[center]_____________
»•¤©§| أحد عشر كوكبا |§©¤•«
فهرست
أحد عشر كوكبا على آخر المشهد الأندلسي
1- في المساء الأخير على هذه الأرض
2- كيف أكتب فوق السحاب ؟
3- لي خلف السماء سماء
4- أنا واحد من ملوك النهاية
5- ذات يوم سأجلس فوق الرصيف
6- للحقيقة وجهان والثلج أسود
7- من أنا .. بعد ليل الغريبة ؟
8- كُن لجيتارتي وتراً أيّها الماء
9- في الرحيل الكبير أحبكِ أكثر
10- لا أريد من الحب غير البداية
11- الكمنجات
* خطبة " الهندي الأحمر " - ما قبل الأخيرة - أمام الرجل الأبيض
* حجر كنعانيّ في البحر الميت
* سنختار سوفوكليس
* شتاءُ ريتـا
* فرسٌ للغريب
في الْمَسَاءِ الأخِيرِ عَلى هَذِهِ الأَرضْ
في المساءِ الأخير ِ على هذهِ الأرْض نَقطَعُ أَيّامَنا
عَنْ شُجيّراتِنا ، ونَعُدُّ الضُلوعَ الَّتي سَوفَ نَحمِلُها مَعَنا
والضُلوعَ الَّتي سَوْفَ نَتْرُكُها هَهُنا ... في المَساءِ الأخيرْ
لا نُودِّعُ شَيئا ، ولا نَجِدُ الوَقتَ كَيْ نَنْتهي ...
كُلُّ شيءٍ يَظَلُ على حَالِهِ ، فَالمَكانُ يُبَدِّلُ أَحلامَنا
ويُبَدِّلُ زوّارَهُ . فَجأةً لَمْ نَعُدْ قادرينَ على السُخريَة
فَالمَكَانُ مُعَدٌ لِكَيْ يَستَضيفَ الهَباء .. هُنا في الْمَسَاء الأَخيرْ
نَتَمَلى الْجِبالَ المُحيطَةَ بالْغَيْم : فَتْحٌ .. وَفَتْحٌ مُضادّ
وَزَمانٌ قَديمٌ يُسَلِمُ هذا الزَمَانَ الجَديدَ مَفاتيحَ أَبوابنا
فادْخلوا ، أَيُّها الْفاتِحونَ ، مَنازِلَنا واشربوا خَمرَنا
مِنْ مُوشَّحنا السَّهل . فاللّيْلُ نَحنُ إذا انتَصَفَ اللّيْلُ ، لا
فَجْرَ يَحْمِلُهُ فارسٌ قَادِمٌ مِنْ نَواحي الأَذان الأَخيرْ ..
شايُنا أَخْضَرٌ سَاخِنٌ فاشْرَبوه ، وَفُستُقُنا طَازجٌ فَكُلوه
والأَسِرَّةُ خَضْراءُ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ ، فَاسْتَسلِموا لِلنُعاسْ
بَعْدَ هذا الْحِصارِ الطَّويلِ ، وَنَاموا على ريشِ أحْلامِنا
المُلاءاتُ جاهِزَةٌ ، وَالعُطورُ على الْبابِ جاهِزةٌ ، وَالمرايا كَثيرة
فَادخُلوها لِنَخْرُجَ مِنْها تََماما ، وعَمَّا قَليلٍ سَنَبْحَثُ عَمّا
كانَ تاريخَنا حَوْلَ تاريخِكُمْ في الْبلاد الْبَعيدَة
وَسَنسْأَلُ أَنْفُسَنا فِي النِّهايَة : هَلْ كَانَتِ الأَندلس
هَهُنا أَمْ هُنَاكَ ؟ عَلى الأَرضِ ... أَمْ في الْقَصيدَة ؟
كَيْفَ أَكْتُبُ فَوْقَ السَّحاب؟
كَيْفَ أَكْتُبُ فَوْقَ السَّحابِ وَصِيَّةَ أَهْلي؟ وَأَهْلي
يَتْرُكونَ الزَّمانَ كَما يَتْرُكونَ مَعاطِفَهُمْ في الْبُيوتِ , وَأَهْلي
كُلَّما شَيَّدوا قَلْعَةً هَدَموها لِكَيْ يَرْفَعوا فَوْقَها
خَيْمَةً لِلْحَنينِ إِلى أَوَّلِ النَّخْل . أَهْلي يَخُونونَ أَهْلي
في حُروبِ الدِّفاعِ عَنِ الْمِلْح . لكِنَّ غَرْناطَةً مِنْ ذَهَب
مِنْ حَريرِ الْكَلامِ الْمُطَرَّزِ بِاللَّوْزِ, مِنْ فِضَّةِ الدَّمْعِ في
وَتَرِ الْعود. غَرْناطَةٌ لِلصُّعودِ الْكَبيرِ إلى ذاتِها...
وَلَها أَنْ تَكونَ كَما تَبْتَغي أَنْ تَكونَ: الْحَنينَ إلى
أَيِّ شَيْءٍ مَضى أَوْ سَيَمْضي: يَحُكُّ جَناحُ سُنونوَّةٍ
نَهْدَ امْرأَةٍ في السَّريرِ, فَتَصْرُخُ: غَرْناطَةٌ جَسَدي
وَيُضَيِّعُ شَخْصٌ غَزالَتَهُ في الْبَراري, فَيَصْرُخُ؛ غَرناطَةٌ بَلَدي
وَأَنا مِنْ هُناكَ, فَغَنّي لِتَبْنيَ الْحَساسينُ مِنْ أَضْلُعي
دَرَجاً لِلسَّماءِ الْقَريبَةِ. غَنّي فُروسِيَّةَ الصّاعِدينَ إلى
حَتْفِهِمْ قَمَراً قَمَراً في زُقاقِ الْعشيقَةِ. غَنّي طُيورَ الْحَديقَة
حَجَراً حَجَراً. كَمْ أُحِبُّكِ أَنْتِ التَّي قَطَّعْتِني
وَتَراً وَتَراً في الطَّريقِ إلى لَيْلِها الْحارِّ , غَنّي
لا صَباحَ لِرائِحةِ الْبُنِّ بَعْدَكِ, غَنّي رَحيلي
عَنْ هَديلِ الْيَمامِ على رُكْبَتَيْكِ وَعَنْ عُشِّ روحي
فِي حُروفِ اسْمِكِ السَّهْلِ, غَرْناطَةٌ لِلْغِناءِ فَغَنّي
لي خَلفَ السَّماءِ سَماء ...
لِيَ خَلْفَ السَّماءِ سَماءٌ لأَرْجِعَ ، لكنَّني
لَا أَزالُ أُلَّمعُ مَعْدَنَ هذا الْمَكان ، وَأَحْيا
ساعَةً تُبصِرُ الْغَيْبَ . وأَعرِفُ أنَّ الزَّمانْ
لا يُحالِفُني مَرَّتَيْن ، وَأَعرِفُ أَنّي سأَخرُجُ مِنْ
رايَتي طائِراً لا يَحِطُّ على شَجَرٍ فِي الْحَديقَةْ
سَوفَ يَهْبطُ بَعْضَ الْكَلام عَنِ الحُبِّ في
شِعْرِ لوركا الّذي سَوفَ يَسْكُنُ غُرفَةَ نَوْمي
وَيَرى ما رَأيتُ مِنَ الْقَمَرِ الْبَدَويِّ . سَأَخْرُجُ مِنْ
شَجَرِ اللَّوْزِ قُطناً على زَبَدِ . مَرَّ الغَريبْ
حَامِلاً سَبْعَمائَةِ عامٍ مِنَ الْخَيْلِ . مَرَّ الْغَريبْ
ههُنا ، كيْ يَمْرَّ الْغَريبُ هناك . سَأخرُجُ بَعْدَ قَليل
مِنْ تَجاعيدِ وَقتي غَريباً عَنِ الشَّامِ وَ الأَنْدَلُسْ
هذهِ الأَرضُ لَيْستْ سَمائي ، ولَكِنَّ هذا الْمَساءُ مَسائي
وَ المفاتيحَ لي ، وَ الْمآذِنَ لي ، وَ الْمصَابيحَ لي ، وأَنا
لِيَ أيْضاً . َأَنا آدَمُ الْجَنَّتَيْنِ ، فَقدتُهُما مَرَّتَينْ
فَاطرُدوني على مَهَلٍ ،
وَ اقْتُلوني على عَجَلٍ ،
تَحْتَ زَيْتونَتي ،
مَعَ لوركَا ..
