه: "أَنَّ ناساً من أَصْحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قالوا لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ، ذَهَب أَهْلُ الدُّثورِ
بالأُجورِ، يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُون
بِفضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ: "أوَ ليسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا
تَصَدَّقُونَ ؟ إنَّ لَكُمْ بكلِّ تَسْبيحَةٍ صَدَقَةً، وكُلِّ تَكْبِيرَةٍ
صَدَقَةً، وكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٍ
بِالْمَعرُوفِ صَدَقَةً، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةً، وفي بُضْعِ أحَدِكُمْ
صَدَقَةً. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتي أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ
لَهُ فِيهَا أجرٌ ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَها في حَرَامٍ، أَكَانَ عَليْهِ
وزْرٌ ؟ فَكَذلِكَ إذَا وَضَعَها في الْحَلاَلِ كانَ لَهُ أَجْرٌ ". رواه
مسلم.

مفردات
الحديث:



"أن
أناساً": الأناس والناس بمعنى واحد، وهؤلاء الناس هم فقراء
المهاجرين.


"الدثور":
جمع دَثْر، وهو المال الكثير.


"فضول
أموالهم": أموالهم الزائدة عن كفايتهم وحاجاتهم.


"تصدقون":
تتصدقون به.


"تسبيحة":
أي قول: سبحان الله.


"تكبيرة":
قول: الله أكبر.


"تحميدة":
قول: الحمد لله.


"تهليلة"
: قول: لا إله إلا الله.


"صدقة":
أجر كأجر الصدقة.


"بُضع":
البُضع: الجماع.


"شهوته":
لذته.


"وزر"
: إثم وعقاب.

المعنى
العام:




"يا
رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور". لقد حاز أصحاب الأموال والغنى كل أجر وثواب،
واستأثروا بذلك دوننا، وذلك أنهم "يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم". فنحن وإياهم
في ذلك سواء، ولا ميزة لنا عليهم، ولكنهم يفضلوننا ويتميزون علينا، فإنهم "يتصدقون
بفضول أموالهم" ولا نملك نحن ما نتصدق به لندرك مرتبتهم، ونفوسنا ترغب أن نكون في
مرتبتهم عند الله تعالى، فماذا نفعل ؟.


الحكمة
البالغة وأبواب الخير الواسعة:

يدرك المصطفى صلى الله عليه وسلم لهفة هؤلاء وشوقهم إلى الدرجات العلى عند ربهم،
ويداوي نفوسهم بما آتاه الله تعالى من حكمة، فيطيب خاطرهم ويلفت أنظارهم إلى أن
أبواب الخير واسعة، وأن هناك من الأعمال ما يساوي ثوابُه ثوابَ المتصدق، وتُدَاني
مرتبةُ فاعله مرتبةَ المنفق، إن لم تزد عليها في بعض
الأحيان.


"أو
ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ " بلى إن أنواع الصدقات بالنسبة إليكم كثيرة، منها
ما هو إنفاق على الأهل، ومنها ما هو ليس بإنفاق، وكل منها لا يقل أجره عن أجر
الإنفاق في سبيل الله عز وجل.


فإذا
لم يكن لديكم فضل مال، فسبحوا الله عز وجل وكبروه واحمدوه وهللوه، ففي كل لفظ من
ذلك أجر صدقة، وأي أجر ؟


وروى
أحمد والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي العباد أفضل عند الله يوم
القيامة ؟ قال: "الذاكرون الله كثيراً ".


دعوة
الخير صدقة على المجتمع:

وكذلكم: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واسع ومفتوح، وأجر من يقوم بهذا الفرض
الكفائي لا يقل عن أجر المنفق المتصدق، بل ربما يفوقه مراتب كثيرة : "كل معروف
صدقة" رواه مسلم. {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
}[آل عمران: 110].


سعة
فضل الله عز وجل:

وأيضاً فقد جعل الله عز وجل لكم أجراً وثواباً تنالونه كل يوم وليلة إذا أخلصتم
النية وأحسنتم القصد: أليس أحدكم ينفق على أهله وعياله: "ونفقة الرجل على أهله
وزوجته وعياله صدقة". رواه مسلم، و "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا
أجرت عليها، حتى اللقمة ترفعها إلى فيه امرأتك" متفق عليه. أي تطعمها إياها. بل
أليس أحدكم يعاشر زوجته ويقوم بواجبه نحوها، ليعف نفسه ويكفها عن الحرام، ويحفظ
فرجه ويقف عند حدود الله، ويجتنب محرماته التي لو اقترفها كان عليه إثم وعقاب ؟
فكذلك له أجر وثواب، حتى ولو ظن أنه يُحَصِّل لذته ويُشبع شهوته، طالما أنه يُخلص
النية في ذلك، ولا يقارب إلا ما أحلّ الله تعالى له.


ومن
عظيم فضل الله عز وجل على المسلم: أن عادته تنقلب بالنية إلى عبادة يؤجر عليها،
ويصير فعله وتركه قربة يتقرب بها من ربه جل وعلا، فإذا تناول الطعام والشراب المباح
بقصد الحفاظ على جسمه والتقوِّي على طاعة ربه، كان ذلك عبادة يثاب عليها، ولا سيما
إذا قارن ذلك ذكر الله تعالى في بدء العمل وختامه، فسمى الله تعالى في البدء، وحمده
وشكره في الختام.


وكذلك:
يربو الأجر وينمو عند الله عز وجل للمسلم الذي يكف عن محارم الله عز وجل، ولا سيما
إذا جدّد العهد في كل حين، واستحضر في نفسه أنه يكف عن معصية الله تبارك وتعالى
امتثالاً لأمره واجتناباً لما نهى عنه،طمعاً في ثوابه وخوفاً_من عقابه وتحقق فيه
وصف المؤمنين الصادقين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ
اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ
إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
}[الأنفال:
2].


أبواب
الخيركثيرة:

ولا تقتصر أبواب الخير والصدقات على ما ذكر في الحديث، فهناك أعمال أخرى يستطيع
المسلم القيام بها ويحسب له فيها أجر الصدقة. وفي الصحيحين : "تكف شَرَّك عن الناس
فإنها صدقة" وعند الترمذي: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة .. وإفراغك دلوك في دلو أخيك
لك صدقة".

ما
يستفاد من الحديث




استعمال
الحكمة في معالجة المواقف، وإدخال البشرى على النفوس، وتطييب
الخواطر.


فضيلة
الأذكار المشار إليها في الحديث، وأن أجرها يساوي أجر الصدقة لمن لا يملك مالاً
يتصدق به ولا سيما بعد الصلوات المفروضة.


استحباب
الصدقة للفقير إذا كان لا يُضَيِّق على عياله ونفسه، والذكر للغني ولو أكثر من
الإنفاق، استزادة في الخير والثواب.


التصدق
بما يحتاج الإنسان إليه للنفقة على نفسه أو أهله وعياله مكروه، وقد يكون محرماً إذا
أدى إلى ضياع من تجب عليه نفقتهم.


الصدقة
للقادر عليها ولمن يملك مالاً أفضل من الذكر.


فضل
الغني الشاكر المنفق والفقير الصابر المحتسب.


أهمية
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المسلم.


حسن
معاشرة الزوجة والقيام بحقها بما يحقق سكن نفسها ورغد عيشها، وكذلك حسن معاشرة
الزوج اعترافاً بفضله وشكراً لإحسانه.


الحث
على السؤال عما ينتفع به المسلم ويترقى به في مراتب الكمال.


للمستفتي
أن يسأل عما خفي عليه من الدليل، إذا علم من حال المسؤول أنه لا يكره ذلك، ولم يكن
فيه سوء أدب.


بيان
الدليل للمتعلم، ولاسيما فيما خفي عليه، ليكون ذلك أثبت في قلبه وأدعى إلى
امتثاله.


مشروعية
القياس وترتيب الحكم إلحاقاً للأمر بما يشابهه أو يناظره.





الحديث
السادس والعشرون:


الإصلاحُ
بَينَ النَاس


والعدل
فيهم



عن
أَبي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عنه قال: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ
سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ:
تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وتُعين الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ
عليها أو تَرْفَعُ لهُ متَاَعَهُ صَدَقَةٌ، والْكَلِمةُ الطَّيِّبةُ صَدَقَةٌ،
وبكُلِّ خَطْوَةٍ تَمشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأَذَى عنِ
الطَّرِيِق صَدَقَةٌ". رواه البخاري ومسلم.

مفردات
الحديث:



"سلامى":
السلامى: عظام الكف والأصابع والأرجل، والمراد في هذا الحديث جميع أعضاء جسم
الإنسان ومفاصله.


"تعدل
بين اثنين": تحكم بالعدل بين متخاصمين.


"وتعين
الرجل في دابته": وفي معنى الدابة السفينة والسيارة وسائر ما يحمل
عليه.


"فتحمله
عليها": أي تحمله، أو تعينه في الركوب، أو في إصلاحها.


"وبكل
خطوة": الخطوة : بفتح الخاء: المرة من المشي، وبضمها: بُعْدُ ما بين
القدمين.


"وتميط
الأذى": بفتح التاء وضمها: تزيل، من ماط وأماط: أزال. والأذى: كل ما يؤذي المارَّة
من حجر أو شوك أو قذر.

