لاستعارة
الاستعارة صورة فنيه تتميز من التشبيه لأنها أكثر خيالاً أجمل
صورة و سر تأثيرها يكمن في تأليف الألفاظ و ابتكار المشبه به
مما لا يجول في خاطر المرء العادي بل يحسنه الأديب أو الشاعر
الذي وهبه الله تعالى استعداداً سليماً لربط المعاني و توليد بعضها
من البعض الآخر فحين درسنا التشبيه البليغ قلنا هو ما بقي
من التشبيه طرفاه و أتينا بمثال هو أنت أسد ......الخ و إذا أردنا
تحويل الجملة إلى استعارة قلنا رأيت أسد يرمي النبال فحذفنا هذا المشبه و
أبقينا على المشبه به و هذه هي الاستعارة و الاستعارة أنواع. و سوف اكتفي
بذكر أهمهاأ-الاستعارة التصريحية
و إليك هذا البيت توضيح لها
فلم أر قلبي من مشى البحر نحوه *** ولا رجلاً قامت تعانقه الأُسد
تجد إن الشاعر استخدم لفظة البحر في البيت أو بالأصح في صدر
البيت في حين انه لم يقصد البحر المعروف بل أراد الممدوح الكريم
لشبه واضح بين دلالة اللفظتين فالبحر واسع و خيراته كثيرة
و كذلك الممدوح فهو عميم الخير و الفضل و الدليل على انه قصد
الممدوح الكريم انه استخدم الفعل مشى لأن البحر لا يمشي بل الذي
يمشي هو الكريم و انظر إلى كلمة الأسد في عجز البيت تجد أن الشاعر
لم يرد بها تلك الحيوانات المفترسة بل انه أراد الشجعان لشبه واضح
بين دلالتي اللفظتين و هو القدرة و الإقدام بدليل الفعل تعانقه نعود
لي البيت فنجد تشبيهين حذف منهما لفظ المشبه ووضع بديلاً
عنهما لفظ المشبه به على أن المشبه به هو عين المشبه فالاستعارة
هي في هذه الحال تصريحية
ملاحظة أن الاستعارة التصريحية هي التي صرح فيها بلفظ المشبه به
و القسم الآخر هو
ب- الاستعارة المكنية
إذا كانت الاستعارة التصريحية تعتمد على ذكر المشبه به
فأن الاستعارة المكنية تعتمد على حذفه و هذا هو الفارق بينهما
انظر إلى قوله تعالى ( و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) الإسراء 24
نجد أن الآية الكريمة شبهت الذل بطائر ذي جناح فالذل مشبه
و الطائر مشبه به ثم حذف المشبه به الطائر و رمز له بشيءٍ من لوازمه
و هو الجناح أي انه كنى عن المشبه به و لم يصرح به و ذكر القرينة
دليلاً عليه و هي إثبات الجناح الذي يطير به على سبيل الاستعارة المكنية
ملاحظة أن الاستعارة المكنية صورة فنيه تدعو القارئ إلى تأمل المعنى
بعد حذف المشبه به