خصائص اللغة العربية

اللغة = أصوات يعبر بها كل جيل من الناس عن جداناتهم جمعها لُغَى ولغات.
اللغات
كثيرة جداً حتى قدرها بعضهم بثلاثة اَلاف وزادها بعضهم إلى أكثر من ذلك.
ولقد تشعبت هذه اللغات حتى يستحيل الاَن ردها إلى أصولها التي اشتقت منها
ولقد انقطع لها في أوروبا وأمريكا عشرات من الرجال قصروا أعمارهم على
دراستها وتحليلها ولهم في ذلك أبحاث ممتعة. وقد تمكنوا من إرجاع كل هذه
اللغات إلى أصول ثلاثة:
(أولاً) اللغة الاَرامية،
نسبة إلى الاَراميين وهم جيل من الناس كانوا عائشين جهة مصاب نهري الدجلة
والفرات قبل ألوف من السنين. وقد اشتقت منها العربية والسريانية والقبطية
والحبشية وغيرها.
(ثانياً) اللغة الطورانية نسبة إلى طوران في التركستان ومنها اشتقت اللغة التترية والتركية والصينية والجركسية والدانيماركية والهنكارية.
(ثالثاً) اللغة الإيرانية المنسوبة لهضبة إيران باَسيا ومنها جاءت اللغة الفارسية والهندية واليونانية واللاتينية وما تفرغ منها من لغات أوروبا.
علم اللغات
= يسمى هذا العلم بعلم الفيلوجيا وهو يبحث عن أصل اللغات واشتقاق بعضها من
بعض وقد اشتغل به جمهور من بحاثي أوروبا فتأدوا إلى نتائج عظيمة وكانت
نتيجة أبحاثهم أن عرفوا أن اللغات تنقسم إلى قسمين كبيرين لغات مرتقية
وأخرى منحطة. وميزوا الأخيرة بأنها أقل إبانة عن المعاني وأبسط ألفاظاً
وتركيباً وعرفوا منها اللغات الإفريقية والأمريكية التي يتكلم بها شعوب
أمريكا الأصليين ولغات شمال اَسيا، واللغة الصينية ومن صفاتها أن ألفاظها
أحادية المقاطع وليس فيها فروق بين الاسم والفعل والحرف. فقد تكون الكلمة
الواحدة فيها اسماً وفعلاً وصفة بإضافة ألفاظ أخرى إليها ومن اللغات
المنحطة عدوا اللغات الحامية ومنها لغة قدماء المصريين والأحباش الأقدمين
والبربرية وإنما سميت هذه اللغات حامية نسبة إلى حام بن نوح عليه السلام.
وميزوا
اللغات المرتقية بسعة مداها في التعبير عن المعاني وشمولها لألفاظ متعددة
على قدر ما يحتاج إليه الإنسان للتعبير عن كل ما يجيش بصدره من المعاني
ويجول بخاطره من المدركات.
وقد قسموا هذه اللغات إلى متصرفة وغير متصرفة. فالأولى تمتاز بقبول أصلها للتصريف وتنقسم إلى طائفتين عظيمتين:
-*- الطائفة الأولى =
الاَرية أو الهندية الأوروبية وتنقسم إلى جنوبية وشمالية. فالجنوبية هي
لغات جنوب اَسيا وهي اللغة السنسكريتية ومن فروعها الهندية والفارسية
والأفغانية والكردية والبخارية والأرمنية والأرستية، وأما الشمالية فمنها
لغات أوروبا وتنقسم إلى (سلتية): ومنها اللغات التي تستعمل في الجزر
البريطانية إلا لغة انجلترة. وإلى (إيطالية): منها اللاتينية وفروعها
الإيطالية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية، وإلى (هيللينية): ومنها
اللغة اليونانية: وإلى (وندية) ومنها: لغات روسيا وبلغاريا وبوهيميا، وإلى
(توتونية): ومنها لغات انجلترة وجرمانيا وهولاندة والدانمارك وجزيرة
ايسلاندا.
من الصفات المميزة للغات
الاَرية أنها مولفة من أصول قابلة التصريف وأن الاشتقاق فيها يكون بإضافة
أدوات أكثرها يدل على معنى مستقل وهذه الإضافات تلحق غالباً اَخر الألفاظ
وأحياناً أولها.
-*- الطائفة الثانية
= من اللغات المتصرفة المرتقية هي اللغات السامية نسبة إلى سام بن نوح
عليه السلام ومنها العربية وهي أرقى اللغات على الإطلاق وتنقسم إلى ثلاثة
أقسام:
(1) الاَرامية
وفرعها السريانية والكلدانية فالأولى لغة بابل القديمة واَشور. والسريانية
هي الكلدانية مع تغيير في ألفاظها فكأن البابلية دعيت أولاً اَرامية ثم
لما تغيرت قليلاً سميت كلدانية ثم تغيرت ثانية فسميت سريانية ثم انقسمت
السريانية إلى سريانية شرقية وسريانية غربية.