المعنى
العام:



لقد
خص النبي صلى الله عليه وسلم السُّلاَمِيَّات بالذِّكر في حديثه، لما فيها من تنظيم
وجمال، ومرونة وتقابل، ولذا هدد الله عز وجل وتوعد كل معاند وكافر بالحرمان منها
بقوله: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}[القيامة:
4] أي أن نجعل أصابع يديه ورجليه مستوية شيئاً واحداً، كخف البعير وحافر الحمار،
فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً، كما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل من فنون
وأعمال.


الشكر
على سلامة الأعضاء:

إن سلامة أعضاء جسم الإنسان، وسلامة حواسه وعظامه ومفاصله، نعمة كبيرة تستحق مزيد
الشكر لله تعالى المنعم المتفضل على عباده. وقال سبحانه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ
}[التكاثر: 8] قال ابن عباس: النعيم: صحة
الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد: فيم استعملوها، وهو أعلم بذلك منهم،
وهو قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا
}[الإسراء: 36].


وقال
ابن مسعود: النعيم الأمن والصحة. وأخرج الترمذي وابن ماجه "أن أول ما يُسأل العبد
عنه يوم القيامة فيقول الله: ألم نُصِحَّ لك جسمك ونرويك من الماء
البارد".


ومع
هذا فإن كثيراً من الناس_ يغفلون عن هذه النعم العظيمة، ويتناسَون ما هم فيه من
سلامة وصحة وعافية، ويهملون النظر والتأمل في أنفسهم، ومن ثَمَّ يقصرون في شكر
خالقهم.


أنواع
الشكر:
إن
شكر الله تعالى على ما أعطى وأنعم يزيد في النعم ويجعلها دائمة مستمرة، قال تعالى:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: 7]، ولا يكفي أن يكون الإنسان شاكراً بلسانه، بل لا بد مع القول من
العمل، والشكر المطلوب واجب ومندوب:


فالشكر
الواجب:
هو
أن يأتي بجميع الواجبات، وأن يترك جميع المحرمات، وهو كاف في شكر نعمة الصحة وسلامة
الأعضاء وغيرها من النعم.


والشكر
المستحب:

هو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات، وهذه درجة
السابقين المقربين في شكر الخالق عز وجل، وهي التي تُرشد إليها أكثر الأحاديث
الواردة في الحث على الأعمال وأنواع القربات.


أنواع
الصدقات:



العدل
بين المتخاصمين والمتهاجرين:
ويكون
ذلك بالحكم العادل، وبالصلح بينهما صلحاً جائزاً لا يُحِلُّ حراماً ولا يُحَرِّم
حلالاً، وهو من أفضل القربات وأكمل العبادات، قال الله تعالى: {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ
}[الحجرات:
10] وقال سبحانه:{لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمرَ بصدقةٍ أو معروفٍ أو
إصلاح
}والإصلاح بين المتخاصمين أو المتهاجرين صدقة عليهما، لوقايتهما
مما يترتب على الخصام من قبيح الأقوال والأفعال، ولذلك كان واجباً على الكفاية،
وجاز الكذب فيه مبالغة في وقوع الأُلفة بين المسلمين.


إعانة
الرجل في دابته:
وذلك
بمساعدته في شأن ما يركب، فتحمله أو تعينه في الركوب، أو ترفع له متاعه، وهذا العمل
الإنساني فيه صدقة وشكر، لما فيه من التعاون والمروءة.


الكلمة
الطيبة:

وتشمل: تشميت العاطس: والبدء بالسلام ورده، والباقيات الصالحات: {إليه يصعدُ
الكَلِمُ الطِّيبُ والعملُ الصالحُ يرفعه
}[فاطر: 10] وحسن الكلام مع
الناس، لأنه مما يفرح به قلب المؤمن، ويدخل فيه السرور، هو من أعظم
الأجر.


والكلمة
الطيبة بالتالي تشمل الذكر والدعاء، والثناء على المسلم بحق، والشفاعة له عند حاكم،
والنصح والإرشاد على الطريق، وكل ما يسر السامع ويجمع القلوب
ويؤلفها.


المشي
إلى الصلاة:

وفي ذلك مزيد الحث والتأكيد على حضور صلاة الجماعة والمشي إليها لإعمار المساجد
بالصلوات والطاعات، كالاعتكاف والطواف، وحضور دروس العلم
والوعظ.


إماطة
الأذى عن الطريق:
وهي
تنحية كل ما يؤذي المسلمين في طريقهم من حجر أو شوك أو نجاسة، وهذه الصدقة أقل مما
قبلها من الصدقات في الأجر والثواب، ولو التزم كل مسلم بهذا الإرشاد النبوي، فلم
يرم القمامة والأوساخ في غير مكانها المخصص لها، وأزال من طريق المسلمين ما يؤذيهم،
لأصبحت البلاد الإسلامية أنظف بقاع الأرض وأجملها على
الإطلاق.


صلاة
الضحى تجزئ في شكر سلامة الإعضاء:
روى
مسلم عن النبي_صلى الله عليه_وسلم قال: " يُصبح على كل سُلامى أحدكم صدقة، فكل
تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف
صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئُ من ذلك ركعتا الضحى يركعهما"، وأقلُّ صلاة الضحى
ركعتان، وأكثرها ثمان، ويسن أن يسلم من كل ركعتين، ووقتها يبتدئ بارتفاع الشمس قدر
رمح، وينتهي حين الزوال.


حمد
الله تعالى على نعمه شكر :

روى أبو داود والنسائي، عن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: "من قال حين يُصبح :
اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك
الشكر. فقد أدى شكر ذلك اليوم، ومن قال حين يُمسي، فقد أدَّى شكرَ
ليلته".


إخلاص
النية لله تعالى في جميع الصدقات:

إن خلوص النية لله تعالى وحده في جميع أعمال البر والصدقات المذكورة في هذا الحديث
وغيره شرط في الأجر والثواب عليها، قال الله تعالى:

{لا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ
أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ
اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
}[النساء: 114].


ليس
المراد من الحديث حصر أنواع الصدقة بالمعنى الأعم فيما ذكر فيه، بل التنبيه على ما
بقي منها، ويجمعها كل ما فيه نفع للنفس أو غيرها من خَلْقِ
الله.

وختاماً
فإن هذا الحديث يُفيد

إنعام
الله تعالى على الإنسان بصحة بدنه وتمام أعضائه، وأن عليه شكر الله كل يوم على كل
عضو منها، وأن من الشكر: عمل المعروف، وإشاعة الإحسان، ومعاونة المضطر، وحسن
المعاملة، وإسداء البر، ودفع الأذى، وبذل كل خير إلى كل إنسان، بل إلى كل مخلوق،
وهذا كله من الصدقات المتعدية.


ومن
الصدقات القاصرة: أنواع الذكر والتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والاستغفار،
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتلاوة القرآن، والمشي إلى المساجد، والجلوس
فيها لانتظار الصلاة أو لاستماع العلم والذكر، ومن ذلك: اكتساب الحلال والتحري فيه،
ومحاسبة النفس على ما سلف من أعمالها، والندم والتوبة من الذنوب السالفة، والحزن
عليها، والبكاء من خشية الله عز وجل، والتفكير في ملكوت السماوات والأرض، وفي أمور
الآخرة وما فيها من الجنة والنار والوعد والوعيد





الحديث
السابع والعشرون:


الِبرُّ
والإِثْمُ





عن
النّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضيَ اللهُ عَنْهُ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ
يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ". رواه مسلم.


وعن
وَابصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رضي اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم فَقَالَ: "جِئْتَ تَسأَلُ عَنِ الْبِرِّ ؟". قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ:
"اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ
إلَيْهِ الْقَلْب، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في النَّفْسِ وَتَردَّدَ في الصَّدْرِ وَإنْ
أَفْتَاكَ النّاسُ وَأَفْتَوْكَ".


حَدِيثٌ
حَسَنٌ رُوِيْنَاهُ في مُسْنَدَي الإِمامَيْنِ: أَحمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ،
وَالدَّارِميِّ بإسْنَادٍ حَسَنٍ.



مفردات
الحديث:



"البر":
بكسر الباء، اسم جامع للخير وكل فعل مرضي.


"حسن
الخلق": التخلق بالأخلاق الشريفة.


"والإثم":
الذنب بسائر أنواعه.


"ما
حاك في النفس": ما لم ينشرح له الصدر ولم يطمئن إليه القلب.

المعنى
العام:



فسَّر
النبي صلى الله عليه وسلم البر في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه بحسن
الخلق،وفسَّره في حديث وابصة بما اطمأنت إليه النفس والقلب، وتعليل هذا الاختلاف
الوارد في تفسير البر : أنه يطلق ويراد منه أحد اعتبارين
مُعَيَّنَيْن:

أ-
أن يراد بالبر معاملة الخَلْق بالإحسان إليهم، وربما خُصَّ بالإحسان إلى الوالدين،
فيقال بر الوالدين، ويطلق كثيراً على الإحسان إلى الخَلْق
عموماً.

ب-
أن يراد بالبر فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة، قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ
الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ
}[البقرة:
177].


معرفة
الحق من الفطرة:

إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب"،
دليل على أن الله سبحانه وتعالى فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وقبوله،
ورَكَزَ في الطباع محبته، قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على
الفطرة".


