مفهوم وخصائص الاستثمار الأجنبي المباشر
يعرف الاستثمار الأجنبي المباشر دولياً، وفقاً لدليل إعداد إحصاءات ميزان
المدفوعات الصادر عن صندوق النقد الدولي عام 1993م، على أنه ذلك النوع من
أنواع الاستثمار الدولي الذي يعكس حصول كيان مقيم في اقتصاد ما على مصلحة
دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر. ويشار إلى الكيان المقيم باصطلاح
«المستثمر المباشر»، وإلى المؤسسة باصطلاح «مؤسسة الاستثمار المباشر».
وتنطوي المصلحة الدائمة على وجود علاقة طويلة الأجل بين المستثمر المباشر
والمؤسسة، إضافة إلى تمتع المستثمر بدرجة كبيرة من النفوذ في إدارة
المؤسسة.
ولا يقتصر الاستثمار المباشر على المعاملة المبدئية أو الأصلية التي أدت
إلى قيام العلاقة المذكورة بين المستثمر والمؤسسة، بل يشمل أيضاً جميع
المعاملات اللاحقة بينهما، وجميع المعاملات فيما بين المؤسسات المنتسبة،
سواء كانت مساهمة أو غير مساهمة.
ويتفق هذا التعريف مع تعريف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD
والمفهوم الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.
كما أصدر صندوق النقد الدولي في شهر مارس 2007م مسودة الطبعة السادسة
لدليل إحصاءات ميزان المدفوعات ورد فيها المفهوم الدولي للاستثمار الأجنبي
المباشر الوارد مطابقاً لذلك لتحل محل الطبعة الخامسة من الدليل الصادر
عام 1993م. وبذلك سيتم تطبيق مفاهيم ومنهجية الطبعة الجديدة على كافة دول
العالم في المستقبل القريب.
وتشمل معاملات رأسمال الاستثمار المباشر تلك المعاملات التي تؤدي إلى
إنشاء أو إلغاء استثمارات، والمعاملات التي تؤدي إلى الحفاظ على استمرارية
الاستثمارات أو إلى توسيع نطاقها أو تصفيتها.
وعلى ذلك، ففي حالة قيام طرف غير مقيم، ليس له أي حقوق ملكية سابقة في
مؤسسة مقيمة قائمة، بشراء نسبة 10? أو أكثر من ملكية المؤسسة أو القوة
التصويتية بها، فإن القيمة السوقية لحيازات حقوق الملكية المشتراة، علاوة
على أي رأسمال إضافي مستثمر، تسجل كاستثمار مباشر.
وفي حالة حيازة غير المقيم لحصة سابقة تقل عن 10? من ملكية المؤسسة
كاستثمارات محفظة الأوراق المالية، ثم شراء حيازات إضافية بحيث يصل إجمالي
حيازاته إلى الحد الذي يؤهلها للتغيير من وضعية استثمارات الحافظة إلى
وضعية الاستثمارات المباشرة 10? أو أكثر، فلا تسجل كمعاملة استثمار مباشر
إلا الحيازات الإضافية فقط. أما الحيازات السابقة فلا تسجل في ميزان
المدفوعات، حيث سبق تسجيلها تحت بند استثمارات الحافظة خلال فترة تدفقها،
بل تنعكس في وضع الاستثمار الدولي باعتبارها عملية إعادة تصنيف من
استثمارات حافظة إلى استثمار مباشر.
الجدير بالذكر، أن هذا المفهوم أو التعريف الدولي للاستثمار الأجنبي
المباشر يستخدم كأساس في إعداد إحصاءات ميزان المدفوعات، وكذلك البيانات
الواردة في تقرير الاستثمار العالمي الذي يصدر سنوياً عن مؤتمر الأمم
المتحدة للتجارة والتنمية، أو ضمن تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية
الذي يصدر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات بالكويت.
إلا أنه ليس بالضرورة أن يتطابق هذا التعريف مع البيانات الواردة من الدول
حول العالم في تقرير الاستثمار العالمي أو تقرير مناخ الاستثمار في الدول
العربية، فما زال العديد من الدول تعتمد تعاريف أخرى.
فعلى سبيل المثال، ما زالت بعض الدول تفصح عن بيانات تدفقات الاستثمار
الأجنبي المباشر بناءً على بيانات المشاريع الاستثمارية المرخص لها (رغم
أن ذلك لا يعني أن هناك تدفقاً فعلياً للاستثمارات المباشرة عبرت الحدود
الدولية). ولكن هذه الحالات يتم الإشارة إليها في التقارير الدولية بهدف
تجنب المقارنة الدولية غير الموضوعية.
مؤسسات الاستثمار المباشر
تعرف مؤسسة الاستثمار المباشر بأنها مؤسسة مساهمة أو غير مساهمة يملك فيها
المستثمر المباشر المقيم في اقتصاد آخر نسبة 10? أو أكثر من الأسهم
العادية أو القوة التصويتية (في حالة المؤسسة المساهمة) أو ما يعادل ذلك
(في حالة المؤسسة غير المساهمة). وتشمل مؤسسات الاستثمار المباشر ثلاثة
أنواع هي:
المؤسسات التابعة أو المنتسبة، حيث يمتلك المستثمر غير المقيم أكثر من 50?
من الأسهم العادية أو القوة التصويتية، ويحتفظ بحق تشكيل أو تغيير أعضاء
مجلس إدارة مؤسسة الاستثمار المباشر.
المؤسسات الزميلة، حيث يمتلك المستثمر غير المقيم من 10?-50? من الأسهم العادية أو القوة التصويتية لمؤسسة الاستثمار المباشر.
الفروع، وهي مؤسسات غير مساهمة مملوكة بالكامل أو بالشراكة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مع طرف ثالث غير مقيم.
وتأخذ الفروع أحد الأشكال التالية:
فرع دائم أو مكتب تمثيل للمستثمر الأجنبي.
شركة غير مساهمة مملوكة بالمشاركة بين عدد من المستثمرين الأجانب.
أراض أو مبان أو وحدات سكنية أو معدات غير منقولة مملوكة مباشرة لمستثمر أجنبي مقيم.
معدات منقولة تعمل داخل اقتصاد بخلاف اقتصاد إقامة المستثمر الأجنبي لفترة
زمنية تصل إلى عام على الأقل (مثل السفن، الطائرات، ومعدات التنقيب عن
البترول والغاز الطبيعي).
ويتخذ دليل إعداد إحصاءات ميزان المدفوعات وخبراء أجهزة الإحصاء المحلية
نسبة الـ10? المعتمدة كمعيار دولي للتفرقة بين الاستثمار المباشر والأنواع
الأخرى من التدفقات الرأسمالية، وذلك بهدف تسهيل عمليات المقارنة الدولية
لإحصاءات الاستثمار الأجنبي المباشر التي تنشرها الدول حول العالم.
المستثمر المباشر
قد يكون المستثمر المباشر فرداً، أو مؤسسة خاصة أو عامة، مساهمة أو غير
مساهمة، أو مجموعة أفراد أو مؤسسات تتصرف كوحدة واحدة، أو حكومات أو
وكالات حكومية، أو مؤسسة لإدارة أموال التركات، أو غيرها من المنظمات التي
تحوز جزءاً من ملكية مؤسسات استثمار مباشر في دولة خلاف دولة إقامة
المستثمر المباشر.
وجدير بالذكر أن المجموعة المرتبطة، سواء كانت تتألف من أفراد أو شركات،
تتمتع بنفوذ في مؤسسة الاستثمار المباشر يتناسب مع نسبة ملكيتها التي لا
تقل عن 10?، ويعد هذا النفوذ في حكم نفوذ المستثمر المباشر الفرد الذي
يتمتع بنفس نسبة الملكية.وعلى ذلك، تختلف المزايا التي يتطلع إليها
المستثمر المباشر، بفعل تمتعه بصوت فاعل في إدارة المؤسسات، عن تلك التي
يطمح إليها مستثمر حافظة الأوراق المالية.
إذ يرى المستثمر المباشر أن المؤسسات التي يستثمر فيها في وحدات غالباً ما
تدخل في عمليات متعددة الجنسيات، تعتمد ربحيتها الكلية على المزايا
المتحققة في استخدام الموارد المتاحة له في وحدات متواجدة في عدة
اقتصادات، وبذلك يتمكن المستثمر المباشر من الحصول على مزايا أخرى، إضافة
إلى دخل الاستثمار الذي يمكن أن يتحقق من رأس المال المستثمر، مثل إتاحة
الفرصة للحصول على أتعاب إدارية أو أنواع أخرى من الدخل. والاحتمال الغالب
هو أن مثل هذه المزايا الإضافية لا تتحقق إلا من خلال ارتباط المستثمر
المباشر بمؤسسات الاستثمار المباشر لفترة طويلة من الزمن.
أما رؤية ومطامح مستثمر حافظة الأوراق المالية فتختلف، إذ ينصب اهتمامه
أساساً على سلامة رأسماله، وعلى احتمال زيادة قيمة الأوراق المالية التي
يحملها (مكاسب رأسمالية) وما يتولد عنها من عوائد مالية. ولذلك يقوم
مستثمر الحافظة بتقييم احتمالات فشل أو نجاح كل منشأة مستقلة أو مؤسسة
يستثمر فيها من خلال تقدير أدائها المستقبلي، وربما يقوم بتحويل رأسماله
نتيجة التغيرات في هذه الاحتمالات، والتي يمكن أن تتأثر بالتطورات قصيرة
الأجل في الأسواق المالية.
رأس مال الاستثمار المباشر
تقسم عناصر معاملات رأسمال الاستثمار المباشر، بناءً على إتجاه حركة رؤوس
الأموال (استثمار مباشر في الخارج عن مستثمر مقيم في الاقتصاد المعد
للبيان، واستثمار مباشر في الاقتصاد المعد للبيان من مستثمر مقيم في
الخارج).
وتتمثل المكونات الرئيسية لتدفقات الاستثمار المباشر في:
رأس مال حقوق الملكية Equity Capital، ويشتمل على حصص الملكية في الفروع،
وكافة الأسهم في الشركات التابعة والزميلة، وغير ذلك من المساهمات في رأس
المال.
العوائد المعاد استثمارها Reinvested Earnings، وتشمل نصيب المستثمر
المباشر (بنسبة اشتراكه المباشر في الملكية) من العائدات التي لا توزعها
الشركات التابعة والزميلة كأرباح، ونصيبه في عائدات الفروع غير المحولة
إليه. وتعامل هذه العوائد المعاد استثمارها كما لو كانت تدفقات جديدة.
رؤوس الأموال المرتبطة بمعاملات الدين فيما بين الشركات Intra-Company
Loans. ويشمل هذا البند اقتراض أو إقراض الأموال، بما في ذلك سندات الدين
وائتمان الموردين، بين المستثمر المباشر من جهة، المؤسسات التابعة
والزميلة والفروع من جهة أخرى.
وتصنف القروض الممنوحة من المستثمر المباشر إلى مؤسسات الاستثمار المباشر، والعكس، ضمن هذا البند الفرعي.
تسجيل الاستثمار الأجنبي المباشر
على أساس صافٍ
يعتبر الاستثمار المباشر في أغلب الأحيان أصلاً بالنسبة لاقتصاد المستثمر
المباشر والتزاماً بالنسبة للاقتصاد الذي تعمل فيه مؤسسة الاستثمار
المباشر. والواقع أن لكل من المستثمر والمؤسسة استحقاقات والتزامات تجاه
الطرف الآخر. والأرجح أن يكون المستثمر المباشر هو الطرف الحائز
لاستحقاقات أجنبية صافية على المؤسسة بينما تكون المؤسسة، هي المتحمل
لالتزامات أجنبية صافية تجاه المستثمر. وعلى هذا الأساس الصافي، يتم تسجيل
تدفقات الاستثمار المباشر خلال فترة زمنية عادة ما تكون عاماً (التدفقات
الدائنة أو الواردة مثل؛ شراء أدوات حقوق ملكية، مطروحاً منها التدفقات
المدينة مثل سحب المستثمر جزءاً من رأسماله الأصلي الذي سبق ضخه في فترات
سابقة).
وهو ما يفسر ظهور بيان تدفقات الاستثمار المباشر الواردة إلى دولة ما
سالباً خلال بعض السنوات، حيث تتجاوز التدفقات التي يعيدها المستثمر
الأجنبي إلى دولة إقامته نظيرتها الواردة خلال تلك السنوات. وتطبق
المنهجية نفسها على بيانات الاستثمار المباشر في الخارج.
وفي هذا المقام، ربما يكون من المناسب توجيه الدعوة إلى كافة أجهزة
الإحصاء العربية بضرورة تحسين قواعد بيانات الاستثمار الأجنبي المباشر
فيها بحيث تتماشى والمعايير الدولية، من خلال توحيد منهجيات إعدادها
وتطوير أساليب تجميعها بحيث يمكن اعتمادها في عقد المقارنات الدولية.
ذلك أن معظم نظم الإحصاء العربية لا ترصد العوائد المعاد استثمارها
والقروض المتبادلة بين الشركة الأم في دولة المقر والشركات التابعة لها أو
فروعها في الدول المتلقية للاستثمار، رغم أن كلاهما يدخل ضمن مكونات
الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة.
وتأكيداً لمدى أهمية هذه البيانات، أشار تقرير الاستثمار العالمي لعام
2007م إلى أن عوائد الاستثمار المعاد استثمارها مثلت نحو 50? من تدفقات
الاستثمارات المتجهة إلى الدول النامية، ونحو 30? من الإجمالي العالمي
الذي بلغ 1.3 تريليون دولار أمريكي عام 2006م.
المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات - الكويت. (بتصرف).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]