أَنا واحِدٌ مِنْ مُلوكِ النِّهايَة
...وأَنا واحِدٌ مِنْ مُلوكِ النِّهايَة...أَقْفِزُ عَنْ
فَرَسي في الشِّتاءِ الأَخيرِ, أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْ
لاَ أُطِلُّ على الآسِ فَوْقَ سُطوحِ الْبُيوتِ, ولا
أَتَطلَّعُ حَوْلي لِئَلا يَراني هُنا أَحَدٌ كانَ يَعْرِفُني
كانَ يَعْرِفُ أَنّي صَقَلْتُ رُخامَ الْكَلامِ لِتَعْبُرَ امْرأَتي
بُقَعَ الضَّوْءِ حافِيَةً, لا أُطِلُّ على اللَّيْلِ كَيْ
لا أَرى قَمَراً كانَ يُشْعِلُ أسْرارَ غَرْناطَةٍ كُلَّها
جَسَداً جَسَداً. لا أُطِلُّ على الظِّلِ كَيْ لا أَرى
أَحَداً يَحْمِلُ اسْمي وَيَرْكُضُ خَلْفي : خُذِ اسْمَكَ عَنّي
وَاعْطِني فِضَّةَ الْحَوْرِ. لا أَتلَفَّتُ خَلْفي لِئلا
أَتَذَكَّرَ أَنّي مَرَرْتُ على الأَرْضِ, لا أَرْضَ في
هذهِ الأَرْضِ مُنْذُ تَكَسَّرَ حَوْلي الزَّمانُ شَظايا شَظايا
لَمْ أَكُنْ عَاشِقاً كَيْ أُصَدِّقَ أَنَّ الْمِياهَ مَرايا,
مِثْلَما قُلْتُ لِلأَصْدِقاءِ الْقُدامى, ولا حُبَّ يَشْفَعُ لي
مُذْ قَبِلْتُ ((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)) لَمْ يَبْقَ لي حاضِرٌ
كَيْ أَمُرَّ غَداً قُرْبَ أَمْسي. سَتَرْفَعُ قَشْتالَةُ
تاجَها فَوْقَ مِئْذَنَةِ اللهِ. أَسْمَعُ خَشْخَشَةً لِلْمَفاتيحِ في
بابِ تاريخنا الذَّهَبيِّ, وَداعاً لتِاريخنا, هَلْ أَنا
مَنْ سَيُغْلِقُ باب السَّماءِ الأخيرَ؟ أَنا زَفْرَةُ الْعَرَبيِّ الأَخيرَةْ
ذاتَ يومٍ ، سأجلِسُ فَوْقَ الرَّصيف
ذاتَ يَوْمٍ سأجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ ... رّصيفِ الْغَريبَة
لَمْ أَكُنْ نَرْجِساً ، بَيْدَ أَنّي أُدافِعُ عَنْ صُورَتي
في الْمَرايا. أَما كُنْتَ يَوْماً ، هُنا ، يا غَريبْ ؟
خَمْسُمائَةِ عامٍ مَضى وَانْقَضى ، وَالْقَطيعَةُ لَمْ تَكْتَمِلْ
بَيْنَنا ، هاهُنا ، والرَّسائِلُ لَمْ تَنْقَطِعْ بَيْنَنا ، وَالْحُروبْ
لَمْ تُغَيِّرْ حَدائِقَ غَرْناطَتي . ذاتَ يَوْمٍ أَمُرُّ بِأَقْمارِها
وَأَحُكُّ بِلَيْمونةٍ رَغْبَتي ... عانِقيني لأُولَدَ ثانِيَةً
مِنْ رَوائِحِ شَمْسٍ وَنَهْرٍ على كَتِفَيْكِ ، وَمِنْ قَدَمَيْنْ
تَخْمُشانِ الْمَساءَ فَيَبْكي حَليباً لِلَيْلِ الْقَصيدَةْ ..
لَمْ أَكُنْ عَابِراً في كَلامِ المُغَنّين ... كُنْتُ كَلامَ
المُغَنّينَ ، صُلْحَ أَثينا وَفارِسَ ، شَرْقاً يُعانِقُ غَرْباً
في الرَّحيلِ إلى جَوْهَرٍ واحِدٍ . عانِقيني لأُولَدَ ثانِيةً
مِنْ سُيوفٍ دِمَشْقِيَّةِ في الدَّكاكينِ . لَمْ يَبْقَ منّي
غَيْرُ دِرْعي الْقَديمَةِ ، سَرْجِ حِصاني الْمُذَهَّبِ . لَمْ يَبْقَ مِنّي
غَيْرُ مَخْطوطةٍ لاِبْنِ رُشْدٍ ، وَطَوْقِ الْحَمامَةِ ، والتَّرْجَمات ...
كُنْتُ أَجْلِسُ فَوْقَ الرَّصيفِ على ساحَةِ الأُقْحُوانَة
وأَعُدُّ الْحَماماتِ: واحِدةً، اثْنَتَيْنِ، ثَلاثينَ ... وَالْفَتَياتِ اللَّواتي
يَتَخاطفْنَ ظِلَّ الشُّجَيْراتِ فَوْقَ الرُّخامِ ، وَيَتْرُكْنَ لي
وَرَقَ الْعُمْرِ ، أَصْفَرَ . مَرَّ الْخَريف عليَّ وَلَمْ أَنْتَبِهْ
مَرَّ كُلُّ الْخَريفِ ، وَتاريخُنُا مَرَّ فَوْقَ الرَّصيفِ ...
وَلَمْ أَنْتَبِهْ !
لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ وَالثَّلْجُ أَسْوَد
لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ وَالثَّلْجُ أَسْوَدُ فَوْقَ مَدينَتِنا
لَمْ نَعُدْ قادِرينَ على الْيَأْسِ أَكْثَرَ مِمّا يَئِسْنا, وَالنِّهايَةُ تَمْشي إلى
السّورِ واثِقَةً مِنْ خُطاها
فَوْقَ الْبَلاطِ الْمُبَلَّلِ بِالدِّمْعِ, واثِقَةً مِنْ خُطاها
مَنْ سَيُنْزِلُ أَعْلامَنا: نَحْنُ, أَمْ هُمْ ؟ وَمَنْ
سَوْفَ يَتْلو عَلَيْنا((مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ)), يا مَلِكَ الاحْتِضار؟
كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ لَنا سَلَفًا, مَنْ سَيَنْزِعُ أَسْماءَنا
عَنْ هُوِيَّتِنا: أَنْتَ أَمْ هُمْ؟ وَمَنْ سَوْفَ يَزْرَعُ فينا
خُطْبَةَ التّيهِ: (( لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَفُكَّ الْحِصار
فَلْنُسَلِّمْ مَفاتيحَ فِرْدَوْسِنا لِوَزيرِ السَّلامِ, وَنَنْجو...))
لِلْحَقيقَةِ وَجْهانِ, كانَ الشِّعارُ الْمُقَدَّسُ سَيْفاً لَنا
وَعَلَيْنا, فَماذا فَعَلْتَ بقَلعَتِنا قَبْلَ هذا النَّهار؟
لَمْ تُقاتِلْ لأَنَّكَ تَخْشى الشَّهادَةَ, لكِن عَرْشَكَ نَعْشُكْ
فاحْمِلِ النَّعْشَ كَيْ تَحْفَظَ الْعَرْشَ, يا مَلِكَ الاْنتِظار
إِنَّ هذا السَّلام سَيَتْرُكُنا حُفْنَةً مِنْ غُبار...
مَنْ سَيَدْفِنُ أَيّامَنا بَعْدَنا: أَنْتَ...أَمْ هُمْ؟ وَمَنْ
سَوْفَ يَرْفَعُ راياتِهِمْ فَوْقَ أَسْوارِنا: أَنْتَ ...أَمْ
فارِسٌ يائِسٌ؟ مَنْ يُعَلِّقُ أَجْراسَهُمْ فَوْقَ رِحْلَتِنا
أَنْتَ...أَمْ حارِسٌ بائِسٌ؟ كُلُّ شَيّءٍ مُعَدٌّ لَنا
فَلِماذا تُطيلُ التَّفاوُضَ, يا مَلِكَ الاحْتِضارْ؟
مَنْ أَنا ...
بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة ؟
مَن أَنا بَعدَ ليلِ الغَريبةِ ؟
أَنهَضُ مِنْ حُلُمي
خَائِفاً مِنْ غُموضِ النَّهار عَلى مَرْمَرِ الدّارِ ، مِنْ
عَتْمَةِ الشَّمسِ في الْوَرْدِ ، مِنْ مَاءِ نَافورَتيِ
خَائِفاً مِنْ حَليبٍ عَلى شَفَةِ الْتّين ، مِنْ لُغَتي
خَائِفاً ، مِنْ هَواءٍ يُمَشِّطُُ صَفْصَافَةً خَائِفاً ، خَائِفاً
مِنْ وُضوحِ الْزَّمانِ الكَثيفِ ، وَمِنْ حَاضِرٍ لَمْ يَعُدْ
حَاضِراً ، خَائِفاً مِنْ مُروري على عَالمٍ لَمْ يَعًُدْ
عَالمي . أَيُّها اليَأس كُنْ رَحْمَةً . أَيُّها الْمَوْتُ كُنْ
نِعمَةً للغَريبِ الَّذي يُبصِرُ الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ
وَاقِعٍ لَمْ يَعُدْ واقِعاً . سَوْفَ أَسقُطُ مِنْ نَجمَةٍ
فِي السَّماءِ إلى خَيْمَةٍ فِي الطَّريقِ ... إلى أَيْن ؟
أَيْنَ الطَّريقُ إلى أيِّ شيءٍ ؟ أرى الْغَيْبَ أَوضَحَ مِنْ
شارعٍ لَمْ يَعُدْ شارِعي . مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةْ ؟
كُنتُ أَمْشي إلى الذّات في الآخَرينَ ، وَها أَنَذا
أَخسَرُ الذّاتَ والآخَرينَ . حِصَاني على سَاحِلِ الأَطلَسيَّ اخْتَفى
وَحِصاني على ساحِلِ المُتَوَسِّطِ يُغْمِدُ رُمْحَ الصَّليبيِّ فيّ
مَنْ أَنا بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَةِ . لا أَستَطيعُ الرُّجوعَ إلى
إخوَتي قُرْبَ نَخْلَةِ بَيْتي القَديم ، ولا أَستَطيعُ النُّزولَ إلى
قَاع هاويَتي . أَيُّها الْغَيْبُ ! لا قَلْبَ لِلْحُبِّ ... لا
قَلْبَ لِلْحُبِّ أَسْكُنُهُ بَعْدَ لَيْلِ الْغَريبَة
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً
أَيُّها الماء
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ؛ قَدْ وَصَلَ الْفاتِحون
وَمَضى الْفاتِحون الْقُدامى. مِنَ الصَّعْبِ أَنْ أَتَذَكَّرَ وَجْهي
في الْمَرايا. فَكُنْ أَنْتَ ذاكِرَتي كَيْ أَرى مافَقَدْت...
