1- و للتذكير السجع السجع:هو توافق الفاصلتين أو الفواصل في الحرف الاخير- والفاصلة في النثركالقافية في الشعر- وموطن السجع النثر، وأحسنه ما تساوت فقراته، كقولهتعالى: (في سدر مخضود وطلح منضود وظلّ ممدود)(9) وإن لم تتساو فقراتهفالاحسن ما طالت فقرته الثانية نحو قوله تعالى: (والنجم إذا هوى، ما ضلّصاحبكم وما غوى)(10) أو طالت فقرته الثالثة، نحو قوله تعالى: (خذوهفغلّوه، ثمّ الجحيم صلّوه، ثمّ في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه)(11)ولا يحسن العكس بأن تطول الفقرة الاولى دون الثانية، أو الثانية دونالثالثة، لأن السامع ينتظر بقيتها، فإذا انقطع كان كالمبتور.
التشطير التشطير:وهو جعل كل من شطري البيت مسجوعاً سجعة مخالفة للسجعة الّتي في الشطرالآخر، وهذا يكون على القول بعد اختصاص السجع بالنثر، كقوله: تدبير معتصم بالله منتقم لله مــرتغب في الله مرتقب فالشطر الاوّل سجعته مبنيّة على الميم والثاني على الباء. الموازنة الموازنة:وهي تساوي الفاصلتين في الوزن فقط لا في التقفية، نحو قوله تعالى: (ونمارقمصفوقة، وزرابيّ مبثوثة)(12) فإن كلمة (مصفوفة) متفقة مع كلمة (مبثوثة) فيالوزن، لا في التقفية. الترصيع الترصيع:وهو توازن الألفاظ مع توافق الاعجاز، أو تقاربها، ومثال التوافق قولهتعالى: (إنّ الأبرار لفي نعيم وإن الفجّار لفي جحيم)(13). ومثال التقارب قوله تعالى: (وآتيناهما الكتاب المستبين، وهديناهما الصراط المستقيم)(14).
بالتفصيل :أنواع السجع : 1ـ السجع المرصع 2 ـ السجع المطرف 3 ـ السجع المتوازن 4 ـ السجع المتوازي 5 ـ السجع المتماثل التسجيع المتطابق الإجراء والائتلاف والجمال ـــ أ.زهية مرابط السجعفي عرف البلاغيين من المحسنات اللفظية، له ميزة أسلوبية تقوم على عنصرصوتي لدى المرسل والمرسل إليه. ويجمع بين مصطلحه ومصطلح القافية مشابهة فيالموقع الأخير من الجملتين أو شطري البيت. غير أن الأول خاص بالنثروالثاني خاص بالشعر. اختلفت اصطلاحات العلماء في تحديد السجع فالتركيبالمسجوع يكوّنه جزآن([1]) أو قرينتان([2]) أو فقرتان([3]). وأما الكلمةالأخيرة من كل فصل فسميت سجعة نسبة إلى الكلام المسجوع وسموها قرينة لأنهاأمر دال عليه([4]) وعدّت فاصلة لا قافية، إذ ينفصل عندها الكلامان([5]) . ذكرالعلماء نوعاً من التناسب سموه "التصريع" ويقع في الشعر، وإذا كان السجعاتفاق الكلمتين في الحرف الخير فالتصريع: "جَعلُ العَرُوضِ مُقَفَّاةًتَقِفيَةَ الضَّربِ"([6]). ويمثل الصدر والعجز في هذه الحال مصراعين لقصيدة ما تشبيهاً بمصراعي الباب. ويكونالتصريع في أول القصيدة، حيث يبتدئ به الشاعر وقد يُصَرّع "في غَيرالابتدَاءِ وذَلِكَ إِذَا خَرَجَ من قِصَّةٍ إلى قِصَّةٍ أو من وَصفِ شيءٍإلى وَصفِ شيءٍ آخَرَ فيأتِي حينَئِذٍ بالتَصْرِيع إِخْبَاراً بِذَلكوتَنبِيهاً عَلَيْه"([7]). قال "امرؤ القيس" (من الطويل) أَلا أَيُّهَا اللَيْلُ الطَوِيلُ أَلا انجَلِ بِصُبْحٍ وَمَا الإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ (ألاانجل)، (بأَمْثَلِ) عروض وضرب تساويا في القافية (مفاعلن) وأما التشطيرفإن تخالف العروض والضرب في الثقفية نحو قول أبي تمام (من البسيط): تَدِبيرُ مُعتَصِمٍ بِالله مُنْتقِمٍ لله مُرتَغِب في اللهِ مُرتَقِب فميز الشاعر بين الشطرين بقافيتين تختلفان في الروي([8]). غيرأن التجزئة تخالف هذا وذاك. حيث يقسم البيت الواحد إلى أجزاء عروضية وتكونتقفية الأجزاء جزءاً بجزء على أن يرد الجزء الأول من البيت مخالفاًلرَويّه ويرد الجزء الثاني موافقاً له نحو قول الشاعر: (من الرمل) هِندَيةٌ لحظَاتُها، خَطِّيَةٌ خَطَرَاتُهَا، دَارِيةٌ نَفَحَاتُها([9]).
