وضعية تحليل الخطاب إن
مصطلح الخطاب يرادف الكلام لدى سوسير، إن مصطلح الخطاب يرادف الكلام لدى
سو سير، وبالتالي يعارض اللغة ومن سمات الكلام التعدد والتلون والتنوع ،
لهذا فإن اللسانيات لم تر فيه حدة الموضوع التي يمكن للعلم أن يقبل عليها
بالدرس والملاحظة . لقد فرق فرديناند دي سوسير بين اللغة والكلام :
"إن اللغة والكلام عندنا ليسا بشي ء واحد، فإنما هي منه بمثابة قسم معين
وإن كان أساسيا ، والحق يقال ، فهي في الأن نفسه نتاج اجتماعي لملكة
الكلام ومجموعة من المواضعات يتبناها الكيان الاجتماعي ليمكن الأفراد من
ممارسة هذه الملكة . واذا أخذنا الكلام جملة بدا لنا متعدد الأشكال متباين
المقومات موزعا في الآن نفسه ، الى ما هو فردي، والى ما هو اجتماعي... أما
اللغة فهي على عكس ذلك ، كل بذاته ومبدأ من مبادي، التبويب " (11) ويمكن
استنتاج خصائص الخطاب بالمفهوم السوسيري بأنها تتوافر على العنصر
الفيزيائي (الموجات الصوتية ) والعنصر الفيزيولوجي (التصويت والسماع )
والعنصر النفسي (الصور اللفظية والمتصورات ) وتنحصر طبيعة دراسته في قسمين
: أولا
0 قسم جوهري يرتكز موضوعه على اللغة ذات الطابع الجماعي المستقل عن الفرد
. وهو أقرب الى الدراسات النفسية التي تحلل الخطاب تحليلا نفسيا بحتا. ثانيا
: قسم ثانوي ينحصر موضوعه في الجانب الفردي من الكلام (اللفظ بما في ذلك
عملية التصويت ) ويتعلق بالجانب النفسي الفيزيائي. ولكن مهما يكن من فروق
بين اللغة والكلام فإنهما متلازمان ومتواصلان وعلى الرغم مما يبدو للوهلة
الأولى من أن دي سوسير قد أهمل لسانيات الكلام وأبعدها من صفتها العلمية
لافتقارها لعنصر الانسجام والوحدة ، ويرى بعض الباحثين بأن "سوسير لم ينف
الكلام ، ولم يبعده من الدراسة اللسانية ، كما قد توهم البعض ، والا لما
كان مقبولا حديثه عن لسانيات الكلام ، والمراد بذلك أن الكلام - أي الذات
المتكلمة - لا يغيب في الدراسة اللسانية إلا مؤقتا وفقا لمتطلبات منهجية
مادام يستحضر ويخصص له حيزا في الدراسة اللسانية . صحيح أنه ليس من صميم
الدراسة اللسانية الصارمة لأن دراسته لا تقوم إلا بتدخل عدة علوم ، أي عدة
مناهج تختلف من حيث الطبيعة والجوهر مع المنهج اللساني المقترح . لهذا
السبب أكد سوسير على ضرورة التمييز بين هذين النوعين من الدراسه "(12). إن
الوقائع الكلامية في واقع الامر لم تحظ بالاهتمام العلمي الكبير من قبل
سوسير كما هو الحال بالنسبة للغة ، لهذا فإننا لا نحصل على متصورات منهجية
وأسس ابستمولوجية لعلم الخطاب في دروس سوسير ،. وقد أثر ذلك سلبا في الدرس
اللساني حيث مال الى التضييق والحصر. وقد دعا بعض علماء اللغة المعا هوين
