السؤال :
حين
اعتلى غورباتشوف هرم السلطة في الاتحاد السوفياتي سنة 1985 قام بالعديد من
الإصلاحات أثرت تأثيرا بالغا على مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي .
وضح
ذلك مبينا
:
أ )
إصلاحات غورباتشوف وأهدافها.
ب )
انعكاساتها على الاتحاد السوفياتي والعالم .
الجواب :
إصلاحات
غورباتشوف
:
ما
إن اعتلى غورباتشوف سدة الحكم في مارس سنة 1985 خلفا لسلفه " تشير
ننكوف" حتى سارع بإحداث تغييرات بارزة بالاتحاد السوفياتي ، انتهت بتفككه في
08 ديسمبر 1991.
بدأها
بتطبيقه لنظرية إعادة البناء " البيروسترويكا" أي إعادة ترتيب البيت
السوفياتي بشكل يؤمن للمواطن حياة أفضل على حد تعبير " غورباتشوف " وهي تعني أيضا إعادة
الهيكلة وإعادة البناء كما سارع إلى تطبيق " الغلاسنوست" والتي
تعني الشفافية والوضوح ونهدف أساسا إلى إحداث تحويلات أساسية كبرى في الاتحاد
السوفياتي ومجموع الديمقراطيات الشعبية التي كانت تدور في فلكه تماشيا ومتطلبات
العصر ، وترمي إلى تحديث الاشتراكية وجعلها تتماشى ومتطلبات العصر وتحرير المواطن
من البيروقراطية المعقدة ، وفتح مجال واسع للتخطيط والمساهمة القاعدية .
أهداف
هذه الإصلاحات
:
تتمثل
أهداف هذه الإصلاحات في معالجة القضايا التالية ، والبحث عن حلول ملائمة لها : -
تباطؤ التنمية الاقتصادية ، وقد عبر غوربا تشوف عن ذلك بقوله " فبلادنا أحد
أكبر مراكز إنتاج الحبوب ، ومع ذلك فثمة ضرورة لشراء ملايين الأطنان من الحبوب
سنويا"
.
تدني
المستوى المعيشي للشعب السوفياتي مقارنة ببقية الدول الغربية كالولايات المتحدة
الأمريكية واليابان ، وأوربا الغربية ، وانخفاض المردودية الإنتاجية ، إذ أن
الفلاح السوفياتي يوفر الغذاء لـ 10 أفراد فقط في حين أن الفلاح الأمريكي يوفر
الغذاء لـ 50 فردا بالإضافة إلى العجز عن تغطية الاستهلاك المحلي مما جعل البلاد
عرضة للتبعية الخارجية
./- تناقص
معدل الحياة من 66 سنة 1965 إلى 60 سنة عام 1986 في حين يصل هذا المعدل في الدول
الغربية ذات الأنظمة الحرة ( النظام الرأسمالي ) إلى 75 سنة بالنسبة للرجال و 76
سنة بالنسبة للنساء .
/- تفشي
ظاهرة البيروقراطية التي مست كل مناحي الحياة الإدارية من اقتصاد وثقافة وتعليم
والتي تسببت في تأخير إنجاز المشاريع وانخفاض الإنتاج وارتفاع تكاليفه ، وبالتالي
عادت على النظام الاشتراكي بأسوأ النتائج.
/- فشل
كل المحاولات السابقة الرامية إلى تنمية وتطوير الحياة الاقتصادية وتحقيق الاكتفاء
الذاتي ، والتوازن الجهوي ، واللحاق بركب الدول الغربية المتطورة اقتصاديا .
- بروز
بما يعرف بأزمة الإيديولوجية واشتداد الصراع في هذا المضمار بين المحافظين
والتقدميين وكذا الأزمات الخانقة التي عرفتها الديمقراطيات الشعبية قصد الخروج من
الهيمنة السوفياتية
./- الصراع
الإيديولوجي مع الغرب في إطار الحرب الباردة والذي جعل الاتحاد السوفياتي يخصص
جزءا معتبرا من ميزانيته بما يسمى بالسباق نحو التسلح وهذا على حساب التنمية
الزراعية والصناعية والثقافية .
انعكاساتها
:
أ)
على الاتحاد السوفياتي :كان لتبني هذه السياسة انعكاسات عميقة على
الاتحاد السوفياتي منها :
- نبذ
الإيديولوجية الماركسية التي تبناها الاتحاد السوفياتي منذ انتصار الثورة الشيوعية
سنة 1917 وقيام ما يعرف بالاتحاد السوفياتي حيث ظهرت أصوات تنادي بضرورة إثراء
محتوى المركزية عن طريق تعديل الممارسات الإنتاجية وتجنب الغموض وحق الشعب في
الإعلام عن طريق نشاط أجهزة الدولة .
