بحث حول المنهج المقارنالمقدمــــــة المقصودمن المنهج الطريفة التي يتبعها العقل في دراسة موضوع ما للوصول إلى قانونعام أو مذهب جامع أو هو فن ترتيب الأفكار ترتيبا دقيقا بحيث يؤدي إلى كشفحقيقة وقد تعددت منها مناهج البحث العلمي تبعا لتعدد جوانب الدراسة فمنهاالتاريخي الذي يفسر الوقائع التاريخية وتحدد أسبابها الحقيقية ومنهاالوصفي الذي يدرس الظاهرة بجميع خصائصها وأبعادها ومنها المقارن الذي هوموضوع بحثنا فما مفهوم المقارن ؟ ما هي مراحله ؟ وما هي علاقته بالعلومالأخرى؟المبحث الأول
المطلب الأول: تعريف المنهج المقارن
أ/لغــــة: هي المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر ويتم ذلك بمعرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف
ب/اصطلاحا:هي عملية عقلية تتم بتحديد أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بينحادثتين اجتماعيتين أو أكثر تستطيع من خلالها الحصول على معارف أدق وأوقتنميز بها موضوع الدراسة أو الحادثة في مجال المقارنة والتصنيف يقول دوركايم:« هي الأداة المثلى للطريقة الاجتماعية» وهذه الحادثة محددة بزمانهاومكانها وتريخها يمكن أن تكون كيفية قابلة للتحليل أو كمية لتحويلها إلىكم قابل للحساب وتكمن أهميتها في تمييز موضوع البحث عن الموضوعات الأخرىوهنا تبدأ معرفتنا له
المطلب الثاني: شروط المقارنة
كما يمكننا بواسطة المقارنة الوصول إلىتحقيق دراسة أو في وأدق في ميدان المقارنة والتطبيقية لتحقيق مقارنة سليمةيجب توافر شروط الحكم هذه العملية الذهنية - يجب أن لا ترتكز المقارنة على دراسة حادثة واحدة وإنما تستند المقارنة إلى دراسة مختلف أوجه الشبه والاختلاف بين حادثتين أو أكثر .- أن يسلط الباحث على الحادثة موضوع الدراسة ضوءا أدق وأوفى يجمع معلومات كافية وعميقة حول الموضوع.- أن تكون هناك أوجه شبه وأوجه اختلاف فلا يجوز مقارنة ما لا يقارن.- تجنب المقارنات السطحية والتعرض من الجوانب أكثر عمقا لفحص وكشف طبيعة الواقع المدروس وعقد المقارنات الجادة والعميقة.- أن تكون مقيدة بعاملي الزمان والمكانفلا بد أن تقع الحادثة الاجتماعية في زمان ومكان نستطيع مقارنتها بحادثةمشابهة وقعت في زمان ومكان آخرين .المطلب الثالث: مراحل أنواع المقارنة للمقارنة 4 أنواع هي:1/ المقارنة المغايرة: وهي المقارنة بين حادثتين اجتماعيتين أو أكثر تكون أوجه الاختلاف فيها أكثر من أوجه الشبه.
2/ المقارنة الخارجية: وهي مقارنة حوادث اجتماعية مختلفة عن بعضها.
3/ المقارنة الداخلية: تدرس حادثة واحدة مثال البطالة أثناء الثورة قديكون راجع إلى ضعف النشاط الحربي أو الهجرة السكان أو تجمعهم في السجونوالمحتشدات.
4/ المقارنة الاعتيادية: وهي مقارنة بين حادثتين أو أكثر من جنس واحد تكون أوجه التشابه بينهما أكثر من أوجه الاختلاف.
