بعد عشر سنوات من وفاة محمد بن عبد الله فتح المسلمون بلاد الرومالبيزنطيين والفرس الساسانيين. ففتحوا الشام ومصر والعراق وفارس. بعدهاإزدهرت الحضارة الإسلامية في الدول التي دانت بالإسلام ودالت له طواعيةتحت ظلال الخلائف الراشدة والأموية والعباسية. و لقد ظلت الخلافة الراشدةثلاثين عاما (632 – 661 م). وكان الخليفة عمر أول من أقيمت المدنالإسلامية في عهده كالكوفة والبصرة بالعراق والفسطاط بمصر. وظلت المدينةالمنورة عاصمة الخلافة حتي نقلها الخليفة الرابع علي بن أبي طالب للكوفة, بسبب القلاقل التي نشبت في عهد عثمان بن عفان وأدت لإستشهاده.
وبعد مقتل علي بن ابي طالب تأسست الدولة الأموية (661 - 750 م) بدمشقوحكمت حوالي قرن. وكانت تمتد من غربي الصين إلى جنوب فرنسا حيث كانتالفتوحات الإسلامية وقتها تمتد من شمال أفريقيا إلى إسبانيا وجنوب فرنسابغرب أوروبا, وبالسند في وسط آسيا وفيما وراء نهري جيحون وسيحون. واقيمتالمؤسسات الإسلامية والمساجد والمكتبات هناك.
و كان الأمويون بدمشق قد حاولوا فتح القسطنطينية عام 717 م. وإبان حكمهمفتحوا شمال أفريقيا. وكان أول نزول لقوات الفتح الإسلامي بأرض الأندلسبشبه جزيرة إيبريا (أسبانيا والبرتغال). فكان أول إنتصار للمسلمين هناكعام 29 هجرية (711 م) في معركة وادي البرباط, لتبدأ مسيرة الفتوحاتالإسلامية بجنوب ايطاليا وصقلية. فلقد بلغ الفتح الإسلامي برنديزيوالبندقية بإيطاليا علي بحرالأدرياتيك. وخضعت كل جزر البحر الأبيض المتوسطمن كريت شرقا حتى كورسيكا غربا للحكم الإسلامي.
وكانت الخلافة الأموية الثانية بالأندلس 756 – 1031 م عاصمتها قرطبة التيشيدها الأمويون. وكانت أكبر مدينة في أوروبا. وحكمواالأندلس زهاء قرنين. وكانت هذه الخلافة منارة للحضارة في الغرب حتى قسمها الطوائف والبربروالموحدون لدويلات أدت لسقوط الحكم الإسلامي تماما. ولاسيما بعد سقوطمملكة غرناطة آخر معاقل المسلمين عام 1492 م علي يد الملك فريناندووالملكة إيزابيلا. و عندما كانت الحضارة الأندلسية في عنفوانها, كانتموقعة بواتييه قرب تولوز بوسط فرنسا قدأوقفت المد الإسلامي الكاسحلشمالها. حيث إنتصر الفرنجة على عبد الرحمن الغافقي عام 114 هجرية (732 م) عندما قتل بها في معركة بلاط الشهداء. لكنهم رغم هذه الهزيمة, واصلوافتوحاتهم حتي أصبحت تولوز وليون ونهر اللوار تحت السيادة الإسلامية ولكنكان إحتلالهم لتولوز لفترة قصيرة تبلغ ثلاثة أشهر نجح بعدها الدوق أودو (الذي يعرف بيودس) الذي ترك المدينة للبحث عن المساعدة من العودة مع جيشلينتصر على الجيوش العربية في معركة تولوز في 9 يونيو، 721. وكان الفاتحونقد بلغوا نهر السين وبوردو وجنوب إيطاليا (أطلقوا عليه البر الطويل).
وللتاريخ كانت الخلافة العباسية(750 - 1258 م) ببغداد تتآمر ضد الأمويينبالأندلس بتحالفها مع شارلمان ملك الفرنجة. وهذا سبب ثان لتوقف الفتوحاتالإسلامية بغرب أوروبا. وما بين سنتي 910 و1171 م كان ظهور السلاجقة فيالمشرق والفاطميّون بالقاهرة والأيوبيّين والمماليك في مصر والشام. وكانتالحملات الصليبية علي الشام وفلسطين ومصر والسيطرة على القدس. وفي عام1187م سيطر صلاح الدين على بيت المقدس من الصليبيين.
وكان إحراق المغول التتار لبغداد عام 1258 م بعدما كانت عاصمة الخلافةالعباسية خمسة قرون. بعدها رجعوا لديارهم وكانوا وثنيين. لكنهم أسلموا عندعودتهم. فكانوا للإسلام داعين ومبشرين له بين قبائلهم. وأقاموا تحت ظلالهالإمبراطوريات والممالك الإسلامية بأفغانستان وباكستان وشبه القارةالهندية وبالملتان والبنغال وآسيا الوسطي وأذربيجان والقوقاز والشيشانوفارس وغيرها من بلدان المشرق الإسلامي. حيث أقاموا الحضارة الإسلاميةالمغولية والتركية التي مازال أوابدها ماثلة حتي اليوم. وكان تيمورلنك قدأقام الإمبراطورية التيمورية عام(1379 - 1401 م) وكانت العاصمة سمرقندبوسط آسيا. وقد حكم إيران والعراق والشام وحتى الهند. وكانت وقتها طرقالقوافل التجارية العالمية تحت سيطرة المسلمين. سواء طريق الحرير الشهيرأو تجارة المحيط الهندي بين الشرق الأقصى وشرق أفريقيا. و كان السقوطالأخير للقسطنطينية(عام 1453 م), عاصمةالإمبراطورية البيزنطية(الروم). وكان هذا السقوط علي يد محمد الفاتح العثماني. وأطلق عليها إسلام بول (إستانبول) بعدما جعلها عاصمة للخلافة العثمانية (الإمبراطورية العثمانية) (1350 - 1924 م). وكان لسقوط القسطنطينية صداه في العالم الإسلامي كله حيث أقيمت الزينات بالقاهرة والشام وشمال أفريقيا لأن هذا النصر كان نهايةللكنيسة الشرقية ولاسيما بعد تحويل مقرها إلي أيا صوفيا. ثم أستطاعالعثمانيون إحتلال رومانيا والصرب والبوسنة والهرسك والمجر. وأستطاعواإحتلال فيينا أيضاً. وحشد البابا في الفاتيكان قوات أوروبا لوقف هذا الزحفالإسلامي وأستطاع أن يدحر الغزاة بعد بقائهم لمدة شهرين فقط في معركةفيينا في 1683. ومن بعدها كان خبز الكرواسون ومعناه الهلال (بالفرنسية) يصنع على هيئة الهلال ليأكله الأوربيون في أعيادهم للإحتفال بالإنتصار علىالعثمانيين الذي كان علمهم يحتوي على هلال.
في ظلال الحكم الإسلامي ظهرت مدن تاريخية كالكوفة والبصرة وبغداد والقاهرةوالفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائروقرطلة وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارةالإسلامية كإستانبول بمساجدها والقاهرة بعمائرها الإسلامية وبخاري وسمرقندوحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيليةومرسية وأصفهان وتبريز ونيقيا وغيرها من المدن الإسلامية. وفي القارةالأفريقية نجد أن 85% من سكانها مسلمون. وفي العالم نجد المسلمين يشكلونحاليا خمس سكان أهل الأرض.