/- موافقة
الاتحاد السوفياتي على حل حلف وارسو وتصفيته نهائيا هذا الحلف الذي أنشئ في 14 ماي
1955 كرد فعل حول قيام الغرب بإنشاء حلف شمال الأطلسي في 04/04 /1949 والذي يعد
الخطوة الأولى التي اتخذها الغرب للدفاع المشترك ضد الشيوعية .
/-التخلي
عن تكتله في منظمة الكوميكون ، هذه المنظمة التي كانت تضم معظم دول المعسكر الشرقي
منذ 1949 وبالتالي القيام بالانفتاح الاقتصادي على العالم الغربي ، و قد تجسد ذلك
فعلا في عدة اتفاقيات اقتصادية مثل اتفاق دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية سنة
1990 على تقديم قروض مالية للاتحاد السوفياتي بقيمة 2.4 مليار دولار وتوقيع الرئيس
جورج بوش على قانون يسمح بتخصيص 938 مليون دولار كمساعدات لكل من بولونيا والمجر .
/-حدوث
انقلاب 19 أوت 1991 ان الذي قام به المحافظون والمعارضون لسياسة " غورباتشوف " بهدف
إبعاده عن الحكم قبل ان ينهار الاتحاد السوفياتي ، إلا أن هذا الانقلاب مني بالفشل
وعاد " غورباتشوف" إلى السلطة ، وواصل تطبيق سياسته السابقة.
/- بروز
النزعة الاستقلالية داخل الجمهوريات وظهور ما يسمى ( مجموعة الدول المستقلة ) حيث
أعلنت جمهوريات البلطيق الاستقلال سنة 1990 وهي : ليتونيا ، ليتوانيا ، استو نيا ،
تبعتها جمهورية أوكرانيا في ديسمبر 1991 كما بادرت الجمهوريات الأخرى إلى
الاستقلال عن السلطة المركزية وهي جو رجيا ، مولدا فيا ، أرمينيا روسيا البيضاء ،
أذربيجان ، كازخستان ، قرقيزيستان ، كما أصبحت جمهورية روسيا الاتحادية الوريث
الشرعي لما يسمى بالاتحاد السوفياتي سابقا. ب - على العالم : كما كان لهذه السياسة
انعكاسات عميقة على العالم بعضها إيجابي وبعضها سلبي :
الانعكاسات
الإيجابيةوتتمثل في :
الإعلان
الرسمي عن وضع نهاية للحرب الباردة وذلك خلال قمة "مالطا" التي جمعت
الرئيس الأمريكي " بوش" والرئيس السوفياتي " غورباتشوف" هذه
الحرب التي كادت ان تتحول إلى مواجهة عسكرية في كثير من الأحداث وبالتالي تقضي على
العالم
.
تقارب
وجهات النظر الأمريكية و السوفياتية إزاء القضايا الدولية المعقدة ، مثل نزاع نزع
السلاح الإستراتيجي والمشكلة الأفغانية و قضية الشرق الأوسط . - الحد من السباق نحو التسلح
وتضخم الترسانة العسكرية العالمية التي باتت تهدد العالم بالفناء ، حيث تم الاتفاق
على وقف إنتاج الأسلحة الكيماوية بنسب 98 %، والتعجيل بالمفاوضات الخاصة بخفض
ترسانة الأسلحة الإستراتيجية لدى الدولتين الكبيرتين إلى النصف والحد من إنتاج
الأسلحة النووية البعيدة المدى ، ولتأكيد صدق نيته بادر الاتحاد السوفياتي بتدمير
صواريخه الإستراتيجية بمجرد عودة " غورباتشوف" من مؤتمر مالطا "
- سقوط
الأنظمة الشيوعية في أوربا الشرقية ،حيث اغتنمت الديمقراطيات الشعبية فرصة ما حدث
في الاتحاد السوفياتي وبدأت تعمل منذ 1989 على الانفلات من قبضة المركزية
السوفياتية ، وقد شجعها على ذلك المرونة التي أبداها " غورباتشوف " في
هذا الميدان و بذلك تهاوت الأنظمة الشيوعية في هذه الديمقراطيات.
- سقوط
جدار برلين في 09 نوفمبر 1989 ، هذا الجدار الفاصل بين ألمانيا الشرقية والغربية
والذي أقيم في صيف 1961 ومن ثم السماح بتنقل الأفراد والبضائع ثم تلا ذلك الوحدة
الألمانية
.