علامتا
الإثم:

للإثم علامتان: علامة داخلية، وهي ما يتركه في النفس من اضطراب وقلق ونفور وكراهة،
لعدم طمأنينتها إليه، قال صلى الله عليه وسلم: "الإثم ما حاك في
النفس".


وعلامة
خارجية، وهي كراهية اطلاع وجوه الناس وأماثلهم الذين يستحي منهم، بشرط أن تكون هذه
الكراهية دينية، لا الكراهية العادية.

الفتوى
والتقوى:

يجب على المسلم أن يترك الفتوى إذا كانت بخلاف ما حاك في نفسه وتردد في صدره، لأن
الفتوى غير التقوى والورع، ولأن المفتي ينظر للظاهر، والإنسان يعلم من نفسه ما لا
يعلمه المفتي، أو أن المستنكر كان ممن شرح الله صدره، وأفتاه غيره بمجرد ظن أو ميل
إلى هوى من غير دليل شرعي، فإن الفتوى لا تزيل الشبهة.


أما
إذا كانت الفتوى مدعمة بالدليل الشرعي، فالواجب على المسلم أن يأخذ بالفتوى وأن
يلتزمها، وإن لم ينشرح صدره لها، ومثال ذلك الرخصة الشرعية، مثل الفطر في السفر
والمرض، وقصر الصلاة في السفر ..


كما
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
}[الأحزاب: 36]. وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا
والتسليم.


معجزة
الرسول صلى الله عليه وسلم:

في حديث وابصة معجزة كبيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخبره بما في نفسه
قبل أن يتكلم به، فقال له:"جئت تسأل عن البر ؟"


إنزال
الناس منازلهم:

لقد أحال النبي صلى الله عليه وسلم وابصة على إدراكه القلبي، وعلم أنه يدرك ذلك من
نفسه، إذ لا يدرك إلا من كان متين الفهم قوي الذكاء نيِّر القلب، أما غليظ الطبع
الضعيف الإدراك فلا يجاب بذلك، لأنه لا يتحصل منه على شيء، وإنما يجاب بالتفصيل عما
يحتاج إليه من الأوامر والنواهي الشرعية.

ما
يستفاد من الحديث




يرشد
الحديث إلى التخلق بمكارم الأخلاق، لأن حسن الخلق من أعظم خصال
البر.


قيمة
القلب في الإسلام واستفتاؤه قبل العمل.


أن
الدين وازع ومراقب داخلي، بخلاف القوانين الوضعية، فإن الوازع فيها
خارجي.


إن
الدين يمنع من اقتراف الإثم، لأنه يجعل النفس رقيبة على كل إنسان مع
ربه.



الحديث
الثامن والعشرون:


لزومُ
السُّنَّة واجتنابُ البِدَع



عن
أبي نَجيحٍ الْعِرْباضِ بنِ سارِيَةَ رضي اللهِ عنه قال: وَعَظَنَا رسولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنها الْقُلُوبُ، وذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ،
فَقُلْنا: يا رسول اللهِ، كأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فأَوْصِنا. قال:
"أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، والسَّمْعِ والطَّاعَةِ، وإن تَأَمَّرَ
عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً،
فَعَليْكُمْ بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا
عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كلَّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَةٌ" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

أهمية
الحديث:



هذا
الحديث اشتمل على وصية أوصاها الرسول صلوات الله وسلامه عليه لأصحابه وللمسلمين
عامة من بعده، وجمع فيها الوصية بالتقوى لله عز وجل، والسمع والطاعة للحكام
المسلمين، وفي هذا تحصيل سعادة الدنيا والآخرة. كما أوصى الأمة بما يكفل لها النجاة
والهدى إذا اعتصمت بالسنة ولزمت الجادة، وتباعدت عن الضلالات
والبدع.

مفردات
الحديث:



"موعظة":
من الوعظ، وهو التذكير بالعواقب.


"وَجِلَتْ":
بكسر الجيم: خافت.


"ذرفت":
سالت.


"الراشدين":
جمع راشد، وهو من عرف الحق واتبعه.


"النواجذ":
جمع ناجذ، وهو آخر الأضراس الذي يدل ظهوره على العقل، والأمر بالعض على السنة
بالنواجذ كناية عن شدة التمسك بها.


"محدثات
الأمور": الأمور المحدثة في الدين، وليس لها أصل في الشريعة.


"بدعة":
البدعة لغة: ما كان مخترعاً على غير مثال سابق، وشرعاً: ما أُحدث على خلاف أمر
الشرع ودليلِهِ.


"ضلالة":
بُعْدٌ عن الحق.

المعنى
العام:



صفات
الموعظة المؤثرة:

حتى تكون الموعظة مؤثرة، تدخل إلى القلوب، وتؤثر في النفوس، يجب أن تتوفر فيها
شروط:


انتقاء
الموضوع:

فينبغي أن يعظ الناس، ويذكرهم ويخوفهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، بل ينتقي
الموضوع بحكمة ودراية مما يحتاج إليه الناس في واقع حياتهم، ولا شك أن غالب خطب
الجمع والأعياد أصبحت اليوم وظيفة تؤدي لا دعوة تُعْلَن وتُنْصَر، فتسهم من غير قصد
في زيادة تنويم المسلمين، وإيجاد حاجز كثيف بين منهج الإسلام، وواقع الحياة ومشاكل
العصر.


البلاغة
في الموعظة:
والبلاغة
في التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من
الألفاظ الدالة عليها، وأحلاها لدى الأسماع وأوقعها في
القلوب.


عدم
التطويل:
لأن
تطويل الموعظة يؤدي بالسامعين إلى الملل والضجر، وضياع الفائدة المرجوة، وقد كان
النبي صلى الله عليه وسلم يقصر خطبه ومواعظه ولا يطيلها، بل كان يُبَلِّغ ويُوجِز،
ففي صحيح مسلم عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله
عليه وسلم فكانت صلاته قصداً، وخُطبته قصداً".


اختيار
الفرصة المناسبة والوقت الملائم:

ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يديم وعظهم، بل كان يتخولهم بها
أحياناً.


قال
عبد الله بن مسعود: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة كراهة
السآمة علينا".


صفات
الواعظ الناجح:



أن
يكون مؤمناً بكلامه، متأثراً به.


أن
يكون ذا قلب ناصح سليم من الأدناس، يخرج كلامه من قلبه الصادق فيلامس
القلوب.


أن
يطابق قوله فعله، لأن السامعين لموعظته، المعجبين بفصاحته وبلاغته، سيرقبون أعماله
وأفعاله، فإن طابقت أفعاله أقواله اتبعوه وقلدوه، وإن وجدوه مخالفاً أو مقصراً فيما
يقول شَهَّروا به وأعرضوا عنه.


فضل
الصحابة وصلاح قلوبهم:

إن الخوف الذي اعترى قلوب الصحابة، والدموع التي سالت من عيونهم عند سماع موعظة
النبي صلى الله عليه وسلم، دليل على فضل وصلاح، وعلو وازدياد في مراقي الفلاح
ومراتب الإيمان.


الوصية
بالتقوى :

التقوى هي امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، من تكاليف الشرع، والوصية بها اعتناء
كبير من النبي صلى الله عليه وسلم، لأن في التمسك بها سعادةَ الدنيا والآخرة، وهي
وصية الله تعالى للأولين والآخرين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا
اللَّهَ
}[النساء : 131].


الوصية
بالسمع والطاعة:

والسمع والطاعة لولاة الأمور من المسلمين في المعروف واجب أوجبه الله تعالى في
قرآنه حيث قال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ
مِنْكُمْ
}[النساء: 59] ولذلك أفرد النبي صلى الله عليه وسلم الوصية
بذلك. [انظر الحديث 7 النصيحة لأئمة المسلمين]


لزوم
التمسك بالسنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين:

والسنة هي الطريق المسلوك، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم
وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال. وقد قرن النبي صلى الله عليه
وسلم سُنَّة الخلفاء الراشدين بسنته، لعلمه أن طريقتهم التي يستخرجونها من الكتاب
والسنة مأمونة من الخطأ. وقد أجمع المسلمون على إطلاق لقب الخلفاء الراشدين
المهديين على الخلفاء الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم
أجمعين.


التحذير
من البدع:
وقد
ورد مثل هذا التحذير في الحديث الخامس الخاص:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو
ردّ". فانظره.


ويرشد
الحديث

إلى
سنة الوصية عند الوداع بما فيه المصلحة، وسعادة الدنيا
والآخرة.


النهي
عما أُحدث في الدين مما ليس له أصل يستمد منه.

الحديث
التاسع والعشرون:


أبوابُ
الخَير ومسالك الهدى


عن
معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنَة
ويُبَاعِدُني عن النار. قال: "لقد سألتَ عن عظيمٍ، وإنه ليسيرٌ على من يَسَّرَهُ
اللهُ تعالى عليه : تَعْبُدُ الله لا تُشركُ به شيئاً، وتُقيمُ الصلاة،وتُؤتي
الزكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتَحجُّ البيتَ".ثم قال: " ألا أَدُلُّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
djamele7892
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
djamele7892


الجنس : ذكر السٌّمعَة السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ النقاط/ : 10349 العـمــر العـمــر : 34 الدولة : الاربعون النووية3 Jazaer10 المتصفح : الاربعون النووية3 Fmfire10

الاربعون النووية3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاربعون النووية3   الاربعون النووية3 Emptyالسبت أبريل 02, 2011 2:19 am

الحديث
الثاني والثلاثون:


نفي
الضرر في الإسلام

عن
أبي سَعِيدٍ سَعْدِ بن سِنَانٍ الخُدْرِي رضي اللهُ عنه: أنَّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ ".