مَنْ أَنا بَعْدَ الرَّحيلِ الْجَماعِيَّ؟ لي صَخْرَةٌ
تَحْمِلُ اسْمِيَ فَوْقَ هِضابٍ تُطِلُّ على ما مَضى
وانْقَضى...سَبْعُمائَةِ عامٍ تُشَيِّعُني خَلْفَ سُورِ المَدينَة...
عَبَثاً يَسْتَديرُ الزَّمانُ لأُنقِذَ ماضِيَّ مِنْ بُرْهَةٍ
تَلِدُ الآنَ تاريخَ مَنْفايَ فِيَّ... وَفي الآخَرين...
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْماءُ, قَدْ وَصَلَ الْفاتِحون
وَمَضى الْفاتِحونَ القُدامى جَنوباً شُعوباً تُرَمِّمُ أَيّامَها
في رُكامِ التَّحَوُّلِ: أَعْرِفُ مَنْ كُنْتُ أَمْس, فَماذا أَكُونْ
في غَدٍ تَحْتَ رَاياتِ كولومبسَ الأَطْلَسِيَّةِ؟ كُنْ وَتَراً
كُنْ لِجيتارَتي وَتَراً أَيُّها الْمَاءُ. لامِصْرَ في مِصْرَ, لا
فاسَ في فاسَ, وَالشّامُ تَنْأَى. لا صَقْرَ في
رايَةِ الأَهْلِ, لانَهْرَ شَرْقَ النَّخيلِ الْمُحاصَرْ
بِخُيولِ الْمَغولِ السَّريعَةِ. في أيِّ أَنْدَلُسٍ أَنْتَهي؟ هاهُنا
أمْ هُناكَ؟ سأَعْرِف أَنّي هَلَكْتُ وأَنّي تَركْتُ هُنا
خَيْرَ مافِيَّ: ماضِيَّ. لَمْ يَبْقَ لي غَيْرُ جيتارتي
كُنْ لِجيتارَتي وَتراً أَيُّها الْماءُ. قَدْ ذَهَبَ الْفاتِحون
وَأَتى الْفاتِحون...
في الرَّحيلِ الْكَبير أَحِبُّكِ أَكْثَر ...
في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أَحِبُّكِ أَكْثَر ، عَمّا قَليْلْ
تُقْفِلينِ المَدينَةَ . لا قَلْبَ لي في يَديكِ ، وَلا
دَرْبَ يَحمِلُني ، في الرَّحيلِ الْكَبيرِ أُحِبُّكِ أَكْثَرْ
لا حَليبَ لِرُمّانِ شُرفَتِنا بَعْدَ صَدْرِكِ . خَفَّ النَّخيلْ
خَفَّ وَزنُ التِّلال ، وَخَفَّتْ شَوارِعُنا في الأَصيلْ
خَفَّتِ الأرضُ إذْ وَدعَتْ أَرضَها . خَفَّتِ الْكَلِمات
والْحِكَاياتُ خَفَّت على دَرَجِ اللَّيل . لَكِنَّ قَلْبي ثَقيلْ
فَاترُكيهِ هُنا حَولَ بَيْتكِ يَعوي وَيَبكي الزَّمانَ الْجَميلْ ،
لَيْسَ لي وَطَنٌ غَيْرَهُ ، في الرَّحيل أُحِبُّكِ أَكْثَرْ
أُفْرِغُ الرّوح مِنْ آخِر الْكَلِمات : أُحِبُّكِ أَكْثَر
في الرَّحيلِ تَقودُ الْفَراشاتُ أَرواحَنا ، في الرَّحيلْ
نَتَذَكَرُ زِرَّ الْقَميصِ الّذي ضاعَ مِنّا ، وَنَنْسى
تاجَ أَيامِنا ، نَتَذَكَرُ رائِحَةَ الْعَرَقِ الْمِشمِشيِّ ، وَنَنْسى
رَقصَةَ الْخَيْلِ في لَيْلِ أَعْراسِنا ، في الرَّحيلْ
نَتَساوى مَعَ الطَّيْر ، نَرْحَمُ أَيامَنا ، نَكتَفي بِالْقَليلْ
أَكتَفي مِنْكِ بالْخَنْجَرِ الذَّهبيِّ يُرَقِصُ قَلْبي الْقَتيلْ
فاقْتُليني ، على مَهَلٍ كَيْ أَقولَ : أَحِبُّكِ أَكْثَرَ مِمّا
قُلْتُ قَبْلَ الرَّحيلِ الْكَبير . أُحِبُّكِ . لا شَيءَ يوجِعُني
لا الْهَواءُ ، وَلا الْماءُ ... لا حَبَقٌ فِي صَباحِكِ ، وَلا
زَنْبَقٌ في مَسائِكِ يوجِعُني بَعْدَ هذا الرَّحيلْ ...
لا أُريدُ مِنَ الْحُبِّ
غَيْرَ الْبِدايَة
لا أُريدُ مِنَ الْحُبِّ غَيْرَ الْبِدايَةِ, يَرْفو الْحَمام
فَوْقَ ساحاتِ غَرْناطَتي ثَوْبَ هذا النَّهار
في الْجِرارِ كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ لِلْعيدِ مِنْ بَعْدِنا
في الأَغاني نَوافِذُ تَكْفي وَتَكْفي لِيَنْفَجِرَ الْجُلَّنار
أَتْرُكُ الْفُلَّ في الْمَزهَرِيَّةِ, أَتْرُكُ قَلْبي الصَّغير
في خِزانَةِ أُمِّيَ, أَتْرُكُ حُلْمِيَ في الْماءِ يَضْحَك
أَتْرُكُ الْفَجْرَ في عَسَلِ التّين, أَتْرُكُ يَوْمي وأَمْسي
في الْمَمَرِّ إلى ساحَةِ الْبُرْتُقالَةِ حَيْثُ يَطيرُ الْحَمام
هَلْ أَنا مَنْ نَزَلْتُ إلى قَدَمَيْكِ, لِيَعْلُوَ الْكَلام
قَمَراً في حَليبِ لَياليكِ أَبْيَضَ... دُقّي الْهَواء
كَيْ أَرى شارِعَ النّايِ أَزْرَقَ... دُقِّي الْمَساء
كَيْ أَرى كَيْفَ يَمْرَضُ بَيْني وَبَيْنَكِ هذا الرُّخام.
الْشَّبابيكُ خالِيَةٌ مِنْ بَساتينِ شالِكِ. في زَمَنٍ
آخَرٍ كُنْتُ أَعْرِفُ عَنْكِ الْكَثيرَ, وَ أَقْطُفُ غاردينيا
مِنْ أَصابِعِكِ الْعَشْرِ. في زَمَنٍ آخَرٍ كانَ لي لُؤْلُؤٌ
حَوْلَ جِيدكِ, وَاسْمٌ على خاتَمٍ شَعَّ مِنْهُ الظَّلام
لا أُريدُ مِنَ الْحُّبِ غَيْرَ الْبِدايَةِ, طارَ الْحَمام
فَوْقَ سَقْفِ السَّماءِ الأَخيرةِ, طارَ الْحَمامُ وَطار
سَوْفَ يَبْقى كَثيرٌ مِنَ الْخَمْرِ. مِنْ بَعْدِنا, في الْجِرار
وَقَليلٌ مِنَ الأَرْضِ يَكْفي لِكَيْ نَلْتَقي, وَيَحُلَّ السَّلام.