(2) العبرانية وليست عبرانية اليوم بالعبرانية الخالصة بل دخلها ألفاظ من الاَرامية والكلدانية. وتتفرع عنها اللغة الفينيقية والقرطاجية.
(3) العربية
وهي أرقى اللغات السامية وقد كانت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
محصورة في جزيرة العرب فلما ظهر الإسلام انتشرت فيما بين أواسط الهند
وبوغاز جبل طارق وما بين البحر الأسود وبحر العرب تشهد بذلك حروفها
وألفاظها المستعملة في لغات الترك والفرس والهنود وغيرهم. وتتفرع من
العربية لغات الحبشة وفروع أخرى.
أهم
الأصول المميزة للعربية أنها مولفة من أصول ثلاثية الأحرف تعتريها الحركات
المختلفة فتغير معانيها فتقول في مادة علم عَلِم وعُلم وعالم وعلام وعليم
الخ. أما قابليتها للاشتقاق على طريقة الإلحاق فتشارك فيها الطائفة
الاَراية ولكنها تمتاز بحصول معظم اشتقاقها بتغيير حركات حروفها وبأنها لا
تقبل الأدوات الملحقة إذا كانت ذا معان مستقلة.
وبالاستقراء
الدقيق اتضح للباحثين أن اللغات السامية ترجع كلها إلى أصل واحد سماه
علماء اللغات اللغة السامية وهي البابلية. والطائفة الاَرية ترجع إلى
ثلاثة أصول وهي اللاتينية واليونانية والسنسكريتية أي الهندية.
فمن
اللاتينية تفرعت معظم لغات أوروبا. ومن اليونانية تفرعت لغات اليونان.
وأما ما بقي فتنوع من اللغة السنسكريتية قالوا وترجع هذه اللغات إلى أصل
واحد مفقود هو اللغة الاَرية.
أما
اللغات المرتقية غير المتصرفة فتمتاز بكونها مولفة من أصول جامدة فيها
تقبل التغيير في بنائها وبأن الاشتقاق فيها يقوم بإلحاق أدوات لا معنى لها
في ذاتها في اَخر تلك الأصول وهذه تبقى بدون تغيير كحال اللغة التركية.
مثاله فيها (جال) وهو الأصل الدال على المجيء فتقول (جالدي) أي جاءوا
(جالديدي) أي كان جاءوا (جالديار) أي جاووا و (جالديديار) أي كانوا جاووا
و(جالمدبديار) أي ما كانوا جاووا و (جالديمي ) أي هل جاء وهلم جراً.
كيف
اختلفت هذه اللغات قلنا أن علماء اللغة قالوا إن اللغات كلها مشتقة من أصل
واحد فكيف حدث هذا الاختلاف العظيم بين اللغات قيل إن الإنسان الأول نشأ
بين العراق وأرمينيا فلما كثر نسله تفرقوا في الأرض طلباً للعيش فتخالفت
لغاتهم وأدخل كل منهم إلى لهجته ألفاظاً جديدة على حسب الحاجة فاشتد
الخلاف بينهم على مر الأيام.
قالوا والظاهر أن أهل اللغات المنحطة كانوا أقدم من رحل عن موطن الإنسان كالصينيين والمصريين الأقدمين.
ثم
هاجر أجداد الأمم التي تتكلم اللغة الطورانية فسكنوا شمال اَسيا ومنهم
المغوليون والتتار وغيرهم. ثم نزح الاَرايون فتوزعوا في جهات الهند وفارس
وكردستان وأوروبا. ثم هاجر الساميون تلك الأرض أيضاً فكانت كل طائفة من
المهاجرين ترتقي بلغاتها في طريق غير طريق الطائفة الأخرى فتفاوتت اللغات
تفاوتاً ذريعاً حتى يظهر للناظر فيها بادىء بدء أنها لغات مستقلة. وكان
كلما قرب زمن انفصال الطوائف بعضها عن بعض زادت لغاتها تفاوتاً وكلما قرب
زمن انفصالها حفظت تلك اللغات نوعاً من المشابهة. مثال ذلك تجد الفرق بين
اليونانية واللاتينية أكثر مما هو بين اللاتينية والفرنسية أو بينها وبين
الإيطالية وغيرها من اللغات الأوروبية والسبب في ذلك أن عهد انفصال
اللاتينية عن اليونانية أبعد من عهد انفصال الفرنسية والإيطالية عن
اللاتينية.
ثم لا تنس أن النمو في كل
لغة يحدث في طريق وعلى أسلوب مخالف كل المخالفة للطريق والأسلوب اللذين
تنمو عليهما غيرهما لذلك يتبادر إلى الذهن أن تلك اللغات مستقل بعضها عن
بعض والحقيقة ما قدمناه.[/center]


[/center]