عاشق الرومنسية مشرف عام
الجنس : السٌّمعَة : 16 الْمَشِارَكِات : 2394 النقاط/ : 4128 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: مقدّمة في التعريف بلسانيات النص الإثنين ديسمبر 20, 2010 2:55 pm | |
| مقدّمة في التعريف بلسانيات النص
"لسانيات النص" – Linguistique Textuelle علمٌ ناشئٌ وحقلٌ معرفي جديد تكوّن بالتدريج في السبعينيات من القرن العشرين، وبرز بديلا نقديا لنظرية الأدب الكلاسية التي توارت في فكر "الحَداثة" و"ما بعد الحداثة"، وراح هذا العلم الوليد يطوّر من مناهجه ومقولاته حتى غدا "أهمّ وافدٍ" على ساحة الدراسات اللسانية المعاصرة، وقد نشأ على أنقاض علوم سابقة له كـ"لسانيات الجملة" و"اللسانيات النَّسَـقية" و"الأسلوبية"، ثم انطلق من معطياتها وأسس عليها مقولات جديدة، وهو قريب جدا من صنوه "تحليل الخطاب"، غير أن هذا الفرع الأخير يقوم على أساس التحليل البنيوي، أما فرع "لسانيات النص"- حتى وإن استثمر جميع النظريات اللسانية السابقة عليه- فهو يقوم في الأعم الأغلب على أساس التحليل التداولي، وأهم ملمح في لسانيات النص أنه غني متداخل الاختصاصاتInter-disciplinaire يشكِّل محور ارتكاز عدة علوم، ويتأثر دون شك بالدوافع ووجهات النظر والمناهج والأدوات والمقولات التي تقوم عليها هذه العلوم. وأما في التراث العربي فقد بحث بعض علمائنا في "النص" ونظّروا له ولم يتوقفوا عند التنظير للجملة؛ فمن علمائنا الذين قدموا إسهاما علميا ناضجا (في مجال التنظير والتطبيق النصي) الإمام عبد القاهر الجرجاني (ت 471 هـ) في "نظرية النظم" (كتاب: دلائل الإعجاز)، وتبرز قيمته "النصية" في أنه جمع بين علوم كثيرة كـ"النحو" و"علم المعاني" و"علم البيان" و"التفسير" و"دلالة الألفاظ" و"المعجمية" و"المنطق"... وألّف بين أشتاتها في تناغم عجيب واتخذ منها أدوات معرفية متضافرة على تحقيق هدف واحد هو: خدمة النص القرآني وبيان إعجازه. وقد كانت فكرة "الانسجام النصي" (Cohérence textuelle) واضحة في ذهن عبد القاهر وضوحا متميزا حتى إننا نجده يعبر عنها بقوله: "واعلم أن مَثَلَ واضعِ الكلامِ مَثَلُ من يأخذ قطعا من الذهب أو الفضة فيذيبُ بعضَها في بعض حتى تصير قطعة واحدة..." وهذا يدل على أن بنية النص في تصور عبد القاهر الجرجاني تصل إلى مرتبة "الصهر" الذي هو أعلى درجات "التشكيل".
ويمكن أن يُفصّلَ الموضوع بطرقٍ مختلفة منها التّفصيلُ مثلاً في كلّ قضيّة من قضايا لسانيات النصّ أو نحو النّصّ : - كالحديث عن التّماسك اللغويّ الذي يتحقّق خارِجيا بأدوات الرّبط اللّغويّ والنّحوي (عبر عنه إمام البلاغة عبد القاهر بالتّعليق) - والحديث عن الانسجام الذي يتحقق على المستوى الدّاخليّ بين المعاني القريبة والبعيدة (أو الحقيقية والمجازية) والصّور البلاغية والتّرابط الفكري بين فقرات النص، والتسلسل المنطقي... - والحديث عن السّياق الذي يتوضَّعُ فيه النّصّ ويجري في إطارِه... - والحديث عن الإحالة التي تعدّ حركةً داخليّة أو خارجيّة تحقق وظيفة الرّبط بين عناصر النص فيما بينها، أو بين النص والخارج... - والحديث عن قضية التّأويل أي عن مسألة "القراءة" والقارئ والفهم التّأويل وعلاقة النّصّ بصاحبِه وبِقارئه... - والحديث عن قضايا أخرى أو أدوات أخرى هي من صميم إنتاج النّصّ كالغموض والإبهام، وعلاقة النص بالواقع...