الكمنجات
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على زَمَنٍ ضائِعٍ لا يَعودْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على وَطَنٍ قَدْ يَعودْ
الكَمَنجاتُ تُحْرِقُ غَاباتِ ذاكَ الظَّلامِ الْبَعيد الْبَعيدْ
الكَمَنجاتُ تُدْمي الْمُدى ، وَتَشُمُّ دَمي في الْوَريدْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ خَيْلٌ على وَتَرٍ مِنْ سَراب ، وَماءٍ يَئِنُ
الكَمَنجاتُ حَقْلٌ مِنَ اللَّيْلَكِ الْمُتَوَحِّشِ يَنْأى وَيَدنو
الكَمَنجاتُ وَحشٌ يُعَذِّبُهُ ظُفْرُ إمْرأةٍ مَسَّهُ ، وَابتَعَدْ
الكَمَنجاتُ جَيْشٌ يُعَمِّرُ مَقْبَرَةً مِنْ رُخاَمٍ وَمِنْ نَهَوَنْدْ
الكَمَنجاتُ فَوْضى قُلوب تُُُُجَنِّنُها الرِّيحُ في قَدَمِ الرَّاقِصةْ
الكَمَنجاتُ أْسْرابُ طَيْرٍ تَفِرُّ مِنَ الرَّايَةِ النَّاقِصَةْ
الكَمَنجاتُ شَكوى الْحَرير المُجَعَّدِ في لَيْلَةِ الْعَاشِقَِةْ
الكَمَنجاتُ صَوْتُ النَّبيذِ الْبَعيدِ على رَغْبَةٍ سابِقَةْ
الكَمَنجاتُ تَتْبَعُني ، ههُنا وَهُناكَ ، لِتَثْأرَ مِنِّي
الكَمَنجاتُ تَبْحَثُ عَنِّي لِتَقْتُلَني، أَيْنَما وَجَدَتْني
الكَمَنجاتُ تَبْكي على الْعَرَبِ الْخارِجينَ مِنَ الأَنْدَلُسْ
الكَمَنجاتُ تَبْكي مَعَ الْغَجَرِ الذَّاهِبينَ إلى الأَنْدَلُسْ
خُطْبَةُ "الهنديّ الأحمر"
-مَاقَبْل الأخيرة-
أمام الرّجُلِ الأبيض
"هَلْ قُلْتُ مَوْتى؟
لا مَوْتَ فقط تبديلُ عوالم"
سياتل
زعيم دواميش
1-
إَذاً مَنْ نَحْنُ في المسيسِبّي. لَنا ماتَبَقَّى لَنا
مِنْ الأَمْسِ /
لكِنَّ لَوْنَ السَّماءِ تَغَيَّرَ, وَالْبَحرَ شَرْقاً
تَغَيَّرَ, يا سَيَّدَ الْبِيضِ! يا سَيَّدَ الخَيْلِ, ماذا تُريدُ
مِنَ الذَّهِبينَ إلى شَجَرِ اللَّيْل؟ /
عالِيَةٌ روحُنا, والْمَراعي مُقَدَّسَةٌ, وَالنّجومْ
كَلاَمٌ يُضيءُ... إِذا أَنْتَ حَدَّقْتَ فيها قَرَأْتَ حِكايَتَنا كُلَّها:
وُلِدْنا هُنا بَيْنَ ماءٍ ونارٍ... وَنولَدُ ثانِيَةً في الْغُيومْ
على حافَّةِ السّاحِلِ اللّازَوَرْدِيِّ بَعْدَ الْقِيامَةِ... عَمّا قَليلْ
فلا تَقْتُلِ الْعُشْبَ أَكْثَرَ, لِلْعُشْبِ روحٌ يُدافِعُ فينا
عَنِ الرّوحِ في الأَرْضِ /
ياسَيَّدَ الْخَيْلِ! عَلِّمْ حِصانَكَ أَنْ يَعْتَذِرْ
لِروحِ الطَّبيعَةِ عَمَّا صَنَعْتَ بِأَشْجارِنا:
آهِ! يا أُخْتِيَ الشَّجَرةْ
لَقَدْ عَذَّبوكِ كَما عَذَّبُوني
فلا تَطْلُبي الْمَغْفِرَةْ
لِحَطَّابِ أُمِّي وَأُمَّكْ...
2-
... لَنْ يَفْهَمَ السَّيِّدُ الأَبْيَضُ الْكَلِماتِ الْعَتيقَةِ
هُنا, في النُّفوسِ الطَّليقَةِ بَيْنَ السَّماءِ وَبَيْنَ الشَّجَر...
فَمِنْ حَقِّ كولومبوسَ الْحُرِّ أَنْ يَجِدَ الهِنْدَ في أيِّ بَحْر,
وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يُسَمِّيَ أَشْبَاحَنا فُلْفُلاً أَوْ هُنودا,
وَفي وُسْعِهِ أَنْ يُكَسِّرَ بَوْصَلَةَ الْبَحْرِ كَيْ لا يُصَدِّقُ أَنَّ الْبَشَر
سَواسِيَّةٌ كالْهَواءِ وَكَالْماءِ خارِجَ مَمْلَكَةِ الْخارِطَة!
وَأَنَّهُمُ يولَدونَ كَما تولَدُ النَّاسُ في بَرْشَلونَة, لكِنَّهمْ يَعْبُدون
إِلهَ الطَّبيعَةِ في كُلِّ شَيْءٍ... وَلا يَعْبُدونَ الذَّهَبْ...
وَكولومبوسُ الْحُرُّ يَبْحَثُ عَنْ لُغَةٍ لَمْ يَجِدْها هُنا,
وعَنْ ذَهَبٍ في جَماجِمِ أجْدادِنا الطَّيِّبينَ وكان لهُ
مَا يُرِيدُ مِنَ الْحَيِّ وَالمَيْتِ فِينا. إِذاً
لِماذا يُواصِلُ حَرْبَ الإبادَةِ, مِنْ قَبْرِهِ,لِلنِّهايَة؟
وَلَمْ يَبْقَ مِنَّا سِوى زِينَةٍ لِلْخَرابِ, وَرِيشٍ خَفيفٍ على
ثِيابِ الْبُحَيْراتِ. سَبْعونَ مَلْيونَ قَلْبٍ فَقَأْتَ... سَيَكْفي
وَيَكْفي, لِتَرْجِعَ مِنْ مَوْتِنا مَلِكاً فَوْقَ عَرْشِ الزَّمانِ الْجَديد...
أَما آنَ أَنْ نَلْتَقِيَ, يا غَريبُ, غَريبَيْنِ في زَمَنٍ واحِدٍ؟
وَفي بَلَدٍ واحِدٍ, مِثْلَما يَلْتَقي الْغُرَباءُ على هاوِيَة؟
لَنا ما لَنا... وَلَنا ما لَكُمْ مِنْ سَماء
لَكُمْ ما لَكُمْ... وَلَكُمْ مِنْ هَواءٍ وَماء
لَنا ما لَنا مِنْ حَصىً... وَلَكُمْ ما لَكُمْ مِنْ حَديد
تَعال لِنَقْتَسِمَ الضَّوْءَ في قُوَّةِ الظِّلِّ, خُذْ ما تُريد
مِنَ اللَّيْلِ, وَاتْرُكْ لَنا نَجْمَتَيْنِ لِنَدْفِنَ أَمْواتنا في الْفَلَكْ
وَخُذْ ماتُريدُ مِنَ الْبَحْرِ, وَاتْرُكْ لَنا مَوْجَتَيْنِ لِصَيْدِ السَّمَكْ
وَخُذْ ذَهَبَ الأَرْضِ والشَّمسِ, واتْرُكْ لَنا أَرْضَ أَسْمائِنا
وَعُدْ, يا غَريبُ, إلى الأَهْلِ... وابْحَثْ عَنِ الْهِنْد
3-
...أَسْماؤُنا شَجَرٌ مِنْ كَلامِ الإِلهِ, وَ طَيْرٌ تُحَلِّقُ أَعْلى
مِنْ الْبُنْدُقِيَّةِ. لا تَقْطَعوا شَجَرَ الإِسْمِ يا أَيُّها الْقادِمون
مِنَ الْبَحْرِ حَرْبَاً وَ لا تَنْفُثوا خَيْلَكُمْ لَهَباً في السُّهول
لَكُمْ رَبُّكُمْ ولَنَا رَبُّنا , وَلَكُمْ دينُكُمْ وَلَنَا دينُنا
فلا تَدْفِنوا الله في كُتُبٍ وَعَدَتْكُمْ بأَرْضٍ على أَرْضِنا
كَما تدَّعونَ , وَلا تَجْعَلوا رَبَّكُمْ حاجِباً في بَلاطِ الْمَلِك!
خُذوا وَرْدَ أَحْلاَمِنا كَيْ تَرَوْا ما نَرى مِنْ فَرَحْ !
وَناموا على ظِلِّ صَفْصافِنا كَي تَطيروا يَماماً يَماما...
كَما طارَ أَسْلافُنا الطيِّبونَ وَعادوا سَلاماً سَلاما.
سَتَنْقُصُكُمْ , أَيُّها الْبِيضُ , ذِكْرِى الرَّحيلِ عَنِ الأَبْيَضِ الْمُتَوَسِّط,
وَتَنْقُصُكُمْ عُزْلَةُ الأَبَدِيَّةِ في غابَةٍ لا تُطِلُّ على الْهاوِيَةْ
وَتَنْقُصُكُمْ صَخْرَةٌ لا تُطيعُ تَدَفُّقَ نَهْرِ الزَّمانِ السَّريع
سَتَنْقُصُكُمْ ساعَةٌ لِلتَّأَمُّلِ في أيِّ شَيْءٍ , لِتُنْضِجَ فيكُمْ
سَماءً ضَروريَّةً لِلتُّرابِِ, سَتَنْقُصُكُمْ ساعَةٌ للِتَّرَدُّدِ ما بَيْنَ دَرْبٍ
وَدَرْبٍ, سَيَنْقُصُكُمْ يوربيدوسُ يَوْماً, وَأَشْعارُ كَنْعَانَ والبْابلييِّنَّ ,
تَنقُصُكُمْ
أَغاني سُلَيْمانَ عَنْ شولَميتَ, سَيَنْقُصُكُم سَوْسَنٌ لِلْحَنين
سَتَنْقُصُكُمْ, أَيُّها البِّيِضُ ذِكرى تُروِّضُ خَيْلَ الْجُنون
وَقَلْبٌ يَحُكُّ الصُّخُورَ لِتَصْقُلَهُ في نِداءِ الكَمَنْجاتِ ...يَنقُصُكُمْ
وَتَنْقُصُكُمْ حَيْرَةٌ لِلْمُسَدَّسِ : إِنْ كانَ لا بُدَّ مِنْ قَتْلِنَا
فَلاَ تَقْتُلوا الْكائِناتِ الَّتي صادَقَتْنا, وَلا تَقْتُلوا أَمْسنَا
سَتَنْقُصُكُمْ هُدْنَةٌ مَعَ أَشْباحِنا في لَيالي الشِّتاءِ الْعَقيمَة
وَشَمْسٌ أَقلُّ اشتعالاً, وبَدْرٌ أَقلُّ اكتِمالاً, لِتَبْدُوَ الْجَريَمة
أَقلُّ احْتِفالاً على شاشَةِ السِّينما, فَخُذوا وَقْتَكُمْ
لِكَي تَقْتُلوا الله...
