الاشكالية *2* المشكلة *1* طبيعة القيمة الأخلاقية
هل طبيعة القيمة الأخلاقية موضوعية أم ذاتية
مقدمة : إذا كان الإنسان يختار فعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة
فهذا الاختيار يكون بين ممكنين على الإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتم
الاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليه الإقدام أو الأحجام فنقدم على الفعل
إذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلو أخذنا فعل السرقة، وفعل
العمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثار مادية كالربح
ونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعل لا
أخلاقي أي انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير.
إن ما ينتج عن هذه الموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفر
من الشر وهذا أمر عادي ومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤال
متى يكون الفعل خيرا؟ ومتى يكون شرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟ أم أن ما
هو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا غدا؟ أن هذه التساؤلات تفرض علينا مستوى من
التحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية ذاتها .معنى القيمة الأخلاقية :
القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيء مقداره وقيمة المتاع ثمنه
ويطلق من الناحية الذاتية على الصفة التي تجعل من ذلك الشيء مرغوبا ومطلوبا
، أما الناحية الموضوعية فتطلق على ما يتميز به الشيء ذاته من صفات تجعله
مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما في الأخلاق فلفظ القيمة الأخلاقية
يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمة الفعل فيما يتضمنه من خيريه أو ما
نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير
كلما كانت قيمة الفعل اكبر
أ- ضبط المشكلة: إذا كان من السهل أن يقال أن القيمة الأخلاقية هي المطابقة
بين الفعل والصورة الغائية للخير, فما طبيعة هذه القيمة؟ هل الخير خير في
ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية، مطلقة لتكون القيمة الأخلاقية موضوعية
مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناس من تغيرات أم أن القيمة
الأخلاقية (الخير) ذاتية لتكون صورته الغائية متغيرة، نسبية، تتصل بالزمان
والمكان ؟ بصورة وجيزة هل طبيعة القيمة الأخلاقية موضوعية أم ذاتية.؟
ب- التحليل:
1- القيمة الأخلاقية موضوعية: تذهب بعض الفرق الكلامية " الاشاعرة
والمعتزلة وايضا المثاليون وإلى الاعتقاد أن القيم الأخلاقية ينبغي أن تكون
موضوعية مستقلة عن عالم الكون والفساد.
- فأفلاطون قديما يعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم المثل، والروح تأتي منه
وهي محملة بالفضيلة، وعليه فما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك بذاتها ما
في الفعل من خيرية من خلال التذكر.
- على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانط الذي سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة
إلى افتراض ثلاث خصائص للقيمة الأخلاقية حتى تكون قيمة بالمعنى الإنساني
الموضوعية والثبات والمطلقية، وإلا لم ولن تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب
الطابع الإنساني .
وقد تذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعله
خيرا، الشرع مخير والعقل مدرك. فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفات
الموضوعية ما يجعله خيرا, ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلف
فيه اثنان مهما اختلف الزمان والمكان فالراعي التتري والصباغ الهندي
والبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خير والظلم شر, ومعناه إن في العدل
من الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابت ومطلق.
**وفي الفلسفة الإسلامية نجد المعتزلة ينطلقون مع الاشاعرة من حقيقة واحدة
وهي ان الشريعة مصدر القيمة الخلقية باعتبار ان الدين تشريع مطلق ونسبي
*الا ان الاختلاف بين المعتزلة والاشاعرة كان حول اساس الحكم على الفعل
بانه خير اوشر فالقدرة على التمييز ترجع الى العقل عند المعتزلة وترجع الة
الدشرع عند الاشاعرة
النقد:
* يتضح من هذا الطرح أن القول بموضوعية القيم الأخلاقية هدفه تامين اليقين
للقيم الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقية طابعها
الإنساني وهو مسعى لا نعترض عليه ولكنه طرح يتجاوز الوقائع من جهة ويتجاوز
الحياة الإنسانية من جهة ثانية لأن النظر في الواقع يفيد أن لكل بيئة
اجتماعية ثقافية نظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان العدل مثلا مطلبا
إنسانيا فهو لا يطبق بنفس الكيفية فالخير كما يراه فرد يختلف عن الخير
الذي يراه اخر , وما يراه مجتمع من فضيلة يراه غيره رذيلة
2/ القيم الأخلاقية ذاتية :يذهب أنصار الاتجاه الذاتي الذي يشمل ذوي النزعة الواقعية التجريبية
{النفعيون والاجتماعيون} أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها زمانيا
ومكانيا, فإذا كنا نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية
تتغير ولا وجود لقيم موضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون
يتفقون على أن القيم الأخلاقية ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافع
وتتغير البيئات الاجتماعية وخير دليل الواقع .
- إن تمثلنا للقيم وتبنينا لها يخضع لما نتلقاه من تربية وتلقين, وما يلاحظ
من تقارن بين الناس و بين البيئات الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانط
كبيرا حينما زعم نمطا أخلاقيا متعاليا إنسانيا لأن الواقع يفرض نظاما من
الأخلاق تبعا لموقع الفرد الطبقي, الثقافي....الخ.
النقد: إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظام ثقافي
منظومة أخلاقية يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضع
التاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنا
نفهم أن طبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة وتتأثر بالذات في
حين أن النظر أليها من جهة الطبيعية النظرية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة.
التركيب :
: اذا نظرنا الى القيم الخلقية كمبادئ وأفكار ومثل فهي ثابتة مطلقو موضوعية
واذا نظرنا اليها كسلوك ومعاملات فهي متغيرة ونسبية وذاتية
الخاتمة
تتأثر طبيعة القيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمة فمن
الناحية النظرية تبدو مطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياة الإنسانية ,
أما من الناحية العملية فهي تتأثر بالزمان والمكان ليغلب عليها الطابع
الذاتي.
...................................................................................................
الجدلية الدرس: المشكل الأخلاقي 3
الإشكال:يقول الأشاعرة : إرادة الله مطلقة ولا اختيار لإرادة الإنسان أمام إرادة الله ؟ .
