1. المهن الطبية و شبه الطبية مثل الطبيب و الجراح و أخصائي العلاج الطبيعي.
2. المهن القانونية كالمحامي و مراقب الحسابات و عدول الاشهاد و التنفيذ.
3. المهن التقنية مثل المهندس المعماري و مكاتب الدراسات و المحاسبين.
4. المهن الفنية والأدبية كالمترجم و الخطاط و الرسام…
و يتضح إذن أن نشاط المحامي يخضع للضريبة على الدخل تحت صنف أرباح المهن غير التجارية.
وقد اقتضى الفصل 2 من القانون عـــــ87ـــدد لسنة 1989 المؤرخ في 07/09/1989 و المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة أن المحامي ينوب الأشخاص و الذوات المعنوية و يساعدهم و يدافع عنهم لدى جميع الهيئات القضائية و الادارية و التأديبية و يقدم الاستشارات القانونية.
و يمكن أن يمارس المحامي كل هذه الأنشطة إما بصفة فردية أو بالاشتراك مع غيره في إطار مكتب جماعي أو ضمن شركة مدنية مهنية تخضع لأحكام م.أ.ع و لأحكام القانون عــــ65ـــدد لسنة 1998 المؤرخ في 20/07/1998 المتعلق بالشركات المهنية للمحامين و ذلك عملا بالفصل 27 من قانون 07/09/1989 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.
كما مكٌن الفصل 1 من القانون المتعلق بالشركات المهنية للمحامين المؤرخ في 20/07/1998 المحامي من مباشرة مهامه في إطار شركة مهنية ذات شكل تجاري أو في نطاق عقد تعاون أو عقد خدمات يحرر بين المحامي و بين إحدى الشركات المهنية للمحامين. و تكون الشركة المهنية للمحامين ذات الشكل التجاري إما شركة خفية الاسم أو شركة ذات مسؤولية محدودة تخضع لأحكام القانون عــ65ــدد لسنة 1998 المؤرخ في 20/07/1998 ولأحكام م.ت ما لم تتعارض معه و ذلك عملا بالفصل 4 من القانون سالف الذكر.
فالمحامي الذي يمارس نشاطه سواء بصفة فردية أو جماعية أو في إطار شركة مهنية مدنية أو تجارية أو في إطار عقد تعاون أو عقد خدمات فإنه يخضع من وجهة نظر القانون الجبائي إلى الضريبة على الدخل و الضريبة على الشركات باعتباره يمارس مهنة حرة تنضوي تحت صنف مداخيل المهن غير التجارية.
و انطلاقا من أن النظام الجبائي التونسي يقوم على مبدأ التصريح التلقائي بالأداء باعتبار أن القيام بالواجب الجبائي يستوجب المبادرة بالتصريح التلقائي بالأداء في الآجال القانونية و القيام بكل الواجبات الأخرى التي يضبطها التشريع الجبائي و ذلك عملا بالفصل 2 من م.ح.أ.ج ، فإن المحامي يقوم تلقائيا بإيداع تصريحه بالدخل أو بالأداء لدى القباضة المالية الراجعة لها بالنظر و خلاص المعاليم و الضرائب المستوجبة على ضوء ذلك التصريح في الآجال القانونية. كما أنه يتمتع بكامل الحرية فيما يتعلق بالمبالغ المضمنة بالتصاريح المودعة حيث أنه بإمكانه التصريح برقم المعاملات أو المحاصيل أو المقابيض و كذلك المرابيح أو المداخيل الصافية التي يرغب في التصريح بها و دفع الأداء بشأنها.
و أمام هذه التلقائية و الحرية في تحديد أسس الأداء و دفعه، فإنه من حق إدارة الجباية ممثلة في مركز مراقبة الأداءات الراجع له المحامي بالنظر التثبت و التأكد من أن المعني بالأمر قد قام بواجب التصريح و دفع الأداء و أدرج بتصاريحه ما يستوجب إدراجه حسب حقيقة مداخيله و أرباحه و ذلك ضمانا لدعم العدالة الجبائية و حفاظا على توازنات المالية العمومية و صيانة لسلسلة الاصلاحات الجبائية التي انطلقت منذ 02 جوان 1988 بإصدار مجلة الأداء على القيمة المضافة مرورا بمجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين و الضريبة على الشركات في 30/12/1989، فمجلة معاليم التسجيل و الطابع الجبائي في 17/05/1993 و مجلة التشجيع على الاشتثمار في 17/12/1993 و مجلة الجباية المحلية الصادرة بتاريخ 03/02/1997.
و يستمد حق الإدارة في المراقبة الجبائية شرعيته القانونية من الأحكام الواردة بـ م.ح.أ.ج الصادرة في 09/08/2000 التي حددت الإطار الذي يمكن ضمنه ممارسة هذا الحق دون الإخلال بالضمانات القانونية التي وضعها المشرع لحماية المطالب بالأداء من التجاوزات التي يمكن أن تصدر عن الإدارة.
وتبرز أهمية هذه الحقوق و الإجراءات على المستوى التطبيقي و ذلك أثناء قيام الإدارة بمراجعة جبائية لأي محام بوصفه مطالب بالأداء و كانت الإدارة قد وضعت تصاريحه المودعة موضع الشك و النقد باعتبار أن المراجعة الجبائية و ما يتبعها من نتائج وخيمة ، خاصة إذا انتهت بإصدار قرار توظيف إجباري، تؤثر بصفة سلبية على الذمة المالية للشخص الذي كان موضوع مراجعة جبائية.
إلا أن ما يمكن ملاحظته أن المشرع التونسي لم يقم بتعريف واضح لمفهوم المراجعة الجبائية سواء بـ م.ض.د.أ.ط.ض.ش أو بـ م.ح.أ.ج بل اقتصر على التنصيص بأنه الحق المخوٌل لإدارة الجباية لمراجعة الوضعيات الجبائية للمطالبين بالأداء و ذلك رغم خطورة هذه التقنية المخوٌلة للإدارة و ما ينجر عنها من نتائج خطيرة قد تمسٌ بحقوق المحامي موضوع المراجعة بصفة كونها الوسيلة التي تفضي إلى تعمير ذمة الخاضع للضريبة عن طريق توظيف الأداء قسرا.