مراحل المنهج المقارن
لا يختلف اثنان في كون المنهج المقارن كغيره من المناهج يمر في دراسته بمراحل تذكرها:1/ وإثبات وجود الحادثة الاجتماعية وعلىالباحث أن يتحلى بروح العالم الفيزيائي والكيميائي بمعنى أنه يجب عليه أنيعتبر تعينا خلال البحث الحوادث الاجتماعية أشياء فيتناولها من الخارج.2/ تصنيف مختلف السمات والخصائص و العناصر كل في إطارها لتحديد جملة من المفاهيم.3/ ثم عليه بعد ذلك أن يكشف العلاقاتالثابتة أي القوانين بين الحوادث الاجتماعية التي أقامها فيتحاشى التفسيربالعلل الغائبة ولا يعتمد ألا التفسير بالعلل الفعالة ويجب أن يبحث عن علةالحادثة الاجتماعية في الحوادث الاجتماعية السابقة فيفسر الحادثة محادثةأخرى.4/ ولكي يتحقق من الغرض الذي يقدمهلتفسير الحادثة الاجتماعية يجب عليه أن يعمد إلى تحليل الشرح المعلوماتومعرفة أسباب الاختلاف والمادة التي يجمعها قصد للحصول إلى قانون سليمالمبحث الثاني
المطلب الأول: المنهج المقارن وعلم الاجتماع لقد رأينا أن التاريخ يهتم بالحوادثالماضية من حيث هي حوادث خاصة ويبحث عن أسبابها في حدود معينة من الزمانوالمكان أما علم الاجتماع فإنه يتجاوز الحدود المكانية والزمانية، ويطلبالعلاقات العامة الثابتة بين الحوادث التي تقع في المجتمعات عبر الزمانوالمكان وتتمثل هذه العلاقات العامة الثابتة (أي القوانين) في وحدةالعادات والمعتقدات لدى مختلف الأمم المتباعدة في الزمان والمكان عند وحدةالشروط الاجتماعية بحيث يمكننا أن تقول أن الشروط الاجتماعية المتماثلةتحدث ظواهر اجتماعية متماثلة (أي المؤسسات والأخلاق والمعتقدات التي تظهرفي فئة بشرية) يستعين العالم الاجتماعي في تحقيق الفروض بالتاريخ المقارنفيتناول المجتمعات في أمكنة وأزمنة مختلفة فيلاحظ كيف أن الظاهرة المعينةتتغير تبعا لتغير ظاهرة أخرى معينة ومن هنا فمنهج علم الاجتماع هو منهجمقارنة بالدرجة الأولى يعتمد على الإحصاء والخطوط البيانية لتأخذ شكلارياضيا وتأخذ مثال ذلك ظاهرة الانتحار الذي درسه دور كايم للكشف عنالعلاقة الثابتة بين النسبة للمنتحرين والحالة المدنية والذين ونمط العيشفتبين له أن الانتحار بين المتزوجين وهو عند المتزوجين الذين لا أولاد لهمأرفع منه عند المتزوجين وأن البروتستانين ينتحرون أكثر منالكاثوليكيين....الخ فاستخلص من هذه المعطيات الإحصائية قانونا اجتماعيامؤداه « أن الانتحار يتناسب عكسا مع درجة الاندماج في المجتمع الدينيوالمجتمع العائلي والمجتمع السياسي »المطلب الثاني: المنهج المقارن وعلم السياسة
لقد ساعد المنهج المقارن بشكل كبير فيتطور علم السياسة فقد استخدمه العديد من الدول ومن أهمها اليونان من أجلالمقارنة بين الأنظمة السياسية لمدنها وذلك لتبني الأنظمة المثلي فقد قامأرسطو بمقارنة 158 دستور من دساتير هذه المدن واعتمد في ذلك على مبدأالضرورة القائم على أساس أن لكل دولة خصوصياتها. كما نجد مونتسكيو الذي صنف الأنظمة إلىجمهورية ملكية، دستورية وإستبداية وأكد في مقارنته أن تصنيفه يقوم علىأساس الممارسة الفعلية التي تتم داخل النظام فالجمهورية في نظره هي التيتسود فيها العدالة والقانون وتصان فيها الحريات الخاصة والعامة، أما ميكافيلي ميز في مقارنته بين 3 أصناف من الدول – الدولة التي يحكمها ملك واحد - الدولة الأرستقراطية وتحكمها أقلية النبلاء 3 الدولة الديمقراطية وهي التي ترجع فيها السيادة للشعب.المطلب الثالث: منهج المقارن وعلم القانون لقد عرف القانون المقارن تطورا معتبراخلال القرن 19 بتأسيس جمعية التشريع المقارن بباريس سنة 1869 حيث تهتمدراسة القانون المقارن بمقارنة قوانين بلدان مختلفة لأجل لمعرفة أوجهالشبه و أوجه الاختلاف بين هاته القوانين كما يعمل على تفسير مختلف فروعالقانون. فقد استعمل ماكس فيبر المنهج المقارنلدراسة المبدأ الذي تقوم عملية ممارسة السلطة في المجتمع وقد قارن وميزبين 3 أنواع من السلطات.وهي السلطة الكاريزماتية والتي يمارسها أشخاص تكون لهم قدرات ذهنية وشخصية كبيرة وخارقة يخضع لها المحكومين.السلطة التنفيذية: وهي السلطة التي تستند في أحكامها على العادات والتقاليد والأعراف السائدة في بلد معين.
السلطة القانونية: وهي السلطة التي يستمد فيها الحاكم شرعيته من القانون وهي السلطة التي تعمل بها المجتمعات المتقدمة.
الخاتمــــــة رغمأن المقارنة كمنهج قائم بذاته حديث النشأة ولكنها قديمة قدم الفكرالإنساني فقد استخدمها أرسطو وأفلاطون كوسيلة للحوار في المناقشة قصد قبولأو رفض القضايا والأفكار المطروحة للنقاش كما تم استخدامها في الدراساتالمتعلقة بالمواضيع العامة كمقارنة بلد ببلد آخر إضافة إلى استعماله فيالمواضيع والقضايا الجزئية التي تحتاج إلى الدراسة والدقة.كما أسهمت الدراسات المقارنة بالكشف على أنماط التطور واتجاهاته في العظم الاجتماعية. قائمــة المراجـــع * د/ قباري محمد: إسماعيل / مناهج البحث في علم الاجتماع
منشأة المعارف بالإسكندرية * د/ محمود يعقوبي: الوجيز في الفلسفة. طبعة 1973.