تعتبر
الديانات السماوية عموما أهم منابع القيم الأخلاقية ومن بينها الإسلام
الذي تنص تعاليمه على ضرورة الالتزام بالقيم الأخلاقية مستمدين ذلك من
القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، ولذلك فإن لكل فريضة غاية أخلاقية
فالدين معاملة ، ومن ثم وجب علينا أن نبحث عن أسس مفارقة تتجاوز المنفعة
والعقل والمجتمع، وقد كان لعلماء الكلام دورا هاما في هذا المجال وخاصة
المعتزلة والأشاعرة، و التساؤل المطروح ما هو الاتجاه الأصح ؟ .
يرى
الأشاعرة أن الأعمال الأخلاقية مصدرها الشرع فهم يرون أنه لا شيء حسن ذاته
أو قبيح ذاته وإنما الحسن ما حسّنه الشرع و القبيح ما قبّحه الشرع ولذلك
فالعقل عندهم لا يملك القدرة على التمييز بين الخير والشر، فالخير والشر
مصدرهما الدين عن طريق ما أمر به الله أو نهى عنه ، ولهذا يرى الأشعري أن
الواجبات كلها مسموعة ويستدلون بآيات من القرآن الكريم في قوله تعالى افعل
ما تؤمر) ، ومما استدل به الأشاعرة أيضاً لو كان الحسن والقبيح ذاتيين
لكانا دائمين في الأشياء والأفعال دون أي شرط في حين أننا نرى الشيء الواحد
قد يكون حسنا في موضع ويكون قبيحا في مواضع أخرى فالقتل يكون حسنا إذا كان
قصاصاً ويكون قبيحا إذا كان ظلما والشيء قد يكون حسنا في زمن ولا يكون
كذلك في زمن آخر ، كما قد تأتي شريعة بتحسين شيء ثم تأتي شريعة أخرى فتجعل
الشيء نفسه قبيحا) ، فالنسخ دليل على تعبئة الحسن القبح لأمر الشرع ونهيه .
لا
يمكن إنكار ما ذهبوا إليه إذ بينوا أن حدود العقل لا يمكن تجاوزها ولكن
رأيهم لم يصمد للنقد ذلك أنهم أهملوا دور العقل في معرفة الفعل الأخلاقي عن
الفعل اللأخلاقي ويتضح هذا في اتجاهات العلماء في تمييز الفضائل عن
الرذائل والعكس تبعا للمستجدات التي تطرأ في الحياة .
وعلى عكس رأي
الأشاعرة نجد المعتزلة الذين ينادون بالعقل فهم يرون أن جميع الأعمال التي
نعدها حسنة كالعدل والصدق والإحسان ذلك أننا نحكم عليها بالحسن بالاعتماد
على إدراكنا لها وإذا حكمنا كذلك على بعض الصفات من ظلم وكذب وبخل فلأننا
اعتمدنا على إدراكنا لها ، ومعنى هذا أن العقل قادر بذاته على اكتشاف ما في
الأشياء و الأفعال من حسن أو قبح ومن فساد أو صلاح ، وأمر الشرع بأشياء
كالأمانة والعدل ونهيه عن أشياء كالسرقة والقتل تابع لما فيها من حسن وقبح
وهو بهذا يخبر عن القيمة ولا يثبتها و العقل يدركها ولا ينشئها ، وللمعتزلة
حجج شتى على هذا الموقف فمن الثابت تاريخيا أن الناس قبل وجود الشرائع
كانوا يحتكمون للعقل فيما ينشأ بينهم من خلاف وسند العقل في ذلك ما يراه
بذاته في الأفعال من حسن وقبيح ذاتيين دون استناد إلى الشرع إذ لم توجد بعد
أي شريعة وكان العقلاء آنذاك يستحسنون مثلاً الحفاظ على الأنفس ويستقبحون
العدوان، ومن الحجج المنطقية قولهم لو لم تجب المعرفة إلاّ بالشرع للزم
إفحام الرسل ولم تكن لبعثتهم فائدة ووجه اللزوم إلى الرسول إذ قال لأحد:
أنظر في نبوتي ومعجزتي كي يظهر صدقي لديك ، فله أن يقول : لا يجب علي النظر
في نبوتك ومعجزتك إلاّ بالشرع ولا يثبت الشرع ما دمت لم أنظر أن ثبوت
الشرع نظري لا ضروري وبهذا يفحم الرسول وتبطل دعوته وهذا غير صحيح ، ويثبت
بهذا أن القبح والحسن ذاتيان في الأشياء يدركهما العقل قبل ورود الشرائع
بالإضافة إلى هذا يوردون هاته الحجة التي مفادها أنه لو كان الحسن والقبح
مكتسبين من الشرع لما أمكن استعمال العقل في المسائل التي لم يرد فيها نص
شرعي ولأمتنع التعليل لأن التعليل قائم على ما في الأشياء و الأفعال من
صفات قائمة فيها وفي امتناع التعليل سد لباب القياس وتعطيل للأحكام على
الوقائع المستحدثة .
إن العقل قادر على التمييز بين الخير و الشر
والإرادة تختار الفعل الممكن لكن قد يخطأ أي شخص مثلاً فلا يدفع تذكرة سفر
إلاّ إذا أدرك أن هذا الفعل سرقة والسرقة حرام إذاً هذا ما يقوله المعتزلة ،
إذاً هل يمكن أن تحل عاطفة الخوف من الله محل عاطفة الاحترام وهل يخاف
الله جميع الناس ؟ .
أن الخلاف القائم بين هاتين الفرقتين لا يقتصر فقط
على الجانب الأخلاقي بل يعتبر خلافا مذهبيا عاما يتعلق أساسا بمسألة
الترجيح بين العقل والنقل ولتفادي الوقوع في هذا الخلاف نعتبر أن الأخلاق
الإسلامية تجمع بين الجانبين بحيث يجب الالتزام بالنصوص من القرآن و السنة
مع إمكانية عرضها على العقل لنعرف ما وراء المحرم من مضار وما وراء الحلال
من منافع ويتم ذلك بإدراك المعاني و المقاصد .
وإذا أردنا الخروج بحوصلة
لما سبق فإن الإسلام راع في مسألة الأخلاق ثنائية الإنسان (العقل والطبيعة
البشرية) بحيث نجد الإسلام يرفع بالأخلاق ولم يعتمد في بنائها على مبدأ
واحد كاللذة أو العقل أو المجتمع واتخاذها كقاعدة عامة توجه أفعالنا
فالإسلام يدعونا إلى طاعة أوامر الله واجتناب نواهيه وفي نفس الوقت التوفيق
بين متطلبات الواقع والجانب الخلفي للإنسان فالإنسان ليس ملكا كما أنه ليس
بشيطان .
