فكوني أيتها المسلمة صالحة مُصلحة ولا تتبعي خطوات شياطين الإنس والجن
للمرأة
في هذه الأيام دور كبير إما في إصلاح المجتمع أو إفساده، ولذلك كان هناك
حرص من أعداء الأمة الإسلامية على كسب المرأة المسلمة في صفهم ومحاولة
إغرائها وتزييف الأمور عليها، فجعلوا حجابها تخلفا وتشددا وجعلوا تبرجها
وسفورها تحضرا وتمدنا وجعلوا سكونها في بيتها وخروجها لجاجتها تسلطا
وتجبرا وجعلوا خروجها واختلاطها بالرجال تقدما وتحررا، فلقد قلبوا لها
الأمور فجعلوا الحلال في عينها حراما وجعلوا الحرام حلالا واستخدموا
لتحقيق ما يريدون أناس من بني جلدتنا جعلوهم يتحدثون بألسنتنا لكي ينشروا
من خلالهم ما يريدون ويدافعوا عما يهدفون، ولذلك وجدنا تلك الشرذمة من
الرجال والنساء الذين لا يكلون ليلا ولا نهارا عن الحديث عن المرأة وحقها
وعن ظلم الإسلام لها، بل إنهم يدافعون عن تبرجها وسفورها واختلاطها
بالرجال بدعوى الحرية والمدنية· وللأسف، رأينا مجموعة كبيرة من المسلمات
يستجبن لتلك الدعوات التحررية الفاجرة التي تريد للأمة أن تسقط وللمسلمين
أن يهزموا وللعفة أن تنتهك وللأخلاق أن تنضحل وصدق من قال: ''فتح الباب من
الداخل أيسر من فتحه من الخارج''، فهؤلاء العلمانيون ومن على شاكلتهم
استطاعوا أن يفتحوا الأبواب الداخلية لتلك الأمة، والتي تمثل مصدر الحماية
لها من الانهيار والتفرق واستطاعوا أن يصلوا إلى الكثير مما يريدوه
أعداؤنا لنا، وكانت من أهم وسائلهم في تحقيق ذلك هو ما نؤكد عليه ''المرأة
المسلمة''· وإذا كانت المرأة المسلمة تشك فيما قلته فإني أدعوها إلى
التدبر والتفكير في تلك الكلمات التي قالها هؤلاء العلمانيون وغيرهم من
أعداء تلك الأمة في الداخل والخارج لنعرف معا حقيقة الأمر، فلعلنا نكون
مخطئين فيما ذهبنا إليه أو نكون على صواب، ومن هذه الأقوال على سبيل
المثال لا الحصر: قال أحدهم: ''لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن
وجه المرأة ويغطى به القرآن''، وقال آخر: ''ليس هناك طريق لهدم الإسلام
أقصر مسافة من خروج المرأة سافرة متبرجة''، وقال أحد شعرائهم وهو محمد
صادق الزهاوي يخاطب المسلمة العراقية فيقول:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث فـقـد كان حارسا كذابا
وبعضهم
كان يقول: ''كأس وغانية تفعلان بأمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع ''وفي
الدلالة على النوايا الخبيثة لدى أعداء الإسلام من وراء هذه الدعوة يقول
محمد طلعت حرب باشا في كتاب له بعنوان ''المرأة والحجاب'': ''إن رفع
الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في
النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي''·
إن
المرأة وسط تلك الهجمة الشرسة التي تتعرّض لها، وهذا الاستغلال الخبيث
لقدرتها على الهدم من خلال جسدها وعاطفتها وقدرتها على الإغواء وتحريك
الشهوات الكامنة تحتاج إلى أن تفهم قيمتها الحقيقية في تلك الحياة وتعرف
قيمة ما قدمه الإسلام لها، والذي يتهمونه بأنه لم ينصف المرأة على الرغم
من ذلك التكريم الذي تحظى به المرأة في الشريعة الإسلامية، ولكن للأسف
أنهم لا يريدون إلا التشكيك والتضليل حتى ولو على حساب إظهار الحقيقة،
فالمرأة المسلمة لها في الإسلام مكانة جعلت غيرها من الغربيات غير
