مأساة حقيقية تعيشها السيدة "ش.ص" بباتنة منذ
وفاة زوجها، تاركا في عنقها ستة أطفال تتولى شؤون إعالتهم بتنظيف بيوت
الناس كعاملة نظافة.
تتردد
يوميا على مساكن معارفها من أجل ضمان لقمة العيش لها ولأطفالها، كما تقوم
بغسل ثياب الناس مقابل أجرة زهيدة، ولأن كيل الفقر والحاجة طفحا بها
وبنسلها، فقد صدمتنا عندما أكدت في اتصال بـ"الشروق" وبإصرار شديد أنها
قررت بيع كليتها وحتى قرنية عينيها لإنقاذ أطفالها من جحيم البؤس وضيق
المسكن الذي تعيش فيه، رفقة ثلاثة عائلات في مساحة لا تتعدى 50 مترا. تقول
هذه السيدة "أنا على أتم الاستعداد لبيع كليتي وحتى كبدي لإنقاذ فلذات
أكبادي، ولأضمن لهم سكنا محترما" وتضيف هذه الأرملة أن المأساة بدأت منذ
توفي زوجها الذي كان تقنيا ساميا في تربية المعاقين، وقد فصل عن عمله
لارتباطه بمشاكل متعلقة بالحزب المحظور، فامتهن البطالة عشر سنوات كاملة،
قبل أن توافيه المنية في 2004، تاركا لها معاشا لا يتعدى 12000 دينار
جزائري، تجد عناء كبيرا في كيفية صرفه على ستة أطفال، بينهم خمس بنات
أكبرهن فتاة امتحنت هذه السنة في شهادة البكالوريا وفشلت في الحصول عليها
لضيق السكن، وأصغرهم طفل في التاسعة، حيث يقيم سبعة أفراد في غرفة وحيدة
هي المطبخ وغرفة النوم وكل شيء، تقول السيدة "إنني أقيم في بيت زوجي بحي
بوعقال الشعبي، وفي غرفة وحيدة ضيقة، أثرت على دراسة أبنائي بشكل كبير،
لذلك حلمي هو شراء مسكن ولو متواضعا لإنقاذ مستقبل أطفالي، ببيت يحفظ
كرامتهم بعد رحيل والدهم.. فالحياة هنا لا تطاق شتاءً مع البرد القارس،
وصيفا مع الحرارة الخانقة، حين يتكدس سبعة أفراد في مساحة ضيقة بحجم بضعة
أمتار مربعة". وهي بانتظار الفرج فيما يخص الاستفادة من سكن اجتماعي،
بعدما اطلعت لجنة تحقيق على وضعهم المعيشي المزري، ولأن المدة طالت
ومشكلات أطفالها في تفاقم، فإن خيارها الوحيد والمتاح هو بيع كليتها،
كخيار بدا وأنه "المسلك" الجديد الذي يسلكه الفقراء والمهشمون اجتماعيا
لحل مشكلاتهم الاجتماعية الخانقة، دون انتظار أحد، بل إن هذه المرأة تصرخ
بنبرة حزينة بقولها "أنا مستعدة لبيع عيوني من أجل أطفالي.. أنا لست قلقة
عن مصيري، لكن قلقي وخوفي على مستقبل أولادي هو الأهم