...................................................................................................
الفلسفة لفظ استعارته العربية من اللغة اليونانيّة، و أصله في اليونانية كلمة تتألف من مقطعين:
فيلوس Philos وهو بمعنى (صديق أو محب)، والثاني هو سوفيا Sophia أي (حكمة)، فيكون معناها (محب الحكمة).
وبذلك تدل كلمة (الفلسفة) من الناحية الاشتقاقية على محبة الحكمة أو
إيثارها، وقد نقلها العرب إلى لغتهم بهذا المعنى في عصر الترجمة.
وكان فيثاغورس (572 _ 497ق.م) أول حكيم وصف نفسه من القدماء بأنه فيلسوف،
وعرَّف الفلاسفة بأنهم الباحثون عن الحقيقة بتأمل الأشياء، فجعل حب الحكمة
هو البحث عن الحقيقة، وجعل الحكمة هي المعرفة القائمة على التأمل.
وعلى هذا أضحى تعريف الفلسفة بأنها: العلم الذي يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية.
تجدر الإشارة إلى أن كلمة (الفلسفة) استُعملت في معاني متعددة عبر التاريخ،
واتسع معناها في بعض المراحل ليستوعب العلوم العقلية بأسرها، فيما تقلص
هذا المعنى في مراحل أخرى فاستُعمل عند البعض كما في التراث الإسلامي فيما
يخص الفلسفة الأولى، التي تبحث عن المسائل الكلية للوجود التي لا ترتبط
بموضوع خاص.
مسائل الفلسفة
يمكن القيام باستقصاء فلسفي في أي موضوع، لأن الفلسفة تتناول كل ما يوجد في
الكون وكل ما له ارتباط بالمعرفة. على أنه من أجل تحقيق أغراض الدراسة، قد
جرت العادة أن تُقسم الفلسفة إلى خمسة فروع، وكل فرع ينتظم فيه البحث حول
عدد من المسائل المتميزة. هذه الفروع هي:تناولت الفلسفة عبر عصورها الممتدة
_ بدءاً بنشأتها إلى عصرنا الراهن _ مسائل كثيرة، استوعبت فيها تمام
المعارف البشرية، وان استقلت منها بعض المعارف والعلوم منذ عصر النهضة في
أوروبا، ومن أبرز القضايا التي انبسط عليها البحث الفلسفي:
1 ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا):علم يدرس الواقع والوجود من حيث طبيعتهما
الأساسية، كما يدرس ماهية الأشياء. ومن الباحثين من يقسم علم ما وراء
الطبيعة إلى ميدانين: علم الوجود، وعلم الكون. فعلم الوجود يدرس الموجودات؛
أما علم الكون فيدرس الكون الطبيعي ككل. كما أن علم الكون يُقصد به ذلك
الفرع من العلوم الذي يدرس نظام الكون وتاريخه ومستقبله.
يتناول علم ما وراء الطبيعة مسائل من نوع: ما الواقع؟ ما الفرق بين الظاهر
والواقع؟ ما المبادئ والمفاهيم العامة التي يمكن بموجبها تأويل تجاربنا
وفهمها؟ هل لدينا إرادة حرة أم أن أعمالنا مُسيرة بأسباب ليس لنا فيها
خيار؟
لقد أوجد الفلاسفة عددًا من النظريات في علم ما وراء الطبيعة وهي: المادية،
والمثالية، والآلية، والغائية. إن المادية تؤكد أن المادة وحدها هي التي
لها وجود حقيقي، وأن المشاعر والأفكار وغير ذلك من الظواهر العقلية إنما هي
ناتجة عن نشاط المادة. وتقرر المثالية بأن أي شيء مادي إنما هو فكرة أو
شكل من أشكال الفكرة،-وبمقتضاها فإن الظواهر العقلية هي وحدها المهمة
والمطابقة للحقيقة. أما الآلية فتؤكد أن كل الأحداث إنما هي-ناتجة عن قوى
آلية محضة، وليس عن غاية معينة، بل لا يعقل أن نقول إن الكون في حد ذاته من
ورائه غاية معينة. أما الغائية، فهي على العكس، تقرر بأن الكون وكل شيء
فيه يتصف بالوجود والحدوث من أجل غاية معينة-.
2 ـ المنطق:
يتناول بالدراسة مبادئ وطرائق المحاكمة العقلية؛ فهو يستكشف كيفيات التمييز
بين المحاكمة القويمة والمحاكمة السقيمة. ويُسمَّى المثال المستخدم في
المحاكمة البرهان أو الاستدلال. يتمثل البرهان في جملة من الحجج تسمى
مقدمات، وهذه تقترن بحجة أخرى تسمى النتائج التي من المفروض أن تستند إلى
المقدمات أو تنبثق عنها. إن البرهان القوي يكون سندًا للنتائج، بعكس
البرهان الضعيف.
3 ـ نظرية المعرفة:
نظرية المعرفة: هدفها تحديد طبيعة المعرفة وأساسها ومجالها، كما تستكشف
الطرائق المختلفة المؤدية إلى المعرفة وجوهر الحقيقة والعلاقات بين المعرفة
والإيمان. إن نظرية المعرفة تطرح أمثال الأسئلة الآتية: ما العلامات
الدالة على المعرفة الصادقة من أجل تمييزها عن المعرفة الكاذبة؟ ما
الحقيقة، وكيف يمكن أن نعرف الصواب والخطأ؟ هل هناك أنواع مختلفة من
المعرفة؟ وهل لكل واحدة منها حُجج وخصائص؟
وعلى هذا تدرس في نظرية المعرفة المسائل التالية:
أ ـ مصدر المعرفة.
ب ـ قيمة المعرفة.
ج ـ طبيعة المعرفة.
د ـ حدود المعرفة.
4 ـ الأخلاق:
لها علاقة بسيرة الإنسان وشخصيته وقيمه، فهي تدرس طبيعة الصواب والخطأ،
وتميّز بين الخيروالشر. فالأخلاق تستكشف خصائص العدل والمجتمع العادل،
وكذلك واجبات الإنسان نحو ذاته ونحو غيره ونحو المجتمع.