1 ـ السجع المرصَّع: 1/أالمرصَّع لغة: الرصْع بتسكين العين شدة الطعن. وأما الرصَع بفتحها فيطلقعلى الزرع الفاسد بعد اصفراره. ويعني الترصيع التركيب ورُصِّع التاجبالجواهر إذا نظمت فيه وضم بعضها إلى بعض. ويُرصَّع السيف بالرصائع وهذاالجمع واحدته رصيعة وتفيد الحلقة المستديرة([10]). 1/ ب المرصَّعاصطلاحاً: يعد السجع المرصَّع تناسباً بين ألفاظ الفصلين في الوزن الصرفيوالحرف الأخير([11])، نحو قول أبي البصير: "حَتَى عَادَ تَعرِيضُكَتَصرِيحاً، وَتَمْرِيضُك تَصْحِيحاً". تعريضك ـ تمريضك ← تفعيلك مع اختلاف في الفاء. تصريحاً ـ تصحيحاً ← تفعيلاً مع اختلاف في عين الكلمتين. ففي القول جمع بين ألفاظ أربعة تضادت كل اثنتين معنى. تعريض # تصريح تمريض# تصحيح واتفقتجميعاً في وزن واحد (تفعيل) مع إضافة اللفظين الأولين في القول إلى كافالمخاطب. وبذلك انسجم اللفظان مع تواطؤ في الحرف الأخير، (ض، ك) واتفقتالسجعتان (تصريحاً، تصحيحاً) في الصامت الأخير والمدح (ح + أ). وقُسّمَ السجع المرصَّع إلى قسمين: 1ـ أن تكون جميع ألفاظ الفصل الأول متفقة اتفاقاً تاماً مع ما يقابلها منألفاظ الفصل الثاني في الوزن والقافية([12]). ومن أمثلة وروده في الشعرقول ابن النبيه المصري([13]) (من الكامل) فَحَريقُ جَمْرِة سَيفه للمُعتَدِي ورَحِيقُ خَمْرَةِ سَيبِه للمُعتَفي وقد جمعت ألفاظ الصدر والعجز بين المساواة في الوزن الصرفي والحرف الأخير. ـأن يرد بعض الألفاظ في الفصل الأول مخالفاً لما يقابله من ألفاظ الفصلالثاني. نحو ما ذكره ابن نباتة في أول خطبته:"الحَمْدُ لله عَاقِدِأَزِمَّةِ الأُمُورِ بِعَزَائِم أَمْرِه وَحَاصِدِ أئمةِ الغُرورِبقَوَاصِمِ مَكرِهِ. وَمُوَفِّقِ عَبيدِهِ لِمَغَانِمِ ذِكرِه وَمُحقِّقِ مَوَاعِيدِه بِلوَازِمِ شُكرِهِ"([14]). 2 ـ السجع المطرف: 2/أـ المطرف لغة: الطرْف بتسكين العين تحريك الجفون في النظر. ويستعمل هذااللفظ مفرداً فلا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر. وتصاب العين بالطرفة بسببالبكاء والحزن. وطرف الشيء منتهاه([15])، وتسمى الأصابع أطرافاً بالجمعفلا يفرد هذا الاسم إلا إذا أضيفت إلى الإصبع نحو: أشار بطرف إصبعه.والطرف العتيق من الخيل([16]). 2/ ب ـ المطرف اصطلاحاً: يسمى سجعاًمطرفاً لاتفاق الكلمتين الأخيرتين من الفصلين في الحرف الأخير، واختلافهمافي الوزن([17]) نحو قوله تعالى: مَا لَكُم لا تَرْجُونِ للهِ وَقَاراًوَقَدْ خَلَقَكُم أَطْوَاراً (نوح 14ز13). فاختلفت الفاصلتان (وَقَاراًوأَطْوَاراً) في الوزن الصرفي (فَعَالاً و أفعَالاً) واتفقتا في الحرفالأخير (الراء). وورد الجزء الأول أطول من الثاني وهو نوع يجد استحساناًلدى المتلقي. 3 ـ السجع المتوازن أو الموازنة: 3 أ ـ الموازنة لغة:الموازنة مفاعلة من الوزن تتم بين شيئين أحدهما على زنة الثاني أو محاذ لهومنه الحدث المزيد (وازن)، ويستعمل المصدر الثاني (وزن) للكيل والتقدير.والجمع منه على (أفعال) أوزان لما بنت عليه العرب أشعارها([18]). 3 ب ـالموازنة اصطلاحاً: أن تتساوى ألفاظ الفصلين من المنثور في الوزن دونالحرف لأخير؟ وأن تتفق ألفاظ الصدر والعجز من البيت الشعري في الوزنكذلك([19]). وذكر السجلماسي أن الموازنة "تَصييرُ أَجَزاءِ القَولِمُتَناسِبَةَ الوَضِع مُتَقَاسِمَةَ النَّظِم مُعتَدِلَةَ الوَزنِمُتَوخَّى فِي كُلِّ جُزءٍ مِنهَا أَن يَكُونَ بِزِنَةِ الآخَر دُونَ أَنيَكُونَ مَقَطَعَاهُمَا وَاحِداً وَهُوَ فَضلُ المُوَازَنَة الذييُبَايَنِ بِه التَرصِيعُ"([20]). فمثاله في النثر قول أحدهم: "إذَاكُنتَ لا تُؤتَى من نَقصِ كَرَم وكُنتُ لا أُوتىَ من ضَعفِ سَبَب، فَكَيفَأَخَافُ مِنكَ خَيبَةَ أَمَل أو عُدُولاً عنِ اغْتفار زَلَل، أو فُتُوراًعن لَمِّ شَعَث أو قُصُوراً عن إصَلاحِ خَلَل"([21]). {نَقص، ضَعف} = فعل، {عُدُولاً، فُتُوراً} = فُعُولاً. ومن أمثلة المناسبة في الشعر قول صفي الدين الحلي([22]) (من البسيط): مُؤَيَّدُ العَزمِ والأَبطَالُ في قَلق مُؤَمَّل الصَّفْح والهَيجَاءُ في ضَرَم مُؤَيَّدُ العَزم والأبطَالُ في قَلق مُؤّمَّل الصَّفْح والهَيْجَاءُ في ضَرَم اتفقتأغلب ألفاظ الصدر وألفاظ العجز في الوزن الصرفي غير أن (الأبطال والهيجاء)وردا بوزنين مختلفين (الأفعال والفعلاء). وعلى الرغم من ندرة الأصواتالمتجانسة في الألفاظ الأخيرة فقد أضفى اعتدال الأجزاء في التراكيب ضرباًمن الموسيقى. وما كان لهذا التناسب الجميل والاتفاق في الوزن أن يتحقق لوغاير المرسل بين الكلمات الأخيرة، وأورد بدل (نقص)/ (قلة)، وبدل (كَرَم)/(جوداً) وبدل (فتوراً)/ (تقصيراً). ويمكن عدّ الموازنة ضرباً من المناسبةاللّفظية إذا شمل الاتفاق كل الكلمات من الفصل الأول والثاني في الوزن وفيالحرف الأخير وهي لذلك تامة وتكون غير تامة إذا اتفقت في الوزن فقط([23]). قالرسول الله (): [أُعيذُ كما بِكلِمَات الله التامَّة من كل شَيطَانوهَامَّة ومن كلِّ عَيْنٍ لامَّة"([24]) فالكلمات الثلاثة (التامّة/وهامّة/ ولامّة) جمع بينهما وزن فاعلة مع اقتران الأولى بالألف واللام،واختلاف في لفظ (لامّة) إذا الأصل (ملمّة) وذلك طلباً للمناسبة. 4 ـ السجع المتوازي: 4/أ المتوازي لغة: يفيد الفعل (وزى) معنى الجمع والانقباض. وأوزى ظهره لحائطأي أسنده. وتعني الموازاة المقابلة والمواجهة، قال ابن منظور: "والأَصلُفيه الهَمَزةُ، يُقَالُ أَزَيتُه إذا حَاذَيتَه"([25]). غير أن التخفيف لميسمح به الجوهري إلا في حال وقوع الهمزة المفتوحة مسبوقة بضم. وبذلك يمكنالتخفيف في سؤال وموازاة ولا يصح في (وازى)([26]). 4 ب ـ المتوازياصطلاحاً: يعدّ السجع المتوازي توافقاً بين الكلمات الأخيرة في الوزنوالحرف الأخير([27]) وقوله تعالى: فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وأَكْوَابٌمَوْضُوعَةٌ( (الغاشية 14، 1). فاتفقت الفاصلتان (مرفوعة، موضوعة) فيالوزن الواحد (مفعولة) وفي الحرف الأخير. هذه أنواع السجع في كتب البلاغة، ويمكن إضافة نوع آخر آثرنا تسميته بالمتطابق. 