4-
... نَعْرِفُ ماذا يُخَبَّي هذا الْغُموضُ الْبَليغُ لنا
سَماءٌ تَدَلَّتْ على مِلْحِنا تُسْلِمُ الرُّوحَ. صَفْصافَةٌ
تَسيرُ على قَدَمِ الرِّيحِ , وَحْشٌ يُؤَسِّسُ مَملكةً في
ثُقوبِ الْفَضاءِ الجَريحِ... وَبَحْرٌ يُمَلِّحُ أَخْشابَ أَبْوابِنا,
وَلَم تَكُنِ الأَرْضُ أَثْقَلَ قَبْلَ الخليقةِ, لكنَّ شيئاً
كهذا عَرَفْناهُ قَبْلَ الزَّمانِ ... سَتَرْوي الرِّياحُ لنا
بِدَايَتَنا والنِّهايَةَ , لكِنَّنا نَنْزِفُ اليَوْمَ حاضِرَنا
وَنَدْفِنُ أَيَّامَنا في رَمادِ الأَساطيرِ , لَيْسَتْ أَثينا لنا,
وَنَعْرِفُ أَيَّامَكُمْ مِنْ دُخانِ الْمَكانِ, وَ لَيْسَتْ أَثينا لَكُمْ,
وَنَعْرِفُ ما هَيَّأَ الْمَعْدِنُ – السَّيِّدُ الْيَوْمَ مِنْ أَجْلِنا
وَمِنْ أَجْلِ آلِهَةٍ لَمْ تُدَافِعْ عَنِ الْمِلْحِ في خُبْزِنا
وَنَعْرِفُ أَنَّ الْحَقيقَةَ أَقْوى مِنَ الْحَقِّ, نَعْرِفُ أَنَّ الزَّمانَ
تَغَيَّرَ, مُنْذُ تَغَيَّرَ نَوْعُ السِّلاحِ.فَمَنْ سَوْفَ يَرْفَعُ أَصْواتَنا
إِلى مَطَرٍ يابِسٍ في الْغُيُومِ؟ وَمَنْ يَغْسِلُ الضَّوْءَ مِنْ بَعْدِنا
وَمَنْ سَوْفَ يَسْكُنُ مَعْبَدَنا بَعْدَنا؟ مَنْ سَيَحْفَظُ عاداتِنا
مِنَ الصَّخَبِ الْمَعْدِنِيِّ؟ (( نُبَشِّرُكُمْ بِالْحَضارةِ )) قالَ الْغَريبُ, وَقال:
أَنا سَيِّدُ الْوَقْتِ , جِئْتُ لِكَيْ أَرِثَ الأَرْضَ مِنْكُم,
فَمُرُّوا أَمامي , لأُحْصِيَكُمْ جُثّةً جُثّةً فَوْقَ سَطْحِ الْبُحَيْرَة
((أُُبَشِّرُكُم بِالحْضارَةِ)) قالَ, لِتَحْيا الأناجيلُ, قالَ, فَمُرُّوا
لِيَبْقى لِيَ الرَّبُّ وَحْدي, فإنَّ هُنوداًُ يَموتونَ خَيْرٌ
لِسَيِّدِنا في الْعُلى مِنْ هُنودٍ يَعيشونَ , وَالرَّبُّ أَبْيَض
وَ أَبْيَضُ هذا النَّهارُ : لَكُمْ عالمٌ وَلنا عالَم...
يَقولُ الغَريبُ كَلاماً غَريباً، وَيَحْفِرُ في الأَرْضِ بِئْرا
لِيَدْفنَ فيها السَّماءَ . يَقولُ الغَريبُ كَلاماً غَريباً
وَيصْطادُ أَطُفالنا وَاْلفَراشَ. بِماذا وَعَدْتَ حَديقَتَنا يا غَريب؟
بِوَرْدٍ مِن الزِّنْكِ أَجْمَلَ مِنْ وَرْدِنا؟ فَلْيكُنْ ما تَشاء
وَلكِنْ, أَتَعْلَمُ أَنَّ الْغَزالَةَ لا تَأْكُلُ الْعُشْبَ إِنْ مَسَّهُ دَمُنا؟
أَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَواميسَ إِخْوتُنا والنَّباتاتِ إِخْوتُنا يا غَريب؟
فلا تَحْفِرِ الأَرْضَ أَكْثَرَ! لا تَجْرَحِ السُّلَحْفاةَ التَّي
تَنامُ على ظَهرِها الأَرْضُ ، جَدَّتُنا الأَرْضُ, أَشجارنُا شَعْرُها
وَزِينتُنا زَهْرُها. ((هذِه الأَرْضُ لا مَوْتَ فيها )) , فَلا
تُغَيِّرْ هَشاشَةَ تَكْوينِها ! لا تُكَسِّرْ مَرايا بَساتينِها
وَلا تُجْفِلِ الأَرْضَ , لا تُوجِعِ الأَرْضَ. أَنْهارُنا خَصْرُها
وَأَحْفادُها نَحْنُ, أَنتُمْ ونحن, فلا تَقْتُلوها...
سَنَذهبُ ، عمَّا قليلٍ، خُذُوا دَمَنا واترُكوها
كما هي ,
أَجملَ ما كَتَبَ اللهُ فوقَ المياه ,
لَهُ...ولنا
سَنَسْمَعُ أَصْواتَ أَسلافِنا في الرِّياحِ ، ونُصْغي
إِلى نَبْضِهِمْ في بَراعِم أَشجارِنا. هذه الأَرْضُ جَدَّتُنا
مُقَدَّسةٌ كُلُّها، حَجَراً حَجَراً، هذه الأَرْضُ كُوخٌ
لآلِهَةٍ سَكَنتْ مَعَنا , نَجْمةً نَجمةً وأَضاءَت لَنا
لَيالي الصَّلاةِ ... مَشَينا حُفَاةً لِنَلْمُسَ رُوحَ الْحَصى
وَسِرْنا عُراةً لِتُلْبِسَنا الرُّوحُ، روحُ الهواءِ ، نِسَاء
يُعِدْنَ إِلينا هِباتِ الطَّبيعةِ _ تاريخُنا كانَ تاريخَها. كانَ لِلْوَقْتِ
وَقْتٌ لِنولَدَ فيها وَنَرْجِعَ مِنْها إِلَيْها: نُعيدُ إِلى الأَرْضِ أَرَوْاحَها
رُوَيْداً رُوَيْداً. وَنَحْفَظَ ذِكْرى أَحبَّتِنا في الْجِرار
مَعَ الْمِلْح والزَّيْتِ ، كُنَّا نُعَلِّقُ أَسْماءَهُمْ بُطُيورِ الجداوِل
وَكُنَّا الأَوائِلَ, لا سَقْفَ بَيْنَ السَّماءِ وزُرْقَةِ أَبْوابِنا
وَلا خَيْلَ تَأْكُلُ أَعْشابَ غِزْلانِنا في الْحُقولِ, وَلا غُرَباء
يَمُرُّونَ في لَيْلِ زَوْجاتِنا, فَاتْرُكوا النَّايَ للرّيحِ تَبْكي
على شَعْبِ هذا المكانِ الجريحِ...وَتَبْكي عليكم غَدا,
وتبكي عليكم...غَدا ... !
5-
وَ نحن نُوَدِّعُ نيرانَنا , لا نَرُدُّ التَّحِيَّةَ ... لا تَكْتُبوا
علينا وَصايا الإِلهِ الجديدِ , إِلهِ الحديدِ , ولا تطلُبوا
مُعاهَدةً للسَّلامِ مِنَ الميِّتينَ , فلَم يَبْقَ منَهُمْ أَحَدْ
يُبَشَّرُكُمْ بالسَّلامِ مَعَ النَّفْسِ والآخَرين , وكُنَّا هُنا
نُعمِّرُ أَكْثَرَ , لَوْلا بَنادِقُ إنجلترا والنّبيذُ الفرنْسَيُّ والإنفلونزا ,
وكُنّا نَعيشُ كما يَنْبَغي أَنْ نَعيشَ بِرُفْقَةِ شَعْب الْغَزال
وَنَحْفَظُ تاريخَنا الشَّفَهِيَّ , وَكُنَّا نُبَشِّرُكُمْ بالبَراءَةِ والأُقْحُوان
لكُمْ رَبُّكم ولنا ربَّنا , وَلَكُّم أَمْسُكُمْ ولنا أَمْسُنا , والزَّمان
هُوَ النَّهرُ حِينَ نُحدِّقُ في النَّهرِ يَغْرَوْرِقُ الْوَقْتُ فينا ...