تطرح الأخلاق أمثال الأسئلة الآتية: ما وجه الصواب في العمل الصائب؟ وما
وجه الخطأ في العمل الخاطئ؟ ما الخير وما الشر؟ ما القيم الخاصة بالحياة؟
قد تبرز المشاكل في مجال الأخلاق، لأننا كثيرًا ما نجد صعوبة في إدراك ما
يلزم القيام به. وفي العديد من الحالات تتعارض واجباتنا، أو تبدو لنا غامضة
فضلاً عن كون الناس كثيرًا ما يختلفون حول ما إذا كان عمل من الأعمال أو
مبدأ من المبادئ، صائبًا أو خاطئًا من الناحية الأخلاقية.
5 ـ فلسفة الجمال:
علم الجمال: يبحث في الإبداع، وكذا في المبادئ التي يقوم عليها الفن
والجمال، كما أنه يدرس أفكارنا ومشاعرنا ومواقفنا حينما نرى ونسمع ونطالع
شيئًا جميلاً قد يتمثل في شيء جميل، كالأثر الفني، مثل الرسم أو السيمفونية
أو القصيدة، أو غروب الشمس أو غيره من الظواهر الطبيعية. فضلاً عن ذلك،
فإن علم الجمال يستقصي الخبرة التي اكتسبها من يمارس بعض الأنشطة المختلفة
مثل الرسم بأنواعه المختلفة والتمثيل السينمائي والمسرحي.
6 ـ فلسفة الدين:
علم يهتم بدراسة وتحليل طبيعة المعرفة الدينية وما تنطوي عليه المعتقدات،
ونوع الأدلة والبراهين التي تستند إليها تلك المعرفة وتحاول تحليل التجارب
الإيمانية والبحث عن منابعها وتجلياتها وأحوالها.
7 ـ فلسفة العلم:
فلسفة تُعنى بفهم وتفسير ظاهرة العلم فهماً يعمقها، فتبحث في التنظيم
الأمثل لمناهجه، ومعرفة خصائصه ومقوماته، ومحاولة حل مشكلاته التي تخرج عن
دوائر اختصاص العلماء.
وهناك مسائل أخرى تناولتها الفلسفة من قبيل: فلسفة القانون، وفلسفة التاريخ، وفلسفة التربية، وغيرها.
مرسلة بواسطة الاستاد زريق عبد الناصر في 08:57 ص
لمشكل الأخلاقي:
المقدمة : من المشاكل الفلسفية ذات الطابع الأخلاقي التأثير حولها الصراع
الفكري والاختلاف في طرح وجهات النظر وتبريرها والتي لاتزال مطروحة إلى
يومنا هذا هي مشكلة القيم الأخلاقية أو مصدر الأخلاق والسؤال المطروح
يمثلاه موقعان احدهما للفيلسوف كارل ماركس مؤسس المادية التاريخية والثاني
للفيلسوف فريدريك نتيشه فيلسوف القوة وكلاهما عاشا في القرن التاسع عشرا
وكلاهما من رواد الفلسفة الألمانية الحديثة والتساؤلما هو شكل ومحتوى كل
موقف منهما ؟ وأي الموقفين اصح ؟ هل الأخلاق من صنع الأقوياء أم الضعفاء؟
التحليل:
♦ق1 : الأخلاق من صنع الأقوياء وعلى رأس هذا الموقف كارل ماركس ممثل
الماركسية وأتباعها هم انجلز ولينين فالماركسية في نظرتها المادية
التاريخية ترى أن القيم الأخلاقية قيم الخير وقيم الشر ، من إنتاج الأقوياء
اقتصاديا في المجتمع .. أو بعبارة أوضح مصدر وجودها النظام الاقتصادي الذي
يعيشه المجتمع سواء كان ذا النظام الاقتصادي إقطاعي أو نظام اقتصادي
رأسمالي أو اشتراكي فالقيم الأخلاقية انعكاس لعلاقات الإنتاج وتؤكد هذه
الطبقة المسيطرة اقتصاديا هي الطبقة المسيطرة أخلاقيا سوء في النظام
الاقتصادي الإقطاعي أو الرأسمالي أو الاشتراكي فقيمة الخير والشر مصدرها
الطبقة المالكة لقوى الإنتاج وبالتالي المنتوج .
☺ نقد : نحن لا نكرر أن الحياة الاقتصادية لها تأثير في تغير أذهان الناس
في ثقافتهم وأخلاقهم لكن ما يؤخذ على مذهب الماركسية المبالغة في المصدر
الوحيد للقيم الأخلاقية، هو أسلوب الإنتاج وعلاقته بالمنتوج فالأفكار
الفلسفية قد يكون لها تأثير على المجتمع ومن ثم مصدر للقيم الأخلاقية
ودليلنا على ذلك أن الفكر النخبوي الواعي له تأثير فعال على إحداث قيم
أخلاقية أو تغيرها والايديولوجية الماركسية نفسها كان لها تأثير قوي عالمي
وغيرت مجرى التاريخ حيث أصبحت ايديولوجية الطبقات الكادحة وميثاق البلدان
الاشتراكية والشيوعية.