5 ـ السجع المتطابق: 5أ ـ المتطابق لغة: أورد الخليل صيغاً عديدة في مادة (ط ب ق) ويفيد الطبقالجماعة من الناس. ومنه إطباق القوم على أمرها، إذا اجتمعوا عليه. تستعملالصيغتان المزيدتان (أطبق وطابق) بمعنى واحد. كأن يطبق الشخص بين الرحيينويطابق بين حجريها بأن يجعلهما على حذو واحد([28]). المطابقة([29]) فياصطلاح البلاغيين جمع بين لفظ وضدّه([30]) يكون ذلك في الشعر والنثر علىالسواء ونحو البياض والسواد، ويسمى المتضادان متطابقين إذا تقابلا فيالوضع([31]). 5 ب ـ السجع المتطابق: اتفاق الكلمتين في الوزن الصرفيوالحرف الأخير ويراعى في الوزن الصرفيّ أصل الكلمة وما يلحق بها من إعلالوإبدال وزيادة وحذف. وقسّم علماء البلاغة السجع إلى قسمين بحسب قصر الفصولوطولها: 1 ـ السجع القصير: نوع مستحسن، ما تكون جزآه من ألفاظ قليلة قديكون لفظين وقد يتجاوز ذلك إلى ثلاثة ألفاظ فأربعة إلى عشرة، نحو قولهتعالى: وَالمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالعَاصِفَاتِ عَصْفاً (المرسلات 1 ـ2). قال ابن الأثير: "كُلَّمَا قَلَّتِ الأَلفَاظُ كَانَ أَحسَن لِقُربِالفَواصِل المَسجُوعَةِ مِن سَمْعِ السَّامِعِ"([32]) نحو قوله تعالى:يَا أَيُّهَا المدَّثِّر قُمْ فَأَنذِر وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وثِيَابَكَفَطَهِّرْ، والرُّجزَ فاهجُر (المدّثر 1 ـ 5). وتمثل الآيات الواردة منسورة المرسلات وسورة المدّثر نماذج عن السجع ميّزها قصر الفصول لقلةعناصرها. 2 ـ السجع الطويل: أقل شأناً من الأول ميزته كثرة الألفاظوتعددها ممّا يكسب الجزء طولاً معيناً([33]) نحو قولـه تعالى:وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضلَّ صَاحِبُكم وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُعَنِ الهوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحيُ يُوحَى( (النّجم 1 ـ 4). وأما الفصول المسجوعة فثلاثة أقسام: أـ أن يتساوى الفصلان في الألفاظ نحو قوله تعالى: فأمَّا اليَتِيمَ فَلاتَقْهَرْ، وَأَمَّا السَائِلَ فَلا تَنْهَرْ (الضحى 9 ـ 10). يلاحظ تساويالفصلين في الألفاظ. فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَقهَر = وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنهَر. بـ أن يرد الفصل الثاني أطول من الأول يناسب الاعتدال ولا يخالفه لأن فيالطول عيباً، نحو قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَاعَةِ وَاعْتَدْنَالِمَنْ كَذَّبَ بالسَّاعَةِ سَعِيراً، إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍبَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظَاً وَزَفِيراً وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَامكَاناً ضَيِّقَاً مُقرَنِين دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً (الفرقان 11 ـ 12). جـ أن يرد الفصل الثاني من التركيب المسجوع أقصر من الأول ولا يستحسن هذاالقسم لعدم التجانس بين الفصلين. ففارق الطول بينهما يحد من اهتمامالمتلقي ويثير تتبعه لفحوى الخطاب بشكل مفاجئ([34]). تحليل صور السجع المختارة: نهجالبلاغة مصدر من مصادر الأدب، تنوعت فيه نصوص الخطابة، واختلفت باختلافموضوعاتها. وقد اعتمد الإمام علي على التسجيع في خطبه محسناً لفظياً، بيدأنك تجده ظاهرة ترقى إلى مرتبة المقومات الفنية ليكون فاعلاً في المعنى. منهنا كان اختياري بعض النماذج المسجوعة من شرح نهج البلاغة الجديد، معتحليل صور السجع المتطابق. وربما كان هذا الاصطلاح أدل على اتفاق اللفظتينفي الوزن الصرفي والحرف الأخير. أ ـ السجع المتطابق تطابقاً تاماً: وَمَعَايِشَ تُحَيِيِهم، وآجالٍ تُفنِيهِم 1/113 {1}([35])