الى تخليص اللسانيات من الجمود والضيق ، والانتقال بها الى مجال الحركة
والسعة . وقد دافع نوام تشومسكي عن هذا الاتجاه حين حدد واحدة "من
الاشكاليات الاستراتيجية الرئيسية عندما يتساءل عن المدى الذي يحرز هذا
التضييق المتعمد كمصدر للتبصر العلمي العميق ، وهل ينتفىر بانتفاشه ثم عن
المدى الذي يقلل به هذا التضييق إمكانيات الاكتشافات الهامة"(13). لكي
تحقق اللسانيات استكشافات جديدة في مجال علم "تحليل الخطاب" ينبغي أن تفك
عزلتها بالتفاعل مع حقول العلوم الانسانية . ولا تبقى حبيسة زاوية ضيقة
ومحدودة ، وهذا الطموح يسمح بإبراز قضايا كثيرة تتعلق بالاشكالية اللسانية
وموقع تحليل الخطاب ، وسيفني ال إثارة أسئلة جوهرية ذات صلة بنظرية النص
ونظرية القراءة ، والشروط التي تحيط بفضاء الخطاب منها ما هو معرفي ومنها
ما يتصل بالسوسيو تاريخي عندما أشار دي سوسير الى السيميولوجية ، ذلك
العلم الذي لم يكن سوى تصور أتاح إمكانات دمج اللسانيات في منظومة العلوم
الانسانية واحتكاكها بالعلوم الأخرى. وهكذا فإن اللغة بالمفهوم
السيميولوجي أضحت مجموعة من العلامات وأن الظاهرة اللغوية هي ظاهرة
سيميائية ستكون مادة خصبة للمنهج السيميائي في تحليله للخطاب مع تجاوز
الثنائية السوسيرية (اللغة الكلام ) مع التركيز على اهتمام السيميائي
بالاجتماعي ، وحينئذ سيصير الكلام بوصفه انجازا فرديا غير زي أهمية في
مجال البحوث السيميائية .. وقبل هذا فإن التحليل البنيوي استفاد من
المنهجية اللسانية فصار تحليل بنية النصوص في ذاتها ولذاتها، وذلك بفضل
المقولة التزامنية في دراسة اللغة . يثني
لويس يامسليف L. Hjelmslev على جهود دي سوسير ويعده المؤسس الأول للسانيات
البنيوية ، على الرغم مما يبدو من اخلاصه العلمي لدى سو سير، إلا أن
توجهاته العلمية واهتمامه بالمنطق الرياض ومعر فته الواسعة باللغات
القديمة والحديثة ، مكنته من صياغة لسانيات موسومة بالروح الرياضية فكانت
منظوميته Glossématique إضافة نوعية للدراسات اللسانية المعاصرة . فاللغة
لا يمكن - في نظره . فصلها عن الانسان ، فهي الأداة التي بفضلها يمكن
صياغة مشاعره وانفعالاته وجهوده وارادته وحالاته ، فبها يمكن أن يؤثر
ويتأثر(14). وتتركز اهتمامات الألسنية حول مسالة البنيه (15)، لهذا يتجاوز
المستوى الفونولوجي ليهتم بمشكلات التعبير ووحدات المحتوى. فاللغة هي قبل
كل شي ء شكل وهي في أن واحد تعبير ومحتوى . وقد استطاع يا سليف تأسيس حلقة
كوبنهاجن وتشكيل فرق للعسل ، وتكوين نظرية prolegomenes لمدة عشر سنوات من
البحث العلمي المبني على النظرة التجريبية القائمة على الملاحظة
والاختيار. فالدرس اللساني يتسم في رأيه بالانسجام والشمول والبساطة ولهذا