المسلمات يحسدونها على تلك المكانة ويصفونها بأنها ''ملكة''، وهذه المكانة
العظيمة جعلت الكثير من النساء غير المسلمات يدخلن في الإسلام بسبب تكريمه
للمرأة واحتفائه بها، ومع ذلك ولأني أحب أن أدلل على ما أقوله فإني أعرض
تلك الشهادات لمجموعة من العلماء والمثقفين الذين وصلوا إليها بعد دراسة
وتمحيص في أوضاع المرأة في كافة العصور وفي وضعها في العصر الإسلامي لعلها
توضح للمرأة المسلمة عظم مكانتها في الإسلام، يقول الدكتور محمد عبد
العليم مرسي: ''لم تعرف البشرية دينا كالدين الإسلامي عنى بالمرأة أجمل
عناية وأتمها، ولم يعرف تاريخ الحضارات الإنسانية حضارة كالحضارة
الإسلامية قامت على أكتاف الرجال والنساء سواء بسواء، بل وضعت المرأة في
مكانة مساوية للرجل لا تقل عنه ولا تتأخر، كما أعلم بذلك سيد الخلق أجمعين
ونبي هذه الأمة الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حين قال مؤكدا
''إنما النساء شقائق الرجال''· يقول بشر الطرزي الحسيني من كبار علماء
تركستان: ''وبالإجماع فإن مقام المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام كان
نازلا (!!) إلى حد ينكره الضمير الإنساني، وفي هذا قال عمر بن الخطاب رضي
الله عنه: ''والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله
فيهن ما أنزل''، فقد أفاد بهذا القول الوجيز ما كانت المرأة عليه في العهد
الجاهلي من انحطاط وذلة، ثم ما صارت إليه من رفعة وعزة في ظل تعاليم
الإسلام ومبادئه الحكيمة''· يقول: ول· ديورانت في كتاب ''قصة الحضارة'':
''الإسلام رفع مكانة المرأة في بلاد العرب وأن لم ير عيبا في خضوعها
للرجل·· وهو يحرم على النساء ولاية الحكم، لكنه يسمح لها بحضور الصلاة في
المساجد··· وقضى القرآن على عادة وأد البنات، كما سوى بين الرجل والمرأة
في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل
حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث وتتصرف في مالها كما تشاء··
وقضى على ما تعود عليه في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى
الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع''·
والأقوال
كثيرة ولكن المهم هو فهمها وإدراك معانيها، ولتعلم الأخت المسلمة أنها
غالية عندنا، وأن الأمة تحتاج إليها وإلى عودتها إلى دينها وطاعة ربها
وأخذ مكانها الحقيقي في تنمية المجتمع المسلم ورخائه، فتكون مسلمة نافعة
لأمتها ساعية بجهدها ومالها وكل ما تملك إلى عزة تلك الأمة ونصرتها،
فالأمة كما نعلم ولا يخفى ذلك عن أحد تمر بأزمة حقيقية تحتاج إلى الجهد
والبذل والعطاء والدعوة إلى الإسلام وتصحيح المفاهيم لتبيين حقيقة الإسلام
وتمسك الناس به والعمل له، وهذا مطلوب من الرجال والنساء على حد سواء،
فأحوالنا سيئة وأعداءنا لا يملون ولا يكلون من سعيهم لهدم الإسلام والقضاء
عليه، ولذا أدعوك أختي المسلمة بالعودة إلى رحاب الإسلام قولا وعملا حتى
تكوني من المسلمات المؤمنات الصادقات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه·
وأخيرا،
أدعو الله عز وجل أن تكون الرسالة قد وصلت وأن تجد صداها لدى الأخوات
المسلمات والله من وراء القصد والسلام علكيم ورحمة الله وبركاته·