و قد كانت المراجعة الجبائية منظمة بأحكام الفصلين 63 و 64 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش الذين مكٌنا أعوان إدارة المراقبة الجبائية من حق زيارة المحلات حتى يمكنهم من مراقبة و مراجعة تصاريح الخاضعين للضريبة و مطالبتهم بتقديم كتبهم و دفاترهم و سنداتهم وحجج المقابيض و المصاريف و المحاسبة. كما خول لهم مطالبة الخاضعين للضريبة بالإدلاء بجميع التوضيحات و المبررات المتعلقة بمداخيلهم المصرح بها و بأعبائهم و تخفيضاتهم المخصومة من الدخل.
إلا أنه ما يمكن الإشارة إليه أن هذين الفصلين اقتصرا على حق الإدارة في القيام بالمراجعة الجبائية و آليات إجراء هذه المراجعة دون أن يقع تحديد طرقها و ضوابطها و الأطر الزمانية و المكانية لهذه المراجعة، الأمر الذي وقع تلافيه في " ميثاق المطالب بالضريبة " الذي وقع تخصيص بابه الأول و الثاني لتنظيم عملية المراقبة و توفير الضمانات الأساسية للمطالب بالأداء و المتمثلة خاصة في الاعلام الكتابي المسبق من طرف الإدارة على اعتزامها إجراء المراقبة و تاريخ الشروع فيها و المدة التي ستشملها مع بيان الضرائب و الأداءات المعنية بالمراقبة.
كما وقع التمييز صلب الميثاق المذكور بين مختلف أنواع المراقبة التي يمكن أن تكون مبسطة أو معمقة و ذلك من خلال مراجعة المحاسبة بالنسبة للخاضعين للضريبة و الملزمين بمسك محاسبة أو من خلال مستوى العيش و نمو الثروة و المصاريف الظاهرة و الجلية المنصوص عليها بالفصلين 42 و 43 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش و مع صدور مجلة م.ح.أ.ج تطرق المشرع إلى المراجعة الجبائية و ذلك بسنٌ طريقتين للمراجعة : الأولى تسمى " مراجعة أولية" و الطريقة الثانية هي " المراجعة المعمقة" و ذلك عملا بالفصل 36 من م.ح.أ.ج الذي اقتضى أنه : " يمكن أن تكتسي المراجعة الجبائية صبغة مراجعة أولية للتصاريح و العقود و الكتابات المودعة لدى مصالح الجباية أو مراجعة معمقة للوضعية الجبائية للمطالب بالأداء" و هو النص الذي أردفه المشرع بالفصل 37 الذي تعرض للمراجعة الأولية، يليه الفصل 38 الذي يستعرض الأحكام الخاصة بالمراجعة المعمقة.
إن منظومة المراجعة الجبائية في التشريع التونسي هي منظومة ثنائية تقوم على تخويل الإدارة الخيار في إخضاع المطالب بالضريبة إما إلى مراجعة أولية أو إلى مراجعة معمقة على أن القاسم المشترك بينهما يتمثل في وجوب إعلام المطالب بالضريبة بنتائج المراجعة طبق الفصل 43 من م.ح.أ.ج أما الإشعار المسبق بانطلاق المراجعة الجبائية فلا يخص إلا المراجعة المعمقة، فالمراجعة الجبائية هي السلطة الممنوحة للإدارة، للتثبت باستعمال إجراءات و تقنيات محددة من طرف المشرع، من وفاء المطالبين بالأداء بالتزاماتهم و جبر الضرر الملحق بالخزينة العامة إثر خرق القانون الجبائي.
فالمراجعة الجبائية لا تجرى إلا على شخص طبيعي أو شخص معنوي و يكون خاضعا للضريبة بحكم القانون على المداخيل التي حققها و المكاسب التي على ملكه. فيمكن لمصالح الإدارة الجبائية أن تضع محاميا سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا في إطار مراجعة جبائية، و ما يمكن أن ينجر عنها من نتائج سلبية على ذمته المالية، و ذلك عندما تتفطن الإدارة إلى وجود إخلالات بالواجبات الجبائية و المحاسبية أو عندما تضع مضمون التصاريح المودعة موضع الشك خاصة عند مقارنتها بتصاريح سابقة أو بمستوى عيش المحامي الخاضع للأداء و عناصر نمو ثروته.
و في حقيقة الأمر فإن مسألة إخضاع المحامين إلى مراجعة جبائية و ما ينجر عنها من إصدار قرار في التوظيف الإجباري أصبحت ظاهرة جليٌة و مؤسفة في نفس الوقت بالنظر إلى كثافة عدد المحامين موضوع مراجعة جبائية خاصة في السنوات الأخيرة.
و هذه الظاهرة تنمٌ في الحقيقة عن أمرين هامين، فإما أن رجال القانون غير عارفين بواجباتهم و التزاماتهم القانونية في المادة الجبائية و إما أنهم يحاولون التهرب من الضغط الجبائي المحمول عليهم و لا يعرفون الخروج منه بسلام. و في كلتا الحالتين فإن الأمر يستدعي الإهتمام و ذلك بالنظر إلى إهمال رجال القانون للمادة الجبائية إلى درجة أنهم لا يستطيعون حماية أنفسهم و مواجهة سلطات الإدارة الجبائية التي تكون أحيانا خارقة للقانون، لذلك فإن المحامي بالنظر إلى طبيعة مهنته فهو محمول على معرفة كل المسائل و الإشكاليات المتعلقة بالمادة الجبائية و التي تخص ممارسة نشاطه حتى لا يكون عرضة إلى إجراء مراجعة جبائية التي تؤثر بصفة سلبية على ذمته المالية و مستقبله المهني.
فما هو نظام المراجعة الجبائية للمحامي؟