يرى أن النظرية اللغوية انظرية استنباطية تشتمل على مبدأ الكلية Totalite
فهي قابلة للتطبيق على جميع اللغات الانسانية . إن
يامسليف يحدثنا عن مبدأ التحليل وصيفه ونلفي حديثا عن النص في كتاباته ولا
نجد تصورا علميا واضح المعالم عن الخطاب ، باستثناء حديثه عن محتوياته
السيميائية وعن اللغة الايحائية . حتى
اللسانيات الوظيفية التي تراهن على مفهوم التواصل بوصفه أهم الوظائف
الأساسية للغة وارتباط التطور اللغوي بمبدأ الاقتصاد. لم تعالج موضوع
الخطاب . وهكذا بدا وكأنه ليس من صميم الاشكالية اللسانية . وان كانت
المدارس اللسانية تعالج قضايا جوهرية ذات صلة بتحليل الخطاب . فنجد اندريه
مارتيني يتحدث عن التحليل التركيبي للمدونة أو المتن على أنه مجموعة
علاقات الترابط ، في الفصل الرابع من كتاب "عناصر اللسانيات العامه " الذي
خصصه للوحدات الدالة نجد تحليلا للملفوظات ولكن انطلاقا من مفهوم التواصل
للغة ، فهناك مقاربات لتحليل مستويات الخطاب ، دون الحديث عن ماهيته ويمكن
أن نخلص الى نتيجة أن موضوع الخطاب وجد فراغا كبيرا في أطروحات بعض
المدارس اللسانية الحديثة . على الرغم من أنه أصبح حقيقة فرضت استعمالها
في حقل علم المصطلحات وأصبحت متداولة في أدبيات العلوم الانسانية ، حتى
لازمت بعضا منها. فنجد حديثا
شائعا لدى العامة عن الخطاب السياسي . وتحولاته وخصائصه ، وأصبح بديلا
لمفهوم الخطبة والخطابة في التراث الاغريقي والتراث العربي الاسلامي. إن
إميل بنفيست على E . Benveniste . يعالج مشكل الخطاب معالجة لسانية
فالجملة بالنسبة اليه وحدة لسانية لا تؤلف صنفا شكليا من الوحدات
المتعارضة بينها، مثل تعارض القونيمات الفونيمات أو الفونيمات مع
المورفيمات ،أوالمفردات مع المفردات . هناك
طرح منهجي مهم جدا يشير اليه جان ديبوا Jean dubois عندما يقول "مع الجملة
نترك إطار اللغة بوصفها أداة للتواصل . في هذا المجال تتوقف الجملة أن
تكون موضوعا... وتصير وحدة فالجملة هي وحدة الخطاب "(17). يركز
إميل بنفيسة على قيمة عملية التلفظ التي لم تنل اهتمام اللغويين القدامى،
فقد كان ينظر اليها بوصفها موضوعا لا يندرج في نقاط الدراسة اللسانية .
ولكنها أضحت مادة جديرة بالاهتمام نظرا لأنها تنقل اللغة من سكونيتها الى
حركية الاستعمال الفردي (الكلام والخطاب )، إن الجهاز الشكلاني للتلفظ
عنصر من عناصر اللغة التي تشكل ماهية الخطاب . فتحديد العلاقة بين الباث
والمتلقي، تسمح للفاعل المتلفظ أن يجد منزلة في الخطاب ، وقد يجد أيضا
الفلاسفة ضألتهم في البحث عن الذاتية التي تتجل في حرية كلام الفاعل
المتلفظ الفردية . إن بنفيسة يراهن على مركز الفاعل المتلفظ في الخطاب ،