سأل أحد الباحثين الكِرام ، مشكوراً ، أسئلة في صميم لسانيات النص وجاء الجواب عليها على النّحو التالي:
1- سؤال: نحو النص يرادف لسانيات النص وهنا سؤال يطرح نفسه../ اذا كانت المترادفات في اللغة ، كقولِك : أمجّ و أكره ، تتفاوت في المعنى والظلال قوة او ضعفا..فهل لا يتفاوت المصطلحان في الدلالة والمعاني..شخصيا اعتقد ان المصطلح الواجب اعتماده..لسانيات النص... كثرة المصطلحات والتسميات قد تدخلنا في متاهات...تنوء عن حملها ادمغة اينشتاين وسيبويه والخوارزمي..على اللسانيين ان يتبنوا مصطحا واحدا ولو من باب التخفيف...تسمية الاسد مثلا بمائة اسم جاءت بسبب تعدد اللغات والاماكن..واللسانيون هم اللسانيون وليسوا قبائل واعراشا اوبطونا...فاين المسوغ واين الاجازة؟
الجواب: أقمت من مسألة بسيٍطةٍ قضيةً كبيرة وحاكمتَ بها سنينَ عددا من الجهود الحقيقة أنّ تنويع الاصطلاح كما في "لسانيات النص" و "نحو" ، هو تنويع تعبير ولا مشاحّةَ في الاصطلاح ههنا؛ لأنّ النّحو – وهو اصطلاح أصيل قديمٌ - هو مجموع القواعد التي تُنتَهَج لإنجاز الموضوع أو وصفِه سواء أكان هذا الموضوع لغةً "نحو اللغة" أم كانَ نصاً "نحو النّصّ" ؛ فنحو النص هو جهاز من القواعد و الآليات التي يتكوّن منها النّصّ أمّا إذا قلنا "لسانيات النص" فسنكون قد آثرنا التّعبير العصريّ، وللاصطلاح العصريّ بريقٌ وأناقة وجاذبيّة قد لا نجدها لمصطلح نحو النّصّ .
وهذا الخلاف لا يرقى إلى مستوى الانقسام والتمزّق الفكريّ للأمّة وغير ذلك من الكلام
2 - سؤال: النص وحدة لغوية مكونة من اكثر من جملة فهل معنى هذا انه يستحيل وجود نص في جملة او حرف مثلا؟ ثم اذا كان اللسانيون وهم يتحدثون عن النص تحدثوا عن حدوده بداياتها ونهاياته..وعن عناصره- الجملة..والقول المنجز والقضية..فأين الحدود واين العناصر في هذا التعريف..؟ كذلك اذا كان اطار الجملة اللغة واطار النص الكلام..فكيف نتمثله وحدة لغوية؟
جواب: أجل، قد ينحصر النص في الكلمة الواحدة وفي الجملة الواحدة إذا تضمَّنَتْ كلاما طويلا – أو قدِّرَ فيها كلام طويل لا تستوعبُه الكلمة أو الجملة، معنى ذلك أنّ تجلّيَ النّصّ في كلمة أو جملة، يُعدّ حالةً فرعيّةً أو غير مطّردة، أو إن شئتَ حالة نادرة، و لا يُفهمُ معنى النص من الكلمة أو الجملة الواحدة إلا بقرائن تعوّض المُقدَّر أو المحذوف، قرائن تقوم مقام المحذوف، مثل مقاصد المتكلّم وظروف الخطاب وغير ذلك من الاعتبارات التّداوليّة
أمّا عن الحدود بين الجملة والنّص فهذا مبحث لمّا يكتملْ، وما زال الخلاف بين اللسانيين النّصيين قائما حول طبيعة هذا النّحو : هل يتضمَّنُ نحوُ النّصّ نَحوَ الجملة أي هل يُعدّ النّصّ متتايات من الجمل وكفى، أم هل يتكوّن النّصّ من مكوّنات وآليات ليست بالضّرورة تراكما من الجمل فهذا الخلاف مُعتَبَر، لا ينبغي إغفالُه عند التمييز بين نحو النص ونحو الجملة
-------------------------------------------------------------------------------- 3- سؤال: فيما يتعلق بشروط النص الواجب توافرها فيه/ البنية: يقابلها البناء..النسق ..الاسلوب.. - المقصديّة: (Intentionnalité) يقابلها القصد..الهدف الغاية ..الغائية - المقبوليّة يقابلها القابلية - الوظيفة: أن تكون جُمَل النّصّ ذاتَ وظيفةٍ تواصليّة ..الهدف.. الغاية - الإفادة (informativité) رهم بعلاقة المتكلّم بالمتقبّل...يمكن ان يقابلها المقصدية..وجهان لعملة واحدة كما اتصور.. - المُناسبةُ المقاميّة : يقابله المقام..مقتضى الحال..المناسبة ..السياق.. ) فما معني الاشتقاقات من معيار نسبي مرة *يــة*؟ والخروج مرات عن مصطلحات هم يتداولونها؟ نبقى مع النص لآسألكم هل النص الذي هو موضوع لسانيات النص يشترط فيه ان يكون مكتوبا ام ان هذا الفرع يهتم بالنص ملفوظا اومكتوبا ؟
جواب: ما دام هذا العلمُ أي "لسانيات النص" بِكراً فإنّ مصطلحاته لم تنضجْ بعدُ، كما نضجت مصطلحاتُ علوم قارّة ، فلذلك لا تُحاسبُ لسانيات النص ومكوّناتُها على عدم الاستقرار فإذا ما تراكمت الكتاباتُ والمؤلفات ودارت المناقشاتُ حول هذا الموضوع الاصطلاحيّ وغيرِه من مواضيع لسانيات النص، فعندئذ سنكون في وضع جيّد إزاء مسألة استقرار المصطلحات أمّا عن النص المكتوب والنص الملفوظ ؛ فإنّ الغالب في لسانيات النص أنّها تهتمّ بالنّص المكتوب؛ لأنّها تُعالج آليات إنتاج النصوص. أمّا النص المنطوق فتهتمّ به لسانيات الخطاب وليس بين الجهتين فرقٌ كبير، وائتلافُهُما أكبر من اختلافهما
وبالله التوفيق | |
|
djamele7892 إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ : 10349 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: رد: مقدّمة في التعريف بلسانيات النص الإثنين فبراير 28, 2011 6:42 pm | |
| | |
|