للإجابة على هذا التساؤل و توضيح هذه الآلية القانونية " الخطيرة " على قطاع المحاماة و التي تستعملها إدارة الجباية بصفة مكثفة وجب التطرق بصفة مبدئية إلى المعايير التي تعتمدها الإدارة قصد إدراج الملف الجبائي للمحامي ضمن برنامج المراجعة الجبائية ( الفصل الأول)، و هذا الفصل يمثل في الحقيقة تنبيه المحامي و توضيح لمختلف واجباته الجبائية الذي يعتبر الإخلال بها من بين المعايير المعتمدة لمراجعة الملف الجبائي للمحامي، ليقع التطرق في فصل ثان إلى بيان كيفية تعديل الوضعية الجبائية للمحامي من خلال البحث في طرق المراجعة و أسسها ( الفصل الثاني).

الفصل الأول: معايير إدراج الملف الجبائي للمحامي ضمن برنامج المراجعة الجبائية:


إن المعايير التي تعتمدها الإدارة قصد إدراج الملف الجبائي للمحامي ضمن برنامج المراجعة الجبائية عديدة، إلا أنه يمكن تصنيفها إلى معايير ذاتيٌة و أخرى موضوعيٌة. فأما الصنف الأول و بالرغم من حساسيته و خطورته فإنه لا يشكل الصنف الهام الذي يتعرض له عموم المحامين من ذلك مثلا أن نيابة المحامي في القضايا الجبائية ضد مصالح الإدارة الجبائية و بصفة ملفتة للإنتباه تعتبرأحد الأسباب الذاتية التي ترتكز عليها الإدارة لإدراج الملف الجبائي ضمن برنامج المراجعة الجبائية خاصة إذا كان هذا المحامي يكسب تلك القضايا مهما كان المركز القانوني لمنوٌبه طالبا أو مطلوبا ضد مصالح الإدارة الجبائية.
كما أن إدارة الجباية يمكن لها أن تضع محاميا في إطار مراجعة جبائية و ذلك " كعقوبة " على موقف سياسي معين فينشغل هذا المحامي بنزاعاته مع إدارة الجباية لما في ذلك من مساس بذمته المالية و بمستقبله المهني و يهمل بذلك مواقفه و آرائه السياسية و الفكرية.
كما تعتبر العلاقة المتوترة بين بعض المحامين و بعض الأعوان المحققين لدى مصالح الجباية من الأسباب الذاتية التي يمكن على أساسها إدراج الملف الجبائي للمحامي ضمن برنامج المراجعة الجبائية و ذلك في إطار تصفية حسابات شخصية بينهما، فلا يجد العون المحقق إلا هذه الوسيلة للضغط على المحامي الذي تربطه به علاقة متوترة.
أما الصنف الثاني فيتعلق بالأسباب الموضوعية التي يمكن على أساسها أن يقع إدراج الملف الجبائي للمحامي ضمن برنامج المراجعة الجبائية و هي تمثل في حقيقة الأمر معايير هامة تساعد إدارة الجباية على القيام بالمراجعات الجبائية.
و تزداد أهمية هذه المعايير باعتبار أنها تطال عموم المحامين على السواء بغض النظر عن علاقتهم المباشرة مع إدارة الجباية أو أعوانها أو انتماءاتهم، فقد تعتمد الإدارة معيارا يتمثل في مرور مدة زمنية معينة دون أن تقع برمجة الملف الجبائي لمحام ما و يكون هذا المعيار الزمني أساسا لبداية المراجعة الجبائية إذا اكتشفت الإدارة وجود إخلالات، إلا أن هذا المعيار الزمني يبقى في حقيقة الأمر مجرد إجراء عادي.
إلا أنه تجدر الإشارة إلى وجود معيارين هامين يستحقان الدرس و التحليل أولهما إخلال المحامي بواجباته الجبائية و المحاسبية و الذي يمثل أهم و أخطر معيار باعتبار أن معظم المراجعات الجبائية تتـأسس على الإخلالات بالواجبات المحاسبية و الجبائية (مبحث أول)، أما المعيار الثاني فيتمثل في عدم ثقة الإدارة في التصاريح التي يودعها المحامي لدى مصالحها و ذلك عندما تلاحظ الإدارة وجود تضارب بين البيانات المضمنة بالتصاريح و المعطيات الواقعية للمحامي الذي قدم تلك التصاريح الجبائية (مبحث ثان).
المبحث الأول: الإخلال بالواجبات المحاسبية و الجبائية:

إن ممارسة مهنة المحاماة تفترض احترام جميع الواجبات القانونية المحمولة على المحامي في علاقته بإدارة الجباية فإذا أخل المحامي بهذه الواجبات يكون عرضة إلى جملة من الإجراءات التي قد تمس في معظم الحالات بذمته المالية و ذلك بصدور قرار توظيف إجباري مؤسس على على إجراء مراجعة جبائية اتضح من خلالها أن هذا المحامي أخل بواجب مسك محاسبة قانونية إن كان خاضعا لها ( فقرة أولى) أو أنه لم يحترم الواجبات الجبائية المحمولة عليه قانونا ( فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: عدم مسك محاسبة قانونية :


تعدٌ المحاسبة بالنسبة للأشخاص المعنويين والأشخاص الطبيعيين الملزمين بمسكها لإدراج العمليات المالية و تحديد الأسس المعتمدة لاحتساب الأداء من أوكد الواجبات التي تحرص المصالح الجبائية على فرض احترامها، فمصالح الجباية تفضٌل وجود محاسبة تقدم إليها من طرف المطالب بالأداء يمكنها تفحصها و اكتشاف ما تحتويه من إخلالات بدلا من إعادة احتساب رقم المعاملات و الأرباح حسب معطيات غير محاسبية تكون غالبا محل جدل من طرف الخاضع للأداء.
و تأسيسا على ذلك فإن المحامي سواء كان شخصا طبيعيا خاضعا للنظام الحقيقي أو شخصا معنويا في إطار شركة محاماة طبقا للقانون المؤرخ في 20/07/1998 المتعلق بالشركات المهنية للمحامين يكون ملزما بمسك محاسبة مطابقة للتشريع الجاري به العمل و ذلك استنادا إلى الفصل 20 و 62 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش.
و التشريع الجاري به العمل الذي ينظم مسك المحاسبة هو القانون عـــ112ـــدد لسنة 1996 المؤرخ في 30/12/1996 المتعلق بنظام المحاسبة للمؤسسات و ذلك وفق ما جاء بفصله الأول، فالمحامي الذي يكون ملزما بمسك محاسبة مطالب بأن يحترم شروطا شكلية (أ) و أخرى أصلية (ب).
أ‌- الشروط الشكلية:

اقتضى الفصل 2 من القانون عـــ112ـــدد المؤرخ في 30/12/1996 المتعلق بالنظام المحاسبي للمؤسسات أن مسك المحاسبة يعتمد على مؤيدات و مستندات و يتضمن مسك دفاتر المحاسبة و إعداد القوائم المالية و ضبطها.
و تتضمن دفاتر المحاسبة وفق ما جاء بالفصل 11 و ما يليه من القانون المذكور الدفتر اليومي و دفتر الحسابات و دفتر الجرد و ميزان الحسابات و يكون الدفتر اليومي و دفتر الجرد مرقمين و مؤشرا عليهما من قبل كتابة المحكمة التي يوجد بدائرتها المحامي الخاضع للأداء و الملزم بمسك محاسبة أو أي سلطة أخرى مؤهلة بمقتضى تشاريع خاصة. كما تحرر الدفاتر بدون ترك بياض و بلا تغيير مهما كان نوعه.
أما القوائم المالية فتشتمل على الموازنة و قائمة النتائج و جدول التدفقات النقدية و الإيضاحات حول القوائم المالية و يقع إعداد هذه القوائم و ضبطها بصفة دورية مرة في السنة على الأقل و في أجل أقصاه 3 أشهر من تاريخ ختم السنة المحاسبية و تدرج هذه القوائم بدفتر الجرد.
و تحفظ القوائم المالية الخاصة بكل سنة محاسبية و كذلك الوثائق و الدفاتر و موازين الحسابات و المستندات و المؤيدات المتعلقة بها لمدة عشر سنوات على الأقل.
ب‌- الشروط الأصلية:

تكون المحاسبة قانونية بتوفر العديد من الخصائص نذكر منها بالأساس التمثيل الوفي و الأمانة و الحياد و المعلومات التامة و معنى ذلك أن كل العمليات المالية و المعاملات بين الشخص الملزم بمسك محاسبة و حرفائه أو مموليه يجب أن تدرج بدفاتر الحسابات بكل أمانة دون تغيير سواء بالزيادة أو النقصان و في الجداول المعدة لها و مدعٌمة بكل البيانات المتعلقة بها و دون أي تحريف لنوع العملية أو قيمتها.
نذكر كل هذا لنؤكد على أهمية مسك المحاسبة و ضرورة تقديم جميع الدفاتر و السندات و الوثائق و كذلك البرامج و التطبيقات و المنظومات الإعلامية المستعملة لضبط الحسابات و إعداد التصاريح إلى مصالح الجباية عند طلبها ، و أن المحاسبة يجب أن تكون مطابقة للتشريع الجاري به العمل و لا يشوبها أي خلل أو نقص و إلا آل الأمر إلى نتائج وخيمة تثقل كاهل المحامي المطالب بالأداء إذا كان يشتغل في إطار شركة محاماة.
أما المحامي شخصا طبيعيا الخاضع للنظام التقديري فإنه غير ملزم بمسك محاسبة طبقا للتشريع الجاري به العمل و النظام المحاسبي للمؤسسات و ذلك على معنى الفصل 62 فق 3 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش الذي يخضع فقط إلى مسك دفتر مرقم و مؤشرا عليه من قبل مصلحة مراقبة الأداءات و يقع التنصيص صلب هذا الدفتر على المداخيل و المصاريف اليومية بصيغة مبسطة جدا.

الفقرة الثانية: الإخلال بالواجبات الجبائية :


إن الواجبات الجبائية المحمولة قانونا على المحامي باعتباره يمارس مهنة حرة يتعلق بأمرين هامين أولهما يرتبط بواجب دفع الأداءات المفروضة عليه قانونا و معرفة أصنافها و كيفية إعداد التصاريح المتعلقة بها (أ) أما الأمر الثاني فيتعلق بواجب إيداع التصاريح في الآجال القانونية و معرفة أنواعها (ب) حتى لا يكون عرضة لمراجعة جبائية إثر اكتشاف إخلالات بهذه الواجبات.
أ‌- واجبات متعلقة بدفع الأداءات:

إن المحامي سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا باعتباره خاضع للأداء ملزم بدفع أداءات محددة قانونا سيقع استعراضها تباعا قصد بيان أنواع الأداءات المباشرة و الغير مباشرة المحمولة على المحامي و كيفية إعدادها و تضمينها بالتصاريح التي تودع لدى مصالح الجباية و أن السهو عن تضمين أداء معين أو الخطأ في تضمين قيمة ذلك الأداء يجعل المعني بالأمر عرضة لمراجعة جبائية .

1) الضريبة على الدخل و الضريبة على الشركات:


يجب التمييز في هذا الصنف من الضريبة على الدخل بين المحامي الذي يباشر نشاطه بصفة فردية و يكون خاضعا لنظام الدخل التقديري و بين المحامين الخاضعين للنظام الحقيقي بما في ذلك الشركات المهنية للمحامين.
فبالنسبة للمحامي الخاضع لنظام الدخل التقديري فإنه عملا بالفصل 22 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش يتكون ربح نشاطه باعتباره يمارس مهنة غير تجارية من الفارق بين المحاصيل الخام المحققة أثناء السنة المدنية و الأعباء التي يستلزمها الاستغلال أثناء نفس الفترة ، إلا أنه يمكن للمعني بالأمر اختيار إخضاعه للضريبة على أساس ربح تقديري يساوي 70 % من مبلغ المقابيض الخام المحققة.
وتتجه الملاحظة أنه قبل جانفي 2002 كان للمحامي حق الاختيار بين النظام الحقيقي و نظام الدخل التقديري عند إيداع التصريح السنوي بالضريبة و بالتالي فإن النظام الجبائي يمكن أن يتغير من سنة إلى أخرى إلا أنه تمت إضافة فقرة أخيرة للفصل 22 المذكور سلفا و كذلك المذكرة الإدارية عــــ15ــــدد لسنة 2002 لتنص على عدم امكانية ممارسة خيار النظام التقديري بالنسبة للأشخاص الطبيعيين المحققين لأرباح المهن الغيرالتجارية مثل المحامين في صورة اعتمادهم للنظام الحقيقي بعنوان سنة ما ، فيكون في هذه الحالة النظام الحقيقي نهائيا و لا رجعة فيه.
هذا و تجدر الإشارة إلى أن الأتعاب التي يتقاضاها المحامي تخضع إلى الخصم من المورد بنسبة 5 % و ذلك تطبيقا للفصل 52 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش و يقع طرح الخصم من المورد على الأتعاب من الأقساط الاحتياطية المستوجبة و من الضريبة على الدخل و ذلك عملا بالفصل 54 من ذات المجلة . و في صورة تعذر طرح الخصم من المورد ينقل طرح الفائض المتبقي إلى الأقساط الاحتياطية أو إلى الضريبة السنوية مستقبلا كما يمكن استرجاع هذا الفائض إذا كان متأتيا من الخصم من المورد.
أما إذا كان المحامي شخصا طبيعيا خاضعا للنظام الحقيقي فإنه ملزم بمسك محاسبة قانونية موضوعة على أساس الديون المكتسبة و الديون المتخلدة بالذمة بما في ذلك الديون االتي قد لا تتحقق، فمداخيل المحامي في هذه الحالة هي المتأتية من مختلف الخدمات التي أداها حتى و إن لم يتقاضى في شأنها أتعابا. و في مقابل ذلك فإن هناك أعباء مهنية قابلة للطرح و هذه الأعباء لا بد أن تتوفر فيها شروط معينة كأن تكون قد فرضها النشاط المهني للمحامي و يقع بذلك استبعاد المصاريف الشخصية و المصاريف المتعلقة بنشاط تطوعي و المصاريف التي لا تشكل أعباء أصلا كالخطايا الجزائية و الجبائية. أما في خصوص الأعباء المختلطة فهي مصاريف مستلزمة جزئيا للنشاط المهني للمحامي و كذلك للمصلحة الفردية الشخصية و لا بد في هذه الصورة من تحديد الجزء المتعلق بالنشاط المهني و ذلك عن طريق ضارب الاستعمال المهني.
كما أن الأعباء المهنية تطرح في حدود مبالغها الحقيقية شريطة أن تكون معللة و مثبتة بفواتير أو أية وثيقة تؤيد الطرح. و بذلك فإن الأعباء المهنية القابلة للطرح تتعلق أساسا بمصاريف الكتبة و الضرائب و الأداءات المستوجبة لنشاط المحامي باستثناء الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين و الضريبة على الشركات ( مثل الأداء على المؤسسات الصناعية و التجارية و المهنية و الأداء لفائدة النهوض بالمساكن الشعبية و معلوم الجولات) و الخدمات الخارجية و مصاريف التصرف (مثل معينات الكراء و الأداءات المتعلقة به و مصاريف المكتب و الأتعاب و العمولات و مبالغ التأمين المتعلقة بالمخاطر المهنية و مصاريف الاستقبال و الجوائز ) و مصاريف التنقل و السفر على أن تكون مستوجبة لنشاط المحامي و مصاريف الإشراكات المهنية.
أما في خصوص الشركات المهنية للمحامين فإنه تطبيقا للفصل 1 من القانون عــــ65ــــدد لسنة 1998 المؤرخ في 20 جويلية 1998 و المتعلق بالشركات المهنية للمحامين فإنه يمكن أن تكون تلك الشركات ذات شكل تجاري أو مدني.
فإذا كانت الشركة المهنية للمحامين ذات شكل مدني فإن الشركة تخضع إلى النظام الجبائي لشركات الأشخاص و الشركات المشابهة لها، فيتعين عليها احترام كل الواجبات الجبائية و المحاسبية و دفع الضرائب و المعاليم المنصوص عليها قانونا باستثناء الضريبة على الشركات بعنوان الأرباح التي تحققها إلا أنها تبقى مطالبة بدفع تسبقة بنسبة 25 % من الأرباح المحققة خلال السنة السابقة و ذلك عملا بالفصل 51 مكرر من م.ض.د.أ.ط.ض.ش.
كما يتعين على الشركة القيام بكل الخصوم من المورد المنصوص عليها بالفصلين 52 و 53 من نفس المجلة، و تطرح هذه الخصوم التي تتحملها الشركة بعنوان المبالغ الراجعة لها من التسبقة المستوجبة عليها . و في صورة وجود فائض لم يتسن طرحه فإنه يمكن المطالبة باسترجاعه أو يمكن طرحه من التسبقات المستوجبة على الشركة لاحقا.
أما الشريك فإنه عملا بالفصل 4 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش فيخضع شخصيا للضريبة على الدخل على أساس مناباته في الأرباح الاجتماعية التي حققتها الشركة.
هذا و تطرح التسبقة المدفوعة من قبل الشركة بنسبة 25 % من الضريبة المستوجبة على الأعضاء كل في حدود النسبة الراجعة له من الأرباح المحققة و يصنف الربح المتأتي من الشركة ضمن صنف أرباح المهن غير التجارية و يتم التصريح به على أساس المعرف الجبائي الخاص بالمحامي الشريك.
إلا أنه في خصوص الشركات المهنية للمحامين ذات الشكل التجاري فإن الفصل 4 من قانون 20/07/1998 أجاز مباشرة مهنة المحاماة ضمن شركات مهنية خفية الإسم أو شركات ذات مسؤولية محدودة خاضعة لأحكام المجلة التجارية و لقانون الشركات المهنية للمحامين و في هذه الحالة فإن الشركة تكون مطالبة بدفع 30 % من الأرباح المحققة و التي أفرزتها المحاسبة الممسوكة للغرض.
أما الأرباح الراجعة للشركاء من الشركة فتصنف ضمن مداخيل الأوراق المالية و تكون معفاة من الضريبة على الدخل في مستوى الشركاء إذا تعلق الأمر بحصص الأسهم.
هذا و تبقى كل المبالغ الأخرى التي تدفعها الشركة على ذمة الشركاء و التي تكتسي صبغة أرباح موزعة على معنى الفصل 30 من مجلة م.ض.د.أ.ط.ض.ش خاضعة للضريبة على الدخل و ذلك بصرف النظر عن خضوعها للضريبة على الشركات على مستوى الشركة الدافعة للمبالغ المذكورة .
2) الأداء على القيمة المضافة :