الانعكاسات
السلبية
:
وتتمثل
في: تغيير السياسة السوفياتية اتجاه العالم الثالث الذي كان يحتمي بالمظلة
السوفياتية من كل الاعتداءات الغربية ، حيث يتلقى الدعم والمساندة الفعالة ، وقد
تجلى هذا التغيير في الموقف السوفياتي مما حدث للعراق إثر أزمة الخليج ، وشن العدوان
الأمريكي الأول عليه في 17 جانفي 1991 بتزكية ومساندة سوفياتية إلى جانب موافقته
على قرار مجلس الأمن رقم 665 القاضي بفرض الحصار الاقتصادي على العراق .
السماح
لليهود السوفيات بالهجرة وبأعداد ضخمة إلى إسرائيل بلغت في نهاية 1990 حوالي 200 ألف مهاجر تم نقل
العديد منهم بواسطة طائرات دول المعسكر الشرقي – سابقا- إلى إسرائيل مع تقديم
الدعم والتسهيلات التامة لهم .
/ - ضعف
الموقف السوفياتي في معترك السياسة الدولية بتبنيه ومؤازرته وتأييده للمواقف
الأمريكية في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وحتى في داخل الاتحاد السوفياتي نفسه
باستجابته للضغوط الأمريكية التي أجبرته على تحرير دول البلطيق والسماح لها
بالانفصال
.
الخاتمة :
لقد
تمكن غورباتشوف بفضل تطبيقه لسياسة البرويسترويكا والغلاسنوست من إذابة جليد الحرب
الباردة وإنهائها فعلا خلال مؤتمر مالطا سنة 1989 وبذلك خلص العالم من كارثة حرب
عالمية جديدة إلا أن وضع الاتحاد السوفياتي الداخلي ازداد سوءا وتخلفا عما كان
عليه فارتفعت ديونه الخارجية وازدادت تبعيته للغرب وأصبح المواطن السوفياتي يعاني
المشاق الكبيرة من أجل الحصول على لقمة العيش
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . .
السؤال :
اتسمت
العلاقات الدولية بين الشرق والغرب خلال فترة ( 1954- 1963 ) بالتوتر تارة
والانفراج تارة أخرى
.
المطلوب: حلل العبارة مبينا :
أ –
مظاهر التوتر والانفراج في العلاقات بين الشرق والغرب خلال هذه الفترة
. ب –
أسباب التوتر والانفراج .
الإجابة :
المقدمة :
تعود
جذور التوتر في العلاقات الدولية إلى عام 1917 إلا أن الفترة التاريخية الممتدة
بين 1954- 1963 ميزتها رغبة العملاقين في التعايش السلمي تارة وتصادم المصالح تارة
وعودة الصراع تارة أخرى .
أ-
مظاهر التوتر والانفراج بين الشرق والغرب :
- مظاهر التوتر :
1/ تأسيس
حلف جنوب شرق آسيا عام 1954 وحلف بغداد سنة 1955 .
2 / حدوث
أزمة السويس والعدوان الثلاثي على مصر عام1956 .
3/ تأسيس
الاتحاد السوفياتي والمجموعة الشرقية حلف وارسو عام 1955 .
4/ أزمة
المجر عام 1956 . 5/ تجدد أزمة برلين عام 1958 . 6/ الأزمة الكوبية عام 1962
وانتقال التوتر للقارة الأمريكية .
مظاهر
الانفراج :
1
/ انعقاد
مؤتمر جنيف عام 1955 وتسوية قضية النمسا .
2/ إلغاء
مكتب الكومنفورم عام 1956 .
3/ تبادل
الزيارات الرسمية بين قادة العملاقين .
4/ لإنشاء
الخط الهاتفي بين موسكو وواشنطن عام 1962 .
ب-
أسباب التوتر والانفراج :
أسباب
التوتر :
1/ تصادم
مصالح العملاقين في عدة مناطق من العالم مثل شرق آسيا وشرق أوربا والشرق الوسط .
2/ فقدان
الثقة بين المعسكرين
.
3/ استمرارية
نشاط
Usa من
أجل تطبيق سياسة ملء الفراغ واستعمالها لقوات الحلف الأطلسي .
4/ انتشار
المد الشيوعي وتهديده لمصالح وأمن Usaذاتها وأحسن مثال الأزمة الكوبية 1962 .
أسباب
الانفراج :
1/ تطور
وسائل وأسلحة الدمار الشامل والتخوف من انعكاسات استعمالها.
2/ ليونة
القيادة السوفياتية وتراجعها عن مبادئ السياسة الستالينية.
3/ تكاليف
الحرب الباردة التي أثقلت كاهل المعسكرين خاصة بالنسبة للاتحاد السوفياتي.
4/ التصدع
الذي وقع في الكتلتين الشرقية والغربية.
5/ الدور
الإيجابي الذي أدته حركة عدم الانحياز لفائدة التعايش السلمي .