يتقابلمعنى الحياة والفناء، ومنه كانت صياغة حدثين متضادين معنى احتل كل منهماموقع السجعة. واتفقا في الصيغة المضارعية (تُفعلهم) وقد أفادت همزة الماضيتعدية الحدثين إلى المفعول الواحد. وأما المسند إليه (معايش، آجال) فكانتالصدارة لكليهما. وقد استحسنت الأذن كسرة مسبوقة بضم لسهولة النطق به.بينما يصعب العكس الانتقال من كسرة إلى ضم. وتوالت حركات ثلاث في كل بناء، وكانت من جنس واحد لتحقق إيقاعاً حسناً لا يستعصي على لسان المرسل ولا تمجُّه أذن المتلقي. أَيُّها الناسُ المُجتمِعَةُ أَبدَانُهم، المُختَلِفةُ أَهوَاؤُهُم 2/111 {29} تتقدمالوحدتان [المجتمعة، المختلفة] في التركيب لتحقق أمرين. أولهما حسن تقسيم،ثانيهما انسجام السجعتين (أبدانهم، أهواؤهم) وتطابقهِما في الوزن(أفعالهم) والمقطع الأخير (هم). وفي التركيب عدول من نداء الخطاب إلىالغيبة. وعَود آخر إلى الخطاب إذ أنّ بقية التركيب قوله: "كلامُكُم يُوهِنالصمَّ الصِّلابَ وفِعلُكُم يُطمِع فِيكم الأعداء". فَأُجرِيَ فيها ماءً مُتلاطِماً تَيَّارُه، مُتَرَاكِما زَخَّارُه. 1/83 {1} يتناسباللفظان [تياره، زخّاره] في الصيغة المكررة (فعّاله) وتحقق الصورة من خلالتطابق سجعتيها إيقاعاً قوياً ومنسجماً، وذلك لإدغام العين المفتوحة فياللفظ الأول والثاني. هذا الإدغام يستدعي جهداً عضوياً من أعضاء النطق.وإضافة الراء إلى الهاء الموقوف عليها حاكى تراجع المياه وترددها. زَيَّنَها بِزِينَةِ الكَوَاكِب، وضِيَاءِ الثَّواقِب. 1/83 {1} تحلّ(الثواقب) من سابقتها (الكواكب) محلّ الصفة من موصوفها. فجمال الكواكب لايُضاهى عندما يكون ثاقباً. وزنة اللفظين المتطابقين تطابقاً تاماً(الفواعل). وهو جمع لمختلفين (اسم وصفة). غير أن اللام فيهما واحدة وردتصوتاً شفوياً انفجارياً فزاد انفجارها قوة لهذين السجعين. أعصَفَ مَجرَاها، وأَبعَدَ مَنشَاهَا. 1/83 {1} أدّتالفتحة في هذين اللفظين دوراً موسيقياً بارزاً. وهي بنوعيها القصيرةوالطويلة لها أثرها ووقعها في أذن المتلقي نتيجة تكرارها. وإذا كانالإيقاع في المقطع الأول من كل لفظ [مجْ ـ منْ] يمتاز بالسرعة والخفة التيحققتها الفتحة، فإن ما يليهما طابعه طول وامتداد، إذ الحركة الطويلة(الألف) ترددت مرتين في كل لفظ وهي إحدى الحركات الثلاثة التي وصفهاالقدماء والمحدثون الطول لأنها تستغرق للنطق ضعف ما تستغرقه القصيرة منها.والأصل في (منشاها) منشأها غير أن الهمزة خففت لإحداث تناسب بين السجعتين.