مع الحديث القديم الجديد الذي نسمعه كل يوم عن سوق عربية مشتركة، يبرزقطاع التسويق كأداة ضرورية تصاحب كل الأنشطة الأخرى للشركات العربية التيترغب بتسويق منتجاتها أو خدماتها في السوق العربية. والتحدي الأكبر لكلشركة من هذه الشركات لن يكون التواجد الفعلي في كافة الأسواق العربية قدرأنه الاتفاق على رسالة تسويقية موحدة يندرج تحت ظلالها عدة رسائل فرعيةتخاطب كل جمهور على حدا من خلال دراسة سلوكه وتوقعاته من الخدمة أو المنتجالمقدمان له.
واستطاعت الشركات العربية أن تنافس على الصعيدالدولي بشكل كبير ولا سيما في قطاع الطيران والتطوير العقاري والسياحةوالإعلام غير أنها لا تزال مقصرة في قطاعات أخرى تستطيع الامتياز فيها.فعلامات تجارية مثل مجموعة طيران الإمارات أو قناة الجزيرة الإخبارية لاتمثلان نفسهما فحسب على الصعيد الدولي قدر تمثيلهما للوطن العربي بأسرهبشكل عام ولإمارة دبي ودولة قطر بصفة خاصة على رغم حداثة عهدهما.
ونجحتهذه العلامات التجارية في تحقيق لنفسها سمعة دولية مميزة من خلال ربطاسمها التجاري بالجودة والثقة والاحتراف عبر تعزيز مكانتها في عقول وقلوبالجماهير المستهدفة. فالعلامة التجارية لقناة الجزيرة الفضائية باتت تساويمئات الملايين من الدولارات وتفوقت على قناة سي.إن.إن. الفضائية في العديدمن الدراسات الدولية التي أقيمت حديثاً لتقييم العلامات التجارية الدولية.ولم يأت هذا الإنجاز من فراغ، بل أنه جاء نتيجة حملات تسويقية واسعةالنطاق إنضوى تحت مظلتها أنشطة علاقات عامة وإعلان ورعاية مناسبات دوليةواتصال جماهيري في كافة الأسواق التي تعمل فيها. ومهما قيل للتهويل أوالتقليل من شأن الاستراتيجيات التسويقية المتبعة في الأنظمة الاقتصاديةالعربية يبقى دون جدوى إذا لم يتم تطوير حلول نوعية وكمية تحاكي القفزاتالنوعية في مجال الاقتصاد الرقمي الحديث وذلك من خلال ابتكار كيان تسويقيمتكامل في الأسواق العربية المختلفة للحصول على حصص سوقية أكبر.
وباتتالشركات العربية تدرك أن عليها التنافس للظفر بنصيبها في الأسواق الجديدة.والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المضمار هو دور الشفافية والقدرة علىاستجلاء الأمور واستشراف احتمالات المستقبل في صياغة السياسات التسويقيةللشركات العربية.
وإذا ما حددت الاستراتيجيات التسويقية في الشركاتالعربية لنفسها هدفاً موضوعياً كي تنجح بالتكيف مع المتغيرات العالميةوالتطورات المتزايدة مع العزم على المحافظة على العادات والتقاليد القيمة،فإنها بلا شك ستحظى بالمراكز الأولى في ضوء قابلية الجمهور العربيالمستهدف وتطلعه نحو معايير الجودة والعالمية والابتكار دون المساومة علىالطابع التقليدي للخدمات والمنتجات المقدمة له.
وفي ظل التنافسيةالحادة التي تعد وليدة الانفتاح الاقتصادي، من أكثر ما يقلق خبراء التسويقالعرب هو مستقبل العلامات التجارية العربية أو بالأحرى واقع هذه العلاماتوقابليتها للمنافسة في ظل الاقتصاد الرقمي والانفتاح الاقتصادي بحيث أضحىالفكر التسويقي موحداً مع الحفاظ على الخلفيات والمعطيات الحصرية للثقافاتالمختلفة.
وكما ذكرنا، تملك الدول العربية عدداً قليلاً منالعلامات التجارية الحقيقية والتي تنافس جدياً من حيث انتشارها ونسبةالوعي بها وفي قطاعات اقتصادية معينة. ويعود الفضل بذلك إلى خطة العملالتسويقية التي نجحت بخلق رابط ثقة بين العلامة التجارية وقاعدةالمستهلكين من خلال استخدام أدوات التسويق الفضلى في عصر العولمةوالانفتاح التجاري الدولي.
ولا يخفى على احد أن للعلامات التجاريةفي الدول المتقدمة تأثيرات ومدلولات تميز المنتجات المعروفة وتخلق جسراًمعنوياً يربط المستهلك بالمنتج. ولكن اين نحن من هذا على الساحة العربية؟فإذا قمنا بمقارنة بسيطة بين السوق العربية وسوق كأوروبا مثلاً نر بأننامستوردين للعلامات التجارية الأوروبية التي تأتينا من كل حدب وصوب وذلككوننا سوق استهلاكي بامتياز ينقاد بشكل كبير للعلامات المرموقة ولا يكترثللعلامات التجارية المحلية.
ويحتم ذلك علينا العمل على تسويقعلاماتنا التجارية داخلياً ونسج علاقات الثقة والود بين هذه العلاماتالتجارية والمستهلك العربي لتحل بديلاً عن العلامات التجارية الدولية.
ولنيكتب للشركات العربية النجاح وإبراز ذاتها كرقم صعب في المعادلة الرقميةالحديثة من دون القيام بعملية ممنهجة من أجل هيكلة متدرجة تعنى بتقديمالتزامات تسويقية ذات مغزى تجاري، فيما يتعلق بتطوير العلامات التجاريةوحمايتها وضمان جودتها فضلاً عن إطلاقها في الأسواق بحيث تصبح مؤهلةللتنافس على صعيد المدى والمعيار والتأثير.
ومع توجه العالمالحديث نحو التكتلات الاقتصادية الضخمة وتحرير الحركة التجارية، تواجهالعلامة التجارية العربية تحديات جمة ليس أقلها إبراز دورها القيادي بنسجعلاقات طويلة الأمد تتسم بالولاء والقبول بين الشركات والمستهلكين العرب.
وينصحخبراء التسويق بالتقييم من اجل التقويم. فتقييم الاستراتيجيات التسويقيةيقود إلى تقويم الاعوجاج لتحقيق عائد مجدي على الاستثمار في حملاتناالتسويقية التي باتت تستهدف مجموعة متنوعة من الجماهير التي لا تقل عنحوالي 140 جنسية في بلد مثل الإمارات العربية المتحدة. ويستدعي هذا الأمرالحاجة إلى تطوير مفهوم الرسالة التسويقية الموحدة ذات الرسائل الفرعيةالمتعددة التي تناسب سلوك وأذواق وتفضيلات كافة أنواع المستهلكين.