ينص الفصل 1 من م.أ.ق.م أنه " تخضع للأداء على القيمة المضافة العمليات المنجزة بالبلاد التونسية و ذلك مهما كانت أهدافها و نتائجها ما دامت تكتسي صبغة صناعية أو تقليدية أو تتعلق بإحدى المهن الحرة و كذلك العمليات التجارية من غير البيوعات و مهما كانت الحالة القانونية للأشخاص الذين يتدخلون في إنجاز العمليات الخاضعة للأداء على القيمة المضافة أو مهما كانت وضعيتهم إزاء جميع الأداءات الأخرى ، صيغة أو نوعية تدخٌلهم و الصيغة العادية أو العرضية لهذا التدخل".
و على هذا الأساس فإن الخدمات التي يؤديها المحامون سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعة بطبيعتها للأداء على القيمة المضافة.
كما اشترط الفصل 1 من نفس المجلة أن تكون العملية الخاضعة للأداء قد تمت بالبلاد التونسية و هو ما أكدته المحكمة الإدارية في القرار عــــ282ــــدد المؤرخ في 24/02/1998 أن أتعاب التحكيم المدفوعة لمكتب الحكماء بفرنسا خاضعة للأداء على القيمة المضافة ما دام التحكيم يهم شركة تونسية و أخرى فرنسية و قد تم إجراءه بتونس.
و باستقراء الفصل 2 م.أ.ق.م يتضح و أن المحامي سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا يكون خاضعا وجوبا للأداء على القيمة المضافة خاصة إذا كان يحقق حصريا عمليات خاضعة لهذا الأداء فإن خضوعه يكون كليا.
و الحدث الذي ينشأ دين الأداء على القيمة المضافة بالنسبة للمحامي الخاضع للنظام الحقيقي هو تحقيق أو استخلاص ثمنها أو تسبقات في شأنها أما تاريخ وجوبيتها فهو نفس تاريخ الحدث الذي نشأ بموجبها هذا الأداء.
أما بالنسبة للمحامي الخاضع للضريبة وفق النظام التقديري فإن الأداء على القيمة المضافة يستوجب على كل الخدمات المحققة حتى و إن لم يقع استخلاصها بعد. لذلك من الممكن نظريا على الأقل أن تكون المبالغ المصرح بها في مادة الأداء على القيمة المضافة تختلف على التصريح السنوي بالدخل.
و في خصوص قاعدة الأداء فإنه عملا بالفصل 6 م.أ.ق.م يتكون رقم المعاملات الخاضع للأداء من جملة الأتعاب التي يتقضاها المحامي مقابل نشاطه بما في ذلك المصاريف و المعاليم و الأداءات باستثناء الأداء على القيمة المضافة.
أما نسبة الأداء على القيمة المضافة فهي تمثل 12 % و ذلك حسب الفصل 17 من القانون عــــ80ــــدد لسنة 2006 المؤرخ في 18/12/2006 المتعلق بتخفيض نسبة الأداء و الحد من الضغط الجبائي على المؤسسات، مع الإشارة إلى أنه يمكن للمحامي سواء كان شخصا طبيعيا خاضعا للنظام الحقيقي أو النظام التقديري أو شخصا معنويا طرح الأداء على القيمة المضافة الموظف على شراءاته من المواد و الخدمات لدى الخاضعين للأداء على القيمة المضافة باستثناء الأداء على القيمة المضافة الموظف على السيارات السياحية و على كراء السيارات السياحية و على كل المصاريف المدفوعة لضمان سيرها و صيانتها و ذلك عملا بالفصلين 9 و 10 م.أ.ق.م.