أَلا تَحفظونَ قليلاً من الشِّعرِ كي تُوقِفوا الَمْذبَحةْ ؟
أَلَمْ تولَدوا من نِساءٍ ؟ أَلَمْ تَرْضَعوا مِثْلنَا
حَليبَ الحنين إِلى أُمَّهاتٍ؟ أَلَم تَرْتَدوا مِثلَنا أَجْنِحَةْ
لِتَلْتَحِقوا بِالسُّنونو. وكُنَّا نُبَشِّرُكُمْ بالرّبيعِ, فلا تَشْهَروا الأَسْلِحَةْ !
وفي وُسْعِنا أَن نَتَبَادَلَ بَعْضَ الْهَدايا وبَعْضَ الغِناء
هُنا كانَ شَعْبي. هنا ماتَ شَعْبي. هنا شَجَرُ الكستَناء
يُخبِّئُ أَرْواحَ شَعْبي , سَيَرْجِعُ شَعْبي هَواءً وَضَوْءاً وَماء ,
خُذوا أََرْضَ أُمِّيَ بالسَّيفِ , لكِنَّني لَنْ أُوَقِّعَ بِاسْمي
مُعاهَدَةَ الصُّلْحِ بَيْنَ الْقَتيلِ وقاتلِهِ ِ, لَنْ أُوَقِّعَ باسْمي
على بَيْعِ شِبرٍ مِنَ الشَّوْكِ حَوْلَ حُقول الذُّرة
وأَعْرِفُ أَنّي أُودِّعُ آخِرَ شَمْسٍ , وأَلْتَفُّ باسمي
وأَسْقُطُ في النَّهرِ, أَعْرِفُ أَنّي أَعودُ إِلى قَلْبِ أُمِّي
لِتَدْخُلَ , يا سَيَّدَ البِيضِ , عَصْركَ ...فَارْفَعْ عَلى جُثَّتي
تَماثيلَ حُرّيةٍ لا تَرُدُّ التَّحِيَّةَ , واحفرْ صَليبَ الْحديد
على ظِلِّيَ الْحَجَريِّ , سَأَصْعَدُ عَمَّا قليلٍ أَعالي النَّشيد ,
نَشيدِ انْتِحارِ الْجَمَاعاتِ حِينَ تُشيَّعُ تاريخَها لِلْبَعيد ,
وَأُطلِقُ فيها عَصافيرَ أصواتِنا : ههُنا انْتصَرَ الْغُرَباء
على الْمِلحِ , وَاخْتَلَطَ الْبَحْرُ في الْغَيْمِ , وَانْتَصَرَ الْغُرَباء
على قِشْرَةِ الْقَمحِ فِينا , وَمَدُّوا الأَنابيبَ لِلْبَرْقِ والْكَهْرَباء
هُنا انْتَحَرَ الصَّقْرُ غَمّاً , هُنا انْتَصَرَ الْغُرَباء
عَلَيْنا .ولَم يَبْقَ شيءٌ لنا في الزَّمانِ الجديد
هُنا تَتَبَخِّرُ أَجْسادُنا , غَيْمةً غَيْمةً , في الفضاء
هُنا تَتَلأْلأُ أَرْواحُنا , نَجْمةً نَجْمةً , في فضاءِ النَّشيد
6-
سَيَمْضي زَمانٌ طَويلٌ لِيُصْبحَ حاضِرُنا ماضياً مِثُلَنا
سنَمْضي إِلى حَتْفِنا , أَوَّلاً , سنُدافعُ عن شَجَرٍ نَرْتَديه
وَعَنْ جَرَسِ اللَّيلِ , عَنْ قَمَرٍ , فَوْقَ أَكْواخِنا نَشْتَهيه
وَعَنْ طَيْشِ غِزْلانِنا سَنُدافعُ , عن طِينِ فَخَّارِنا سَنُدافِعُ
وَعَنْ ريشِنا في جَناحِ الأَغاني الأَخيرةِ . عمَّا قَليل
تُقِيمونَ عَالَمَكُمْ فَوْقَ عَالَمِنا: مِنْ مَقابِرِنا تَفْتَحونَ الطَّريق
إلى الْقَمَرِ الاصطِناعيِّ. هذا زَمانُ الصِّناعاتِ. هذا
زَمانُ المَعادِنِ , مِنْ قِطْعَةِ الفَحْمِ تَبْزُغُ شَمْبانيا الأقْوِياءْ...
هُنالِكَ مَوْتى وَمُسْتَوطَناتٌ, وَمَوْتى وبولدوزراتٌ , وَمَوْتى
وَمُسْتَشْفَياتٌ , وَمَوْتى وَشَاشاتُ رادارٍ تَرْصُدُ مَوْتى
يَموتون أَكْثَرَ مِنْ مَرّةٍ في الْحَياةِ , وَ تَرْصُدُ مَوتى
يَعيشونَ بَعْدَ الْمَماتِ , وَمَوْتى يُرَبُّونَ وَحْشَ الْحضاراتِ مَوْتا,
وَمَوْتى يَموتونَ كَيْ يَحْمِلوا الأَرْضَ فَوْقَ الرُّفات...
إلى أَيْنَ يَا سَيِّد البِيضِ, تأَخُذُ شَعْبي, ...وَشَعْبَك؟
إلى أَيِّ هَاوِيَةٍ يَأَخُذُ الأَرضَ هذا الرّوبوتُ الْمُدَجَّجُ بِالطَّائِرات
وَحَامِلَةِ الطَّائراتِ, إِلى أَيِّ هاويةٍ رَحْبَةٍ تَصْعَدون ؟
لَكُم ما تَشاؤونَ : رُوما الجديدةُ , إِسْبَارْطةُ التكنولوجيا
و
أَيديولوجيا الجنون,
ونَحنُ سَنَهْرُبُ مِنْ زَمَنٍ لَمْ نُهَيِّئْ لَهُ , بَعْدُ, هاجِسَنا
سَنَمْضي إِلى وَطَنِ الطَّيْرِ سِرْباً من الْبْشَرِ السَّابقين
نُطِلُّ على أَرضِنا مِنْ حَصى أَرْضِنا , مِنْ ثُقوبِ الْغُيوم
نُطِلُّ على أَرضِنا, مِنْ كَلامِ النُّجُومِ نُطِلُّ على أرضِنا
مِنْ هَواءِ الْبُحَيْراتِ , مِنْ زَغَبِ الذُّرَةِ الْهَشِّ , مِن
زَهْرَةِ القَبْرِ , من وَرَقِ الحَوْرِ , مِنْ كُلَّ شيء
يُحاصِرُكم , أَيُّها البِيضُ , مَوْتى يَموتونَ, مَوْتى
يَعيشونَ , مَوْتى يَعودونَ , مَوْتى يَبوحونَ بالسِّرّ,
فَلْتُمْهِلوا الأَرْضَ حتى تَقولَ الحَقيقَة , كُلَّ الحَقيقة ,
عَنكم
وعنَّا...
وعنَّا
وعنكم !
7-
هُنالِك مَوتى ينَامونَ في غُرَفٍ سَوفَ تَبْنونَها
هنالِك مَوْتى يَزورونَ ماضيَهُمْ في المَكانِ الَّذي تَهْدِمون
هُنالِك مَوْتى يَمُرُّونَ فَوقَ الجسورِ الَّتي سَوفَ تَبْنونَها
هُنالِك مَوْتى يُضيؤنَ لَيْلَ الفَراشاتِ , مَوْتى
يَجيئونَ فَجْراً لكي يَشْرَبُوا شايَهُمْ مَعَكُم , هادئِين
كما تَرَكَتْهُمْ بَنادِقُكُمْ , فاتركوا يا ضُيوفَ المَكان
مَقاعدَ خالِيَةً لِلْمُضيفينَ ..كي يَقْرَؤوا
عليكُمْ شُروطَ السَّلامِ مَعَ ... الْمَيِّتين !
حَجَر كنعانيّ
في البحرِ الميّت
لا بابَ يَفْتَحُهُ أَمامي البَحرُ...
قُلتُ: قَصيدَتي
حَجَرٌ يَطِيرُ إِلى أَبي حَجَلاً . أَتَعْلَمُ يا أَبي
ماحَلَّ بي؟ لا بَاب يُغْلِقُهُ عَلَيَّ الْبَحْرُ ، لا
مِرْآةَ أَكْسِرُها لِيَنْتَشِرَ الطّريقُ حَصىً ... أَمامي
أَو زَبَدْ ...
هل مِنْ أَحَدْ
يَبْكي على أَحَدٍ لأَحْمِلَ نَايَهُ
عَنْهُ, وَأُظْهِرَ ما تَبَطَّنَ مِنْ حُطامي ؟
أَنَا مِن رُعاةِ الْمِلحِ في الأَغْوارِ . يَنْقُرُ طائِرٌ
لُغَتي ، ويَبْني عُشَّ زُرْقَتِهِ المُبَعْثَرَ في خِيامي ...
هَلْ مِنْ بَلَدْ
يَنْسَلُّ مِنّي كَي أَراهُ ، كما أُريدُ ، وكَي يَراني
في الشَّاطئِ الْغَرْبِيِّ مِن نَفْسي على حَجَرِ الأَبَدْ ؟
هذا غِيابُكَ كُلُّهُ شَجَرٌ ، يُطِلُّ عَليكَ مِنكَ ومِنْ دُخاني
نامَتْ أَريحا تَحْتَ نَخْلَتِها القَديمَةِ ، لَمْ أَجِدْ
أحَداً يَهُزُّ سَريرَها: هَدَأَتْ قَوافِلُهُم فَنامي ...