حديث
حسن، رواه ابن ماجه والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرُهما مسنَداً .

أهمية
الحديث:




قال
أبو داود السِّجِسْتَاني :إنه من الأحاديث التي يدور الفقه
عليها.

المعنى
العام:


المنفي
هو الضرر لا العقوبة والقصاص
:
المراد بالضرر في الحديث هو ما كان بغير حق، أما إدخال الأذى على أحد يستحقه - كمن
تعدى حدود الله تعالى فعوقب على جريمته، أو ظلم أحداً فعومل بالعدل وأوخذ على ظلمه
- فهو غير مراد في الحديث لأنه قصاص شرعه الله عز وجل.

بل
من نفي الضرر أن يُعَاقَبَ المجرم بِجُرمه ويؤخذ الجاني بجنايته، لأن في ذلك دفعاً
لضرر خطير عن الأفراد والمجتمعات.

لا
تكليف في الإسلام بما فيه ضرر، ولا نهي عما فيه نفع:
إن
الله تعالى لم يكلف عباده فعل ما يضرهم ألبتة، كما أنه سبحانه لم ينههم عن شيء فيه
نفع لهم، ففيما أمرهم به عين صلاحهم في دينهم ودنياهم، وفيما نهاهم عنه عين فساد
معاشهم ومعادهم. قال تعالى: {قلْ أمرَ ربِّي بالقِسْطِ} [ الأعراف: 29]
وقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ
} [الأعراف: 33].

رفع
الحرج:
من
نفي الضرر في الإسلام رفع الحرج عن المكلف، والتخفيف عنه عندما يوقعه ما كُلِّف به
في مشقة غير معتادة، ولا غرابة في ذلك فإن هذا الدين دينُ التيسير، قال الله
تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وقال:
{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [ البقرة:
286].


ومن
أمثلة التخفيف عن المكلف عند حصول المشقة:


التيمم
للمريض وعند عسر الحصول على الماء.


الفطر
للمسافر والمريض [ انظر الفقه: باب التيمم والصيام ]


انظار
المدين المعسر: من استدان في مباح لِأَجَل ولم يتمكن من الوفاء، وجب على دائنه
تأخير مطالبته إلى حال يساره، قال تعالى:{وإن كان ذو عُسرةٍ فَنَظِرَةٌ
إلى مَيْسَرَةٍ
} [البقرة:280] وقرر الفقهاء هنا أنه لا يُلزم بقضاء ما عليه مما
في خروجه من ملكه ضرر عليه، كثيابه ومسكنه وخادمه المحتاج إليه، وكذلك ما يحتاج
للتجارة بل ليحصل على نفقة نفسه وعياله.

مظاهر
الضرر:

قد يتجلى قصد الضرر في نوعين من التصرفات:


تصرفات
ليس للمكلف فيها غرض سوى إلحاق الضرر بغيره، وهذا النوع لا ريب في قبحه
وتحريمه.

تصرفات
يكون للمكلف فيها غرض صحيح مشروع، ولكن يرافق غرضه أو يترتب عليه إلحاق ضرر
بغيره.





الحديث
الثالث والثلاثون:


أُسُسُ
القضاء في الإسلام


عن
ابن عَبَّاسٍ رضي اللُه عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يُعْطَى
النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أموالَ قَوْمٍ ودِماءَهُمْ لَكِنْ
البَيِّنَةُ على المُدَّعِى والْيَمينُ على من أَنْكَرَ". حديث حسَنٌ، رَوَاهُ
الْبَيْهقي وغيرُهُ هكذا، وبَعْضُهُ في الصحِيحَين.

أهمية
الحديث:



قال
شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: وهذا الحديث أصل من أصول الأحكام، وأعظم مرجع عند
التنازع والخصام.

المعنى
العام:



سموُّ
التشريع الإسلامي:

الإسلام منهج متكامل للحياة، فيه العقيدة الصافية، والعبادة الخالصة، والأخلاق
الكريمة، والتشريع الرفيع، الذي يضمن لكل ذي حق حقه، ويصون لكل فرد دمه وماله
وعرضه، ولما كان القضاء هو المرجع والأساس في فصل المنازعات وإنهاء الخصومات،
والحكم الفصل في إظهار الحقوق وضمانها لأصحابها، وضع له الإسلام القواعد والضوابط
التي تمنع ذوي النفوس المريضة من التطاول والتسلط، وتحفظ الأمة من العبث والظلم،
وخير مثال على ذلك حديث الباب، الذي يشرط ظهور الحجج لصحة الدعوى ومضائها، ويقرر ما
هي حجة كل من المتداعيين المناسبة له، والتي يعتمد عليها القاضي في تعرف الحق
وإصدار الحكم على وفقه.





الحديث
الخامس والثلاثون:


أخُوَّةُ
الإِسلامِ وحُقوقُ المُسْلِم



عن
أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسوُل الله صلى الله عليه وسلم : "لا
تَحَاسَدُوا، ولا تَنَاجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبعْ
بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوَاناً، المُسْلمُ أَخُو
المُسْلمِ: لا يَظْلِمُهُ، ولا يَكْذِبُهُ، ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى ههُنا -
ويُشِيرُ إلى صَدْرِه ثَلاثَ مَرَّاتٍ - بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أن
يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمِ، كُلُّ المُسْلِمِ على الْمسْلِم حَرَامٌ: دَمُهُ
ومالُهُ وعِرْضُهُ" رواه مسلم.



أهمية
الحديث:



لا
يقتصر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بتأكيد الأخوة الإسلامية على رفعها كشعار،
بل يحيطها بأوامر ونواهٍ تجعلها حقيقة ملموسة بين أفراد المجتمع المسلم، وهذا
الحديث اشتمل على أحكام كثيرة وفوائد عظيمة لبلوغ هذه الغاية الإسلامية النبيلة،
وحمايتها من كل عيب أو خلل حتى لا تصبح الأخوة كلاماً يهتف به الناس، وخيالاً
يحلمون به ولا يلمَسُون له في واقع حياتهم أي أثر، ولذلك قال النووي في " الأذكار"
عن هذا الحديث: وما أعظم نفعه، وما أكثر فوائده.

المعنى
العام:



النهي
عن الحسد:



تعريفه:
الحسد لغة وشرعاً: تمني زوال نعمة المحسود، وعودها إلى الحاسد أو إلى غيره. وهو
خُلُقٌ ذميم مركوز في طباع البشر، لأن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من
الفضائل.


حكمه:
أجمع الناس من المشرعين وغيرهم على تحريم الحسد وقبحه.


حكمة
تحريمه: أنه اعتراض على الله تعالى ومعاندة له، حيث أنعم على غيره، مع محاولته نقض
فعله تعالى وإزالة فضله.


أقسام
أهل الحسد:


قسم
يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل.


وقسم
آخر من الناس، إذا حسد غيره لم يبغ على المحسود بقول ولا
بفعل.


وقسم
ثالث إذا وجد في نفسه الحسد سعى في إزالته، وفي الإحسان إلى المحسود بإبداء الإحسان
إليه والدعاء له ونشر فضائله، وفي إزالة ما وجد له في نفسه من الحسد حتى يبدله
بمحنته، وهذا من أعلى درجات الإيمان، وصاحبه هو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما
يحب لنفسه.


النهي
عن النجش:



تعريفه:
تضمن الحديث النهي عن النجش، وهو أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه،
ولا رغبة له في شرائها، بل يقصد أن يضر غيره.


وحكمه:
حرام إجماعاً على العالم بالنهي، سواء كان بمواطأة البائع أم لا، لأنه غش وخديعة،
وهما محرمان، ولأنه ترك للنصح الواجب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غشنا
فليس منا"، وفي رواية:"من غشَّ ". [رواه مسلم].


أما
حكم عقد البيع من النجش:
فقد
اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: إنه فاسد، وهو رواية عن أحمد اختارها طائفة من
أصحابه. وأكثر الفقهاء على أن البيع صحيح مطلقاً، إلا أن مالكاً وأحمد أثبتا
للمشتري الخيار إذا لم يعلم بالحال وغُبِنَ غبناً فاحشاً يخرج عن العادة، فإن اختار
المشتري حينئذ الفسخ فله ذلك، وإن أراد الإمساك فإنه يحط ما غبن به من
الثمن.


النهي
عن التباغض:



تعريفه:
البغض هو النفرة من الشيء لمعنى فيه مستقبح، ويرادفه الكراهة. وقد نهى النبي صلى
الله عليه وسلم المسلمين عن التباغض بينهم في غير الله تعالى، فإن المسلمين إخوة
متحابون، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: 10].

حكمه:
وهو لغير الله حرام.


تحريم
ما يوقع العداوة والبغضاء:

حرم الله على المؤمنين ما يوقع بينهم العداوة والبغضاء، فحرم الخمر والميسر، قال
تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ
}[المائدة: 91] وحَرَّم
الله المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء، ورَخَّصَ في الكذب في
الإصلاح بين الناس.