وهذا لا يعني تطابق الذاتية المغلقة مع الجهاز الشكلاني لعملية التلفظ ،
فهو بذلك يكون قد أسهم في إدخال عالم الخطاب الى اللسانيات ، ويعد من
الموضوعات الجديدة في حقل دراسات اللسانيات المعاصرة ، التي ما فتشت تعرف
استكشافات علمية ، وصعوبات منهجية ، وهكذا تم توسيع نطاق موضوع اللسانيات
ولاسيما عملية التلفظ وصلتها بالخطاب الذي حفز الدراسات على البحث عن
مناهج التحليل . إن ربط تصور الملفوظ بالخطاب كان يقتضي وضع قواعد للتسلسل
وللمسار الذي يتوافر على قابلية التعبير بالكلام ، غير أنه ينبغي الاشارة
الى أن الملفوظ وحده لا يحدد الخطاب إلا إذا أضيفت اليه وضعية الاتصال . dis cours = situation de comminucation + enoncé [ التحليل التوزيعي ]
إن
النظرية التوزيعية في اللسانيات الحديثة ، أسهمت بفضل جهود بلومفيلد
Ploomfield) ) وهاويس Z. S. Harris) )في دراسة قواعد الجمل ، وتحليلها
بوصفها وحدات ممكنة في لغة معينة بمعنى يجب أن تتوافر فيها القابلية
للتحقيق بهذا التصور لقواعد الجمل يظل تحليل الخطاب يبحث عن معرفة
المقاييس وبنائها، وكذلك اعتبار مجموعة من السلسلات الوصفية على أنها
متتاليات لجمل ملفوظة .(Phrases - enonces ) فهي تشكل في نظر هاريس مؤسسة
لشبكات من التكافؤ بين جمل وجمل متتالية . ويحيلنا ريمون طحان ودينين
بيطار طحان الى التجريد الذي لازم غراما طيق الجمل وما تفرع منها من
مفاهيم استقتها من اللسانيات وعلم الدلالة فمنها: - مفهوم الأصولية : هي الجملة التي تتمتع بالصحة الدلالية والمنطق اللغوي، فهي تخلو من التنافر الصوتي، وتخضع بنيتها التركيبية لقواعد اللغة . - مفهوم دلالة الجملة
: هناك إشكال معرفي تجده اللسانيات في تحديد ماهية الجملة . فإذا كانت
"تتألف من عناصر تعود الى ثبت مغلق ، ومن أصوات محدودة العدد ترتبط
بالمعنى (...) ولكن ... هناك بنى وجمل تختلف في معناها وتتحقق بأشكال
متشابهة ، وهناك أيضا بنى وجمل تتشابه في معناها وتتحقق بأشكال مختلفه "(18) . إن
تحليل الخطاب دفع هاريس الى تعريف مجموعة التكافؤ والتقارب . بين ملفوظين
حتى يبرز طريقته المنهجية التي ركزت على النص الاشهاري، ويشير ديبوا الى
المفهوم الجديد عن طريق نص تم بناؤه . فالخطاب السياسي لحرب الجزائر مثلا
قد درس على أساس أنه الخطاب الذي دفع الى تمثيل العلاقة الموجودة بين
موضوعات الجزائر وفرنسا (19). لقد
ارتبط التحليل التوزيعي بالنزعة السلوكية Behavieorisme) )التي راجت في
الولايات المتحدة الأمريكية بداية منذ سنة 1920، فكان من أهدافها تحقيق
الموضوعية في دراستها، وقد حمل لواءها ليونار بلومفيلد ، وتجلت مبادي،
المدرسة التوزيعية في محا ولتها لتحليل الخطاب ودراسة توزيع الوحدات