الخاتمة :
رغم
كل المبادرات والجهود المبذولة من طرف الاتحاد السوفياتي من أجل إرساء دعائم
التعايش بين الكتلتين إلا أن Usa والدول الغربية دفعت به نحو التنازل إلى أن
أوصلته إلى مؤتمر مالطا عام 1989 وانسحابه من الساحة العالمية
. . . . . . . . . .. . . . . . .. . . . .. . . . .. . … . . . . …. . .. . . . . . .. .. .. .
السؤال :
قلبت الحرب العالمية الثانية موازين القوى ووضعت أسس معادلة جديدة
للعلاقات الدولية .
المطلوب :
ناقش ذلك مبرزا أهم الأسس وأثارها على بلدان العالم الثالث . دورة
1987
الإجابة :
المقدمة :
مثل القوى المؤثرة في العلاقات الدولية قبل الحرب العالمية الثانية
ثمانية دول كبرى إلا أن الحرب الكونية الثانية أخلطت أوراق المعادلة والقوى
الفاعلة ثم أعادت ترتيبها ففي الوقت الذي احتلت بعض الدول الريادة تراجعت أخرى عن
مكانتها القيادية .
أ / الوضع الدولي والقوى العالمية :
إن التدمير الشامل الذي شهدته أوربا ساهم إلى حد كبير في فقدانها
مكانتها التي تراجعت فاسحة المجال لانتقال الزعامة العالمية لأول مرة خارج أوربا
لصالح الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية ، وقد تعززت مكانة البلدين
نظرا لدورهما في الحرب العالمية الثانية حيث كان لدورهما العامل الأساسي والحاسم
في مجرى الحرب ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ساهم الجيش الأحمر في تحرير أوربا
الشرقية والوسطى كما شارك في هزيمة اليابان في منشوريا هذا الدور اكسب الاتحاد
السوفياتي هيبة ومكانة سياسية وعسكرية هامة في حين ساهمت القوات الأمريكية في
تطهير شمال إفريقيا من قوات دول المحور تمهيدا لتحرير جنوب أوربا بين 1943- 1944
ثم الإنزال النورماندي عام 1944 شمال فرنسا وتحريرها إلى جانب تحرير الأراضي
المنخفضة وهزم ألمانيا وما ان انتهت الحرب حتى تبوأ البَلَدَان زعامة العالم ،
وتراجعت مكانة الإمبراطوريات القديمة والحديثة خاصة فرنسا وبريطانيا ، وهكذا مثل
طرفي المعادلة الجديدة الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية .
ب/ الأسس الجديدة للعلاقات الدولية :
1/ عودة الصراع
الإيديولوجي بين المعسكرين :
لقد انهار التحالف الكبير الذي عقد عام 1942( واشنطن ) ضد دول المحور
لمجرد زوال الخطر المشترك والمتمثل في ألمانيا وحلفائها ، وعاد الخلاف والصراع بين
الاتحاد السوفياتي الشيوعي والغرب الرأسمالي الذي كانت تقوده الولايات المتحدة ،
وفي ظل هذا الصراع سعى العملاقان على تحقيق مصالحهما وتوسيع دائرة نفوذهما في
أوربا وخارج أوربا ، إذ بعد نزول الستار الحديدي في أوربا وانقسامها إلى شرقية
شيوعية وغربية رأسمالية يفصلها خط طول 11 0 شرقا انتقل الصراع والانقسام إلى آسيا
وإفريقيا وهكذا ما إن انتهت حرب كونية مدمرة قادت العملاقين إلى التسابق نحو
التسلح وامتلاك أسلحة الدمار وحدوث أزمات دولية غذتها أنانية الولايات المتحدة
الأمريكية والاتحاد السوفياتي كما ساهم صراعهما في ظهور تكتلات اقتصادية وعسكرية .
لذا كان لعودة الصراع بين المعسكرين الأثر البالغ في مستقبل العلاقات الدولية التي
تميزت بالتوتر لدرجة عالية ، منها تهديد السلام العالمي بحرب نووية في أكثر من مرة .
2/ ظهور النزعة
التوسعية والاستعمار الأوربي الجديد :
تخلصت دول العالم الثالث نتيجة حركة التحرر الوطني من الاستعمار
الأوربي بعد الحرب العالمية الثانية لتصطدم بنزعة جديدة للتوسع والبحث عن مناطق
النفوذ والتي مثلتها طبيعة الصراع بين المعسكرين بحيث تطور مفهوم الاستعمار ليظهر
في شكل جديد متنوع الأساليب مثل الشركات الاحتكارية والتعاون والمؤسسات الدولية
والهيئات الديبلوماسية والثقافية مستخدما في ذلك عددا من الضغوطات كالتبعية
السياسية والاقتصادية .
