كان لأمي عين واحدة
وقد كرهتها لأنها كانت تسبب لي الإحراج
وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي اتعلم فيها
لتعيل العائلة
ذات يوم وفي المرحلة الابتدائية جاءت لتطمأن علي ّ
احسست بالاحراج فعلا
كيف فعلت هذا بي ؟!
تجاهلتها ورميتها بنظرة مليئة بالكره
وفي اليوم التالي ، قال احد التلامذة
أمك بعين واحدة ؟ اوووووه
وحينها تمنيت أن ادفن نفسي
وان تختفي أمي من حياتي
وفي اليوم التالي واجهتها وقلت لها :
لقد جعلت ِ مني أضحوكة ، لم لا تموتين ؟!!
ولكنها لم تجب !!!
لم أكن مترددا فيما قلت ولم أفكر بكلامي
لأني كنت غاضبا جدا
ولم أبالي لمشاعرها
وأردت مغادرة المكان
درست بجد وحصلت على منحة دراسية في سنغافورة
وفعلا ذهبت ودرست ثم تزوجت
واشتريت بيتا وأنجبت أولادا
وكنت سعيدا ومرتاحا في حياتي
وفي يوم من الأيام أتت أمي لزيارتي
ولم تكن رأتني منذ سنوات
ولم ترى أحفادها أبدا !!
وقــَفتْ على الباب واخذ أولادي يضحكون !
صرخت ُ بها :
كيف تجرأت ِ واتيت ِ لتخيفي أطفالي ؟
اخرجي حالا !!!
أجابت بهدوء :
( آسفة لقد أخطأت العنوان على ما يبدوا )
واختفت
وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة
تدعوني لجمع الشمل العائلي
فكذبت ُعلى زوجتي وأخبرتها إنني سأذهب في رحلة عمل
بعد الاجتماع ذهبت إلى البيت القديم
الذي كنا نعيش فيه
للفضول فقط !!!
أخبرني الجيران إن أمي توفيت
لم اذرف ولو دمعة واحدة !!
وقاموا بتسليمي رسالة من أمي تقول فيها :
( ابني الحبيب لطالما فكرت فيك
آسفة لمجيئي إلى سنغافورة وإخافة أولادك
كنت سعيدة جدا عندما سمعت انك سوف تأتي للاجتماع
ولكني قد لا استطيع مغادرة السرير لرؤيتك
آسفة لأنني سببت لك الإحراج مرات ومرات في حياتك
هل تعلم لقد تعرضت َ لحادث عندما كنت َ صغيرا
وقد فقدت َ عينك َ
وكأي أم ، لم استطع أن أتركك تكبر بعين واحدة
ولذا أعطيتك عيني
وكنت سعيدة وفخورة جدا
لان ابني يستطيع رؤية العالم بعيني
مع حبي
( أمـك )
---------------------------------------------------------------------
سبحان الله
إذا كانت هذه رحمة الأم بولدها
فكيف برحمة الله سبحانه ؟!!
يقول الحبيب المصطفى روحي فداه :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
انه قال :
( إن لله مئة رحمة قسم منها رحمة بين جميع الخلائق
بها يتراحمون وبها يتعاطفون و بها تعطف الوحش على أولادها
وأخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة )
صدق رسول الله
ويقول روحي فداه :
( عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قدم على رسول الله بسبي فإذا امرأة من السبي
كانت إذا وجدت صبيا
من السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا :
أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟
قلنا : لا والله وهي قادرة أن لا تطرحه
فقال :
إن الله ارحم بعباده من هذه بولدها )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته