عاشق الرومنسية مشرف عام
الجنس : السٌّمعَة : 16 الْمَشِارَكِات : 2394 النقاط/ : 4128 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: نحو نقدٍ منهجي الإثنين ديسمبر 20, 2010 3:26 pm | |
| نحو نقدٍ منهجي لـــ محمد غازي التدمري يُعتبر النقد الأدبي من العلوم الإنسانية المهمة، التي تعمل على تقييم الفكر، وتحليل آثاره الإبداعية إلى عناصره الأولية للكشف عن أوجه الجمال والقبح فيها، كما يُسهم في تفكيك النصّ ومعرفة دلالاته الإشارية والدلالية والكشف عن أبعاد المعايشة الزمانية والمكانية، وطبيعة المعاناة التي صاحبت الأثر حتى انتقل إلى الورق نصّاً إبداعياً متكاملاً، وهذا ما يجعل النقد عنصراً أساسياً في عملية الإبداع، لأنه ضوءٌ له يعكس ماهيته بمختلف أبعاده الداخلية والخارجية، وهذا ما يجعل الإبداع والنقد حقيقة واحدة من حقائق مفرزات الفكر الإنساني لا يمكن لأحدهما أن ينفصل عن الآخر، كما لا يحق لأحدهما التضحية على حساب الآخر، ومن هنا انصبّ الاهتمام بهذه المادة العلمية، وعمل الباحثون على رفدها بالنظريات النقدية الملائمة لمفرزات العصر الحديث من الأجناس الإبداعية، التي اتجهت اتجاهات مختلفة في دروب الإبداع، فأفرزت أنماطاً قديمة لم تتجاوز القالب الواحد القائم على المعنى والمبنى، ثم تفرّعت المدارس النقدية الحديثة التي تفرض على الناقد أن يبحث بشكل دائم عن نظريات نقدية جديدة، تكون ملائمة لما يُفرزه العقل المبدع من أجناس أدبية متطورة شكلاً ومضموناً، فمن البدهي أن تختلف الرؤية النقدية لأي نص قديم عن الرؤية لأي نص إبداعي حديث، على ألاّ يعني هذا تجاهل النظريات النقدية القديمة التي تشكل الأساس الأول في بناء عمليات النقد وتطوّرها عبر الأجيال، وإن اختلفت الأذواق في الحكم عليها من جيل إلى جيل، أو من عصر إلى عصر، لذلك لابدّ من العمل على تطوير هذه النظريات التي تواكب حضارة العصر المحكوم بآلية التقنية الحضارية المتحركة، لاسيما أن هذه النظريات كانت خلاصة تجارب إبداعية معينة حملت مشروعها النقدي من خلال جملة حالات وإحالات ارتبطت بعوامل الحياة وطبيعة المعاناة فاكتسبت خواصها التي حملت قدرات فنيّة جعلتها مهيأة للتأثير في النفس الإنسانية ضمن شروط الخواص المجتمعة حول قضايا اللفظ والمعنى، وبناء الشكل، دون الاهتمام بوحدة النص وبناء معماره الفني والتقني، مع إهمالٍ واضحٍ لشخصية المبدع وأطوار حياته، حيث فصل النقاد القدامى المبدع عن مكوّنات الأثر ولم يروا فيه غير فعل تحريضي خارجي يُسهم بشكل أو بآخر في ولادة الأثر دون النظر إلى حالته النفسية وما يمكن أن يعانيه خلال مخاض وولادة النص الإبداعي ولذلك على النقد الجاد أن يقف موقفاً حازماً تجاه النص مهما كان شأنه أو منهجه، وذلك كمحاولة للوصول إلى الحقائق الفنية والإبداعية التي أسهمت في بناء نمطية ذلك النص، وقد حمل ما يؤهله للدخول إلى مدار التساؤل والحوار فالوصول إلى كمائن الأثر الداخلية والخارجية، عبر محطات نقدية تبيح للناقد استخدام الأساليب التربوية والأخلاقية والتاريخية والنفسية والجمالية المستمدة جميعها من أصول المنطق وعلم النفس والجمال والمرتكزة على ثقافة موسوعية، تساعد الناقد المحترف على الوصول إلى مختلف الانطباعات الظاهرية والجوانية التي أسهمت في بناء معمار الأثر الإبداعي، ليطلق بعد ذلك أحكامه النقدية دون تردد أو خوف، وبذلك يؤدي الناقد دوره في خدمة الإبداع والنقد على حد سواء، فعملية النقد ليست من العمليات السهلة كما يتصوّرها بعض من يمارس كتابة الدراسات الانطباعية والتأثرية، وهم يناقشون الآثار ويحلّلونها كما تظهر لعيونهم أو من خلال ما تشير الألفاظ دون الغوص في ما وراء ذلك للكشف عن الدلالات والمرموزات غير الظاهرية لأبعاد ملفوظية النص لمعرفة ما يمكن أن يُشير النص إليه من الداخل والخارج. [size=16]فالرؤية المسطحة لأي نص إبداعي تُسهم بشكل أو بآخر في تدني النقد وتراجعه، كما من الممكن أن يصيب الإبداع بغبن يُنقص من قيمته، وهذا ما يجعل النقد عملية مزدوجة تبدأ بمعايشة المبدع من خلال انفعاله بالحدث لرصد أفعاله وردودها ضمن العلاقة الحميمية التي تربط المبدع بتفاعل الحدث وتناميه، ليرصد بعد ذلك التطورات النفسية التي نجحت عن هذه العلاقة وكيف انتقلت إلى الفنية التي هي في المحصلة الأخيرة نتاج المفاعلة التي قامت بين المبدع والحدث، ضمن مناخات المعايشة والتجربة والمعاناة كفريق أول والناقد كفريق ثانٍ، تقع عليه مهمة نقل مضمونات هذه المفاعلة إلى المتلقي الذي يملك الحق الأخير بقبولها أو رفضها، فمختلف المناهج النقدية الحديثة تعتمد اعتماداً كلّياً على الإدراك العميق لكوامن الحدث الذي ساعد على ولادة النص من داخله وخارجه وبالتالي فإن الاهتمام بمثل هذه القضايا من الممكن أن يُسهم في إصدار أحكامٍ نقدية صحيحة ضمن حدود المنطق، وبعيداً عن الملاحظات الهامشية التي تشبه ملاحظات معلم التعبير في المدارس الإعدادية. </strong> [size=16]إن الناقد الجاد حصيلة ثقافية ومعرفية موسوعية مع درايةٍ واعية، تساعده على الإحاطة بمختلف الحالات والإحالات التي ساعدت على ولادة النص، لأن في ذلك مساعدة كبيرة للمتلقي تؤهله لأن يتبنى وجهة نظرٍ منطقية تخدم النص وصاحبه بعيداً عن التهويل والمبالغة التي من الممكن أن تضع المتلقي في متاهات نقدية لا تفرز غير مصطلحاتٍ غامضة لا يُعرف لها مدخلاً أو مخرجاً. </strong> [size=16]لذلك فإن النقد الموضوعي هو المتصل بشكل دائم بأطوار التناول وأبعاد الأداء، وأنماط البناء الفني الذي يساعد على تطور الإبداع والنقد على حد سواء، وبمثل هذا العامل النقدي الواضح والمنهجي من الممكن جمع الصور المختلفة والمتباينة في مضمار النص للكشف عن مختلف جوانب الإبداع من خلال رؤية نقدية واعية، قائمة على أسس المناهج التربوية والتقنية والتاريخية والجمالية، دون إهمالٍ للعوامل الخاصة والإضافات العامة التي تضافرت فيما بينها وأسهمت في تكوين النص الإبداعي وولادته بما يحمله من جوانب قابلة للمناقشة والحوار، وإصدار الأحكام النقدية الواعية، لأن أية رؤية نقدية لا ترتكز على مثل هذه الأسس الثابتة لا يمكن إلاّ أن تكون نوعاً من العبث الذي لا يخدم المبدع والإبداع والمتلقي في شيء ما، لاسيما وأن من حق المتلقي وهو يعيش عصر السرعة وأزمات العصر المثقلة بالهموم والمتاعب أن تصله النصوص الإبداعية محلّلة تحليلاً كاملاً بعيداً عن الرغبات الذاتية، والرؤى الإنطباعية القائمة على الميل أو الهوى ولا يرى النقاد في هذا إجحافاً لحقهم النقدي الذي يفرض عليهم أن يقدموا الصورة الواضحة والكاملة لإبداع النص ومعطياته الإبداعية والفنية، كما لا يرى بعض المهتمين بالنقد في مثل هذا التناول مثالية خيالية صعبة المنال أو التحقيق في زمن سيطرة العولمة والمعلوماتية على مختلف مفرزات الحضارة المعاصرة فما دمنا نسعى جاهدين إلى قيام نهضة نقدية متكاملة الجوانب، لابدّ لنا من أن نعيد النظر في مختلف النظريات النقدية القديمة، وما تمخض عنها من نظريات جديدة، ونعمل على تطويرها، واستنباط نظريات جديدة قائمة على منهج نقدي تكاملي يراعي مناهج التربية وعلم النفس والجمال كما يتجه نحو تفكيك النص ودراسته لغوياً وبنيوياً على ضوء علم اللسانيات الحديث، لأننا لا يمكن أن نعمل على بناء جيل من المبدعين الجادين والمتطورين، إلاّ إذا هيّأنا لهم قاعدة نقدية منهجية تتحمل ثقل الأجيال وصراعها الدائم من أجل الوصول إلى الكمال فيما تبدعه، لا سيما وأن الرؤية النقدية المنهجية الواعية، لابد أن تفرز في النهاية نصوصاً إبداعية سليمة ومتميزة. [size=16]ومن هنا على النقاد الجادين أن يدركوا حقيقة وجودهم في الساحة الإبداعية المعاصرة ويعملوا على قيام مشروع نقدي منهجي تكاملي جديد، يكون قادراً على تجاوز عبث النقد المهيمن على نتاج بعض النقاد المعاصرين، وذلك بعيداً عن الذات والأحكام الانطباعية التأثرية عن طريق توثيق علاقاتهم بالنصوص الإبداعية على اختلاف مناهجها وتنوّع مدارسها، والعمل على طرح الرأي الجاد الذي لا يقوم على حساب طرف دون آخر، وإنما ليصب في النهاية في صالح الأصالة التي تقوم دعائمها على النهضات الإبداعية والثقافية والنقدية في مختلف الفنون الإبداعية الجميلة[/size][/size][/size][/size] | |
|
djamele7892 إدارة المنتدى
الجنس : السٌّمعَة : 28 الْمَشِارَكِات : 9188 النقاط/ : 10349 العـمــر : 34 الدولة : المتصفح :
| موضوع: رد: نحو نقدٍ منهجي السبت مارس 19, 2011 1:26 am | |
| | |
|