وقد وافق المقطعان الطويلان من كل سجعة دلالة الطول الملموسة في كل من(مجراها، منشاها). كِم سقفٍ فَوقَهُم مرفوع، ومِهَادٍ تَحتَهُم مَوضوع. 1/113 {1} (مرفوع، موضوع) تحقق هاتان الصفتان تطابقاً في الوزن (اسم مفعول) وفيالمقطع الأخير (ح ط + ح ق + ص)([36]) وقد فصل بين كل صفة وموصوفها بظرفينمتضادين (فوق، تحت) اختلفا معنى. فالوضع مضاد للرفع. وتمثل هذه الصورةمقابلة بين تركيبين اثنين كل منهما تكونه عناصر ثلاثة تضاد نظيرتها فيالمعنى. فوقهم # تحتهم سقف # مهاد مرفوع # موضوع مَانحُ، كلِّ غَنيمَة وفَضْل، كَاشفُ كلِّ عظيمة وأَزْل. 6/241 {82} يمثّلاللفظان (فَضْل، أَزْل) مصدرين صيغا على وزن واحد "فَعْل" وكان كل منهماآخر عنصر من كل جزء. والملاحظ في هذا النموذج تناسب [مَانِح، كَاشِف] فيالوزن الواحد (فاعل)، بينما تناسبت أسماء أربعة في الوزن والحرف الأخير: غنيمة، فَضل، عظيمة، أزل. ويمكن عدّ السجعتين متضادتين (فالفضل) النعمة والعطاء، و(الأزل) الضيق والشدة. آثَرَكُم بالنِّعَم السَّوابغ، والرِّفَد الرَّوَافِع، وأُنذِركم بالحُجَج البوالغ. 6/244 {82} خالفتالصورة سابقتها، حيث كانت نهاية الألفاظ المسجوعة غينا. وتتناسب التوابعالثلاثة (السوابغ، الروافع، البوالغ) في الوزن (الفواعل) محققة تطابقاًتاماً، والصفتان الأولى والثانية أفادت معنى واحداً الاتساع والشمول.وورود الصفة الثانية كان تأكيداً للمعنى الأول. وأَلجَمَ العَرق، وعَظُمَ الشَّفَق 6/249 {82} تمثلالصورة تركيباً إسنادياً تردد ركناه بالعطف. وقد أفادت همزة المزيد فيالأولى تعدية، إلا أن المفعول محذوف ليتحقق التناسب بين اللّفظين الأخيرين(العرق، الشفق) وعلاقة الأولى بالثانية من حيث الدلالة علاقة نتيجةبمسبِّب، وذلك لم يمنع الاتفاق بينهما في الوزن (الفَعَل) وترداد الصامتالأخير من المقطع الثاني (القاف). فيا لَها أمثالا صائبة، وموَاعِظَ شَافِيَة، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِية وأسماعاً واعية. 6/255 {82} (شافية، زاكية، واعية) يجمع بين هذه الألفاظ ثلاثة ويفصل بينها واحد. فأولالثلاثة الوظيفة النحوية. حيث وقع كل لفظ صفة منصوبة. وثانيها الوزنالمشترك (فاعلة) وآخرها المقطع الثالث (ي+ت+ه) وقد تردد فكان بذاته نوعاًوصوتاً يكونه [صامت + فتحة قصيرة + ساكن]، ليحدد بالمقطع القصير المغلق.وما فصل بين الألفاظ الثلاثة أصلها المعجمي (ش ف ي)، (ز ك و)، (و ع ي). عِبَادَ الله أَيْنَ الذِينَ عُمِّروا فَنَعِمُوا فَفَهِمُوا، وأُنظِروُا فَلَهَوْا، وسُلِّموُا فنَسوا. 6/275 {82} عّمِّروا فنَعمُوا، عُلِّموا ففَهِمُوا اُنْظِروُا فلَهَوْا، سُلِّمُوا فَنَسَوا يطغىعلى الخطاب ضمير الجماعة الذي اتصل ببنية كل حدث. غير أن وظيفته الإعرابيةتختلف من البناء الأول (عُمِّروِا الذين حلّ فيه محل المفعول، إلى البناءالثاني (نَعِمُوا) الذي وقع فيه مسنداً إليه. كما سيطر على الخطاب التركيبالفعلي. وتجمع هذه الصورة بين ظاهرتين اثنين. حيث تناسبت الأفعال الثمانيةفي الزمن الماضي والإسناد إلى الجمع المخاطب. وائتلف كل حدثين في الصيغة.