3/ هيئة الأمم
المتحدة :
بعد الفشل الذريع لعصبة الأمم البائدة عمل الحلفاء أثناء الحرب
العالمية الثانية على إنشاء هيئة الأمم المتحدة محاولين تجنب أسباب فشل العصبة
فوفروا لها أسباب القوة والفاعلية لإعطاء الهيئة الوليدة بعدا عالميا ، إذ تضمن
ميثاقها مبادئ وأهداف إنسانية وأصبحت الإطار الذي تحل فيه الخلافات الدولية ووسيلة
للتعاون من اجل رفاهية الشعوب إلا أن نفوذها بقي محدودا ونشاطها ظل مرهونا بإرادة
الدول الكبرى خاصة الأعضاء الدائمين في المجلس الأمني وهذا ما أعاق دور الهيئة
الأممية فتواصلت معاناة الأمم المتحدة خاصة في ظل الحرب الباردة ورغم ذلك فإن هيئة
الأمم قد نجحت في معالجة كثير من المشكلات الدولية بطرق سلمية .
آثار ذلك على العالم الثالث :
1/ تحول بلدان العالم الثالث إلى ميدان صراع بين المعسكرين مما أدى على
ظهور صراع مسلح في كوريا ( 1950-1953 ) والهند الصينية ( 1954- 1973 ) .
2/ تعرض العالم الثالث إلى تنافس العملاقين من اجل الهيمنة على ثرواته
وإخضاعه لدائرة نفوذه .
3/ عدم الاستقرار السياسي في دول العالم الثالث وعرقلة تطوره وازدهاره .
4/ انتشار القواعد العسكرية في أراضيه وضغوطات المعسكرين لضم دوله في
أحلاف عسكرية هدفها قمع حركات التحرر وحماية مصالحها .
5/ تبلور الوعي السياسي لدى دول العالم الثالث والتي تكتلت في مؤتمر
باندونغ لتدافع عن كيانها ولتبحث لها عن مكان تحت الشمس ولترفض ان ترفض ان تكون
ميدانا للصراع بين المعسكرين .
الخاتمة :
إن متاعب الحرب العالمية الثانية كانت السبب الأساسي في تراجع مكانة
الاستعمار القديم مما سمح للولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بتزعمها العالم وهو
ما أدخلها في حالة صراع من اجل تحقيق مصالح ونفوذ على حساب دول العالم الثالث التي
أصبحت ميدانا لهذا الصراع وإذا كانت الآثار المترتبة عليه سلبية بوجه عام فإن
وعيها بخطورة الصراع ودفاعها عن مصالحها ورفضها ان تكون طرفا في الصراع أو ميدانا
له لدليل على إيجابية الآثار بوجه خاص ومحدود على العالم الثالث .
. . . . … . . .. . . . . . . . . . . . .
. . . … . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . .
السؤال :
من بين الأحداث الهامة التي شهدتها سنة 1955 بالنسبة للثورة
الجزائرية ، أحداث 20 أوت 1955 ، وإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال هيئة
الأمم المتحدة
.المطلوب :
1/عرف كل حدث من الحدثين المذكورين .2
/بين اثر كل منهما على مسار الثورة الجزائرية
الجواب :
مقدمة :
بحلول سنة 1955 تكون الثورة الجزائرية قد قطعت مرحلة هامة ، رغم
قصر المدة ، اجتازت خلالها عدة صعوبات وعراقيل حاول العدو الفرنسي وضعها في وجهها
من أجل إفشالها والقضاء عليها ، كادعائه بكونها ثورة خارجية ، وان أصحابها من
الفلاقة وقطاع الطرق وغيرها من الادعاءات الباطلة، وبدأت في الاستعداد الجدي
والجاد لمواجهة المستعمر بكل الوسائل و الأساليب العسكرية والاقتصادية والسياسية ،
لتثبت وجودها ، وتبرهن للرأي العام المحلي والفرنسي والعالمي عدالة قضيتها ،
وإصرارها على افتكاك النصر مهما كانت التضحيات ومهما غلا الثمن وفي هذا النطاق
تندرج أحداث 20 أوت 1955 ، وإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال هيئة الأمم
المتحدة .