اللسانية عن طريق المدونة Corpus) )والوحدات كما أسلفنا القول _ غير أن
الذي يميز هاريس اختياره لطرائق التعامل مع النصوص اللغوية . فالنص
الاشهاري يمتاز بتكرار الأشكال التي بالوصول الى بنيته . وكذلك تأكيده على
العلاقات القائمة بين الجمل وتفضي الى سلسلة من الجمل المتكافئة ، وعليه
فإن مبدأ التحويل الذي أقره هاريس يتضح في تحليل العلاقات التي تؤلف بين
الجمل ، وهذا التصور أضفى الصفة الاجرائية لعملية تحليل الخطاب ، بل يعد
لبنة من لبنات "علم الخطاب ". تعد
إضافات المدرسة التوليدية التحويلية امتدادا لجهود بلومفيلد وهاريس ويمكن
وضع مفهوم الخطاب في مقابل ثنائية نو شمسكي N. Chomsky) )الكفاية والأداء
اللغوي. إن ما يمكن استخلاصه من نظرية نو شمسكي تخطيها للدراسة السطحية
التي تنتهجها اللسانيات البنيوية ولا تتعداها للبحث عن المستوى العميق
للكلام ولا تأخذ مبدأ التأويل في حسبانها. إن الدرس التوليدي التحويلي
يعالج عملية التكلم ومكانيزماتها التي تظهر في الاستعمال المبدع للغة . [ التحليل السوسيولوجي للخطاب]
يربط
باختين M.Bakhtine نظرية اليللفظ بمستويات التركيب ، لأن كل تحليل للخطاب
في تصوره تحليل لمتن اللتلفظ الحي. وهو سمة من السمات المحسوسة لأفعال
الكلام كما أنه يلاحظ قصور اللسانيات في احتواء موضوع التلفظ ، ويبدو هذا
لعجز اللساني واضحا في الاهتمام بالجملة وعدم الاقتراب من الخطاب .إن
اللساني يشعر بارتياح أكثر وسط الجملة ، وكلما اقترب من تخوم الخطاب من
(التلفظ ) العام ، فهو ليس مسلحا لتناول الكل ، ليس من بين مقولات
اللسانيات مقولة تصلح لتحديد الكل . والواقع أن المقولات اللسانية لا يمكن
تطبيقها في حالتها هذه إلا داخل (التلفظ )" (20). إن
الخطاب في مفهوم باختين يعيد مسألة خطاب الآخر ويتجسد في الخطابات
اللسانية (خطاب مباشر، خطاب غير مباشر ، خطاب غير مباشر حر) ، لهذا يراهن
على المنهج الاجتماعي في اللسانيات ، وضرورة تفسير واقعة خطاب الغير
تفسيرا سوسيولسانيا ويعرف الخطاب المروي بأنه "خطاب في الخطاب ، وكفظ في
التلفظ ، .. لكنه في الوقت ذاته خطاب عنالخطاب وتلفظ عن التلفظ "(21). كما
أنه يتمتع باستقلاله البنيوي والدلالي . [ علاقة الخطاب بالحوارية ]
إن
مصطلح الحوارية الذي استثمرته _ فيما بعد - جوليا كريستيفا وشاع في أدبيات
الخطاب النقدي الجديد وعرف بالقناص Intertextuelle يشير الى اقتحام
اللسانيات للمجالات التي كانت تعتقد أنها ليست موضوعا لبحثها،"فالوحدة
القاعدية الحقيقية للسان - الكلام ليست هي التلفظ - الحوار الداخلي الوحيد
والمعزول ، كما هو معروف ، ولكنها تفاعل تلفظين على الأقل أي الحوار"(22).