هذا الائتلاف يبرزه المخطط التالي: عُمِّروا ___ عُلِّمُوا فُعِّلوا فنَعِمُوا ___ فَفَهِموا ففَعِلوا فلَهَوْا ___ فنَسَوا فَفَعَلُوا وعَومِ بَنات الأرض في كُثبان الرّمال ومُستَقَرِّ ذواتِ الأجنحة بذُرَاً شناخيب الجِبال. 7/23 {90} يعدّ(التقدير) و(التدبير) مصدرين لحدثين مزيدين بالضعيف (قدّر ـ دبّر). وقدخالف موقع كل منهما موقع حدثه بأن تصدّر البناءان في كل جزء ووقع المصدرانسجعتين. فكان ذلك الوجه الثاني من وجوه التطابق للاشتراك في الصيغةالواحدة (تَفعِيلَة). قَدَّر ما خلَقَ فأَحْكَمَ تَقْديرَه، ودَّبره فألطفَ تدبيرَه. 6/416 {90} تعدّدتوحدات هذين الجزأين مما أسهم في الطول الملحوظ، وورود سجعتين بعد جملة منالعناصر المضافة. وعلى الرغم من غياب الأحداث في هذه الصورة فقد حصلالتناسب بين اثنين أفاد أولهما الحركة التي جسدها (عَوم)، وأبرز ثانيهماثبات الجبال الذي نقله عنصر (مستقر). عوم ← الرمال مستقر ← الجبال وناظِرةً عمياء، وسامعةً صمَّاء، وناطقةً بكماء 7/187 {107} جماليةهذا التركيب حُسن جمعٍ وفَصل. وكان التضاد معيناً للمرسل ألهمه إمكانيةالتوفيق بين المتضادات ظاهرياً. هذه الأخيرة تكررت بالعطف فتطابقت فيالوظيفة النحوية والوزن الصرفي (فعلاء). ووافق بينها صوت الهمزة. والسجعات[عمياء، صمّاء، بكماء] أوصاف سالبة سبقتها إيجابيات [ناظرة، سامعة، ناطقة]وإذا كان الجمع بين كل متضادين مقصوداً من المرسل، فإن الغرض العام لهذهالصورة نفي الإيجاب وإثبات السلب للمخاطبين فقد أنكر ليثبت واستفهم ليقرر.وحاكى ذلك كله الصوت الحنجري وهو الهمزة. يُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِي أَفْنِيةِ قُصُورها بِالأعْسَالِ المُصَفَقَةِ([37]) وَالخُمُورِ المُرَوَّقَة. 9/278 {166}
(المصفّقة، المروّقة) صفتان تطابق بينهما صيغة (المفعّلة) وأفاد الإدغام وحرف القاف في السجعتين تكثير الحدث وتضخيم الوصفين. أَجْسَادُهم نَحِيفَة، حَاجَاتُهم خَفِيفَة وَأَنْفُسُهم عَفِيفَة. 10/133 {186} يترددالتركيب الاسمي في هذه الصورة بالعطف وهو قائم في كل جملة على جمع أسندتإليه صفات ثلاثة تبعاً. والأسماء الثلاثة [أجساد، حاجات، أنفس] متعلقةبجماعة الغائبين محور الخطاب (أو العباد المؤمنين). وفي الصورة تعريفانأحدهما لفظي عُرِّفت الأسماء بإضافتها لغيرها، ثانيهما معنوي إذ عُرِّفالعباد بالنكرات التي وردت صفات؟ فكانت أكثر دقة وتحديداً. [نحيفة خفيفة،عفيفة] وخفّت الألفاظ من حيث إن وزنها (فعيلة) وهي ذات طابع إفرادي قابلالإسناد إلى الجمع فزاد ذلك خفة مع تواتر الفتحة فيها ونهاية بالفاء. قال همام للإمام علي: صف لي المتقين كأني أنظر إليهم فقال في أحدهم: في الزَّلاَزِل وَقُور، وفي المَكارِه صَبور، وفي الرَّخاء شَكُور. 10/149 {186} في الوزن الصرفي. في الوزن المقطعي. في الحرف الأخير. صفاتأحد المتقين نكرات ثلاثة [وَقور، صَبور، شَكور]. سبقتها في التركيب معارفمجرورة قيّدت ما كان مطلقاً. من هنا احتلت الصدارة لتحقق السجعات تناسباًفي الوزن الصرفي (فَعول) وفي الحرف الأخير (الراء). ضَادّ النورَ بالظُّلمة والوُضُوحَ بالبُهمَة 13/72 {232}. ضادَّالمرسِلُ المفعول باللفظ المجرور في الدلالة فحقّق بالتضاد تطابقاً بين(النور والوضوح) في الوظيفة النحوية، وبين (الظُّلمة والبُهمّة) في الوزنالصرفي (الفُعلة). مُؤَلِّفٌ بَينَ مُتَعَادِيَاتِها، مُقَارِنٌ بَينَمُتَبَايِنَاتِها، مُقَرِّبٌ بَينَ مُتَبَاعِدَاتِها، مُفَرِّقٌ بَينَمُتَدَانِيَاتِها. 