☺ ق2: الأخلاق من صنع الضعفاء يمثل هذا الموقف الفيلسوف نتيشه حيث يرى أن
القيم الأخلاقية الحياة الإنسانية فلا توجد قيم مطلقة يقول " الحق إن الناس
هم الذين اعطو لأنفسهم كل خير وشر" وبما أن الحياة الإنسانية ليست ثابتة
بل هي متغيرة متجددة فالقيم الأخلاقية هي الأخرى ليست ثابتة وإنما متجددة
وربط القيم الأخلاقية عند نتيشه بالإنسان الضعيف المقصود بها أن الحياة
البشرية عبر التاريخ مسرح للصراع المحتدم بين الناس نتيجة في نظره دائما
تغلب الأقوياء على الضعفاء مما يلجا الضعفاء عندما يفقدون كل أدوات الصراع
والمقاومة والى الحقد وتبرير ضعفه وهزيمتهم ببعض الأحكام ذات الطابع السلبي
يدعون بأنها فضائل وما يقابلها رذائل فالسيطرة والتسلط رذيلة بينما
الاستكانة وتحمل الاعتداء فضيلة الظلم رذيلة والصبر على تحمله فضيلة حمل
السلاح قصدا للقتال رذيلة وتجنبه فضيلة .. فالضعفاء عبر التاريخ في نظر
نيتشه ينادونا بأخلاق تبرر عجزهم وعليه فهي ليست أخلاقا حقيقة وقيما خلقية
حقيقة ،إ نما الأخلاق الحقيقة عند نيتشه هي أخلاق الإنسان المتعالي وقد بشر
به نتيشه في كتابه " هكذا تتكلم زاردشت " طبيعة تاريخية حيث اعتمد نيتشه
على التاريخ الحافل بالصراع بين الناس وبخاصة بين القوي والضعيف فالأقوياء
هم السادة والضعفاء هم العبيد فقد كان في التاريخ أن طبقة السادة هم الكهنة
والمحاربين ولكن لما اشتد الصراع بينهم الذي كان نتيجة الاستيلاء على
الحكم أفضى إلى انتصار المحاربون انهزام الكهنة مما دفع بالكهنة الحاقدين
فيما بعد إلى اللجوء بإبداع الروح والدين والترهات والكهنة في نظر نتيشه
عملوا على تجنيد الضعفاء من مرضى وعاجزين ومعذبين " طبقة العبيد" ضد طبقة
المحاربين بدعوى أنهم الصالحون وجسد هذه الفكرة في نظر اليهود الكهنوتي ضد
الارستقراطيون وانتصر تحت شعار المسيحية باحتلالهم وتم في التاريخ الإنساني
قلب القيم الأخلاقية رأسا على عقب فالصبح الخير ضعفا
☺ نقد : صحيح أن الأخلاق من صنع الضعفاء وهذا ما يبرره الواقع المعاش
فالضعيف إذا ما عجز يبرر عجزه باللجوء إلى مبادئ مثالية يحتج بها ضد القوي
قصد رفع الظلم والجور أما القوي لا يعطي أهمية لهذا التبرير فيتمادي في
قهره وإذلاله وهذا ما أكده علم النفس التحليلي حيث أن العقد النفسية
كالشعور بالنقص غالبا ما يجعل صاحبه بالتعويض عنه لكن دعوة نتيشه آن
الأخلاق من صنع الأقوياء هي دعوة تؤدي إلى تسلط الأقوياء على الضعفاء
فالأخلاق الصحيحة عنده هي أخلاق القوة وهذا ما يدفع بوجود الأنظمة
الديكتاتورية التي تقمع الضعفاء كالحرب بين الدول القوية والضعيفة
♦ تركيب :
رغم ما يبدوا من تعارض بين مذاهب نيتشه في الأخلاق ومذهب ماركس في الأخلاق
وبالأخص حول مصدر القيم الأخلاقية ولكنهما يتفقان حول نسبة القيم الأخلاقية
لكونها ليست ثابتة ولكن القيم الأخلاقية ليست تابعة للإنسان الضعيف وإنما
تابعة إلى ظروف البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية فقد أثبتت الدراسات
الانثروبولوجية أن العادات والتقاليد والطقوس والأديان قد تلعب دور أساسي
في طرح القيم الأخلاقية ، وقد ذهب إلى هذا العلامة ابن خلدون من قبل أن
القيم الأخلاقية تعود إلى البيئة الاجتماعية فقد لاحظ أن القيم في المجتمع
البدوي تتمثل في الشجاعة والكرم والشهامة بينما في المجتمع الحضري عكس ذلك
وهذا ما يبرر قولنا أن القيم تعود الى الظروف الاجتماعية والطبيعية المحيطة
بالمجتمع الإنساني ، وأكد هذا الموقف دوركايم ايظا والاسلام لما جاء فقد
حذف من المجتمع الجاهلي كثيرا من القيم الأخلاقية التي كان يعتبرها وقتذالك
خيرا كالوأد والأخذ بالثار فحاربها الإسلام بكل قوة وبشر ونادى بقيم
أخلاقية تتنافى مع قيم العصر الجاهلي.
خاتمة:
وفي الأخير يمكن لقول أن القيم الأخلاقية نسبية تستمد وجودها من اتحاد
عوامل مختلفة منها ما هي اجتماعية ومنها ما هي اقتصادية ومنها ما هي طبيعية
ومنها ما هي دينية فالقيم الأخلاقية مرتبطة بثقافة وحضارة المجتمع
الإنساني ، ولذلك أن تبدل القيم وتغيرها من عصر إلى آخر له علاقة بتطور أو
تخلف ثقافة وحضارة المجتمعات الإنسانية ، وهذا ما تؤكده الكثير من الدراسات
الاجتماعية والثقافية.
مقدمة: إذا كان الإنسان يختار فعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة فهذا
الاختيار يكون بين ممكنين على الإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتم
الاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليه الإقدام أو الأحجام فنقدم على الفعل
إذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلو أخذنا فعل السرقة، وفعل
العمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثار مادية كالربح
ونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعل لا
أخلاقي أي انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير.
إن ما ينتج عن هذه الموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفر
من الشر وهذا أمر عادي ومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤال
متى يكون الفعل خيرا؟ ومتى يكون شرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟ أم أن ما
هو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا غدا؟ أن هذه التساؤلات تفرض علينا مستوى من
التحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية ذاتها .
معنى القيمة الأخلاقية : القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيء
مقداره وقيمة المتاع ثمنه ويطلق من الناحية الذاتية على الصفة التي تجعل من
ذلك الشيء مرغوبا ومطلوبا ، أما الناحية الموضوعية فتطلق على ما يتميز به
الشيء ذاته من صفات تجعله مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما في
الأخلاق فلفظ القيمة الأخلاقية يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمة
الفعل فيما يتضمنه من خيريه أو ما نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقة
بين الفعل والصورة الغائية للخير كلما كانت قيمة الفعل اكبر .
طبيعة القيمة الأخلاقية:أ- ضبط المشكلة: إذا كان من السهل أن يقال أن
القيمة الأخلاقية هي المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير فما طبيعة
هذه القيمة؟ هل الخير خير في ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية، مطلقة
لتكون القيمة الأخلاقية موضوعية مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناس
من تغيرات أم أن القيمة الأخلاقية (الخير) ذاتية لتكون صورته الغائية
متغيرة، نسبية، تتصل بالزمان والمكان ؟ بصورة وجيزة هل طبيعة القيمة
الأخلاقية موضوعية أم ذاتية.؟
ب- التحليل: 1- القيمة الأخلاقية موضوعية: يذهب المثاليون إلى الاعتقاد أن
القيم الأخلاقية ينبغي أن تكون موضوعية مستقلة عن عالم الكون والفساد.