النهي
عن التدابر:
التدابر
هو المصارمة والهجران، وهو حرام إذا كان من أجل الأمور الدنيوية، وهو المراد بقوله
صلى الله عليه وسلم _ في البخاري ومسلم عن أبي أيوب _ "لا يَحِلُّ لمسلم أن
يَهْجُرَ أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ
بالسلام".


أما
الهجران في الله، فيجوز أكثر من ثلاثة أيام إذا كان من أجل أمر ديني، وقد نص عليه
الإمام أحمد، ودليله قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا في عزوة تبوك، وأمر النبي صلى الله
عليه وسلم بهجرانهم خمسين يوماً، تأديباً لهم على تخلفهم، وخوفاً عليهم من النفاق.
تنظر القصة كاملة في السيرة.

كما
يجوز هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى الأهواء والمبادئ الضالة. ويجوز هجران
الوالد لولده، والزوج لزوجته، وما كان في معنى ذلك تأديباً، وتجوز فيه الزيادة على
الثلاثة أيام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر نساءه
شهراً.


النهي
عن البيع على البيع:

وقد ورد النهي عنه كثيراً في الحديث، وصورته أن يقول الرجل لمن اشترى سلعة في زمن
خيار المجلس أو خيار الشرط: افسخ لأبيعك خيراً منها بمثل ثمنها، أو مثلها بأنقص،
ومثل ذلك الشراء على الشراء، كأن يقول للبائع: افسخ البيع لأشتري منك بأكثر، وقد
أجمع العلماء على أن البيع على البيع والشراء على الشراء
حرام.


قال
النووي: وهذا الصنيع في حالة البيع والشراء، صنع آثم، منهي
عنه.


أما
السوم على السوم: فهو أن يتفق صاحب السلعة والراغب فيها على البيع، وقبل أن يعقداه
يقول آخر لصاحبها: أنا أشتريها بأكثر، أو للراغب: أنا أبيعك خيراً منها بأقل ثمناً،
فهو حرام كالبيع على البيع والشراء على الشراء، ولا فرق في هذا بين الكافر والمؤمن،
لأنه من باب الوفاء بالذمة والعهد.


والحكمة
في تحريم هذه الصورة ما فيها من الإيذاء والإضرار، وأما بيع المزايدة وهو البيع ممن
يزيد فليس من المنهي عنه، لأنه قبل الاتفاق والاستقرار، وثبت أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم عرض بعض السلع وكان يقول: "من يزيد ؟".


الأمر
بنشر التآخي:

يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بنشر التآخي بين المسلمين فيقول: "وكونوا عباد الله
إخواناً "، أي اكتسبوا ما تصيرون به إخواناً من ترك التحاسد والتناجش والتباغض
والتدابر وبيع بعضكم على بعض، وتعاملوا فيما بينكم معاملة الإخوة ومعاشرتهم في
المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير مع صفاء القلوب. ولا تنسوا أنكم
عباد الله، ومن صفة العبيد إطاعة أمر سيدهم بأن يكونوا كالإخوة متعاونين في إقامة
دينه وإظهار شعائره، وهذا لا يتم بغير ائتلاف القلوب وتراص الصفوف، قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِهِمْ
}[الأنفال: 62-63].


ولابد
في اكتساب الأخوة من أداء حقوق المسلم على المسلم، كالسلام عليه، وتشميته إذا عطس،
وعيادته إذا مرض، وتشييع جنازته، وإجابة دعوته، والنصح له.


ومما
يزيد الأخوة محبة ومودة الهدية والمصافحة، ففي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : "تهادَوا فإن الهدية تذهب وَحَرَ الصدر" أي غشه
وحقده.


واجبات
المسلم نحو أخيه:



تحريم
ظلمه : فلا يُدخل عليه ضرراً في نفسه أو دينه أو عرضه أو ماله بغير إذن شرعي، لأن
ذلك ظلم وقطيعة محرَّمة تنافي أخوة الإسلام.


تحريم
خذلانه: الخذلان للمسلم محرم شديد التحريم، لا سيما مع الاحتياج والاضطرار قال الله
تعالى: {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ}[الأنفال: 72] وروى أبو داود: "ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلماً في موضع تنتهك
فيه حرمته وينتقص من عرضه إلا خذله الله في موضع يحب نصرته".


والخذلان
المحرم يكون دنيوياً، كأن يقدر على نصرة مظلوم ودفع ظالمه فلا يفعل. ويكون دينياً،
كأن يقدر على نصحه عن غيه بنحو وعظ فلا يفعل.


تحريم
الكذب عليه أو تكذيبه: ومن حق المسلم على المسلم أن يصدق معه إذا حدثه، وأن يصدقه
إذا سمع حديثه، ومما يُخِلّ بالأمانة الإسلامية أن يخبره خلاف الواقع، أو يحدثه بما
يتنافى مع الحقيقة، وفي مسند الإمام أحمد عن النواس بن سمعان، عن النبي صلى الله
عليه وسلم: "كَبُرَت خيانة أن تُحَدِّث أخاك حديثاً هو لك مُصَدِّقٌ وأنت به
كاذب".


تحريم
تحقيره: يحرم على المسلم أن يستصغر شأن أخيه المسلم وأن يضع من قدره، لأن الله
تعالى لما خلقه لم يحقره بل كرمه ورفعه وخاطبه وكلفه، فاحتقاره تجاوز لحد الربوبية
في الكبرياء، وهو ذنب عظيم. والاحتقار ناشئ من الكبر.


التقوى
مقياس التفاضل وميزان الرجال:
التقوى
هي اجتناب عذاب الله بفعل المأمور وترك المحظور، والله سبحانه وتعالى إنما يكرم
الإنسان بتقواه وحسن طاعته، لا بشخصه أو كثرة أمواله. فالناس يتفاوتون عند الله في
منازلهم حسب أعمالهم، وبمقدار ما لديهم من التقوى.


ومكان
التقوى: القلب، قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ
تَقْوَى الْقُلُوبِ
} [ الحج: 32]. وإذا كانت التقوى في القلوب فلا يطلع أحد على
حقيقتها إلا الله. كما أن الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى، إنما تحصل بما يقع
في القلب من عظيم خشية الله ومراقبته.


فقد
يكون كثير ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراب من التقوى،
ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبه مملوء من التقوى، فيكون أكرم عند الله تعالى،
ولذلك كان التحقير جريمة كبرى، لأنه اختلال في ميزان التفاضل وظلم فادح في اعتبار
المظهر، وإسقاط التقوى التي بها يوزن الرجال.


حرمة
المسلم:

للمسلم حرمة في دمه وماله وعرضه، وهي مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بها في
المجامع العظيمة، فإنه خطب بها في حجة الوداع: يوم النحر، ويوم عرفة، ويوم الثاني
من أيام التشريق وقال: "إن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في
شهركم هذا في بلدكم هذا ...".


وهذه
هي الحقوق الإنسانية العامة التي يقوم عليها بناء المجتمع المسلم الآمن، حيث يشعر
المسلم بالطمأنينة على ماله، فلا يسطو عليه لص أو يغتصبه غاصب، والطمأنينة على
عرضه، فلا يعتدي عليه أحد، وحفاظاً على ذلك كله شرع الله تعالى القصاص في النفس
والأطراف، وشرع قطع اليد للسارق، والرجم أو الجلد للزاني
الأثيم.


ومن
كمال الحفاظ على حرمة المسلم عدم إخافته أو ترويعه، ففي سنن أبي داود : أخذ بعض
الصحابة حَبْلَ آخرَ ففزع، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يُرَوع
مسلماً "، وروى أحمد وأبو داود والترمذي: " لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعباً ولا
جاداً ". وفي البخاري ومسلم: "لا يتناجى اثنان دون الثالث فإنه يُحزنه" وفي رواية:
"فإن ذلك يؤذي المؤمن والله يكره أذى المؤمن".



الحديث
السادس والثلاثون:


جَوَامع
الخَيْرِ


عن
أبي هُرَيْرَة رضي اللهُ عنه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((
مَنْ
نَفَّسَ عَنْ مُؤمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ
كُرْبَةً من كُرَبِ يوْمِ القيامَةِ، ومَنْ يَسَّرَ على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ
عليه في الدنْيا والآخِرَةِ، واللهُ في عَوْنِ الْعَبْدِ ما كانَ الْعَبْدُ في
عَونِ أخيهِ. ومَنْ سلك طَريقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ له بِهِ
طَرِيقاً إلى الجنَّةِ.

وَمَا
اجتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ
ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إلا نَزَلَتْ عليهمُ السَّكِينَةُ، وغَشِيَتْهُمُ
الرَّحْمَةُ، وحَفَّتهُمُ المَلائِكَةُ، وذَكَرَهُمُ اللهُ فيمَنْ عِنْدَه . وَمَنْ
بَطَّأ بِه عَمَلُهُ لمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ)).
رَواه
بهذا اللَّفظ مسلم.



المعنى
العام:



1- المسلمون
جسد واحد: إن أفراد مجتمع الإيمان والإسلام أعضاء من جسد واحد، يتحسس كل منهم مشاعر
الآخرين وتنبعث فيه أحاسيسهم، فيشاركهم أفراحهم وأحزانهم.