13/72 {232}. يجمع الخطاب بين الإيجاز والطول. حيث اكتفى المرسِل في كل جملة بعناصر ثلاثة (صفة + ظرف + مضاف إليه) فكانت الجمل الأربعة موجزة. وتوسّلفي التركيب الإضافي: (متعادياتها، متباعداتها ـ متبايناتها ـ متدانياتها)سبع مقاطع تنوعت بين القصيرة والطويلة. زيادة على كثرة الحروف، تكاثفتالحركة الطويلة وترددت ثلاث مرات في كل واحدة ممّا وسمها بالطول. ثم خَيِّره بين حَرب مُجلية أو سِلمِ مُخزِية 14/45 {8} مضمونالطلب في هذا التركيب أن يخيِّر المخاطَب الذات المغَيَّبَة بين أمرينأحلاهما مرّ. والخياران تتوسطهما (أو) موصفان بنكرتين صيغتا من الرباعيالمزيد بهمزة (أجلى) و(أخزى). وقد طابق بين الوصفين المقطع الأخير. فلا المُهَاجِرُ كالطَّلِيق، ولاَ الصَّرِيحُ كاللصيقِ 15/117 {17} يبطلالنفي الذي احتل الصدارة وظيفة الكاف، لأن الطليق غير المهاجر، واللصيقغير الصريح. على الرغم من هذه المفارقة بين الوحدات إلاّ أن السجعتيناتفقتا في الوزن الفعيل) وحرف القاف. فإن يُعَذِّب فأَنتُم أَظلَم، وإِن يَعفُ فَهُو أَكرَم. 15/163 {27} تناسبتالسجعتان (أظلم) و(أكرم) في الوزن (أفعل) وفي الحرف الأخير إذ حققتا شجعامتطابقاًن واختلفتا في الدلالة مثلما اختلفتا في الإسناد فالأولى مسندةإلى جماعة المخاطبين والثانية مسندة إلى الله عزّ اسمه. وامزُج لَهُم بين التِّقريب والإدنَاء، وإلا بَعاد والإقصَاء 15/137 {19} (الإدناء)و(الإقصاء) سجعتان متضادتان اللام فيهما صوت حنجري منقلب في اللفظ الأولعن الواو، وفي اللفظ الثاني عن ياء. والإفعال وزن مشترك بينهما. وهو الوجهالثاني من تطابقهما بعد اتفاقهما في اللام (الهمزة). مَن كان بصفتك فليس بأهل أن يُسَدَّ به ثَغرُ، أو يُنَفَّذَ به أَمر، أو يُعلَى له قَدر. 18/54 {71}. من كان بصفتك فليس بأهل أن يُسَدَّ به ثغر. أو يُنَفَّذَ به أمر أو يُعلَى له قَدر. بعدأن خان المنذر الأمانة، كتب المرسِل إليه كتاباً فصّل فيه مساوئ خائن لايعرف للأمر تنفيذاً وبعيداً عن تقدير الغير. وافتتح الخطاب بمؤول تليهثلاث جمل قصيرة، أسندت أحداثها إلى ذات معلومة لدى المرسِل وغُيّبت عمداًفي الخطاب لأنه بصيغة حكمة تتوسل التعميم بواسطة (من). يَا أهلَ الوَحشَةِ أنتم لنا فَرَطٌ سَابِق([38]) ونحن لَكم تَبَعٌ لاحِق. 18/3221 {126}
يليالمنادى (يا أهل الوحشة) تركيبان تطابقت وحدات كليهما في الوظيفة النحوية،كما تطابقت السجعتان (سابق ولاحق) في صيغة فاعل والحرف الأخير. وشكَّل هذاالتطابق فصولاً مرصَّعة جمعت بين المخالفة في الضمائر الدالة على الجمعالمخاطب (أنتم) وجماعة المتكلمين (لنا)، وبين التوازن في لفظين (فَرَطَ)و(تَبَعَ). أما بعدُ فإنما أهلَك مَن كَان قَبْلكم أنّهم مَنَعُوا النَاس الحق فاشتَرُوه وأخَذوهُم بالبَاطل فاقتدوه. 18/77 {79}. كتابهفي هذه الصورة خطاب واحد تبرز جملتاه هلاك السابقين. والتبرير الذي عوقبمن أجله أولئك أن حرموا الناس حقاً هم أهله. واقتضى حرمانُهم شراءَه وذلكباطِل.
و إليك هذا الكتاب :إن كان درسك يتطلب التوسع : عنوانه : دراسة بلاغية في السجع و الفاصلة القرآنية رابطه تحميله