الفرحة تغمر البيت.. تطلق الأم زغرودة نجاح ابنها أوابنتها في الامتحان
وعيناها دامعتان، فلقد انتظرت هذا اليوم طويلا. يبتهج المنزل ويكثر
المباركون.. تتهاطل مكالمات التبريك وهدايا الأهل والأصحاب، ويتحول يوم
النجاح في الإمتحان إلى عرس حقيقي تتعالى فيه الأصوات وتعلو فيه النغمات
الموسيقية.
على بعد بضع مترات، بيت كئيب، لا يُسمع فيه صوت.. سكوت
رهيب، فالكل يعلم أن الابن أو الابنة سقطت في الإمتحان، والكل يتحسر لأن
الطالب أو الطالبة لن تستطيع المرور للمرحلة القادمة من التعليم. فما
العمل في هذين الموقفين ؟ وهل النجاح في الإمتحان يعني النجاح في الحياة؟
وهل الفشل في امتحان ما يعني الفشل في الحياة؟
ما هو النجاح؟
رغم
أن الكل يفهم معنى كلمة النجاح إلا أنه يبقى مصطلحا محدودا إدراكا وليس
معنى. فمن الصعب تقنين هذه الكلمة لأنه كثيرا ما رأينا نتائج نجاح ما تؤدي
إلى فشل كبير في الحياة، وكثيرا ما رأينا فشلا في امتحان ما يؤدي إلى نجاح
كبير في الحياة.
إذا، تجب التفرقة بين النجاح الآني، الحالي والجزئي،
وبين النجاح المستمر والدائم والكلي. فالنجاح الجزئي يرتبط بموقف أو ظرف
ما، بينما النجاح الكلي يكون سلسلة من النجاحات في الحياة، والتي تمس
جوانب عديدة ولا تقتصر على نجاح واحد في مجال واحد فقط.
إن النجاح
في امتحان ما يكون بالتحصل على نقطة تفوق، ولو بقليل النقطة التي يحددها
الأكادميون كحد أدنى للنجاح.. لكن ما معنى النجاح في الحياة؟ هل هناك أدنى
حد له وأعلى حد؟ وكيف نستطيع تقييم إنسان ناجح وآخر فاشل؟ وهل الفشل سببه
السقوط في الإمتحان؟ وهل يسقط الإنسان في الحياة أيضا؟
إن النجاح
في الإمتحان هو جزء بسيط من النجاح في الحياة بالنسبة لمن لهم ميولات
وقدرات أكاديمية. وأقصد بالقدرات الأكاديمية القدرة على استيعاب الدروس
واستخلاص نظريات للتطبيق والقدرة على توصيل المعلومات المستوعبة للآخرين
(طلبة، أساتذة الخ..) وتصل القدرات هنا إلى حد الدخول إلى مخبر البحث
والإبداع..
أما من لهم قدرات فنية، وتقنية لا تستدعي الدخول للجامعة
من أجل تطويرها وتطبيقها على أرض الواقع.. فهنا النجاح بامتحان
كالباكالوريا مثلا يكون أمرا ثانويا وليس ضروريا مئة بالمئة، بل يستطيع
الشخص اتباع تكوين مهني لمدة قصيرة يصبح من خلاله ذا صنعة متميزة ينجح
بواسطتها في حياته المهني