2- فالحياة
ملأى بالمتاعب والأكدار، وكثيراً ما يتعرض المسلم لما يوقعه في غم وهم وضيق وضنك،
مما يتوجب على المسلمين أن يخلصوه منه، ومن ذلك:


أ-
نصرته وتخليصه من الظلم:
كما
قال صلى الله عليه وسلم: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله،
أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً، كيف أنصره ؟ قال: تحجزه، أو تمنعه،
من الظلم فإن ذلك نصره " متفق عليه.

ولا
سيما إذا كان الظلم الذي يوقع عليه بسبب دينه وتمسكه بإسلامه، من قبل قوم كافرين أو
فاسقين مارقين . قال تعالى: {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ
النَّصْرُ
}[الأنفال: 72].


ب-
إقراضه المال إن احتاج إلى المال: قد يقع المسلم في ضائقة مالية، فيحتاج إلى
النفقة في حوائجه الأصلية من طعام وشراب ومسكن وعلاج ونحو ذلك، فينبغي على المسلمين
أن يسارعوا لمعونته، وعلى الأقل أن يقرضوه المال قرضاً حسناً، بدل أن يتخذوا عوزه
وسيلة لتثمير أموالهم، وزيادتها، كما هو الحال في مجتمعات الربا والاستغلال. قال
تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا
حَسَنًا
}[ المزمل: 20].


وقال
صلى الله عليه وسلم: " من أقرض مسلماً درهماً مرتين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدّق
به " رواه ابن حبان . بل قد يفوق أجرُ القرض أجرَ الصدقة، حسب حال المقترض والمتصدق
عليه.


3-كُرَب
يوم القيامة والخلاص منها:قال صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله الأولين والآخرين
في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس منهم، فيبلغ الناس من
الكرب والغم ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس بعضهم لبعض: ألا ترون ما بلغكم،
ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم ". خرجاه بمعناه في الصحيحين.



وفي
خضم هذه الأهوال يتدارك المؤمن عدل الله عز وجل، فيكافئه على صنيعه في الدنيا، إذ
كان يسعى في تفريج كربات المؤمن، فيفرج عنه أضعاف أضعاف ما أزال عنهم من غم وكرب:


" من
نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ".


4- التيسير
على المعسر:

الذي أثقلته الديون وعجز عن وفائها ويكون التيسير عليه
بأمرين:

إما
بمساعدته لوفاء دينه، أو بالحطِّ عنه من دينه.

5- ستر
المسلم:

إن تتبع عورات المسلمين علامة من علامات النفاق، ودليل على أن الإيمان لم يستقر في
قلب ذلك الإنسان الذي همه أن يُنَقِّب عن مساوىء الناس ليعلنها بين الملأ. روى
الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
المنبر، فنادى بصوت رفيع فقال: " يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى
قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه
المسلم تتبع الله عورته. ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ". أي منزله
الذي ينزل فيه.

6-الستر
على من وقع في معصية
:
إذا اطلع المسلم على زلة المسلم، فهل يسترها عليه أم يعلنها؟ فإن هذا يختلف باختلاف
أعمال الناس، والناس في هذا على حالتين:

1-من
كان مستور الحال
:
أي لا يعرف بين الناس بشيء من المعاصي، فمثل هذا إذا وقعت منه هفوة أو زلة وجب
الستر عليه، ولا يجوز كشف حاله ولا التحدث بما وقع منه، لأن ذلك غيبة محرمة، وإشاعة
للفاحشة.

2- من
كان مشتهراً بالمعصية، مستعلناً بها بين الناس
:
من لا يبالي بما يرتكب، ولا يكترث لما يقال عنه، فهذا فاجر مستعلن بفسقه، فلا غيبة
له، بل يندب كشف حالة للناس، وربما يجب، حتى يتوقوه ويحذروا شره، وإن اشتد فسقه،
ولم يرتدع من الناس، وجب رفع الحالة إلى ولي الأمر حتى يؤدبه بما يترتب على فسقه من
عقوبة شرعية، لأن الستر عليه يجعله وأمثاله يطمعون في مزيد من المخالفة، فيعيثون في
الأرض فساداً، ويجرون على الأمة الشر المستطير.

7- الشفاعة
لمن وقعت منه معصية:

إذا وقعت من المسلم زلة، وكان مستور الحال، معروفاً بين الناس بالاستقامة والصلاح،
ندب للناس أن يستروه ولا يعزروه على ما صدر منه، وأن يشفعوا له ويتوسطوا له لدى من
تتعلق زلته به إن كانت تتعلق بأحد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " أقيلوا ذوي
الهيئات عثراتهم " رواه أبو داود. أي تغاضوا عن زلات من عرفوا بالاستقامة
والرشد.

8- التعاون
بين المسلمين وعون الله عز وجل لهم
:
إن المجتمع لن يكون سوياً قويماً، ولن يكون قوياً متماسكاً إلا إذا قام على أساس من
التعاون والتضامن والتكافل فيما بين أفراده، فسعى كل منهم في حاجة غيره، بنفسه
وماله وجاهه، حتى يشعر الجميع أنهم كالجسد الواحد، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " متفق عليه.

ولا
شك أن أعظم ثمرة يجنيها المسلم من إعانته لأخيه هي ذاك العون والمدد من الله تبارك
وتعالى: " والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه " [رواه مسلم ].وكيف لا ولا
حول للإنسان ولا قوة إلا بالله عز وجل؟ وهو سبحانه المحرك الحقيقي لهذا الكون، وهو
المعطي والمانع، ومنه الصحة والمرض، ومنه القوة والضعف، والغنى
والفقر.

9- طريق
الجنة:
إن
الإسلام شرط النجاة عند الله عز وجل، والإسلام لا يقوم ولا يكون إلا بالعلم، فلا
طريق إلى معرفة الله تعالى والوصول إليه إلا بالعلم، فهو الذي يدل على الله سبحانه
من أقرب طريق، فمن سلك طريقه ولم يعوج عنه بلغ الغاية المنشودة، فلا عجب إذن أن
يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب العلم طريق الجنة، ويبين أن كل طريق يسلكه
المسلم يطلب فيه العلم يشق به طريقاً سالكة توصله إلى الجنة: "من سلك طريقاً يلتمس
فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة" وليس أدل على ما نقول من أن الله تعالى
جعل فاتحة الوحي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أمراً بالعلم وبوسائل العلم،
وتنبيهاً إلى نعمة العلم وشرفه وأهميته في التعرف على عظمة الخالق جل وعلا وإدراك
أسرار الخلق، وإشارة إلى حقائق علمية ثابتة، فقال سبحانه:{اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ اإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ
يَعْلَمْ
} [ العلق:1-5 ].

10- حكم
طلب العلم في الإسلام:



أ-
فرض عين:
يتوجب
على كل مسلم طلبه، وهو ما لابد لكل مسلم من معرفته:

لتسلم
عقيدته، وتصح عبادته وتستقيم معاملته على وفق شرع الله عز وجل. وهو المراد بقوله
صلى الله عليه وسلم: " طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم " رواه ابن ماجه. أي: ذكراً
كان أو أنثى .


ب-
فرض كفاية:

يتوجب على المسلمين بمجموعهم تحصيله، فإذا قام به بعضهم سقط الطلب عن الباقين، وإن
لم يقم به أحد أثم الجميع، وهو التوسع في علوم الشريعة درساً وحفظاً وبحثاً،
والتخصص في كل علم تحتاج إليه الجماعة المسلمة من علوم كونية، لتحفظ كيانها، وتقيم
دعائم دولة الحق والعدل على الأرض قوية متينة، مهيبة الجانب.



وإنما
يرث العلم النبوي العلماء العاملون المخلصون: " إن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا
ديناراً، وإنما ورثوا العلم " رواه الترمذي وغيره. فهم علائم الحق ومنارات الهدى
التي تهتدي بها الأمة في مسالك حياتها، وتقتدي بهم وتسير وراءهم في شدائدها
وأزماتها.


فما
دام العلم باقياً في الأمة فالناس في هدى وخير، وحضارة ورقي، واستقامة وعدل. وإنما
يبقى العلم ببقاء حَمَلَته العلماء، فإذا ذهب العلماء وفُقِدوا من بين ظهرانَي
الناس اختلت الأمور، وانحرفت الأمة عن الجادة القويمة، وسلكت مسالك الضلال، وانحدرت
في مهاوي الرذيلة والفساد، وألقت بنفسها إلى الضياع والدمار. وصدق رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذيقول: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن
يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً،
فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " متفق عليه.

11- التحذير
من ترك العمل بالعلم:
علمنا
أن العلماء هم منار الهدى في الأمة، فإذا فقدوا ضلت الأمة طريقها السوي، والأشد
سوءاً من فقد العلماء أن ينحرف هؤلاء عن الطريق التي أمرهم الله تعالى ورسوله صلى
الله عليه وسلم بسلوكها، فلا يعلموا بعلمهم الذي ورثوه عن الجناب النبوي، فيخالف
فعلهم قولهم، ويكونوا قدوة سيئة للأمة في معصية الله عز وجل وترك طاعته.


قال
صلى الله عليه وسلم: " لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم
عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه " رواه الترمذي
وقال: حديث حسن صحيح .

12- نشر
العلم:

لقد حث الإسلام على تعلم العلم وتعليمه، قال تعالى:{ فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ
فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا
قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ
}[التوبة:
122].

وقال
صلى الله عليه وسلم: " نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه، فرب مبلَّغ
أوعى من سامع" رواه الترمذي وغيره.

وخير
عمل يقوم به المسلم وينمو له أجره وثوابه عند ربه حتى بعد موته: أن يعلم الناس
العلم الذي أكرمه الله تعالى به ومَنَّ عليه بتحصيله. قال عليه الصلاة والسلام: "
إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو
ولد صالح يدعو له " رواه مسلم وغيره.

13- الإخلاص
في طلب العلم وترك المباهاة والمباراة به:
على
طالب العلموالعالم أن يخلص في طلبه وعلمه لله تعالى، ولا يقصد من ذلك إلا
حفظ دينه وتعليمه للناس ونفعهم به، فلا يكون غرضه من تعلم العلم وتعليمه نيل منصب
أو مال أو سمعة أو جاه، أو ليقال عنه إنه عالم، أو ليتعالى بعلمه على خلق الله عز
وجل، ويجادل به أقرانه ويباريهم، فكل ذلك مذموم يحبط عمله، ويوقعه في سخط الله
تبارك وتعالى.

وروى
الترمذي وغيره: " من طلب العلم ليجاري به العلماء، أو ليماري به السفهاء، ويصرف به
وجوه الناس إليه، أدخله الله النار" .

14- " لا
أدري" نصف العلم:
من
علائم الإخلاص في طلب العلم وتعليمه أن لا يأنف طالب العلم من أن يقول: لا أدري،
فيما لا علم له به، وكثيراً ما كان العلماء يسأل أحدهم عن عديد من المسائل، فيجيب
عن بعضها بما يعلم، ويجيب عن أكثرها بلا أدري، حتى قيل: لا أدري نصف العلم، لأنها
علامة على أن قائلها متثبت مما يقول.

15- ذكر
الله عز وجل:

إن ذكر الله عز وجل من أعظم العبادات، وذلك أن ذكر الله عز وجل يحمل الإنسان على
التزام شرعه في كل شأن من شؤونه، ويشعره برقابة الله تعالى عليه فيكون له رقيب من
نفسه، فيستقيم سلوكه ويصلح حاله مع الله تعالى ومع الخلق، ولذا أُمِر المسلم بذكر
الله تبارك تعالى في كل أحيانه وأحواله، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلا
} [الأحزاب: 41-42]. أي صباحاً ومساءً، والمراد: في كل الأوقات.


16- خير
ذكر كتاب الله تعالى:

وخير ما يذكر به الله عز وجل كلامه المنزل على المصطفى صلى الله عليه وسلم لما
فيه-إلى جانب الذكر- من بيان لشرع الله تعالى، وما يجب على المسلم التزامه، وما
ينبغي عليه اجتنابه.

17- عمارة
المساجد:

وخير الأماكن لذكر الله عز وجل وتلاوة القرآن وتعلم العلم إنما هي المساجد بيوت
الله سبحانه، يعمرها في أرضه المؤمنون، وعمارتها الحقيقية إنما تكون بالعلم والذكر
إلى جانب العبادة من صلاة واعتكاف ونحوها، قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ
اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا
بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ
ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا
تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا
عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ}
[النور: 36-38].

18- عبادة
منفردة وشافع مشفع:

فتلاوة القرآن بذاتها عبادة مأمور بها، ويثاب عليها المسلم، وتكون وسيلة لنجاته يوم
القيامة ونيل مرضاة ربه جل وعلا، حيث يشفع القرآن لتاليه عند
ربه.

وروى
مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه
".

ولا
يقل فضل السماع للقرآن عن فضل تلاوته، بل إن الاستماع والإنصات لقراءته سبب لنيل
مغفرة الله تعالى ورحمته.

وروى
الأمام أحمد في مسنده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من استمع إلى آية من
كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة ".


19- نور
على نور:
ويزداد
الأجر ويعظم الثواب ويكثر الفضل إذا ضم إلى التلاوة والاستماع والفهم والتدبير
والخشوع، فيجتمع نور على نور، ومكرمة إلى مكرمة. قال الله تعالى: {كِتَابٌ
أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا
الأَلْبَابِ
}[ ص: 29] .

20- "نزلت
عليهم السكينة"
:

وبهذه
السكينة يطمئن القلب، وتهدأ النفس، وينشرح الصدر، ويستقر البال والفكر، وقال
تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا
بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
}[ الرعد:
28].

والخسارة
كل الخسارة لأولئك الذين خوت قلوبهم فغفلوا عن الله تعالى وذكره، فعاشوا في مقت
وكرب وضياع في دنياهم، وكان لهم الهلاك والخلود في جهنم في أخراهم، قال تعالى:


{وَمَنْ
أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَعْمَى
}[طه: 124].

وقال
سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ
فِي ضَلالٍ مُبِينٍ
}[الزمر:22] .


21- "غشيتهم
الرحمة":



فطوبى
لهؤلاء الذين قربت منهم الرحمة فكانت تلاوتهم لكتاب الله عز وجل ومدارستهم له
عنواناً على أنهم من المحسنين: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ
}[الأعراف: 56].

22- "حفتهم
الملائكة":



فلما
كثر القارئون كثرت الملائكة حتى تُحيط بهم من كل جانب .

ولعل
خير ثمرة لهذه المكرمة أن يكون هؤلاء الملائكة سفراء بين عباد الرحمن هؤلاء وبين
خالقهم جل وعلا، يرفعون إليه سبحانه ما يقوم به هؤلاء المؤمنون من ذكر الله عز وجل
ومدارسة لكتابه، وما انطوت عليه نفوسهم من رغبة في نعيم الله عز وجل ورضوانه، ورهبة
من سخطه وإشفاق من عقابه، فيكون ذلك سبباً للمغفرة، وباباً للفوز والنجاة.


روى
البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم:
"إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإن وجدوا قوماً يذكرون الله
تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا. قال:
فيسألهم ربهم -وهو أعلم منهم-: ما يقول عبادي؟ قال: تقول: يسبحونك ويكبرونك
ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك. قال:
فيقول: وكيف لو رأوني ؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً
وأكثر تسبيحاً. قال: يقول: فما يسألونني ؟ قال: يسألونك الجنة. قال: يقول: وهل
رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها ؟
قال: يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد حرصاً عليها وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة.
قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا
والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد
منها فراراً وأشد لها مخافة. قال فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال يقول ملك من
الملائكة : فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة؟ قال: هم الجلساء لا يشقى بهم
جليسهم ".

د-
"ذكَرَهم الله فيمن عنده": قال عز وجل: {فاذكُروني أذكرْكم واشكُروا لي
ولا تَكْفرون
}[ البقرة: 152]. فإذا ذكر العبد المؤمن ربه، بتلاوة كتابه
وسماع آياته، قابله الله عز وجل على فعله من جنسه فذكره سبحانه في عليائه، وشتان ما
بين الذاكرين، ففي ذكر الله تعالى لعبده الرفعة، والمغفرة والرحمة، والقبول
والرضوان.

وخلاصة
القول:
لقد
ربحت تجارة هؤلاء الذين أقبلوا على كتاب الله عز وجل تلاوة ودرساً وتعلماً وعملاً
والتزاماً، وصدق الله العظيم إذ يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ
اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا
وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ
وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ
}[فاطر: 29-30].


إنسانية
الإسلام وعدالته: التقوى والعمل الصالح طريق الوصول إلى الله عز وجل:
لقد
قرر الإسلام وحدة الإنسانية، ورسخ المساواة بين أفراد البشرية من حيث المولد،
فالجميع مخلوقون من نفس واحدة، ولا فرق بين أبيض وأسود، ولا فضل لعربي على أعجمي،
ولا امتياز لشريف على وضيع في أصل الخلقة والمنشأ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً
}[النساء: 1].
وكانت العدالة الإلهية في الإسلام حيث جعل التفاضل بين الناس بالعمل الصالح، وطريق
القرب من الله تعالى تقواه، دون النظر إلى من انحدر من الآباء: {يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
} [الحجرات: 13]. فلا يضير الإنسان عند الله عز وجل ضعة
نسبه، فإن الله تعالى رتب الجزاء على الأعمال لا على
الأنساب.

ولذا
نجد القرآن الكريم يحذر الناس من أن يعتمدوا على الأنساب، فيأمر النبيَّ أن يبدأ
بتبليغ أهله فيقول له :{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
[الشعراء:214] ،ونجد المصطفى صلى الله عليه وسلم ينادي فيقول:" يا فاطمة بنت محمد-
صلى الله عليه وسلم - سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً " متفق
عليه.

ولاية
الإيمان والعمل، لا ولاية الدم والنسب:
لقد
كان الناس يتناصرون ويتولى بعضهم بعضاً بالعصبية والقرابة النسبية فجاء الإسلام
وجعل الصلة هي صلة الإيمان، والولاية هي ولاية الدين والعمل، {وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ
}[التوبة: 71] .

ومما
يستفاد من الحديث:


1- أن
الجزاء عند اللهمن جنس ما قدم العبد من عمل، فجزاء التنفيس التنفيس، وجزاء
التفريج التفريج، والعون بالعون، والستر بالستر، والتيسير بالتيسير: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:" أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله يوم القيامة من
ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق
المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمناً على عري كساه الله من خضر الجنة " رواه
الترمذي.