وَبَحَثْتُ لاِسْمي عن أَبٍ لاِسْمي ، فَشَقَّتْني عَصاً
سِحْرِيَّةٌ ، قَتْلايَ أَمْ رُؤْيايَ تَطْلُعُ مِنْ مَنامي ؟
ألأَنْبياءُ جَميعُهُمْ أهْلي ، ولكنَّ السَّماءَ بَعيدَةٌ
عَنْ أَرْضِها ، وَأَنا بعيدٌ عَنْ كَلامي ...
لاَ رِيحَ تَرْفَعُني إِلى أعْلى مِن الماضي هُنا
لا ريحَ تَرْفَعُ مَوْجَةً عن مِلْحِ هذا البَحْرِ ، لا
رَاياتِ للمَوْتى لكي يَسْتَسْلِموا فيها ، ولا
أصْواتَ للأَحْياءِ كي يَتَبادَلوا خُطَبَ السَّلام ...
وَالْبَحْرُ يَحْمِلُ ظِلِّيَ الفِضّيَّ عِنْدَ الْفَجْرِ ، يُرْشِدُني إلى
كَلماتيَ الأُولى لِثَدْيِ المَرْأَةِ الأُولى ، ويَحْيا مَيِّتاً
فِي رَقْصَةِ الوَثَنِيِّ حَولَ فَضائِهِ،
ويَموتُ حَيّاً في ثُنائِيِّ القَصيدةِ والْحُسامِ ،
مابَيْنَ مصرَ وبينَ آسيا والشَّمالِ ... فَيا غَريب
أوقِفْ حِصانَكَ تَحْتَ نَخْلَتِنا! على طُرُق الشَّآمِ
يَتَبادَلُ الغُرَباءُ في مَا بَيْنَهم خُوَذاً سَيَنْبُتُ فَوْقَها
حَبَقٌ يُوَزِّعُهُ على الدُّنْيا حَمَامٌ قد يَهُبُّ من البيوت
وَ البحرُ مَاتَ ، من الرَّتابَةِ ، في وَصايا لا تَموت
وأَنا أَنا ، إِنْ كنتَ أنتَ هُناك أَنتَ ، أَنا الغَريب
عن نَخْلَةِ الصَّحْراءِ مُنْذُ وُلِدْتُ في هذا الزِّحامِ
وأَنا أَنا, حَرْبٌ عليَّ وفيَّ حَرْبٌ ... يا غريب
عَلِّقْ سِلاحَك فَوقَ نَخْلَتِنا ، لأَزْرَعَ حِنْطَتي
في حَقْلِ كَنْعانَ المُقَدَّسِ ... خُذْ نَبيذاً من جِراري
وخُذْ صَفْحَةً من سِفْرِ آلِهتي ... وقِسْطاً من طَعامي
وخُذْ الغَزالَةَ من فِخاخِ غِنائِنا الرَّعوِيَّ ، خُذْ
صَلَواتٍ كَنْعانِيَّةٍ في عِيدِ كَرْمَتِها ، وخُذْ عاداتِنا
فِي الرِّيِّ . خُذْ مِنَّا دُرُوسَ البَيْتِ . ضَعْ
حَجَراً من الآجُرِّ ، وارْفَعْ فَوقَهُ بُرْجَ الْحَمامِ
لِتَكونَ مِنّا إِن أرّدْتَ ، وجارَ حِنْطَتِنا . وَخُذْ
مِنَّا نُجومَ الأَبْجَدِيَّةِ ، يَا غَريب
واكْتُبْ رِسالاتِ السَّماءِ مَعي إلى
خَوْفِ الشُّعوبِ من الطَّبيعَةِ والشُّعوب ،
واتْرُكْ أَريحا تَحْتَ نَخْلَتِها ، ولا تَسْرِقْ مَنامي
وَحَليبَ إمْرَأَتي ، وقُوْتَ النَّمْلِ في جُرْحِ الرُّخامِّ !
أَأَتَيْتَ ... ثُمَّ قَتَلْتَ ... ثُمَّ وَرِثْتَ ، كَي
يَزْدادَ هذا البَحْرُ مِلْحا ؟
وأَنا أَنا أَخْضَرُّ عاماً بعدَ عامٍ فَوْقَ جِذْعِ السِّندِيان
هذا أَنا ، وأَنا أَنا. وهنا مَكاني في مَكاني
والآنَ في الماضي أَراكَ ، كَما أَتَيْتَ ، ولا تَراني
والآنَ في الماضي أُضيءُ لِحاضِري
غَدَهُ ... فَيَنْأَى بي زَماني عَنْ مَكاني
حيناً ، ويَنْأَى بي مَكاني عَنْ زَماني
والأَنْبِياءُ جَميعُهُمْ أَهْلي ، ولكِنَّ السَّماءَ بَعيدَةٌ
عَنْ أَرْضِها ، وأَنا بَعيدٌ عن كَلامي
والبَحْرُ يَنْزِلُ تَحْتَ سَطْحِ الْبَحْرِ كَيْ تَطْفُو عِظامي
شَجَراً . غِيابي كُلُّهُ شَجَرٌ . وبابي ظِلُّهُ
قَمَرٌ . وكَنْعانِيَّةٌ أُمِّي . وهَذا الْبَحْرُ جِسْرٌ ثابِتٌ
لِعُبورِ أَيَّامِ القِيامَةِ . يا أبي ، كَمْ مَرَّةً
سَأَموتُ في نَعْناعِ أَحْواضي القَديمَةِ كُلَّما
فَرَكَتْهُ رِيحُ شَمالِكَ الْعالي رَسائِل من يمامِ ؟
هَذَا غِيابي سَيِّدٌ يَتْلُو شَرائِعَهُ على
أحْفادِ لُوطَ ، ولا يَرى لِسَدومَ مَغْفِرَةً سِوَايْ
هذا غِيابي سَيِّدٌ يَتْلو شَرائِعَهُ ويَسْخَرُ من رُؤايْ
ما قِيمَةُ الْمِرْآةِ لِلْمِرْآةِ ؟ لي وَجْهٌ عَليكَ ، وأَنتَ لا
تَصْحو مِن التَّاريخِ ، لا تَمْحو بُخارَ الْبَحْرِ عَنْكْ
والْبَحْرُ ، هذا الْبَحْرُ ، أَصْغَرُ من خُرافَتِهِ وأَصْغَرُ مِنْ يَدَيْكْ
هو بَرْزَخُ البَلُّورِ ، أَوَّلُهُ كَآخِرِهِ ، وَلاَ مَعْنَى هنا
لِدخولِكَ العَبَثِيِّ في أُسْطورةٍ تَرَكَتْ جُيوشاً للرُّكامِ
لِيَمُرَّ جَيْشٌ آخَرٌ يَرْوي رِوايَتَهُ وَيَحْفِرَ لاِسْمِهِ
جَبَلاً ، ويَأْتي ثالِثٌ ويَخُطُّ سِيْرَةَ زَوْجَةٍ خانَتْ ، ويَمْحو رابعٌ
أَسْماءَ مَنْ سَبَقوا . هُنَاك لِكُلِّ جَيْشٍ شاعِرٌ
وَمُؤَرِّخٌ ، ورَبابَةٌ لِلرَّقِصاتِ السَّاخِراتِ مِنَ الْبِدايَةِ والخِتام ...
وسُدىً أُفَتِّشُ عَن غِيابي ، فهو أَبْسَطُ من حَمِيرِ
الأَنْبِياءِ تَمُرُّ فَوقَ السَّفْحِ حامِلَةً سَماءً للأَنامِ ...
والْبَحْرُ ، هذا البَحْرُ ، في مُتَناولِ الأَيْدي . سَأَمشي فَوْقَهُ
وأَسُكُّ فِضَّتَهُ ، وأَطْحَنُ مِلْحَهُ بِيَدَيَّ ، على ألْواحِهِ
فَكَتَبْتُ : لاِسْمي الأَرْضُ ، واسْمُ الأرْضِ آلِهَةٌ تُشارِكُني مُقامي
في الْمَقْعَدِ الْحَجَرِيِّ . لَمْ أَذْهبْ ولَمْ أَرْجِعْ مَعَ الزَّمَنِ الهُلامي
وأَنا أَنا ، ولوِ انْكَسَرْتُ ... رَأَيْتُ أَيَّامي أمامي
ذَهَباً على أَشْجارِيَ الأُولى ، رَأَيْتُ رَبيعَ أُمِّي ، يا أَبي
وَرَأَيْتُ رِيشَتَها تُطَرِّزُ طائِريْنِ : لِشالِها، ولَشالِ أُخْتي
وفَراشَةً لَمْ تَحْتَرِقْ بِفَرَاشَةٍ مِنْ أَجْلِنا ، وَرَأَيْتُ لاِسْمي
جَسَداً : أَنا ذَكَرُ الْحَمامِ يَئِنُّ في أُنْثَى الْحَمامِ .
ورَأَيْتُ مَنْزِلَنا المُؤثَّثَ بِالنَّباتِ ، رَأَيْتُ باباً لِلدُّخول
ورَأَيْتُ باباً لِلْخُروجِ ، رَأَيتُ باباً لِلْخُرُوجِ وَ لِلدُّخول ...