فأفلاطون قديما يعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم المثل، والروح تأتي منه
وهي محملة بالفضيلة، وعليه فما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك بذاتها ما
في الفعل من خيرية من خلال التذكر. على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانط الذي
سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة إلى افتراض ثلاث خصائص للقيمة الأخلاقية
حتى تكون قيمة بالمعنى الإنساني الموضوعية والثبات والمطلقية، وإلا لم ولن
تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب الطابع الإنساني .
وقد تذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعله
خيرا، الشرع مخير والعقل مدرك. فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفات
الموضوعية ما يجعله خيرا, ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلف
فيه اثنان مهما اختلف الزمان والمكان فالراعي التتري والصباغ الهندي
والبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خير والظلم شر, ومعناه إن في العدل
من الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابت ومطلق.
النقد: يتضح من هذا الطرح أن القول بموضوعية القيم الأخلاقية هدفه تامين
اليقين للقيم الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقية
طابعها الإنساني وهو مسعى لا نعترض علبيه ولكنها طرح يتجاوز الوقائع من جهة
ويتجاوز الحياة الإنسانية من جهة ثانية لأن النظر في الواقع يفيد أن لكل
بيئة اجتماعية ثقافية نظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان العدل مثلا
مطلبا إنسانيا فهو لا يطبق بنفس الكيفية فالعدل كما يراه الصباغ الهندي
يختلف من طبيعة ذاتية:- ( يمكن إدراج وجهة نظر الاشاعرة ضمن الاتجاه
الذاتي). يذهب أنصار الاتجاه الذاتي الذي يشمل ذوي النزعة الواقعية
التجريبية أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها زمانيا ومكانيا, فإذا كنا
نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية تتغير ولا وجود لقيم
موضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون والعاطفيون يتفقون على أن
القيم الأخلاقية ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافع وتتغير البيئات
وتتقلب العواطف وخير دليل الواقع , إن تمثلنا للقيم وتبنينا لها يخضع لما
نتلقاه من تربية وتلقين, وما يلاحظ من تقارن بين الناس و بين البيئات
الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانط كبيرا حينما زعم نمطا أخلاقيا متعاليا
إنسانيا لأن الواقع يفرض نظاما من الأخلاق تبعا لموقع الفرد الطبقي,
الثقافي....الخ.
وفي الفكر الإسلامي ناهض الاشاعرة دعوى المعتزلة واعتقدوا أن الحسن والقبيح شرعيان وليسا عقليان , مختلفان باختلاف الشرائع.
النقد: إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظام ثقافي
منظومة أخلاقية يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضع
التاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنا
نفهم أن طبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة وتتأثر بالذات في
حين أن النظر أليها من جهة الطبيعية النظرية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة.
نتيجة: تتأثر طبيعة القيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمة
فمن الناحية النظرية تبدو مطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياة الإنسانية
, أما من الناحية العلمية فهي تتأثر بالزمان والمكان ليغلب عليها الطابع
الذاتي.
أساس القيمة الأخلاقية: إذا كان الاختلاف قائما حول طبيعة القيمة الاخلاقية
فأن هذا الاختلاف امتد أيضا إلى الأساس الذي تقوم عليه هذه القيمة ومن ثمة
يطرح السؤال ما هو المعيار الذي بموجبه يغدو الفعل خيرا أو شرا ؟ هل يمكن
أن تكون التجربة القائمة على اللذة والألم والنفع والضرر أساسا موجها
لأحكامنا الاخلاقية أم أن التجربة تعجز عن ذلك لتضارب اللذات و المنافع و
عليه لا يكون الأساس سوى عقليا بعيدا عن الميول والعواطف والهواء أم أن
العقل هو الآخر لا يكفي لأنه قد يؤدي إلى أحكام صورية نظرية يصعب تطبيقها و
بالتالي يكون التفكير في المجتمع كأساس لأحكامنا الاخلاقية , فما حسنه
المجتمع كان حسنا وما قبحه كان قبيحا ؟ وبصيغة موجز هل أساس القيمة
الاخلاقية هو الطبيعة البشرية ( اللذة والالم) أم الطبيعة الإنسانية
العاقلة (العقل) آم الطبيعة الاجتماعية ؟
أ- المذهب التجريبي: (من اللذة إلى المنفعة) يعد هذا المذهب من أقدم
المذاهب الفلسفية إذ تعود جذوره الأولى إلى الفكر اليوناني إذ يذهب ارستيب
إلى تأكيد أن اللذة هي مقياس الفعل، بل هي الخير الأعظم، هذا ما يلائم
الطبيعة البشرية التي تنجذب بصورة تلقائية وعفوية إزاء ما يحقق لها متعة
الحياة وتنفر في المقابل من كل ما يهدد أو يقلل من هذه المتعة هذا هو صوت
الطبيعة ، فلا خجل ولا حياء ، أن اللذة المقصودة عنده هي لذة الجسد وأقواها
إطلاقا لذة البطن ويلزم على ذلك أن كل القوى تتجه نحو تأكيد وتمجيد هذا
المقياس .
لكن اتباع هذا المذهب عدلوا من هذا الطرح لأنه يتضمن صراحة الإساءة إلى
حياة إنسانية يقترض فيها التميز عن حياة حيوانية هذا ما يؤكد ابيقور
والابيقوريون.الذين ميزوا بين الذات يعقبها الم وأخرى نقية لا يعقبها الم
الأولى ليست مقياسا للفعل الاخلاقي هي لذة الفساق كالخمر والنساء، وبينما
هي أساسه وانتهى ابيقور Epicure) (341-270 ق م التي تتوافق اكثر مع طبيعة
الإنسان هي اللذات الروحية من قبيل الصداقة وتحصيل الحكمة ، وهي لذات
تستلزم الاعتدال في السلوك، بينما رفع الرواقيون Les stoicims اللذة إلى
مستوى روحي أعلى ومقياس اللذة عندهم كل ما يحقق السعادة، ولا تتحقق السعادة
إلا إذا عاش الفرد على وفاق مع الطبيعة .