ويثير باختين أسئلة جوهرية في مسألة علاقة الخطاب بالحوارية . "كيف
ندرك ، في الواقع خطاب الغير؟ كيف تحس الذات المتلقية ، في وعيها بتلفظ
الغير، هذا الوعي الذي يعبر بواسطة الخطاب الداخلي ؟ كيف يستوعب الوعي
الخطاب بفعالية ، وما هو التأثير الذي يمارسه الخطاب على توجيه الكلام
الذي يكفظ به المتلقي من بعد ؟ "(23) لقد طورت هذه المفاهيم تحليل الخطاب
الروائي ووثقت الصلة بين ´ اللسانيات والتحليل السوسيولوجي. ونجد تحديدا
لأنماط الحوارية في الرواية لدى باختين وتتصل في التهجين والعلاقة
المتداخلة ذات الطابع الحواري بين اللفات والحوارات الخالصة . إن
مفهوم الحوارية معرفه تدورون T.Todorov بقوله "كل علاقة بن ملفوظين تعثبر
ثناصا.. فكل نثاجين شفويين ، أو كل ملفوظين محاور أحدهما الأخر، يدخلان في
نوع خاص من العلاقات الدلاليه نسميها علاقات حوارية"(24). وانطلاقا من هذا التصور وجه باختين نقدا للاسلوبية ، وقدم قراءة لتاريخ الأساليب من منطلق سوسيولوجي. 1 - الوثوقية السلطوية (العصور الوسطى) وتتميز بالأسلوب الفخم السطري وغير مسند الى شخص في بث خطاب الغير. 2- الوثوقية العقلانية (القرنان 17 و18) وتتميز بالأسلوب السطري الأدق والأرق والأوضح . 3-النزعة
الفردية الواقعية والنقدية (نهاية القرن 18والقرن19) وتتميز بأسلوب مجازي
منسق والميل الى تسريب الخطاب المروي من خلال أجوبة وتعليقات المؤلف . 4 - النزعة الفردية النسبوية (المرحلة المعاصرة )وتتميز بإذابتها للسياق السردي. وخصص في كتابه "الماركسية وفلسفة اللغة
" الفصلين الأخيرين للخطاب غير المباشر والخطاب المباشر ومتغيراتهما ،
والخطاب غير المباشر الحر في الفرنسية والألمانية والروسية وهي دراسة
مقارنة . لقد كان ميخائيل باختين نموذجا لما ينبغي أن يسلكه اللساني لكي
يتخلص من الجمود والعزلة . ولقد وجدت السيميائيات المعاصرة في مفاهيمه حول
تحليل الخطاب والحوارية ما جعلها تحقق تقدما نوعيا في تحديد مسار الأبنية
الجديدة لعلم مازالت تتنازعه عدة حقول معرفية . بعد
ان تستعرض جوليا كريستيفا مفاهيم الخطاب لدى اللسانيين التي سبقت الاشارة
اليها تخلص الى أن الخطاب "يدل على كل كفظ يحتوي داخل بنياته الباث
والمتلقي مع رغبة الأول في التأثير على الأخر"(25). وتقدم في مؤلفها (النص
المغلق ) أيضا تعريفا للنص على أنه جهاز فوق لساني يعيد توزيع نظام اللغة
، كما أنه يتحدد عن طريق تبادل النصوص أي القناص ، داخل فضاء النص هناك
عدة ملفوظات مأخوذة من نصوص أخرى تكون متقاطعة ومحايدة . إن مفهوم الخطاب
وعلاقته بالنص والقناص يعد امتدادا لمفاهيم باختين .
ـــــــــــــ
11 - دي سوسير : دروس في الألسنية العامة _ ترجمة : مجموعة من المؤلفين التونسيين . ص : 29.
12 – حنون مبارك : مدخل للسانيات سوسير _ ص : 36.
13 - ينظر يوسف الطعاني : اللغة كأيديولوجية _ مجلة الفكر العربي المعاصر لبنان _ ص : 75.
14- Hymsler , Prolerrnines a ume therie du - langage ed. Minuit -Paris pp. 9.
15- Hymsier: esrais linginstigues- ed: Minuit –
Paris pp. 29.
16- Andre Mastinet : elements de lin guistique -
generate ed Almand Qlin pp:109.
17- Jean Dubois e1 outs : Dictionnanes de - linguistique - ed: larousx pp. 158.
18- ريمون طحان ودنيز بيطار طحان: فنون التعقيد وعلوم الألسنة – لبنان- ص 292.
19- Jean Aulois autres: Aictionsire de linguistique -pp.158.
20- ميخائيل باختين: الماركسية وفلسفة اللغة- ترجمة: محمد البكري ريمني العيد- ص 150.
21- المرجع السابق :155.
22- نفسه:157.
23- نفسه: 157.
24- T. Trdorov Mileal , le principe dialogigue - pp.
95-95.
25- Julia Vristera ) Le Langage cet inconnue - ed Scuit-Paris-pp.: 198.]