تعريف كل حدث من الحدثين :
أ/ أحداث 20 أوت 1955 : خلال الاجتماع المنعقد من
25 جوان 1955 إلي 1 0 جويلية من نفس السنة بين قادة المنطقة الثانية بضواحي
"الزمان " المسمى بالحدائق بسكيكدة ، وبحضور مائة من المجاهدين أعضاء
الولاية الثانية منهم زيغود يوسف ، لخضر بن طوبال ، مصطفى بن عودة ، علي كافي،
محمود الصالح ميهوب ، بوضرسة عمار وغيرهم ، تم الاتفاق على القيام بهجمات واسعة
يوم20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني لتحقيق عدة أهداف منها :- فك الحصار المضروب على
منطقة الأوراس والقبائل بعد أن نقل الاستعمار قواته وتعزيزاته لهذه المناطق لخنق
الثورة والقضاء عليها نهائيا . - التضامن مع الشعب المغربي الشقيق ، حيث أن 20 أوت
55 تصادف الذكرى الثانية لنفي الملك محمد الخامس إلى جزيرة مدغشقر .
/- إثبات تعلق الشعب الجزائري بالكفاح من أجل الاستقلال و الحرية
والسيادة الجزائرية .
/-تفنيد الادعاءات الفرنسية القائلة بعدم وجود ثورة بالجزائر وأن ما
يحدث لا يزيد عن كونه عبارة عن عمليات إرهابية يقوم بها قطاع الطرق والخارجون عن
القانون
- تعميم الثورة وترسيخها وتغلغلها في الأوساط الجماهيرية بواسطة
الهجوم العام الذي تسانده قوى الشعب بجميع فئاته
./- رفع معنويات المجاهدين و الروح القتالية لديهم بتحطيم أسطورة الجيش
الاستعماري الذي لا يقهر
./- الرد على عمليات الإبادة والتقتيل والسلب والنهب التي مارستها قوات
جيش الاستعمار وأذنابه وغلاة المستعمرين ضد الشعب الجزائري الأعزل .
/- لفت انتباه الأنظار الدولية للقضية الجزائرية وكفاح شعبها ضد
الفرنسيين خاصة وأن هذه القضية سوف ترفع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في
الشهر الموالي ( سبتمبر 1955) بعد أن نوقشت في مؤتمر باندونغ بإندونيسيا - محاولة
توحيد صفوف الحركة الوطنية الجزائرية بانضمام أعضائها إلى جبهة التحرير الوطني
لتشكيل قوة وطنية صلبة بإمكانها الصمود في وجه العدو ومواجهته .
/- وقف الحملة الفرنسية الشرسة التي شنتها ضد زعماء الثورة حيث قتلت
البعض منهم كباجي المختار في 20نوفمبر 1954 ، وديدوش مراد في 18 جانفي 1955و ألقت
القبض على البعض الآخر مثل ابن بو العيد (1955)و أرغمت آخرين على مغادرة الجزائر
مثل بوضياف الذي غادر الجزائر سنة 1955 إلى المغرب الأقصى لمواصلة نشاطه ودعمه
للثورة .
ب/ إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال هيئة الأمم المتحدة :
في فاتح أكتوبر 1955 قررت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة
تسجيل القضية الجزائرية بـ 28 صوتا ضد 27 صوتا وقد
رفضت فرنسا ذلك مدعية أن القضية الجزائرية قضية فرنسية داخلية ، كما وعدت بحل
المشكلة بصفة مرضية للطرفين (الفرنسي و الجزائري ) وأنها ترفض رفضا باتا تسجيلها
في جدول أعمال الهيئة ، كما انسحب وزير الخارجية الفرنسي " بيني" من
الجلسة وامتنع عن مناقشة المسائل الأخرى . وفي 25 نوفمبر 1955 قررت المنظمة سحب
القضية من جدول أعمالها بعد أن قدم ممثل الهند "كر يشنا مينوه " عريضة
يطالب فيها بإلغاء القضية الجزائرية من جدول الأعمال لأن فرنسا وعدت بحل المشكل
الجزائري بصفة مرضية للطرفين ، فوافقت الجمعية العامة على ذلك ، وأرجئت هذه القضية
إلى الدورة المقبلة إن لم تنفذ فرنسا وعدها وتجد لها الحل المناسب و المقبول من
الطرفين .
اثر كل حدث منها في مسار القضية الجزائرية :
أ / حوادث 20 أوت 1955:
لقد كانت لهذه الحوادث آثار هامة بالنسبة للثورة ، إذ اعتبرت نقطة
تحول رئيسية ، و من هذه الآثار ما يلي :
- أدت إلى أن تعم الثورة كامل التراب الوطني .
/- فندت أقاويل الاستعمار على أن الثورة مسيرة من الخارج وبقيادة
" مشوشين " .
/- أظهرت التفاف الشعب حول الثورة ، وإنها ليست من صنع قطاع الطرق .
/- مهدت هذه العمليات لمؤتمر الصومام 20 أوت 1956.
- فكت الحصار الخانق المضروب على الولاية الأولى و الثالثة .