أما الفلاسفة المحدثون الذين يعد فكرهم امتداد لمذهب اللذة فقد جعلوا من
المنفعة أساسا للفعل ويظل الاختلاف بين النفعيين في أي المنافع يصلح مقياسا
للفعل فقد حرص جريمي بنتام على وضع مقاييس للمنفعة، كالشدة والدوام
واليقين والقرب والخصوبة والصفاء أو النقاء والسعة أو الامتداد ، ومع ذلك
لم يخرج بنتام عن الأنانية السائدة في تصوره لمذهب المنفعة فهو يشترط في
نقاء اللذة إلا تنطوي على تضحية من جانب الشخص للآخرين وهذا ما رفضه جون
استورت مل الذي اثر المنفعة العامة عن المنفعة الخاصة . وهو ما سبقه إليه
جون لوك (1704-1632 ) الذي يذهب إلى أن الغاية من الاختلاق اجتماعية.
النقد : يتميز هذا المذهب بنظرية الواقعية آذ لا احد يتصرف ضد مصالحه
ومنافعه وهذا ليس أمرا سيئا , لكن السيئ في الموقف هو الاكتفاء باللذة و
المنفعة موجها للفعل و إلا ترتب على ذلك تضاربا في القيم نتيجة لتضارب
المصالح.
ب- المذهب العقلي: يذهب نيون إجمالا إلى اتخاذ العقل مقياسا للفعل فقد قرن
سقراط الفضيلة بالمعرفة, لكن جميع الدارسين يقفون على محاولة كانط التي تعد
أهم محاولة لتأسيس الأخلاق لسببين , الأول وضع الأخلاق على محك النقد في
محاولة لكشف الشروط القبيلة للفعل الاخلاقي و الثاني إيجاد مقياس يسمح لكل
ذي عقل أن يميز بين الفعل الاخلاقي واللاخلاقي.
فعن السبب الأول رفض كانط رهن الواجب الأخلاقي لغايات تخرج عنه, بصيغة أوضح
رفض كانط بتأسيس الأخلاق على التجربة الحية لما يطالها من تغير وتبدل وما
ترتبط به من غايات خارجة عن الفعل ,وهذا معناه أن الفعل الأخلاقي لا يكون
كذلك إلا لذا كان واجبا إذا الواجب آمرا مطلق, كلي, ثابت, إنساني, منزه,
صادر عن الإرادة الخبرة للإنسان وعن السبب الثاني يحدد كانط جملة من
القواعد أو الصيغ بها تقاس أفعالنا .
1-قاعة الكلية: " اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل من قاعدة فعلك قانونا كليا شبيها بقانون الطبيعة".
2- قاعة التنزيه: اعمل دائما بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين دائما كغاية لا كوسيلة".
3- قاعة الحرية أو الإرادة: "اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل عن إرادتك الإرادة الكلية المشرعة للقانون الأخلاقي."
بهذه القواعد يتضح سمو الواجب الاخلاقي الذي لا يمكن أن نخفضه إلى مجرد
واجب اجتماعي قل هو واجب لكل الكائنات العمالقة تمثلا للقانون لا أكبر.
النقد: طمح كانط إلى تأسيس أخلاق ثابتة أمن لها اليقين و المطلقة وجعلها
متعالية منزهة ومع ذلك كانت عرضة لانتقادات شديدة وخاصة من قبل الفيلسوف
الألمان فريدريك نيتشة الذي لم ير في مساواة الناس جميعا في واجب مطلق
يختفي وراءه هؤلاء الضعفاء في الوقت الذي يفترض فيه أخلاق القوة (أخلاق
السادة) تلك التي تعبر عن إرادة الحياة.
ج- المذهب الاجتماعي: في المقابل للمذاهب السابقة يرفض الاجتماعيون كل تأمل
أخلاقي لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي و فقد جعلت الماركسية
الخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي الذي يعد هو بحد ذاته صدى لعلاقات الإنتاج,
فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المسيطرة , بينما تذهب المدرسة
الاجتماعية بزعامة دوركايم وليفي بريل, إلى أن الأخلاق ethique هي في
الحقيقة العادات والتقاليد, فهي في نظر دوركايم ظاهر اجتماعية تمارس ضغطا
وإكراها , "لسنا سادة وتقويمنا الأخلاقي , فنحن ملزمون ومجبرون ومقيدون
والذي يلزمنا ويجبرنا ويفيدنا هو المجتمع". معنى ذلك أن أساس الفعل
الأخلاقي هو المجتمع, فما حسنه المجتمع وأمر به فهو واجب أخلاقي لأن الواجب
الأخلاقي بالضبط هو الواجب الاجتماعي وما نهى عنه معناه شر ينبغي تجنبه,
هذا ما يدل عليه الواقع وما يكشف عليه التاريخ.
النقد: لا شك أن للمجتمع حضورا قويا فيما لدينا من قيم أخلاقية نأخذها
كقوالب جاهزة علينا الاقتتال لها ومع ذلك فالأخلاق ليس كلها اجتماعية, فقد
ناهض برغسون الخلاق الاجتماعية ووصفها بالأخلاق المغلقة, الساكنة والراكدة
التي تتنقل من جيل إلى جيل في مقابل الأخلاق المفتوحة, الحيوية والمتطورة
تلك التي يبدعاه الأفراد القديسون والأبطال...
ويعلق فرانسوا غريغوار على الأخلاق الاجتماعية وما بها من نقص"فهي تبرير للانسياق الاتباعي " الذي يحرمنا من كل إبداع.
نتيجة : نكشف من العرض السابق إن الإنسان كائن أخلاقي بلا ريب حتى لو شك في
هذا الأساس أو ذاك كما يكشف التحليل انه من الصعب اتخاذ أساس مطلق للأخلاق
بسبب من تشعب الحياة وتعدد مناحيها.
مشكلة سلم القيم الأخلاقية وتعارض الواجبات .
ضبط المشكلة: تقرر من التحليل السابق أن الإنسان في جميع الأحوال يسلك
بمقتضى رقم ونظام أخلاقي بغض النظر الطبيعية و الأساس و لكن كثيرا ما نجد
أنفسنا إزاء واجبات نختار في أيتها نختار وبأيها نبدأ. فما هو السلم الذي
ينبغي أن نعتمده في اختيار الواجبات ؟
يمكن إخضاع الإجابة على هذا السؤال للمذاهب السابقة ونتوقع أن يوجهنا أصحاب
اللذة والمنفعة إلى اختيار السلوك على أساس من اللذة وبها تغدو الواجبات
الشخصية سابقة على العامة, وفضائل الحس والجسد قبل تضائل التأمل والعقل,
حلافا للاجتماعين الذين يضعون الواجبات الاجتماعية, الآتية والقائمة موضع
التنفيذ قبل الواجبات الخاصة أو المتعالية , بينما ستكون إجابة كانط على
ذلك من أن السلم الجدير بالاحترام هو أن نضع الواجب الاخلاقي موضع الاختيار
باعتباره الأسمى والمنزه والكلي و الثابت و إجمالا الفضائل أصناف و ينبغي
للإنسان أن يحرص على انتقاد واختيار الأجدر منها و الأكمل, أي تلك التي
تكمل بها إنسانية الإنسان. .
جميع الحقوق محفوظة، 1424-2004 ©، موقع فلسفة.
السياسة والاخلاق:
♦ مقدمة: يعتقد البعض ان السياسة تستدعي التخلي عن القيم الاخلاقية واللجوء
الى وسائل واساليب تتحرر من روابط القيم الاخلاقية فكان الاخلاق والسياسة
بالنسبة لهم مفهومان متناقظان فما علاقة الاخلاق بالسياسة ؟
التحليل:
♦ق1 : يعتقد ان غاية السياسة هي المحافظة على الدولة وبذلك فهو يسمح
باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من اجل ابقاء الدولة قائمة
وهنا فصل واضح بين السياية والاخلاق ويذهب ميكافيلي الى حد القول ان غاية
السياسة يجب اختيارها على المبادئ لالاخلاقية فالاخلاق يجب ابعادها بانها
تعتبر العائق الوحيد اما تطور الدولة ونظرة ميكافيلي هذه نابعة من فكرةعن
الانسان الذي يعد شريرا في نظره ولا يمكن لاي سلذة انتحد من انا نيته
وطبيعته الشريرة الا السلطة السياسية وله مقولة مشهورة الغاية تبرر
الوسيلة" بمعنى انه اذا كانت الغاية التى تسعى الا تحقيقها نبيلة في حد
ذاتها مثل توحيد ايطاليا فانه من الممكن بل من الضروري اللجوء الى الوسائل
تتنافي مع الاخلاق مثل: القتل والسجن التشريد ..الخ لان الغاية تحقيقها
وضمانها بالرغم من كلا الصعوبات الممكنة كذلك ان فساد السياسة وتدهور العمل
السياسي انه من الكؤكد تدخل الاخلاق وانه من الواجب ان تبنى السياية من
الداخل و الخارج باعتمادها على اسس اخلاقية ولكن في راي ميكافيلي انهذه
السياسة المبنية على الاخلاق ستنهار بسرعة ولاغرابة ان ميكافيل ان يرفض
السياسة المبينية على الاخلاق لانه ينظر الى الانسان بصفة عامة نظرة سلبية
وانطلاقا من هذه النظرةة اعتبر القوانين الوضعية هي الوسيلة للحد من انانية
الانسان وميله الى النزاع والتملك والسيطرة كما يرى ميكافيلي انه يجب على
الحاكم ان يتمتع بكل المكر والخداع التى تمكنه من خلالها فرض سيطرته على
المحكومين ويجب ان يسود نفس الصفات في التعامل مع الدول .
♦نقد: ان هذه النظرة التي تدين طبيعة الانسان وتصفها بالشر لا تعبر عن
طبيعة الانسان تعبيرا صادقا وبذلك فان نظرية ميكافيلي السياسة القائمة على
نظرته للانسان تتعارض تماما مع غاية المجتمع الذي هو عبارة عن مجموع افراد
وغاية المجتمع هي المصالحة العامة والخير العام ولا يمكن تحقيق هذا الخير
العام الا في اطار المبادئ الاخلاقية.
♣ ق2 : يرى كانط ان غاية السياسة هي الحفاظ على الانسان فالانسان كائن
اخلاقي ومن هذا يجب ان تقوم السياسة على اسس اخلاقية حتى تتمكن من امام
مهامها على الوجه الصحيح واذا كانت الحرية ضرورة اخلاقية فان السياسة ايظا
ضرورة اخلاقية وهدفها الحفاظ على حرية الافراد هذا بالاضافة الى راي
برناردراسل بان الحوادث التاريخية في نظره ناتجة عن تغيرات سياية معينة
وحتى يكون المستقبل اكثر امانا واستقرار على السياسة انتقوم على مبادئ
الاخلاقية التي تقضي بالتعامل فمصير الانسانية واحد وعلى السلطلات السياسية
ان تدرك انمصير الانسانية متعلق برابط السياسة بالاخلاق كما اكد كانط ان
ظاهرة الاستعمار الاحديث تعود في مبددئهاالى الحكم الفردي المطلق الذي ساد
اوربا وبهذا مجد كانطالنظام الجمهوري .
♦نقد: نحن لانكرر دور الكبير الذي تلعبه الاخلاق في مساندة السياسةالا انها تكون في بعض الاحيان عائقا لها
♦تركيب : ان كلمن السياسة والاخلاق يجب ان تكون بينهما علاقة ايجابية لكي
تسير امور السياسة على اسس اخلاقية ويسود الامان والاستقرار بين افراد
المجتمع.
♣ خاتمة: ويتضح من خلال هذين الموقفين ان الصراع بين الفكر السياسي والفكر
الاخلاقي يتمثل في الصراع بين الوسيلة والغاية فتحقق الاستقرار المتمثل في
تاسيس الدولة يعتبر مكسبا هاما الى المجتمع ولا يمكن ان تكون كذلك بل مجرد
وسيلة لتحقيق العدالة والامن والطمانينة داخل المجتمع وبذلك يتضح ان الدولة
هي مجرد وسيلة لهذه المعاني الاخلاقية وتشارك السياسة في ابطال الافكار
والتصورات المتمثلة في النفاقات بين مختلف المجتماعات و بذلك توضع حدود بين
كلا الوسائل الاستعمار او الاستقهار والسيطرة والتوسع الذي طالما فرق
الشعوب والامم .