فطرح مبلغ الأداء على القيمة المضافة لا بد أن تتوفر فيه الشروط الآتية:
• لا بد أن يكون البائع و المشتري ( المحامي) خاضعين للأداء على القيمة المضافة . • لا بد أن يكون المشترى لازما لممارسة النشاط المهني . • يجب أن لا يكون المشتري مستثنى بالقانون من الطرح. • لا بد من الاستظهار بفواتير الشراءات. • يجب أن تطرح مبالغ الأداء على القيمة المضافة خلال الشهر نفسه الذي أصبحت فيه قابلة للطرح.
و في حالة تسجيل فائض في الأداء المذكور فإنه يمكن المطالبة باسترجاعه بناء على مطلب يودع بمركز مراقبة الأداءات الراجع بالنظر و ذلك عملا بالفصل 15 م.أ.ق.م.

3) أداء المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية :


بالرجوع إلى أحكام الفصول 35-36-37-38 م.ج.م يتضح و أن الأشخاص الطبيعيين و شركات الأشخاص الخاضعين للضريبة على الدخل في صنف الأرباح الصناعية و التجارية و أرباح المهن غير التجارية و الأشخاص المعنويون الخاضعين للضريبة على الشركات ملزمون بأداء المعلوم على المؤسسات الصناعية أو التجارية أو المهنية.
و بما أن المحامي مهما كان شكل ممارسة نشاطه يخضع للضريبة على الدخل في صنف أرباح المهن غيرالتجارية فإنه يخضع للمعلوم على المؤسسات الصناعية أو التجارية أو المهنية و يحتسب على أساس 0,2 % من رقم المعاملات المحلي الخام مع حد أقصى يساوي 50.000 دينارا بالنسبة للشخص الطبيعي و 60.000 دينارا بالنسبة للشخص المعنوي.
و في حالة تسجيل خسارة مثبتة بمحاسبة قانونية خلال سنة ما، فإن المعلوم على المؤسسات يحتسب بالنسبة للسنة التي تلي سنة تسجيل الخسارة على أساس 25 % من الضريبة الدنيا على الدخل أو على الشركات المنصوص عليها بالفصلين 44 و 49 م.ض.د.أ.ط.ض.ش.
و في كلتا الحالتين فإنه لا يمكن أن يقل المعلوم على المؤسسات عن حد أدنى سنوي يساوي المعلوم على العقارات المبنية ، فيحتسب على أساس المعلوم المرجعي بالمتر المربع المبني و المساحة المغطاة و عدد الخدمات المسداة من طرف الجماعة المحلية.
و بالنسبة إلى الشركات المهنية للمحامين التي يمتد نشاطها إلى عدة جماعات محلية يتم توزيع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية بين الجماعات المحلية المعنية على أساس المساحة المغطاة لكل مركز أو فرع كائن بمنطقة كل جماعة محلية و ذلك استنادا إلى الفصل 39 م.ج.م.
و في خصوص الشركاء في إطار شركة مهنية للمحامين الذين يتعاطون نشاطا خارج إطار الشركة إلى جانب نشاطهم بالشركة المذكورة فإنهم ملزمون بدفع المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية على رقم معاملاتهم المتأتي من النشاط المذكور و ذلك على أساس 0,2 من رقم المعاملات المحلي الخام بالنسبة لكل شريك مع حد أقصى يساوي 60.000 دينارا و حد أدنى يساوي المعلوم على العقارات المبنية المعدة لتعاطي ذلك النشاط.

4) المساهمة في صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء:


بمراجعة أحكام الفصل 1 و 2 من القانون عــــ54ــــدد لسنة 1977 المؤرخ في 3 أوت 1977 تستوجب المساهمة في صندوق النهوض بالمساكن الاجتماعية على كل مؤجر عمومي أو خاص مباشر بالبلاد التونسية باستثناء المشتغلين الفلاحيين الخواص.
و على هذا الأساس فإن المحامي يخضع لهذه المساهمة و ذلك مهما كان شكل ممارسته لنشاطه سواء كان شخصا طبيعيا أم معنويا.
أما في خصوص نسبة هذه المساهمة فهي تساوي 1 % من المبلغ الجملي الخام للمرتبات و الأجور بما في ذلك الامتيازات العينية و المنح المدفوعة.

5) الأداء على التكوين المهني:


باستقراء أحكام الفصلين 338 و 364 م.ش قبل سنة 2003 ، فإنه يخضع للأداء على التكوين المهني الأشخاص الطبيعيون الذين يمارسون نشاطا صناعيا أو تجاريا أو فلاحيا و الخاضعون للضريبة على الدخل حسب النظام الحقيقي . و بالتالي فإن المحامي لا يخضع للأداء على التكوين المهني بما أنه يمارس نشاطا غير تجاري. إلا أن الفصل 35 من القانون عـــ101ــــدد لسنة 2001 المؤرخ في 17/09/2002 المتعلق بقانون المالية لسنة 2003 اقتضى أنه علاوة على الأشخاص الخاضعين للأداء على التكوين المهني بمقتضى الفصلين 338 و 364 م.ش يستوجب الأداء على التكوين المهني على الأشخاص المعنويين و الأشخاص الطبيعيين الذين يتعاطون المهن غير التجارية المنصوص عليها بالفصل 21 من م.ض.د.أ.ط.ض.ش.
كما ينص الفصل 29 من القانون عـــ145ــــدد لسنة 1988 المؤرخ في 31/12/1988 المتعلق بقانون المالية لسنة 1989 أنه " يستوجب الأداء على التكوين المهني شهريا على أساس المبلغ الجملي للمرتبات و الأجور و الامتيازات العينية و كل المكافآت الأخرى المدفوعة لفائدة الأجراء خلال الشهر المنقضي " .
و على هذا الأساس فإنه بداية من سنة 2003 أصبح المحامي مهما كان شكل ممارسة نشاطه و مهما كان النظام الضريبي الخاضع له ملزما بالأداء على التكوين المهني بنسبة 2 % من المبلغ الجملي الخام للمرتبات و الأجور بما في ذلك الامتيازات العينية.