/- أعطت دفعا جديدا وقويا للقضية الجزائرية في المجال الدولي و الدبلوماسي
وأدخلتها إلى مجال الأمم المتحدة .
/- أجبرت العدو على تغيير استراتيجيته سياسيا وعسكريا ، والاعتراف
بتصاعد عمليات الكفاح المسلح وخطورته على الاستقرار الفرنسي في الجزائر ، و تيقن
الفرنسيون انهم أمام " ديان بيان فو " جديدة .
- امتدت تأثيراتها إلى داخل صفوف جيش فرنسا في وطنها الأم حيث رفض
جنودها في شهر سبتمبر 1955 الالتحاق بالجزائر و قاموا بمظاهرات صاخبة ، وهذا ما
فعله أيضا الطيارون بمدينة "ليون " الفرنسية.
/- أكدت مصير وحدة المغرب العربي وآماله المشتركة ، وعززت تضامنه
النضالي والكفاح بين شعوبه .
ب/ إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال هيئة الأمم المتحدة :
إن إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الأمم المتحدة لأول مرة
منذ اندلاع الثورة في غرة نوفمبر 1954 حدث هام جدا من الناحية الدبلوماسية و
السياسية ، وتتجلى هذه الأهمية فيما يلي :
- القضاء نهائيا على المزاعم و الأحلام الفرنسية الداعية بأن الجزائر
، كما جاء في دستور 1947 ( قطعة من التراب الفرنسي ) وإنها جزء لا يتجزأ منها ،
وبالتالي تأكد العالم بأسره حتى تلك التي لم تساند الموقف الجزائري بأن القضية
الجزائرية قضية تصفية استعمار .
/- أبرزت رغبة دول العالم ، خاصة الدول العربية ، ودول حركة عدم
الانحياز في مناصرة الشعب الجزائري وتأييده ، ودعمه سياسيا لكي ينال حقه المغتصب ،
ويسترد حريته ، وهو ما أحس به الوزير الفرنسي للخارجية " بيني " حين
انسحب من الجلسة وقاطع أعمالها
- حصول الشعب الجزائري وجبهة التحرير الوطني على دعم معنوي كبير زاد
من إصراره على الاستمرار في الكفاح ومواجهة العدو بكل الوسائل ومختلف الأساليب بما
في ذلك الأسلوب السياسي .
الخاتمة :
من كل ما سبق يتضح أن سنة 1955 حبلى بالأحداث السياسية المتمثلة في
أحداث 20 أوت 1955 وتسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال
هيئة الأمم المتحدة وإضراب 5 جويلية وإنشاء الاتحادات الخاصة بالجزائريين كالاتحاد
الوطني للطلبة المسلمين وغيره . وإن كل هذه الأحداث وغيرها زادت من توطيد اللحمة
الجزائرية وإصرار الشعب على المضي في كفاحه ، وفي المقابل زعزعت الموقف الفرنسي
الداخلي والخارجي وأحرجت الساسة الفرنسيين فزادوا من أعمالهم العسكرية الشرسة طمعا
في كسب نصر عسكري
. . . . … . . .. . . . . . . . . . . . .
. . . … . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . .
السؤال :
لقد كان انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 بالجزائر في حد ذاته
رمزا للانتصار الكبير وتتويجا لانتصارات عديدة للثورة في المجال الداخلي والخارجي
ومنطلقا لمواجهة أكثر عنفا وشراسة وتحديا . كيف ؟ ولماذا ؟
دورة 1988
الإجابة :المقدمة :
اندلعت ثورة التحرير الكبرى عام 1954 بإمكانيات محدودة في ظروف
داخلية وخارجية متميزة وصعبة وحقق الثوار في مرحلتها الأولى انتصارات باهرة خاصة
في عمليات الهجوم على الشمال القسنطيني ، وقد كان من المنتظر عقد مؤتمر تقييمي
للثورة في العام الثاني إلا أنه تعذر عقده ونظرا للصعوبات التي واجهت الثورة
وحاجتها لعقد مؤتمر ، عقد الثوار مؤتمرهم التاريخي بالصومام في 20
أوت 1956 .
أ/ ظروف انعقاد مؤتمر الصومام : / انطلاق الثورة وشموليتها بعد هجوم الشمال القسنطيني
20 أوت 1955 والتفاف جميع الشرائح الاجتماعية والأحزاب السياسية الجزائرية حولها.
2/ تضاعف عدد المجاهدين وإمكانيات الثورة .
3/ الانتصارات الداخلية والخارجية للثورة .