هَلْ مَرَّ نوحٌ مِنْ هُناكَ إِلى هُناكَ لِكَيْ يَقول
ما قال في الدُّنْيا : لَها بابانِ مُخْتَلِفانِ ، لكنَّ الْحِصانَ يَطيرُ بي
ويَطيرُ بي أَعْلى وأسْقُطُ مَوْجَةً جَرَحَتْ سُفوحاً ، يا أَبي
وأَنا أَنا ولوِ انْكَسَرْتُ ، رَأَيْتُ أيَّامي أَمامي
ورَأَيْتُ بَيْنَ وَثائِقي قَمَراً يُطِّلُ على النَّخيل ...
ورَأَيْتُ هاوِيةً ، رَأَيْتُ الْحَرْبَ بَعْدَ الْحَرْبِ ، تِلْكَ قَبيلَةٌ
دالَتْ ، وتِلْكَ قَبيلَةٌ قالَتْ لِهولاكو الْمُعاصِرِ : نَحْنُ لَك
وأقُولُ : لَسنا أُمَّةً أَمَةً ، وأَبْعَثُ لاِبْنِ خَلْدونَ احتِرامي
وأَنا أَنا ، ولوِ انْكَسَرْتُ على الهَواءِ المَعْدِنِيِّ ... وأَسْلَمَتْني
حَرْبُ الصَّليبِي الجَديدِ إلهِ الانْتِقامِ
وإلى المَغوليَّ المُرابِطِ خَلْفَ أقْنِعَةِ الإِمامِ
وإلى نِساءِ المِلْحِ في أُسطورَةٍ نَخَرَتْ عِظامي ...
وأَنا أَنا ، إنْ كُنْتَ أَنتَ أبي ، ولكنِّي غَريبْ
عَنْ نَخْلَةِ الصَّحْرَاءِ مُنْذُ وُلِدْتُ فِي هذا الزِّحامِ
وأَنا أَنا ، لا بَاب يَفْتَحُهُ أَمامِي الْبَحْرُ
قُلتُ : قَصيدَتي
حَجَرٌ يَطِيرُ إِلى أَبي حَجَلاً . أَتَعْلَمُ يا أَبي
ما حَلَّ بي ؟ لاَ بابَ يُغْلِقُهُ عَليَّ الْبَحْرُ . لا
مِرْآةَ أَكْسِرُها لِتَنْتَشِرَ الطَّريقُ رُؤىً ... أمامي
والأنْبِياءُ جَمِيعُهُمْ أَهْلي ، ولكنَّ السَّماءَ بَعيدَةٌ
عن أرْضِها ، وأََنَا بَعيدٌ عَنْ كَلامي
سَنَخْتارُ سُوفوكْليسْ
إَذا كانَ هذا الخَريفُ الْخَريفَ النِّهائِيِّ، فَلنَعْتَذِرْ
عَنِ الْمَدِّ والْجَزْرِ في الْبَحْرِ والْذِّكْرَياتِ... وَعَمَّا صَنَعْنا
بإِخْوَتِنا قَبْلَ عَصْرِ النُّحاسِ: جَرَحْنا كَثيَراً مِنَ الكائِناتِ
بأسْلِحَةٍ صُنِعَتْ مِنْ هَياكِل إخْوتِنا, كَي نَكونَ
سُلاَلَتَهُمْ قُرْبَ ماءِ الْيَنابيعِ, ولْنَعْتَذِرْ
لأَهْلِ الْغَزالَةِ عمَّا صَنَعْنا بِها قُرْبَ ماءِ الْيَنابيعِ, حِينَ
تَدَفَّقَ خَيْطٌ مِنَ الأُرْجُوانِ على الماءِ، لم نَنْتَبِهْ أَنَّهُ دَمُنا
يُؤرِّخُ سِيْرتَنا في شَقائِقِ هذا المَكانِ الْجَميل
وإِنْ كانَ هذا الْخَريفُ الخَريفَ النِّهائِيِّ، فلْنَتَّحِدْ بالسُّحُبْ
لنُمْطِرَ مِنْ أَجْلِ هذا النَّباتِ الْمُعَلِّقِ فَوقَ أَناشيدِنا
لِنُمْطِرَ فَوْقَ جُذوعِ الأساطيرِ... والأُمَّهاتِ اللَّواتي وَقَفْنَ
على أوَّلِ الْعُمْرِ كَي يَسْتَعِدْنَ حِكايَتَنا مِنْ رُواة
أَطالوا عليها فُصولَ الرَّحيل،
أما كَانَ في وُسْعِنا أَنْ نُعَدِّلَ فَصْلَ الرَّحيلِ قَليلا
لِيَهْدَأَ فينا صُراخُ النَّخيل؟
وُلِدْنا هُناكَ على خَيْلِنا، وَاحْتَرَقْنا بشَمْسِ أَرِيحا القَديمَة
رَفَعْنا سُقوفَ البُيوتِ لِيَرْتَدِيَ الظِّلُّ أَجْسادَنا، احْتَفَلْنا
بعيدِ الكُرومِ وَعِيدِ الشَّعيرِ، وزَيَّنَتِ الأَرْضُ أَسْماءَنا
بِسَوْسَنِها واسْمِها. وصَقَلْنا حِجارتَنا كَي تَرِقَّ... تَرِقَّ
على مَهَلٍ في بُيوتٍ يُلَمِّعُها الضَّوْءُ والْبُرْتُقالُ، وَكُنَّا
نُعَلِّقُ أَيَّامَنا في مَفاتيحَ مِنْ خَشَبِ السَّرْوِ. كُنَّا نَعيشُ
على مَهَلٍ، كانَ لِلْعُمْرِ طَعْمُ الْفُروقِ الصَّغيرَةِ بَيْنَ الْفُصول
وإِنْ كانَ هذا الخَريفُ الخَريفَ النِّهائِيَّ، فَلْنَبْتَعِدْ عَنْ
سَماءِ الْمَنافي وَعَنْ شَجَرِ الآخَرينَ. كَبِرْنا قَليلاً
ولَم نَنْتَبِهْ للتَّجاعيدِ في نَبْرَةِ النَّايِ... طالَ الطَّريق
ولم نَعْتَرِفْ أَنَّنا سائِرونَ على دَرْبِ قَيْصَرَ. لَمْ نَنْتَبِهْ لِلْقَصيدَة
وقد أَفْرَغَتْ أَهْلَها مِنْ عَواطِفِهِمْ كَيْ تُوَسِّعَ شُطْآنَها
وَتَنْصِبَ خَيْمَتَنا حَيْثُ أَلْقَتْ بِنا الحَرْبُ بَيْنَ أَثينا وفارِسْ
وبَيْنَ الْعِراقِ وَمِصْرَ. وَنَحْنُ نُحِبُّ الْمَحاريثَ أَكْثَرَ مَمَّا
نُحِبُّ السُّيوفَ، نُحِبُّ هَواءَ الْخَريْفِ، نُحِبُّ الْمَطَرْ
نُحِبُّ الطَّبيعَةَ عاشِقَةً في تَقاليدِ آلِهَةٍ وُلِدَتْ بَيْنَنا
لِتَحْمِيَنا مِنْ رِياحِ الْجَفافِ وخَيْلِ الْعَدُوِّ الَّذي نَجْهَلُهْ،
ولكنَّ أَبْوابَنا بَيْنَ مِصْرَ وبابِلَ مَفْتوحَةٌ لِلْحُروب
ومَفْتوحَةٌ لِلرَّحيل.
... وإِنْ كانَ هذا الخَريفُ الخَريفَ النِّهائِيَّ، فَلْنَخْتَصِرْ
مَدائِحَنا لِلأَواني الْقَديمَةِ، حَيْثُ حَفَرْنا عَلَيْها مَزاميرَنا
فَقَدْ حَفَرْ الآخَرونَ على ما حَفَرْنا مَزاميرَ أُخْرى
ولَمْ تَنْكَسِرْ بَعْدُ. تَصْعَدُ فَوْقَ الدُّروعِ القَديمَةِ خُبَّيْزَةٌ
لِتُخْفِيَ أَزْهارُها الحُمْرُ ما صَنَعَ السَّيْفُ بالإِسْمِ. آثارُنا
سَتَخْضَرُّ منها الظِّلالُ إذا ما اسْتَطَعْنا الْوُصول
إلى أُمِّنا، في نِهايَةِ هذا الْمَمَرِّ الطَّويل.
لَنا ما لَنا. كُلُ شَيءٍ لَنا: مُفْرَداتُ الْوَداع
تُعِدُّ لَنا طَقْسَ زينَتِها... كُلُّ مُفْرَدَةٍ إِمْرَأةْ
على الْبابِ تَحْرُسُ رَجْعَ الصَّدى. كلُّ مُفْرَدَةٍ شَجَرَةْ
تَدُقُّ مَعَ الرِّيحِ قُفْلَ الْمَدى. كُلُّ مُفْرَدَةٍ شُرْفَةٌ
تُطِلُّ على بُقَعِ الغَيْمِ في السَّاحَةِ الخالِيَةِ
تُطِلُّ على ظِلِّها فَوقَ ريشِ الْهَديل...
لَنا ما لَنا. كُلُّ شَيءٍ هُناكَ لَنا...أَمْسُنا
يُرَتِّبُ أحْلامَنا، صُورَةً صُ