ب‌- واجبات متعلقة بإيداع التصاريح:


باستقراء م.ض.د.أ.ط.ض.ش يتضح و أن المحامي مطالب بإيداع عدة تصاريح منها التصريح بالوجود و التصريح بالأقساط الاحتياطية و تصريح المؤجر و التصاريح الشهرية و الضريبة على الشركات و ذلك في آجال محددة قانونا و أن عدم الالتزام بهذه الواجبات تعرض المعني بالأمر إلى إمكانية إجراء مراجعة جبائية.

1) التصريح بالوجود:


ينص الفصل 56 م.ض.د.أ.ط.ض.ش أنه يتعين على كل شخص يتعاطى نشاطا صناعيا أو تجاريا أو مهنة غير تجارية و كذلك على كل شخص معنوي مشار إليه بالفصل 45 من هذه المجلة قبل أن يبدأ نشاطه أن يودع بمكتب مراقبة الضرائب الراجع له بالنظر تصريحا في وجوده حسب نموذج معد من قبل الإدارة و يكون مرفقا بنسخ من الوثائق التأسيسية بالنسبة للأشخاص المعنويين. و بالتالي فإنه يتعين على كل محام مهما كان شكل ممارسته لنشاطه و تطبيقا للفصلين 56 و 45 م.ض.د.أ.ط.ض.ش أن يودع بمكتب مراقبة الأداءات التابع لمقر نشاطه تصريحا بالوجود و ذلك قبل أن يبدأ نشاطه.
و يطرح هذا النوع من التصريح إشكالية خاصة لدى المحامين المتمرنين باعتبار أن بداية النشاط بالنسبة للمحامي، و على معنى توجهات إدارة الجباية، هو تاريخ الترسيم بالمهنة و ليس تاريخ أداء اليمين ضرورة و أن المحامي المتمرن لا يباشر المهنة بصفة فعلية أي أنه لا يمكنه الترافع و لا النيابة قانونا إلا بعد أداء اليمين القانونية و ذلك استنادا للفصل 5 من القانون عـــ87ــــدد لسنة 1987 المؤرخ في 07/09/1987 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.
هذا التذبذب و الغموض أدى ببعض المحامين إلى عدم التصريح بوجوده إلى حين الترسيم بجدول الاستئناف فيجد كاهله مثقلا بعدة مبالغ مالية كان بالإمكان تفاديها.
و توضيحا لهذه الإشكالية و ما لاحظته إدارة الجباية من صعوبات تطبيقية ، كانت الإدارة العامة للمراقبة الجبائية قد أرسلت بمذكرة إلى عميد الهيئة الوطنية للمحامين بتاريخ 02/04/1997 حول إيداع التصريح بالوجود لممارسة مهنة المحاماة ، جاء بهذه المذكرة أنه استنادا إلى فصل 3 من القانون عـــ87ـــدد لسنة 1989 المؤرخ في 07/09/1989 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة يشترط لمباشرة هذه المهنة الترسيم بجدول المحامين الذي يشتمل جزءه الأول على ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: المحامين لدى التعقيب.
- القسم الثاني: المحامين لدى الاستئناف.
- قسم الثالث: المحامين المتمرنين.
و تطبيقا للفصل 56 م.ض.د.أ.ط.ض.ش فإن بعض المحامين المتمرنين المرسمين بجدول المحامين مطالبون بإيداع التصريح بالوجود ابتداء من تاريخ ترسيمهم بهذا الجدول، غير أنه تبين لدى المصالح الجبائية أن بعض المحامين المتمرنين يقومون بإيداع التصريح بالوجود بعد قضاء مدة التربص مخالفين بذلك التشريع الجبائي الجاري به العمل. كما أن السادة المحامون خاصة منهم المتمرنون كانوا قد طلبوا بعض الاستفسارات في خصوص هذه المسألة و كان رد الإدارة العامة للمراقبة الجبائية على مكتوب أحد السادة المحامين و ذلك بتاريخ 07/10/2005 بأنه عملا بالفصل 3 من القانون عـــ87ــــدد لسنة 1989 المؤرخ في 07/09/1989 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة و على الفصل 56 م.ض.د.أ.ط.ض.ش " فإن المحامين المتمرنين المرسمين بجدول المحامين مطالبون بإيداع التصريح بالوجود ابتداء من تاريخ قرار ترسيمهم بهذا الجدول".

2) تصريح المؤجر :


طبقا لأحكام الفصل 55 – III م.ض.د.أ.ط.ض.ش يتعين على مديني المبالغ الخاضعة للخصم من المورد أن يودعوا ، مقابل وصل تسليم، في أجل أقصاه 28 فيفري من كل سنة بمركز أو بمكتب مراقبة الضرائب أو بالقباضة المالية التي يرجعون لها بالنظر، تصريحا في المبالغ التي يدفعونها بعنوان مرتبات و أجور و جرايات مع بيان الهوية الكاملة للمنتفعين بها. و في هذه الحالة فإن المحامي سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا مطالب بإيداع تصريح المؤجر في صورة المبالغ المذكورة أعلاه.

3) التصاريح الشهرية:


ينص الفصل 18- IV م.أ.ق.م أن الخاضعين لهذا الأداء مطالبون بإيداع تصاريحهم لدى القباضة المالية الراجعة لهم بالنظر وفق نموذجا يسلم من قبل الإدارة و ذلك خلال الخمسة عشر يوما الأولى من كل شهر بالنسبة للأشخاص الطبيعيين و خلال 28 يوما الأولى من كل شهر بالنسبة للأشخاص المعنويين. و هذا التصريح على الأداء يلزم المحامي بأن يرفقه بمذكرة أتعاب Note d’honoraire مرقمة بصورة تسلسلية و تحتوي على تاريخ الخدمة ، اسم الحريف و عنوانه، عدد بطاقة التعريف الجبائية مع تحديد نوع الخدمة و مبلغ الأتعاب دون احتساب الأداء على القيمة المضافة.
كما يقتضي الفصل 39 م.ج.م بأن التصريح المتعلق بالمعلوم على المؤسسات الصناعية أو التجارية أو المهنية يجب أن يودع خلال الخمسة عشر يوما الأولى من كل شهر بالنسبة للأشخاص الطبيعيين و خلال 28 يوما الأولى من كل شهر بالنسبة للشخص المعنوي. كما يستوجب الفصل 29 من القانون عـــ145ــــدد لسنة 1988 المؤرخ في 31/12/1988 المتعلق بقانون المالية لسنة 1989 نفس آجال التصريح بالأداء على التكوين المهني . كما أن المساهمة في صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء تخضع لنفس الآجال و ذلك عملا بالقانون عـــ54ــــدد لسنة 1977 المؤرخ في 03/08/1977 .
و على هذا الأساس فإن المحامي مطالب بإيداع التصاريح المتعلقة بالأداء على القيمة المضافة و الأداء على التكوين المهني و المعلوم على المؤسسات و المساهمة في صندوق النهوض بالمساكن الاجتماعية في أجل أقصاه النصف الأول من كل شهر بعنوان رقم معاملات الشهر السابق.
أما بالنسبة للشركات المهنية للمحامين فإنهم ملزمون بإيداع تصاريحهم المتعلقة بالأداءات المذكورة خلال 28 يوما من كل شهر و ذلك عن رقم معاملات الشهر السابق.
4) التصريح بالأقساط الاحتياطية:

اقتضى الفصل 51 م.ض.د.أ.ط.ض.ش أنه يطالب الأشخاص المعنويون الخاضعون للضريبة على الشركات و الأشخاص الخاضعون للضريبة على الدخل المتعاطون لنشاط تجاري أو مهنة غير تجارية بدفع ثلاثة تسبقات تسمى" أقساط احتياطية " و ذلك بعنوان الضريبة المستوجبة على مداخيلهم أو على أرباحهم الجملية.
و تستخلص الأقساط الاحتياطية التي تدفع ابتداء من السنة الثانية لبداية النشاط حسب دفوعات يساوي كل واحد منها 30 % من الضريبة المستوجبة بعنوان مداخيل أو أرباح السنة السابقة.
و يتم التصريح بالأقساط الاحتياطية و دفعها بالنسبة للأشخاص الخاضعين للضريبة على الدخل أو للضريبة على الشركات خلال الخمسة و عشرين يوما الأولى من الأشهر السادس و التاسع و الثاني عشر التي تلي تاريخ ختم السنة المالية.
فالمحامي شخصا طبيعيا أو شركة مهنية للمحامين مطالب بدفع ثلاثة أقساط احتياطية حسب النسب و الآجال المنصوص عليها بالفصل 51 م.ض.د.أ.ط.ض.ش.

5) التصريح السنوي بالمداخيل و الأرباح:


بالرجوع إلى أحكام الفصل 59 م.ض.د.أ.ط.ض.ش فإنه يتعين على كل شخص خاضع للضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات أو معفى منها أن يحرر حسب نموذج معد من طرف الإدارة تصريحا سنويا لمداخيله أو أرباحه. و يتضمن التصريح وجوبا كل المداخيل و الأرباح مهما كان نظامها الجبائي، و يجب على الأشخاص الخاضعين للضريبة حسب النظام الحقيقي أن يرفقوا تصاريحهم السنوية بالوثائق المثبتة لحقيقة مداخيلهم و أرباحهم كالقوائم المالية و قائمة الاستهلاكات و جدول في احتساب النتيجة الجبائية انطلاقا من النتيجة المحاسبية ...
أما بالنسبة للأشخاص غير المجبرين بمسك محاسبة طبقا للتشريع المحاسبي للمؤسسات فإنهم ملزمون بأن يرفقوا تصريحهم بكشف ينص على رقم معاملاتهم أو مقابيضهم السنوية و مبلغ شراءاتهم و نفقاتهم التي يطالبون بطرحها لضبط الربح أو الدخل.
و تضبط آجال إيداع التصريح السنوي للضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين أو الضريبة على الشركات و ذلك حتى في حالة إعفاء كلي في نطاق الامتيازات الجبائية إلى غاية 25 ماي بالنسبة لمسدي الخدمات و للأشخاص المتعاطين لنشاط صناعي أو لمهنة غير تجارية إذا كان الخاضع للضريبة شخصا طبيعيا . أما الأشخاص المعنوية فيقع إيداع التصريح السنوي في أجل أقصاه 25 مارس من كل سنة أو في أجل أقصاه 25 يوما من الشهر الثالث الموالي لختم السنة المالية في صورة ختمها بتاريخ آخر غير موفى شهر ديسمبر.
و بذلك فإن المحامي سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا فهو يخضع للآجال السابقة.
المبحث 2: عدم ثقة الإدارة في التصاريح المودعة من قبل المحامي:

لعل أبرز قرينة يتمتع بها المطالب بالضريبة في القانون التونسي ، إن لم نقل الوحيدة ، هي قرينة الصحة و المصداقية التي تقوم عليها تصاريحه الجبائية.
إلا أن الأمر يدعو إلى الاستغراب إذ لا نجد في التشريع الجبائي التونسي الجاري به العمل أي أساس قانوني واضح لتلك القرينة. و هو ما يمثل تراجعا تشريعيا غير محمود بالنظر إلى ما كان عليه " ميثاق المطالب بالضريبة " الذي كان ينص صراحة على أن " تصاريح المطالبين بالأداء محمولة على الصحة " .
و لكن المحكمة الإدارية أكدت في أحد قراراتها أنه: " طالما ثبت أن المعقبة أدلت بتصاريحها لدى مصلحة تابعة للمركز الجهوي للمراقبة الجبائية المختص ترابيا لقبول تلك التصاريح و طالما تولت المصلحة المذكورة وضع ختم الإدارة على الوثيقة المودعة لديها فإن ذلك يشكل قرينة على سلامتها إلى أن يثبت بالبينة القاطعة استعمال الختم المذكور في غير الوجه الذي اقتضاه القانون ".
إلا أنه يمكن أن نجد تأصيلا لقرينة الصحة والمصداقية في النظرية العامة للقانون التي تكرس مبدأ حسن النية و مبدأ براءة الذمة و ذلك عملا بالفصلين 560 و 562 م.أ.ع.
لكن التشريع الجبائي الجاري به العمل يكرس في الواقع تحييدا صارما لتلك القرينة .
فالمحامي الخاضع للضريبة مطالب في نطاق المراقبة الجبائية بإثبات قيامه بالالتزامات التصريحية المحمولة عليه قانونا، كما يستكشف ذلك من صياغة الفصل 8 م.ح.أ.ج الذي أكد أنه : " يتعين على المطالب بالأداء أن يستظهر عند كل طلب من أعوان مصالح الجباية المؤهلين لذلك بوصولاته و وثائقه و فواتيره المتعلقة بدفع الأداءات المستوجبة أو المثبتة لقيامه بواجباته الجبائية".
و هو ما أقرته المحكمة الإدارية في أحد قراراتها ، حيث اعتبرت أنه: " طالما اكتفى المعقب بالادعاء كونه صرح بمداخيله بالنسبة لسنة 1984 دون تقديم ما من شأنه أن يدعم ذلك الادعاء فإن اللجنة تكون محقة في اعتباره قد أخل بالتصريح بالنسبة لهذه المدة ضرورة أن التصريح بالنسبة للسنوات الموالية للسنة المعنية بالأداء لا يشكل قرينة قوية على قيامه بالتصريح بالنسبة للسنة المذكورة " .
و في هذا الإطار كان الفصل 66 م.ض.د.أ.ط.ض.ش يبيح لمصالح الإدارة الجبائية أن تضع مصداقية التصاريح الجبائية موضع الشك و التدقيق و النقد و ذلك بإجراء