الداخلية :
تمثلت في الهجوم على الشمال القسنطيني عام 1955 وعمليات أخرى في
الولايات الهادئة ( وهران ) وانتصارات حاسمة في معركة
الجرف التي خسرت فيها قوات الاحتلال أكثر من 400 جندي وثمانية طائرات وتأطير
الثورة للشعب الجزائري من خلال تأسيس المنظمات الجماهيرية مثل اتحاد الطلبة
الجزائريين والاتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري 1956 وقيام الانتفاضة
الطلابية في 19 ماي 1956 وإضرابات للعمال والتجار في فترات مختلفة .
الخارجية :
وتمثلت في دور الاتحاد العام للعمال واتحاد الطلبة الجزائريين في
تدويل القضية الجزائرية وهو ما سهل الإدراج لأول مرة في جدول أعمال هيئة الأمم
المتحدة عام1955كما شارك وفد جبهة التحرير الوطني في تجمع الكتلة الأفروآسيوية
بباندونغ سنة 1955 والتي احتضنت القضية الجزائرية وبدأت بدعمها في المجتمع الدولي
ومحافله الهامة .
ب/ نتائج مؤتمر الصومام :
انعقد مؤتمر الصومام بالولاية الثالثة بين 14-23 أوت 1956 ومن أهم
قراراته ما يلي :
1/ تأسيس المجلس الوطني للثورة ويتألف من 34 عضوا ثم ارتفع عددهم إلى 54
عضوا .
2/ إنشاء لجنة التنفيذ والتنسيق وتتألف من 5 أعضاء وارتفع إلى 14 عضوا
تشرف على الجهازين السياسي والعسكري للثورة .
3/ إنشاء لجان فرعية تحت إشراف لجنة التنسيق والتنفيذ منها لجنة الدعاية
والأخبار واللجنة السياسية والاقتصادية والنقابية .
4/ تقسيم الجزائر إلى ست ولايات عسكرية ووضع حدود كل ولاية وتقسيم كل
ولاية إلى مناطق والمناطق إلى نواحي والنواحي إلى قسمات وتخضع كل ولاية للجنة
التنفيذ والتنسيق ثم بدورها تخضع أمام المجلس الوطني للثورة .
5/ إقرار مبدأ القيادة الجماعية .
6/ إعطاء الأولوية للعمل السياسي على العمل العسكري والداخل على الخارج .
7/ تنظيم جيش التحرير رتبا ورواتب ، إجازات وعقوبات .
8/ تكوين المجالس الشعبية المكلفة بإدارة القرى والمداشر والدوائر
ومهمتها العناية بالحالة المدنية للسكان .
وقد ترتب عن هذه القرارات التاريخية الحاسمة نتائج هامة يمكن
توضيحها على النحو الآتي :
1/ دعم الثورة الجزائرية بهياكل تنظيمية فعالة ودائمة .
2/ ضبط العلاقة بين الداخل والخارج .
3/ تكوين الهيئات التابعة لجبهة التحرير الوطني .
4/ ضبط العلاقة بين الجهاز السياسي والجهاز العسكري .
5/ وضع نهج سياسي واضح المعالم .
6/ تبيان شروط المفاوضات ووقف إطلاق النار .
بهذه النتائج الهامة والتنظيمات الجديدة والدقيقة للثورة تمكنت الثورة
من تحقيق المكاسب الآتية :
1/ اتساع نشاط الثورة إعلاميا ودوليا من خلال فتح إذاعة الجزائر الحرة
المكافحة .
2/ ارتفاع درجة الوعي السياسي والوطني لدى كل شرائح المجتمع الجزائري .
3/توسيع نطاق العمل الديبلوماسي واتساع التأييد الدولي للقضية
الجزائرية .
4/ المشاركة الواسعة في المحافل الدولية والعالمية .
5/ تزايد العمل العسكري للثورة في الجبال والقرى وفتح جبهة الصحراء الحربية
منذ 1957 وفتح جبهة أخرى في الخارج عرفت بالولاية السابعة التاريخية (فيدرالية
جبهة التحرير الوطني ) بفرنسا لذا نقل العمل العسكري إلى قلب فرنسا .
الخاتمة :
تبين من خلال ما سبق عرضه من قرارات ونتائج مؤتمر الصومام أنه كان
منعرجا هاما في حياة الثورة الجزائرية إذ ذلل كل الصعوبات التي اعترضتها ودعمها
بالهياكل الضرورية مما جعل الثورة واضحة المعالم ومطابقة للأعراف والقوانين
الدولية ، وفضلا عن هذه المكاسب فإن عقد مثل هذا المؤتمر على ارض الوطن هو اكبر
تحدي موجه ضد الاستعمار وهو انتصار جديد للثورة مكنها من مواجهة الخطط الاستعمارية
في المرحلة المقبلة[color:55c7