2- الإحسان
إلى الخلق طريق محبة الله عز وجل.

3- ما
ذكر من التنفيس وغيره عام في المسلم وغيره الذي لا يناصب المسلمين العداء، فالإحسان
إليه مطلوب، بل ربما تعدى ذلك لكل مخلوق ذي روح، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله
كتب الإحسان على كل شيء " رواه مسلم.

وقال:"في
كل كبد رطبة أجر" متفق عليه.

4- الحذر
من تطرق الرياء في طلب العلم، لأن تطرقه في ذلك أكثر من تطرقه في سائر الأعمال،
فينبغي تصحيح النية فيه والإخلاص كي لا يحبط الأجر ويضيع الجهد
.

5- طلب
العون من الله تعالى والتيسير، لأن الهداية بيده، ولا تكون طاعة إلا بتسهيله ولطفه،
ودون ذلك لا ينفع علم ولا غيره .

6- ملازمة
تلاوة القرآن والاجتماع لذلك، والإقبال على تفهمه وتعلمه والعمل به، وأن لا يترك
ليقرأ في بدء الاحتفالات والمناسبات، وفي المآتم وعلى
الأموات.

7- المبادرة
إلى التوبة والاستغفار والعمل الصالح، قال الله تعالى :{وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ
لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ
} [آل عمران: 133-134] .





الحديث
السابع والثلاثون:


عَدلُ
اللهِ تَعالى وَفَضْلُهُ وقُدرتُه

عن
ابنِ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما يَرْويهِ عن
رَبِّهِ تَباركَ وتعالى قال: "إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ ثُمَّ
بَيَّنَ : فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلهَا كَتَبَها اللهُ عِنْدَهُ
حَسَنةً كامِلَةً، وإنْ هَمَّ بها فَعَمِلها كَتَبَها اللهُ عنْدَهُ عَشْرَ
حَسَناتٍ إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إلى أضْعافٍ كَثيرَةٍ، وإن هَمَّ بسَيِّئَةٍ
فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبها اللهُ عنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، وإن هَمَّ بها
فَعَمِلها كَتَبَها اللهُ سيَئّةً واحِدَة". رواهُ البخاري ومُسلمٌ في صحيحيهما
بهذه الحروف.


المعنى
العام:



تضمن
الحديث كتابة الحسنات والسيئات، والهم بالحسنة والسيئة، وفيما يلي الأنواع
الأربعة:


عمل
الحسنات:
كل
حسنة عملها العبد المؤمن له بها عشر حسنات، وذلك لأنه لم يقف بها عند الهم والعزم،
بل أخرجها إلى ميدان العمل، ودليل ذلك قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}
[الأنعام: 160]. وأما المضاعفة على العشر لمن شاء
الله أن يضاعف له، فدليله قول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ
فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
}[البقرة: 261]. روى مسلم عن ابن مسعود قال:
"جاء رجل بناقة مخطومة فقال: يا رسول الله هذه في سبيل الله، فقال: لك بها يوم
القيامة سَبْعُ مِئَةِ ناقة".


ومضاعفة
الحسنات زيادة على العشر إنما تكون بحسب حسن الإسلام، وبحسب كمال الإخلاص، وبحسب
فضل العمل وإيقاعه في محله الملائم.


عمل
السيئات:

وكل سيئة يقترفها العبد تكتب سيئة من غير مضاعفة، قال تعالى: {وَمَنْ جَاءَ
بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ
}[الأنعام: 160]، لكن السيئة تعظم أحياناً بسبب شرف الزمان أو المكان أو
الفاعل:


فالسيئة
أعظم تحريماً عند الله في الأشهر الحرم، لشرفها عند الله.


والخطيئة
في الحرم أعظم لشرف المكان.


والسيئة
من بعض عباد الله أعظم، لشرف فاعلها وقوة معرفته بالله وقربه منه سبحانه
وتعالى.


الهم
بالحسنات:

ومعنى الهم الإرادة والقصد، والعزم والتصميم، لا مجرد الخاطر، فمن هم بحسنة كتبها
الله عنده حسنة واحدة، وذلك لأن الهم بالحسنة سبب وبداية إلى عملها، وسبب الخير
خير، وقد ورد تفسير الهم في حديث أبي هريرة عند مسلم "إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة
فأنا أكتبها له حسنة".


الهم
بالسيئات:

وإذا هم العبد بسيئة ولم يعملها، كتبت له حسنة كاملة، وفي حديث البخاري "وإن تركها
من أجلي" وهذا يدل على أن ترك العمل مقيد بكونه لله تعالى، والتارك يستحق الحسنة
الكاملة، لأنه قصد عملاً صالحاً، وهو إرضاء الله تعالى بترك العمل السيء. أما من
ترك السيئة بعد الهم بها مخافة من المخلوقين أو مراءاة لهم، فإنه لا يستحق أن تكتب
له حسنة.


وقال
الخطابي: محل كتابة الحسنة على الترك أن يكون التارك قد قدر على الفعل ثم تركه، لأن
الإنسان لا يسمى تاركاً إلا مع القدرة ويدخل فيه من حال بينه وبين حرصه على الفعل
مانع، كأن يمشي إلى امرأة ليزني بها مثلاً فيجد الباب مغلقاً ويتعسر
فتحه.


أن
رحمة الله بعباده المؤمنين واسعة، ومغفرته شاملة، وعطاءه غير
محدود.


لا
يؤاخذ الله تعالى على حديث النفس والتفكير بالمعصية إلا إذا صدق ذلك العمل
والتنفيذ.


على
المسلم أن ينوي فعل الخير دائماً وأبداً، لعله يكتب له أجره وثوابه، ويروض نفسه على
فعله إذا تهيأت له الأسباب.


الإخلاص
في فعل الطاعة وترك المعصية هو الأساس في ترتب الثواب، وكلما عظم الإخلاص كلما
تضاعف الأجر وكثر الثواب.

الحديث
الثامن والثلاثون:


وَسائِلُ
القُربِ مِنَ اللهِ تعالى ونَيْلِ مَحَبَّتِه



عن
أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "إنَّ
الله تَعالَى قَال : مَنْ عَادَى لي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا
تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ،
وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ، فإذَا
أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ
بهِ، وَيَدَهُ الّتي يَبْطِشُ بهَا، وَرِجْلَهُ الّتي يَمْشي بِهُا، وَإنْ سَأَلِني
لأعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ". رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ.



المعنى
العام:



أولياء
الله تعالى:

هم خُلَّص عباده القائمون بطاعاته المخلصون له، وقد وصفهم الله سبحانه وتعالى في
كتابه الكريم بصفتين هم الإيمان والتقوى، فقال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ
اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا
يَتَّقُونَ
}[يونس: 62-63]، فالركن الأول للولاية هو الإيمان بالله،
والركن الثاني لها هو التقوى، وهذا يفتح الباب واسعاً وفسيحاً أمام الناس ليدخلوا
إلى ساحة الولاية، ويتفيؤوا ظلال أمنها وطمأنينتها.


وأفضل
أولياء الله تعالى هما الأنبياء والرسل، المعصومون عن كل ذنب أو خطيئة، المؤيدون
بالمعجزات من عند الله سبحانه وتعالى، وأفضل الأولياء بعد الأنبياء والرسل أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين عملوا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ومن جاء بعدهم من القرون حتى أيامنا هذه ممن ينسب إلى الولاية، ولا يكون
ولياً لله حقاً إلا إذا تحقق في شخصه الإيمان والتقوى، واتبع رسول الله صلى الله
عليه وسلم واهتدى بهديه واقتدى به في أقواله وأفعاله.



الحديث
التاسع والثلاثون:


رَفْعُ
الحَرَجِ في الإِسلامِ



عَن
ابْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ الله عَنْهُما: أن رَسُوَل اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
"إنَّ الله تَجاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتي: الْخَطَأَ، والنِّسْياَنَ، وَمَا
اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ".



المعنى
العام
:

إن
من أتى بشيء مما نهى الله عنه، أو أخل بشيء مم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
~أنثى إستـثــنآئيـــه~
عضو مشارك
عضو مشارك
~أنثى إستـثــنآئيـــه~


الجنس : انثى السٌّمعَة السٌّمعَة : 0 الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 60 النقاط/ النقاط/ : 84 العـمــر العـمــر : 31 الدولة : الاربعون النووية3 Lebnan10

الاربعون النووية3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاربعون النووية3   الاربعون النووية3 Emptyالسبت أبريل 02, 2011 12:52 pm

شكرا لك اخي


سلمت يداك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابــن الاسلام
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
ابــن الاسلام


الجنس : ذكر السٌّمعَة السٌّمعَة : 101 الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 12744 النقاط/ النقاط/ : 22644 العـمــر العـمــر : 34 الدولة : الاربعون النووية3 Jazaer10 المتصفح : الاربعون النووية3 Fmfire10

الاربعون النووية3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاربعون النووية3   الاربعون النووية3 Emptyالسبت أبريل 02, 2011 1:53 pm

بارك الله

فيك

الاربعون النووية3 397503
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/taher.tictac
 
الاربعون النووية3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاربعون النووية2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى غارداية شبكة للتعليم نت :: منتدي الدين الاسلامي :: الاقسام الدينية :: الاحاديث النبوية الشريفة-
انتقل الى: