عبارة قد لا نفهم معناها من أول وهلة... قالها إمام أحد المساجد لفتى صالح طلب يد فتاة طيبة فأبى أهلها أن يزوجوه إياها... قال هذا الإمام هذه العبارة مبتسما مهللا بها لهذا الفتى الحزين:"... قل لا إله إلا الله وحطم الأصنام التي بداخلك …" فما معنى ذلك؟
قصد هذا الشيخ بذلك " اجعل حب لا إله إلا الله أكبر من أي حب مهما كبر وتعلق به قلبك". اجعل لا اله إلا الله وقوداً تضيء به قناديل قلبك فتنجلي ظلمته ومداداً طاهراً ترتوي به أقلام أفكارك فلا تخط من قصائد الحب الصادق الخالص إلا ما اختص بحب الخالق... وحطم صنم عشق غير الله من داخلك... حطم هذا الصنم ولا تمكّن منه نفسك... واعلم أنك بذلك تحوز على رضا الوهاب فيهبك خيرا من تلك الفتاة نسباً وأكثر منها جمالا ودينا وخلقا.
ابتسم ذلك الفتى مستبشرا وكأنه يرى بأم عينه عروساً أمامه هبة من الله هي أكمل وأروع وأحسن قلباً وقالباً... وانشرح صدره ثقةً بالله ويقيناً بأن ما بيد الله هو أكبر واجل وأطهر مما بيد العبد.
أحبتي في الله أليس حري بنا جميعا أن نحطم الأصنام التي بداخلنا... أليس جدير بنا أن نعظّم لا اله إلا الله موحدين مجددين الحب والولاء وأن لا نجعل في قلوبنا حباً يعلو حب الله ولا ثقة تسبق ثقتنا بالله.
فكم منا أستعبده صنم حب المال وجمعه والحرص عليه وكأن هذا المال يأتي من عند غير الله ولو توكل على الله وحطم صنم الخوف والطمع وأتقى الله لرزقه من حيث لا يحتسب (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
فكم منا أخوتي في الله استعبده صنم حب النظر إلى ما حرم الله وحب سماع ما حرم الله... أفلا ننطلق ونحطم هذا الصنم بداخلنا معلنين حب لا إله إلا الله... وكم منا استعبده صنم الأنانية وحب النفس وعدم المبالاة بإخوانه المسلمين والسعي في حاجاتهم ومساعدتهم وبذلك نسوا أو تناسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه).
إخواني... لو بحثنا عن الأصنام داخلنا لوجدناها كثيرة... ألا يدفعنا الحياء من الله سبحانه وتعالى والخوف منه أن نحطم هذه الأصنام وننتزعها من قلوبنا، ألا يحق لنا أحبتي أن نفرح بـلا إله إلا الله ونجعلها يقينا يقرب كل بعيد … وثقة لتحقيق وإحضار كل غائب، وتفاؤلا بما عند الله الذي هو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
إخواني في الله إن حب لا اله إلا الله هو نور هو ضياء يلف المؤمن ويرفرف بقلبه أينما كان وحيثما حل... وهو فرحة وسعادة تحضن المؤمن وتميزه عن غيره وتجعل له بـِشر يـُرى من بعيد وحب يحظى به من قبل كل من هم حوله.
ألا يكفينا قول صلوات ربي وسلامه عليه (من قال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. في يوم مائة مرة، كانت له كعدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء، إلا رجل عمل أكثر منه) رواه البخاري.
والمتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله يرى جلياً أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصد اللسان دون القلب وإنما قصد الشعور والإدراك والإحساس بأن الملك لله فنرضى بما وهبنا وأن الحمد لله فنشكر على ما وهبنا.
فهلم إلا إله إلا الله.. رضيت بالله رباً.. وبالإسلام ديناً. وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً